المجلس الخامس والثلاثون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل ثمَّ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ هَؤُلاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -القَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِم،كُلُّ مَنْ صَحِبَهُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً أَوْ رَآهُ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ لَهُ مِنَ الصُّحْبَةِ عَلَى قَدْرِ مَا صَحِبَهُ،وَكَانَتْ سَابِقَتُهُ مَعَهُ وَسَمِعَ إِلَيْهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِ - نَظْرَةً- ،فَأَدْنَاهُمْ صُحْبَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنَ القَرْنِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْهُ،وَلَوْ لَقُو اللهَ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ؛ كَانَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَرَأَوْهُ وَسَمِعُوا مِنْهُ،وَمَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَآمَنَ بِهِ وَلَوْ سَاعَةً أَفْضَلُ لِصُحْبَتِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَوْ عَمِلُوا كُلَّ أَعْمَالِ الخَيْرِ. الشرح: "سُئِلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ "صحيح البخاري. فالصَّحابةُ همْ أفضلُ المسلمينَ؛ لأنَّهم عاصَروا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووضَّح لهمْ أُمورَ الدِّينِ وأخَذُوه عنه مُباشرةً، فهمْ أفضلُ النَّاسِ عِلمًا بسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَقاصدِ التَّشْريعِ، وعلى أَيديهمْ تمَّ نَشْرُ الدِّينِ في الفُتوحاتِ والغَزواتِ. وفي الحَديثِ: إشارةٌ إلى لُزومِ اتِّباعِ سَبيلِ القُرونِ الثَّلاثةِ الأُولى؛ فإنَّ مَن قَرُبَ زَمنُه مِن زَمنِ النُّبوَّةِ فهو أَوْلَى بالفضْلِ والعِلمِ والتَّأسِّي والاقتداءِ بهَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.الدرر السنية. الصحابي هو كل من اجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك، ولو لم يره لعارض، فعدم الرؤية قد يكون لعارض كالعمى مثلًا، كما هو حال بعض الصحابة كابن أم مكتوم ونحوه، ولو لم تطل الصحبة. عَنْ مَحْمُودِ بنِ الرَّبِيعِ، قالَ" عَقَلْتُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجَّةً مَجَّها في وجْهِي وأنا ابنُ خَمْسِ سِنِينَ مِن دَلْوٍ."الراوي : محمود بن الربيع الأنصاري – صحيح البخاري. مَحْمُود بن الرَّبِيع نال الصحبة بمداعبته بمجة مجها الرسول صلى الله عليه وسلم في وجهه. قد أدرَكَ ذلك ووَعاهُ وتَذكَّرَه وأدَّاه بعْدَ بُلوغِه.ورَشُّ الماءِ في وجْهِه مِن مُلاطَفةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصِّبيانَ، وتَأنيسِهم، وإكرامِ آبائِهم بذلك، مع تَعليمِه للناسِ أنَّ مُلاطَفةَ الصِّبيانِ والأهلِ لا تُقلِّلُ مِن شَأنِ ذَوي الهَيئاتِ والسُّلطانِ. وفي الحديثِ: أنَّ فِعلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك؛ لأجْلِ البركةِ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفيه: صِحَّةُ سَماعِ الصَّبيِّ إذا كان عاقلًا لِمَا يَسمَعُ.الدرر. الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم همْ أفضَلُ جِيلٍ في الأمَّةِ الإسْلاميَّةِ، ولهم مَكانَتُهمُ السَّامِقةُ الَّتي لا يُضاهِيها جِيلٌ آخَرُ؛وهم أولى بالترحم والترضي عنهم ، فهمْ أوَّلُ مَن آمَنَ باللهِ ورَسولِه، وحَمَلوا عنه الوَحيَ والسُّنَّةَ، وجاهَدوا في سَبيلِ اللهِ حتَّى انتَشَرَتِ الدَّعْوةُ.لذا قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ."الراوي : أبو سعيد الخدري- صحيح البخاري. " فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ"ومَعْناه: لو أنفَقَ أحَدُكم مِثلَ جبَلِ أُحدٍ ذَهبًا، ما بَلَغ ثَوابُه في ذلك ثَوابَ نَفَقةِ أحَدِ أصْحابي مُدًّا، وهو ما يَمْلأُ الكَفَّينِ، والنَّصيفُ: النِّصفُ. فبيَّنَ أنَّ جُهدَ المُقِلِّ منَ الصَّحابةِ، واليَسيرَ منَ النَّفَقةِ الَّذي أنْفَقوه في سَبيلِ اللهِ، معَ شدَّةِ العَيشِ والضِّيقِ الَّذي كانوا فيه، أوْفى عندَ اللهِ، وأزْكى منَ الكَثيرِ الَّذي يُنفِقُه مَن بَعدَهم، فالقَليلُ الَّذي أنفَقَه أحَدُهم أكثَرُ ثَوابًا منَ الكَثيرِ الَّذي يُنفِقُه غَيرُهم؛ وذلك لمَّا كان يُقارِنُ عمَلَ الصَّحابةِ منَ السَّبْقِ، ومَزيدِ الإخْلاصِ، وصِدقِ النِّيَّةِ، وكَمالِ النَّفْسِ، بخِلافِ غيرِهم. وفي الحَديثِ: تَفْضيلُ الصَّحابةِ كلِّهم على جَميعِ مَن بعْدَهم.الدرر السنية. "......أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فإنَّما أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ، فيه الهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به، فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: وَأَهْلُ بَيْتي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي..." الراوي : زيد بن أرقم- المصدر : صحيح مسلم. أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ: أخبَرَ أنَّه يَقرُبُ أنْ يَأتِيَه أجَلُه، فيَأتِيَه ملَكُ الموتِ، فَيُجيبَه كشَأنِ البشرِ، وأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تارِكٌ في الأُمَّةِ "ثَقليْنِ"، وسُمُّوا بذلك لعُلوِّ شَأنِهما وعِظَمِ حُرمتِهما، وصُعوبةِ القيامِ بِحقِّهما، أَوَّلُهُما كِتَابُ: يعني: القرآنَ . ثم أخبَرَهم أنْ ثَانيَ المتروكِ فيهم وَأَهْلُ بَيْتي،: هُم أهلُ بَيتِه مِن قَرابتِه، ثمَّ قال مُوصِيًا بهم" أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي" أي: آمرُكُم بِطاعةِ اللهِ وبِالقيامِ في أهلِ بيتي فلا تُؤذُوهم، بلِ احْفَظوهم، وكرَّرها تأكيدًا لِلوصايةِ بهم وطلَبِ العنايةِ بِشأنَّهم، فَيكونُ مِن قَبيلِ الواجبِ المؤكَّدِ المطلوبِ على طريقِ الحثِّ عليه.وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّمسُّكِ بِالقرآنِ، والتَّحريضُ على العملِ به، والاعتصامُ به. وفيه: تأكيدُ الوِصايةِ بِأهلِ البيتِ، والعنايةُ بِشأنِهم، وإكرامُهم. الدرر السنية. وأهل السنة والجماعة كذلك يحبون أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لكن حب باعتدال بغير إفراط ولا تفريط؛ لأن أهل السنة والجماعة لا يعطون للنبي ما لا يجوز إلا لله عز وجل، ولا يعطون للصحابة ما لا يجوز إلا للنبي عليه الصلاة والسلام، ولا يعطون لعموم الأمة ما هو خاص بأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، فكل له قدره، ولكل منزلته عند أهل السنة والجماعة.فأهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام هم في عموم أصحابه عليه الصلاة والسلام، فلهم حق الصحبة، ويحبهم أهل السنة والجماعة للصحبة والنصرة والتأييد، والإيمان والعمل الصالح، كما أنهم يزيدون على عموم الأصحاب بقرابتهم من النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا حق زائد لهم عن عموم أصحابه عليه الصلاة والسلام. كتاب أصول أهل السنة والجماعةحسن أبو الأشبال الزهيري ولا بدَّ أن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين ، وهذا هو مذهبُ أهل السنة والجماعة ، وإنما هم بشرٌ يجوزُ عليهم ما يجوز على غيرهم .وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الأخطاء ، فهو إلى جانبِ شرفِ الصحبة وفضلِها مُغْتَفَرٌ ومَعْفُوٌّ عن صاحبه ، والحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئات ، ومقامُ أَحَدِ الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبيل هذا الدين لا يعدلها شيء . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في :منهاج السنة النبوية :إن الذنوب جائزة على من هو أفضل منهم من الصديقين، ومن هو أكبر من الصديقين، ولكن الذنوب يرفع عقابها بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفرة وغير ذلك، وهؤلاء لهم من التوبة والاستغفار والحسنات ما ليس لمن هو دونهم، وابتلوا بمصائب يكفر الله بها خطاياهم لم يبتل بها من دونهم، فلهم من السعي المشكور والعمل المبرور ما ليس لمن بعدهم، وهم بمغفرة الذنوب أحق من غيرهم ممن بعدهم، والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل لا بجهل وظلم كحال أهل البدع.اهـ. وقد قرر ذلك الكتاب والسنة في أكثر من موقف : فقد تجاوزَ الله سبحانه وتعالى عمن تولى يوم أُحُدٍ من الصحابة ، فقال سبحانه وتعالى " إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ" آل عمران/155. ولما أذنب بعض الصحابة حين أخبر قريشا بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش عام الفتح ، وهَمَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله ، قال صلى الله عليه وسلم " إِنَّهُ قَد شَهِدَ بَدرًا ، وَمَا يُدرِيكَ ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهلِ بَدرٍ فَقَالَ : اعمَلُوا مَا شِئتُم ، فَقَد غَفَرتُ لَكُم " رواه البخاري ومسلم. يقول شيخ الإسلام رحمه الله " وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم ، لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ، ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ ، لكن هم كما قال تعالى " أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ "الاحقاف/16 الآية ، وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها " مجموع الفتاوي 4/434 . وبه علم أن التفاضل في الأعمال لا بصورها، إنما التفاضل بما يقوم في قلب العبد، وبنتائجها وعواقبها، فقد تكون صورة العمل واحدة من شخصين في وقت واحد وفي مكان واحد، ولكن بين هذا وهذا من الفضل كما بين السماء والأرض! ص5 - كتاب شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح - هل الصحابة معصومون من الكبائر - المكتبة الشاملة. وأهل السنة والجماعة يعتقدون أن ما وقع من النزاع بين الصحابة لم يقع عن هوى، إنما وقع عن اجتهاد.وعقيدتهم الكف عما شجر بينهم.كتاب أصول أهل السنة والجماعة.الإسلام سؤال وجواب. ثم من بعدِهم التابعين الذين تعلموا على يد الصحابة واتبعوهم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم ثم تابعي التابعين لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الخيرية " قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"صحيح البخاري |
المجلس السادس والثلاثون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل ش-هذه عقيدة أهل السنة أنهم يسمعون ويطيعون للإمام وولاة الأمور ، وأمير المؤمنين سواء كان بَرًّا أو فاجرًا ولا يخرجون عليه. الفاجر يعني العاصي، ولو كان يعمل بعض الكبائر يعمل بعض المعاصي، تثبت له الولاية.الأئمة هم الذين تتم لهم الولاية؛ ويستولون على الأمة الإسلامية سواء كان ذلك الوالي عهد إليه مَن قَبْلَه ،أو أخذها بالقوة وتولى عليهم بالغلبة، كل هذا بلا شك إذا تمت له الولاية وجبت الطاعة والسمع له، وحَرُمَ الخروجُ عليه؛ وذلك لأن الخروج على الأئمة يسبب فتنًا وضررًا على المسلمين، وكم حصل بسببه من القتل؟! وكم حصل بسببه من السجن وإضرار المسلمين وإضرار علماء المسلمين. شرح أصول السنة للإمام أحمد .ابن جبرين. فلأجل ذلك قالوا:يجب السمع والطاعة لولاة الأمور،واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم "اسْمَعُوا وأَطِيعُوا، وإنِ اسْتُعْمِلَ علَيْكُم عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، كَأنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ."الراوي : أنس بن مالك- صحيح البخاري. الشرح: أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بطاعةِ وُلاةِ الأُمورِ في المَعروفِ، دُونَ المُنكَرِ؛ لِمَا في الخُروجِ عليهم مِنَ المَفاسِدِ الكَبيرةِ، وحَذَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن شَقِّ عَصا الطَّاعةِ ومُفارَقةِ الجَماعةِ. وفي هذا الحَديثِ بَيانُ ذلك؛ حيثُ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"اسْمَعوا وأطِيعوا، وإنِ استُعمِلَ حَبَشيٌّ، كأنَّ رأْسَه زَبيبةٌ"، يَعني: وإنْ وُلِّيَ عليكم رَجُلٌ مِنَ الحَبَشةِ، كأنَّ رأْسَه مِثلُ الزَّبيبةِ، إشارةً إلى سَوادِ اللَّونِ، وتَجَعُّدِ الشَّعرِ، ومَقصودُه: التَّنبيهُ على ازدِراءِ الناسِ له عادةً، والمَعنى: أنَّ المُؤمِنَ يَجِبُ عليه طاعةُ وَليِّ أمْرِه ومَن وَلَّاه عليه وَليُّ أمْرِه، أيًّا كان جِنسُه أو لَونُه؛ ما دامَ لم يَأمُرْ بمَعصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ.الدرر السنية. *عن حذيفة بن اليمان :قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا كُنَّا بشَرٍّ، فَجَاءَ اللَّهُ بخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهلْ مِن وَرَاءِ هذا الخَيْرِ شَرٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: هلْ وَرَاءَ ذلكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: فَهلْ وَرَاءَ ذلكَ الخَيْرِ شَرٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: كيفَ؟ قالَ: يَكونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فيهم رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إنْسٍ، قالَ: قُلتُ: كيفَ أَصْنَعُ يا رَسولَ اللهِ، إنْ أَدْرَكْتُ ذلكَ؟ قالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ."الراوي : حذيفة بن اليمان- صحيح مسلم. *قال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ"النساء:59. *قال صلى الله عليه وسلم"لا طاعةَ لِمخلُوقٍ في معصيةِ الخالِقِ"الراوي : عمران بن الحصين والحكم بن عمرو الغفاري-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الجامع. *يقول عبادة بن الصامت " بَايَعْنَا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في العُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وعلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وعلَى أَنْ لا نُنَازِعَ الأمْرَ أَهْلَهُ، وعلَى أَنْ نَقُولَ بالحَقِّ أَيْنَما كُنَّا، لا نَخَافُ في اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ."الراوي : عبادة بن الصامت- صحيح مسلم. الشرح:أمَرَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى عِبادَه المُؤمِنينَ بالاعتصامِ بحَبْلِ اللهِ وعَدَمِ التَّفرُّقِ، ومِن لَوازمِ هذا الاعتصامِ اجتماعُ المسلمينَ على كَلمةٍ واحدةٍ وإمامٍ واحدٍ؛ فإنَّهم إذا تَعدَّدَتْ كَلِمتُهم وتفرَّقَ أمراؤُهم ضعُفَ شأنُهم وذهبَتْ شَوْكتُهم، وظَهَرَ عليهم عَدوُّهم.بايَعَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على السَّمْعِ والطاعةِ في " َالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ" في حالِ نَشَاطِهم وقُوَّتِهم، ويكوُن ذلك في الأمرِ الَّذي إذا أُمِرَ به الإنسانُ نَشِطَ له؛ لأنَّه يُوافِقُ هَواهُ، وفي حالِ ما يَكْرَهُون، ويكونُ ذلك في الأمرِ الَّذي إذا أُمِرَ به الإنسانُ لم يَكُنْ نَشِيطًا فيه؛ لأنَّه يَكرَهُه، وكذلك بايعوا على أن يَسمَعوا ويُطيعوا في حالِ عُسْرِهم ويُسرهم" في العُسْرِ وَالْيُسْرِ "، أي: في حالِ الفَقْرِ والغِنَى، فيما أمَرَ به وُلاةُ الأمْرِ، " وعلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا" أي: ولو اخْتَصَّ وَلِيُّ الأمرِ نفْسَه ببَعضِ الدُّنيا دُونَهم ظُلمًا وتَعدِّيًا منه، أو إذا فضَّل وَلِيُّ الأمرِ عليهم غيْرَهم في الاستِحقاقِ ومَنَعَهم حقَّهم، فعليهم أن يصْبِروا ولا يُخالِفوه، وبايعهم على ألَّا يُنازِعوا المُلكَ أهْلَه " لا نُنَازِعَ الأمْرَ أَهْلَهُ "، فلا يَخرُجوا على الإمامِ بالقِتالِ. وفي الحَديثِ: الأمرُ بطاعةِ الأُمَراءِ على كلِّ حالٍ فيما يُرضِي اللهَ عزَّ وجلَّ.الدرر السنية. فولاة الأمور إنما يطاعون في طاعة الله، وفي الأمور المباحة. أما المعاصي فلا يطاع فيها ولي الأمر، ولكن ليس معنى ذلك أن الإنسان يتمرد على ولي الأمر ويخرج لا، لا يطيعه في خصوص المعصية، خصوص المعصية ما يطاع فيها أحد، ولي الأمر ما يطاع في المعصية، قال اشرب الخمر لا تطعه، قال لك تعامل بالربا لا تطعه، قال لك اقتل فلان بغير حق لا تطعه، لكن ليس معنى ذلك أنك تتمرد عليه وتخرج وتنقض بيعته وتؤلب الناس عليه لا، لا تطعه في خصوص المعصية وتطعه فيما عدا ذلك. أمير الجيش لا يطاع في المعصية، أمير السرية لا يطاع في المعصية، الأب إذا أمر ابنه بالمعصية لا يطيعه، أب قال لولده اشتر دخانا أو خمرا ما يطيعه، الزوجة لا تطيع زوجها في المعصية ، العبد إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه، ومع ذلك لا بد من التلطف والخطاب اللين، يعني يخاطب الأمير بما يليق به يقول يا فلان هذا لا يجوز، يخاطب: هذا محرم، هذا كذا، يخاطب باللين والرفق، والخطاب المناسب لولاة الأمور، يبين لهم، تكون المناصحة من قبل أهل الحل والعقد، ومن قبل أهل العلم. كذلك الابن يقول يا أبي لا يجوز لي أن أرتكب معصية هذا محرم، هذا لا يجوز لي ...والزوجة كذلك، تتلطف مع زوجها تقول أنا لا أطيعك في المعصية، هذا محرم، والعبد كذلك يتلطف مع سيده. ثبت في صحيح البخاري : عن علي بن أبي طالب"بَعَثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سَرِيَّةً، وَاسْتَعْمَلَ عليهم رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا له وَيُطِيعُوا، فأغْضَبُوهُ في شيءٍ، فَقالَ: اجْمَعُوا لي حَطَبًا، فَجَمَعُوا له، ثُمَّ قالَ: أَوْقِدُوا نَارًا، فأوْقَدُوا، ثُمَّ قالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ تَسْمَعُوا لي وَتُطِيعُوا؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فَادْخُلُوهَا، قالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ، فَقالوا: إنَّما فَرَرْنَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ النَّارِ، فَكَانُوا كَذلكَ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَطُفِئَتِ النَّارُ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: لو دَخَلُوهَا ما خَرَجُوا منها، إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ."صحيح البخاري. يعني هذا وعيد شديد، يعني لو دخلوها لاستمر عذاب الآخرة مع عذاب الدنيا، لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف، هذا أمير الجيش ما يطاع في المعصية.شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل.موقع حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية المتن:وَالْغَزْوُ مَاضٍ مَعَ اَلْأَمِيرِ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ البَرِّ وَالْفَاجِرِ لَا يُتْرَكُ. الشرح:أما الأعمال التي تعمل معهم فإن الإمام غالبًا هو الذي يتولى الغزو، ويتولى الحج،كما يقول العلماء: الحج والجهاد ماضيان مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا؛ فإن هذا من خير أعمالهم.فإذا تولى على الجيش الذي يغزو والٍ وكان فيه شيء من الفسق كشرب الخمر أو سماع الغناء أو نحو ذلك، لم يكن ذلك مسببًا لنزع اليد من طاعته، وكذلك لو أقام الحج أحد الولاة والأمراء المعروفين بشيء من الفسق فإن ذلك أيضًا من حسناتهم ولا يجوز نزع الطاعة ولا الخروج عليهم. لأن بعض المعاصي تخصه، والغزو مصلحة للإسلام والمسلمين نجاهد معه ونقاتل الكفار مع الأمير ولو كان فاجرًا.شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل.موقع حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية- الشيخ الراجحي. المتن:وَقِسْمَةُ الفَيْءِ،وَإِقَامَةُ الحُدُودِ إِلَى الأَئِمَّةِ مَاضٍ،لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَطْعَنَ عَلَيْهِمْ،وَلا يُنَازِعُهُمْ،وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَنَافِذَةٌ،مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ،بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا. ش:وكذلك أيضًا هم الذين يقسمون الأموال؛ لأن قسمة الفيء وقسمة الغنائم وقسمة الأموال تكون إليهم، يضعونها كما أمر الله، ويفرقونها على مستحقيها وتقبل منهم. الغنيمة ما غنمه المسلمون واستولوا عليه من أموال العدو ومعداتهم ... بالقوة والقتال..فهذا يقسم بين المقاتلين بعد خصم خمسه وجعله في بيت مال المسلمين لصرفه في المصالح العامة. قال الله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ .. الأنفال:41. وأما الفَيء فهو ما حصل عليه المسلمون من أموال بدون قتال. وهذا مرجعه إلى بيت المال واجتهاد ولي أمر المسلمين قال الله تعالى" مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ.". الحشر:7.إسلام ويب. المتن: وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَنَافِذَةٌ،مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ،بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا. ش:المراد بالصدقات، الصدقات الفريضة ، فإذا طلب ولي الأمر الزكاة تدفعها إليه، وحينئذ تبرأ ذمتك، ولهذا قال المؤلف: ودفع الصدقات إليهم جائزة نافعة، يعني صحيحة، من دفعها إليهم أجزأت عنه بَرًّا كان أو فاجرًا، ومن دفعها إليهم فإنه تبرأ ذمته ولا يلزمه أنه يخرجها مرة أخرى. . شرح أصول السنة للإمام أحمد ابن جبرين بتصرف يسير.و شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل.موقع حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية.الشيخ الراجحي. المتن:وَصَلاةُ الجُمُعَةِ خَلْفَهُ،وَخَلْفَ مَنْ وَلَّاهُ جَائِزَةٌ بَاقِيَةٌ تَامَّةٌ رَكْعَتَيْنِ،مَنْ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ،تَارِكٌ لِلآثَارِ،مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ،لَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الجُمُعَةِ شَيءٌ؛إِذَا لَمْ يَرَ الصَّلاةَ خَلْفَ الأَئِمَّةِ مَنْ كَانُوا: بَرّهم وفاجِرْهم فَالسُّنَّةُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ،-مَنْ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ-،وَيَدِينُ بِأَنَّهَا تَامَّةٌ،لايَكُنْ فِي صَدْرِكَ مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ، ش:كذلك أيضًا تصح الصلاة خلفهم، وكان الوُلَاة هم الذين يصلون الجُمَع والأعياد، والوالِي هو الذي يتولَّى صلاة الجُمعة والعيد، ولو كان فيه شيء من الفسق أو من المعاصي.وقد كان الصحابة يصلون خلف الأئمة والأمراء الذين عليهم، وفيهم شيء من الفسق ولا يعيدون الصلاة. فَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الإِمَامِ الْفَاجِرِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ .. والشاهد من هذا أن الصحابة يصلون خلف الولاة والأمراء ولو كانوا فسقة، والحكمة في ذلك جمع الكلمة، جمع الكلمة وعدم الفُرْقَة؛ ولهذا قال المؤلف: مَنْ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ،تَارِكٌ لِلآثَارِ،مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ،لَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الجُمُعَةِ شَيءٌ ، لماذا مبتدع؟ لأنه خالف الجماعة، وتسبب في الفُرْقَة تارك للآثار للأحاديث ومخالف للسنة، ليس له من فضل الجماعة شيء، وليس له من فضل الجمعة شيء .وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا وَلا يُعِيدُهَا؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الأَئِمَّةِ الْفُجَّارِ وَلا يُعِيدُونَ ، كَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ ؛ حَتَّى إنَّهُ صَلَّى بِهِمْ مَرَّةً الصُّبْحَ أَرْبَعًا ، ثُمَّ قَالَ : أَزِيدُكُمْ ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا زِلْنَا مَعَك مُنْذُ الْيَوْمَ فِي زِيَادَةٍ !! وَلِهَذَا رَفَعُوهُ إلَى عُثْمَان... ونستأنس بهذا الأثر الصحيح الوارد في صحيح البخاري: يحكي عُبَيدُ اللهِ بنُ عَدِيّ:أنَّهُ دَخَلَ علَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه - وهو مَحْصُورٌ - فَقالَ: إنَّكَ إمَامُ عَامَّةٍ، ونَزَلَ بكَ ما نَرَى، ويُصَلِّي لَنَا إمَامُ فِتْنَةٍ، ونَتَحَرَّجُ؟ فَقالَ" الصَّلَاةُ أَحْسَنُ ما يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فأحْسِنْ معهُمْ، وإذَا أَسَاؤُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ."الراوي : عبيدالله بن عدي بن الخيار - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 695 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. فلمَّا سَمِعَ عُثمانُ رَضيَ اللهُ عنه مِن عُبَيدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ ذلك، أجابَ بأنَّ الصَّلاةَ هي أفضَلُ ما يُمكِنُ لِهؤلاءِ فِعلُه مِن عَمَلٍ، ولا يَعني هذا أنَّ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه يَمدَحُ دُعاةَ الفِتنةِ ورُؤساءَها، وإنَّما ظاهِرُ كَلامِ عُثمانَ رَضيَ اللهُ تعالَى عنه أنَّه يُرَخِّصُ له في الصَّلاةِ معهم، كأنَّه يَقولُ له: لا يَضُرُّكَ كَونُهم مَفتونينَ، إذا أحسَنوا فوافِقْهم على إحسانِهم، وَإذا أساؤوا -لِكَونِهم فَتَنوا أوِ ابتَدَعوا- فلا يَضُرُّ المُصلِّيَ خَلفَهم ذلك؛ لِأنَّه يَتَّبِعُهم في صَلاتِهم، ويُنكِرُ عليهم ما همْ فيه مِن فِتنةٍ وبِدعةٍ.وقيلَ: إنَّ مَعنى قولِه" ويُصَلِّي لَنَا إمَامُ فِتْنَةٍ" أنَّ غَيرَ إمامِهم يُصَلِّي لهم في حِين الفِتنةِ، ليس أنَّ ذلك الإمامَ يَدعو إلى فِتنةٍ ويَسعى فيها، ويَدُلُّ على ذلك قَولُ عُثمانَ" الصَّلَاةُ أَحْسَنُ ما يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فأحْسِنْ معهُمْ، وإذَا أَسَاؤُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ." ولم يَذكُرِ الذي أمَّهم بمَكروهٍ، وذَكَرَ أنَّ فِعلَه مِن أحسَنِ الأعمالِ، وحَذَّرَه مِنَ الدُّخولِ في الفِتنةِ. وفي الحَديثِ: أنَّ الصَّلاةَ خَلْفَ مَن تُكرَهُ الصَّلاةُ خَلْفَه أَوْلى مِن تَعطيلِ الجَماعةِ. وفيه: تَحذيرٌ مِنَ الفِتنةِ والدُّخولِ فيها، ومِن جَميعِ ما يُنكَرُ؛ مِن قَولٍ، أو فِعلٍ، أوِ اعتِقادٍ.الدرر السنية. إِذَا لَمْ يَرَ الصَّلاةَ خَلْفَ الأَئِمَّةِ مَنْ كَانُوا: بَرّهم وفاجِرْهم فَالسُّنَّةُ ، يعني سواء كان عدلًا أو فاجرًا أو عاصيًا. قال فَالسُّنَّةُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ،-مَنْ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ-،وَيَدِينُ بِأَنَّهَا تَامَّةٌ ، ما معنى َيَدِينُ، أي يعتقد دينًا أنها صحيحة، وأنها تامة، يدين بهذا، يدين الله يعتقد أنها صحيحة وأن هذا دين، ولهذا قال، لايَكُنْ فِي صَدْرِكَ مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ. هل غير الأئمة تصح الصلاة خلف الفاسق غير الإمام، أو الجمعة؟ هذا فيه تفصيل ، إن كان لا يوجد إلا جمعة واحدة في البلد، وإمامها فاسق يُصَلَّى خلفه، لأنك لو لم تصلِ خلفه تصلِّي وحدك وهذا بدعة، إذا لم يوجد إلا هذه الجمعة أو هذا الجامع الذي إمامه فاسق يصلى خلفه عند عامة أهل السنة، ومن تركه ولم يصل خلفه فهو مبتدع، إذا صلى وحده فهو مبتدع. إذا وجد إمام جامع آخر مسجد آخر جمعة أو جماعة، وأحدهما إمامه فاسق، والآخر إمامه عادل، وصلى خلف الفاسق مع وجود العادل، فهل تصح صلاته أو لا تصح؟ إن كان يترتب على ترك الصلاة خلف الفاسق مفسدة، فيصلي خلف الفاسق، كأن يكون مثلا إذا لم يصلّ خلفه يتحزب الناس حزبين حزب مع الإمام وحزب معه ويحصل فُرقة واختلاف، فهذا يصلى خلفه. إذا لم يترتب على هذا مفسدة، وصلى خلف الفاسق مع وجود العادل ففيه خلاف بين العلماء، من العلماء من قال تصح، ومنهم من قال لا تصح، ومنهم من قال تصح ويعيد، ومنهم من قال لا يعيد، والسبب في ذلك أنه إذا صلى خلف فاسق، لم ينكر المنكر عليه أقره على المنكر، والواجب إنكار المنكر. فإذًا يصلى خلف الفاسق إذا كان إمام المسلمين،ويصلى خلف الفاسق إذا كان من ولاه إمام المسلمين، ويصلى خلف الفاسق إذا لم يوجد جماعة أخرى أو جمعة، ويصلى خلف الفاسق إذا وجدت جماعة أخرى أو جمعة، لكن يترتب على تركها مفسدة. أما إذا صلى خلف الفاسق ووجد إمام غيره، ولا يترتب على هذا مفسدة، هذا محل الخلاف بين أهل العلم، من العلماء من قال تصح، ومنهم من قال لا تصح، ومنهم من قال تصح وتعاد. شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل.موقع حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية.الشيخ الراجحي. |
المجلس السابع والثلاثون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل المتن - وَمَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامٍ - مِنْ أَئِمَّةِ- المُسْلِمِينَ،وَقَدْ كَانَالنَّاسُ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ،وَأَقَرُّوا لَهُ بِالخِلافَةِ،بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَبِالرِّضَا أَوْ بِالغَلَبَةِ فَقَدْ شَقَّ هَذَا الخَارِجُ عَصَاالمُسْلِمِينَ،وَخَالَفَ الآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ-فَإِنْ مَاتَ الخَارِجُ عَلَيْهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً،وَلايَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ وَلا الخُرُوجُ عَلَيْهِ لأَحَدٍ مِنَالنَّاسِ،فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِوَالطَّرِيقِ. الشرح:لا نجاة للعبد ولا فوز ولا فلاح إلا باتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن أهم ما جاء به الكتاب والسنة مسائل الاعتقاد، فيجب على كل مسلم أخذ عقيدته وتوحيده من هذين المصدرين على فهم سلف الأمة، ومن تلك العقائد: عدم الخروج على ولاة الأمر، والصلاة خلفهم وطاعتهم بالمعروف،.... ولا يحل قتال السلطان، ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق. من خرج على إمام من أئمة المسلمين بعد أن اجتمعت الأمة عليه، كانوا اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان، يعني بواحدة من الأمور الثلاثة، إما باختيار أهل الحل والعقد، أو بولاية العهد، أو بالقوة والغلبة بأن غلبهم بسيفه وسلطانه حتى ثبتت له الخلافة فلا يجوز الخروج عليه أيضًا ، ولهذا قال بأي وجه كان. *قال صلى الله عليه وسلم "مَن رَأَى مِن أمِيرِهِ شيئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فإنَّه مَن فارَقَ الجَماعَةَ شِبْرًا، فَماتَ، فَمِيتَةٌ جاهِلِيَّةٌ."الراوي : عبدالله بن عباس -صحيح مسلم. في هذا الحديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه بأنَّ مَن كَرِهَ مِن أميرِه وحاكِمِه شيئًا، فإنَّه يَنْبغي عليه أنْ يَصبِرَ على هذا المكروهِ ولا يَخرُجَ على سُلطانِه وأميرِه؛ لأنَّ مَن خرَجَ على السُّلطانِ ووَليِّ الأمرِ ولو قَدْرَ شِبرٍ -يعني: ولو في شَيْءٍ يَسيرٍ- ماتَ مِيتةً جاهليَّةً، أي: كما يَموتُ أهلُ الجاهليةِ مِنَ الضَّلالةِ والفُرقةِ وليْس لهم إمامٌ يُطاعُ، وليس المرادُ أنَّه يموتُ كافِرًا. وفي الحديثِ: الزَّجرُ والتحذيرُ مِنَ الخُروجِ على وَليِّ الأمرِ.الدرر السنية. الحكمة في عدم الخروج على ولي الأمر إذا فعل المعاصي والكبائر،الحكمة أن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها وبدرء المفاسد وتقليلها وذلك أن الخروج من قواعد الشريعة أنه إذا اجتمع مفسدتان كبرى وصغرى لا يستطاع تركهما لا بد من فعل واحدة من المفسدتين نرتكب المفسدة الصغرى لفوات الكبرى.وإذا وجد مصلحتان، كبرى وصغرى، لا نستطيع فعلهما فإننا نفوت المصلحة الصغرى ونفعل المصلحة الكبرى، هذه قاعدة من قواعد الشرع، دل عليها نصوص كثيرة، من أدلة هذه القواعد أو هذه القاعدة قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لعائشة" يا عائِشَةُ، لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، فألْزَقْتُها بالأرْضِ، وجَعَلْتُ لها بابَيْنِ: بابًا شَرْقِيًّا، وبابًا غَرْبِيًّا، وزِدْتُ فيها سِتَّةَ أذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ، فإنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْها حَيْثُ بَنَتِ الكَعْبَةَ.".الراوي : عائشة أم المؤمنين – صحيح مسلم. فالخروج على الأئمة يحصل به مفاسد كثيرة، فيحصل به فتن وقتل واضطهاد لأهل الخير، ويحصل به إذلال لأهل الدين ولأهل الإيمان ولأهل العلم ولأهل العمل الصالح، وقد جُرّب ذلك في العصور الأولى، فالذين خرجوا على الحجاج في ولايته كـ ابن الأشعث لما أن خلع بيعة أمير المؤمنين عبد الملك، وخلع طاعة والي العراق الذي هو الحجاج، واجتمع معه خلق كثير حتى أن منهم كثيرًا من علماء التابعين في ذلك الوقت، فماذا حصل؟ حصل أنه لما انتصر عليهم الحجاج أخذوا وقتل بذلك خلق كثير، وكان من آخرهم سعيد بن جبير رحمه الله. في آخر عهد بني أمية خرج زيد بن علي بن الحسين وحاول أن يتم له الأمر فقُتل، وقُتل من معه واضطهدوا.وأمثلة كثيرة عبر العصور حدثت فيها نفس المفاسد. *قِتَالُ اَللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ: المتن : وَقِتَالُ اَللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ جَائِزٌ إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَيَدْفَعُ عَنْهَا بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ، وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ، وَلَا يَتْبَعَ آثَارَهُمْ، لَيْسَ لِأَحَدٍ إِلَّا اَلْإِمَامَ أَوْ وُلَاةَ اَلْمُسْلِمِينَ، إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ، وَيَنْوِيَ بِجُهْدِهِ أَنْ لَا يَقْتُلَ أَحَدًا، فَإِنْ مَاتَ عَلَى يَدَيْهِ فِي دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي اَلْمَعْرَكَةِ فَأَبْعَدَ اَللَّهُ اَلْمَقْتُولَ، وَإِنْ قُتِلَ هَذَا فِي تِلْكَ اَلْحَالِ وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، رَجَوْتُ لَهُ اَلشَّهَادَةَ، كَمَا جَاءَ فِي اَلْأَحَادِيثِ وَجَمِيعِ اَلْآثَارِ فِي هَذَا إِنَّمَا أُمِرَ بِقِتَالِهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ وَلَا اِتِّبَاعِهِ، وَلَا يُجْهِزُ عَلَيْهِ إِنْ صُرِعَ أَوْ كَانَ جَرِيحًا، وَإِنْ أَخَذَهُ أَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَا يُقِيمَ عَلَيْهِ اَلْحَدَّ، وَلَكِنْ يَرْفَعُ أَمْرَهُ إِلَى مَنْ وَلَّاهُ اَللَّهُ، فَيَحْكُمُ فِيهِ. الشرح: اللصوص هم الذين يعتدون على الأموال، ومثلهم أيضًا المحاربون وقطاع الطريق ونحوهم، وهؤلاء بلا شك أنهم فيما يظهر من المسلمين، فإذا شهروا سلاحهم فإنهم يُقَاتَلُونَ بما يندفعون به. جاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أخْذَ مالِي؟ قالَ: فلا تُعْطِهِ مالَكَ ،قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قاتَلَنِي؟ قالَ: قاتِلْهُ ،قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قالَ: فأنْتَ شَهِيدٌ، قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قالَ: هو في النَّارِ."الراوي : أبو هريرة -صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم : 140 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. *عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو :قال سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهو شَهِيدٌ." صحيح البخاري. ووردت قاعدة مفيدة في منظومة القواعد الفقهية للسعدي رحمه الله: 31 ـ وَمُتْلفُ مُؤْذِيهِ لَيْسَ يَضْمَنُ*بَعْدَ الدِّفاعِ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ. ومعنى كلام الناظم ـ رحمه الله ـ : أن من أتلف صائلًا - الصائل : هو الذي يهاجم ويعتدي- لدفع أذاه فلا ضمان عليه ؛ لأن الصائلَ هو المعتدي والظالم ، ولكن بشرط الدَّفع بالتي هي أحسنُ ، أي : لا يكون الدَّافعُ متعديًا في دفعِه ، فمن أمكن دفعُه بالتهديد فلا يُضرَبُ ، ومن أمكن دفعه بالضرب فلا يجوز دفعه بالقتلِ وهكذا ؛ لقوله تعالى "ادْفَعَ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ " . سورة فصلت / آية : 34 . فإذا دخل اللصوص في بيت من البيوت لأخذ مال فإن صاحب البيت يدفعهم بالتي هي أحسن، ولا يبدؤهم بالقتال رأسًا، فإنهم لم يبلغوا أن يقاتلُوا، إنما دخلوا لأخذ مال أو للاختلاس أو نحو ذلك، ولكن إذا رأى منهم القوة ورأى منهم الجد قاتلهم.فيهددهم ويخوفهم بعدما يذكرهم، فإذا لم ينفع فيهم التذكير ولا التخويف ولا التهديد أظهر لهم أن عنده من القوة ما يدفعهم وما يردهم، فإذا لم يندفعوا استعمل القوة بأدنى مراتبها، فإن كانوا يُكفون بضربهم بالعصي اكتفى بذلك ولم يستعمل السلاح، فإذا لم يكفوا استعمل السكين دون السيف، وإذا لم يكفوا استعمل السيف أو نحوه مما يقاتل به في هذه الأزمنة، كالرصاص ونحوه، فله أن يستعمل ذلك لدفع كيدهم ولدفع شرهم، وسواء كان اعتداؤهم لأجل قتله أو لأجل ماله أو لأجل محارمه أو ما أشبه ذلك، فكل هؤلاء من اللصوص المعتدين يُدْفَعون بما يندفع به شرهم أو يرفع بأمرهم إلى من يأخذ على أيديهم.شرح أصول السنة للإمام أحمد .لابن جبرين. إذًا أنت مأمورٌ بالدفاع عن نفسك، لكن لا تنوي قتله، وإنما تدفع بالأسهل فالأسهل، ولا تُجْهِز عليه إذا سقط صريعًا أو جريحًا، وإن أخذته أسيرًا فلا تقتله ولا تقم عليه الحد، ولكن تسلمه إلى ولاة الأمور، وإن هرب فلا تتبعه. فالمقصود أن قتال اللصوص وقتال الخوارج، إنما يقاتلهم الإنسان قتال دفاع، ويدفعهم بالأسهل فالأسهل.شرح الشيخ الراجحي. لا نَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ بِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ الشرح: من عقيدة أهل السنة أنهم لا يجزمون لأحد بجنة ولا نار ولو انطبقت عليه بعض الأحاديث، وهناك أحاديث في الوعيد، وهناك أحاديث في الوعد، فيقولون: إن أمره إلى الله تعالى.إلا من جزم له النبي صلى الله عليه وسلم كالعشرة المبشرين بالجنة ونحوهم من الذين ورد تسميتهم أنهم من أهل الجنة. قال صلى الله عليه وسلم "أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة "الراوي: سعيد بن زيد و عبدالرحمن بن عوف المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 50-خلاصة حكم المحدث: صحيح. "لا يَدْخُلُ النارَ أحدٌ ممَن بايعَ تحتَ الشجرةِ."الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود . " الحسَنُ والحُسَيْنُ سيِّدا شَبابِ أَهْلِ الجنَّةِ ."الراوي : أبو سعيد الخدري- المحدث : الوادعي - المصدر : الصحيح المسند. وكالذين ورد أنهم من أهل النار كـ أبي لهب كما في قوله تعالى"سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ"المسد:3. ونحوهم ممن وردت النصوص في أنهم من أهل العذاب.الجبرين. "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أبو طالِبٍ فقالَ: لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفاعَتي يَومَ القِيامَةِ، فيُجْعَلُ في ضَحْضاحٍ مِن نارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي منه دِماغُهُ."الراوي : أبو سعيد الخدري - صحيح مسلم. العباسُ بنُ عبدِ المطلب قَالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما أغْنَيْتَ عن عَمِّكَ، فإنَّه كانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ، ولَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ."الراوي : العباس بن عبدالمطلب - صحيح البخاري. "بيْنَما رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ وجَمْعُ قُرَيْشٍ في مَجَالِسِهِمْ، إذْ قَالَ قَائِلٌ منهمْ: ألَا تَنْظُرُونَ إلى هذا المُرَائِي أيُّكُمْ يَقُومُ إلى جَزُورِ آلِ فُلَانٍ، فَيَعْمِدُ إلى فَرْثِهَا ودَمِهَا وسَلَاهَا، فَيَجِيءُ به، ثُمَّ يُمْهِلُهُ حتَّى إذَا سَجَدَ وضَعَهُ بيْنَ كَتِفَيْهِ، فَانْبَعَثَ أشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وضَعَهُ بيْنَ كَتِفَيْهِ، وثَبَتَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَاجِدًا، فَضَحِكُوا حتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إلى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ - وهي جُوَيْرِيَةٌ -، فأقْبَلَتْ تَسْعَى، وثَبَتَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَاجِدًا حتَّى ألْقَتْهُ عنْه، وأَقْبَلَتْ عليهم تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّلَاةَ، قَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، ثُمَّ سَمَّى: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بعَمْرِو بنِ هِشَامٍ، وعُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وشيبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، والوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ، وأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ، وعُقْبَةَ بنِ أبِي مُعَيْطٍ، وعُمَارَةَ بنِ الوَلِيدِ. قَالَ عبدُ اللَّهِ: فَوَاللَّهِ لقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَومَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إلى القَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وأُتْبِعَ أصْحَابُ القَلِيبِ لَعْنَةً."الراوي : عبدالله بن مسعود - صحيح البخاري. " وأُتْبِعَ أصْحَابُ القَلِيبِ لَعْنَةً "يَعني: أنَّ اللهَ أتبَعَهم لَعنةً، فكما أنَّهم مَقتولونَ في الدُّنيا، هم مَطرودونَ في الآخِرةِ مِن رَحمةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.فنجزم لهؤلاء أنهم من أهل النار لورود النص الصريح في حقهم.لأنه يلزم من طردهم من رحمة الله أنهم من أهل النار. فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة لا يشهدون للمعين بجنة ولا نار- إلا ما ورد فيه نص-، لكن يرجون للمحسن ويخافون على المسيء، من رأيناه مستقيمًا على طاعة الله، وعمل الطاعات نرجو له الجنة لكن ما نشهد له بالجنة بعينه جزمًا، ومن رأيناه يعمل المعاصي والمخالفات نخاف عليه من النار، ولكن لا نشهد له بالنار بعينه، ولكن نشهد بالعموم.الراجحي. ولكن نشهد بالعموم: أي نشهد بأن المتن - وَمَنْ لَقِيَ اَللَّهَ بِذَنْبٍ يَجِبُ لَهُ بِهِ اَلنَّارُ تَائِبًا غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَيْهِ فَإِنَّ اَللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ، وَيَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَيَعْفُو عَنْ اَلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْ لَقِيَهُ وَقَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ اَلذَّنْبِ فِي اَلدُّنْيَا، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، كَمَا جَاءَ فِي اَلْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ لَقِيَهُ مُصِرًّا غَيْرَ تَائِبٍ مِنْ اَلذُّنُوبِ اَلَّتِي قَدْ اِسْتَوْجَبَ بِهَا اَلْعُقُوبَةَ فَأَمْرُهُ إِلَى اَللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَمِنْ لَقِيَهُ وَهُوَ كَافِرٌ عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ. الشرح: *وَمَنْ لَقِيَ اَللَّهَ بِذَنْبٍ يَجِبُ لَهُ بِهِ اَلنَّارُ تَائِبًا غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَيْهِ فَإِنَّ اَللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ، وَيَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَيَعْفُو عَنْ اَلسَّيِّئَاتِ: قال تعالى "وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ"الشورى:25. هذا بيان لكمال كرم الله تعالى وسعة جوده وتمام لطفه، بقبول التوبة الصادرة من عباده حين يقلعون عن ذنوبهم ويندمون عليها، ويعزمون على أن لا يعاودوها، إذا قصدوا بذلك وجه ربهم، فإن الله يقبلها بعد ما انعقدت سببًا للهلاك، ووقوع العقوبات الدنيوية والدينية. " وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ " ويمحوها، ويمحو أثرها من العيوب، وما اقتضته من العقوبات، ويعود التائب عنده كريما، كأنه ما عمل سوءا قط، ويحبه ويوفقه لما يقر به إليه. ولما كانت التوبة من الأعمال العظيمة، التي قد تكون كاملة بسبب تمام الإخلاص والصدق فيها، وقد تكون ناقصة عند نقصهما، وقد تكون فاسدة إذا كان القصد منها بلوغ غرض من الأغراض الدنيوية، وكان محل ذلك القلب الذي لا يعلمه إلا الله، ختم هذه الآية بقوله" وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ".تفسير السعدي. بِذَنْبٍ يَجِبُ لَهُ بِهِ اَلنَّارُ: وهي الكبائر. جمع كبيرة . وأصح ما قيل في تعريف الكبيرة من الأقوال الكثيرة، أن الكبيرة: كل ذنب وجب فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة بالنار، أو اللعن، أو الغضب مثل الذنب الذي وجب فيه حد في الدنيا مثل الزنا فيها الرجم أو الجلد، مثل السرقة فيها قطع اليد، مثل شرب الخمر فيه الجلد. أو وعيد في الآخرة بالنار، مثل من أكل مال اليتيم توعد عليه بالنار " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا "النساء:10. ومثل القتل توعد عليه بالنار واللعنة والغضب. قال تعالى "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"النساء:93. * وَمَنْ لَقِيَهُ وَقَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ اَلذَّنْبِ فِي اَلدُّنْيَا، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، كَمَا جَاءَ فِي اَلْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الشرح:يقول عُبادةُ بنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه " بَايَعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رَهْطٍ، فَقالَ:أُبَايِعُكُمْ علَى أنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، ولَا تَسْرِقُوا، ولَا تَزْنُوا، ولَا تَقْتُلُوا أوْلَادَكُمْ، ولَا تَأْتُوا ببُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بيْنَ أيْدِيكُمْ وأَرْجُلِكُمْ، ولَا تَعْصُونِي في مَعروفٍ، فمَن وفَى مِنكُم فأجْرُهُ علَى اللَّهِ، ومَن أصَابَ مِن ذلكَ شيئًا فَأُخِذَ به في الدُّنْيَا، فَهو له كَفَّارَةٌ وطَهُورٌ، ومَن سَتَرَهُ اللَّهُ، فَذلكَ إلى اللَّهِ: إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وإنْ شَاءَ غَفَرَله."الراوي : عبادة بن الصامت -صحيح البخاري. قال الحافظ في الفتح :1/6" ويستفاد من الحديث أن إقامة الحدّ كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود وهو قول الجمهور وقيل لا بدّ من التوبة وبذلك جزم بعض التابعين .ا.هـ. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأُحِبُّ لِمَنْ أَصَابَ ذَنْبًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَتُوبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا أَمَرَا رَجُلا أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ . سنن الترمذي 1439 . فلا يحتاج إذن من أصاب حدّا أن يذهب إلى القاضي ويعترف ويطلب إقامة الحدّ عليه وإنما يُندب له أن يستر نفسه ويتوب فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ ، ويُكثر من عمل الصّالحات ، والحسنات يُذهبن السيئات والتائب من الذّنب كمن لا ذنب له . نسأل الله العافية والمغفرة.الإسلام سؤال وجواب. قال صلى الله عليه وسلم"كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وقدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فَيَقُولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه"الراوي : أبو هريرة /صحيح البخاري. وفي الحَديثِ: أنَّ على مَن ابتُليَ بمَعصيةٍ أنْ يَستُرَ على نفْسِه. وفيه: أنَّ ارتِكابَ المعصيةِ مع سَتْرِها أهونُ وأخفُّ مِن المجاهَرةِ بها.الدرر. "أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قام بعد أنْ رجَم الأسْلَميَّ فقال: اجتنِبوا هذه القاذوراتِ التي نهى اللهُ تعالى عنها ، فمن ألَمَّ بشيءٍ منها فلْيستَتِرْ بسِترِ اللهِ ، و لْيَتُبْ إلى اللهِ ، فإنه من يُبدِ لنا صفحتَه ، نُقِمْ عليه كتابَ اللهِ"الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم : 149 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. في هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بن عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قام بعد أن رَجَمَ الأسْلَميَّ"، وهو ماعِزُ بنُ مالكٍ الأسْلَميُّ، وكان رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أقامَ عليه حَدَّ الزاني المُحْصَنِ وهو الرَّجْمُ، وكان ماعزٌ قد أقرَّ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالزِّنا كما جاء في الرِّواياتِ الأُخرَى، ثم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "اجْتَنِبوا هذه القاذوراتِ التي نَهى اللهُ تعالى عنها"، والمُرادُ بالقاذوراتِ: الأفعالُ القَبيحةُ والسيِّئةُ التي نَهى عنها الشَّرْعُ، ومنها الزنا؛ "فمَن ألمَّ بشَيءٍ منها"، أي: وَقَعَ فيها وفَعَلَها، "فلْيَسْتَتِرْ بسِتْرِ اللهِ"، أي: يَمْتنعْ أنْ يَتحدَّثَ أو يُخبِرَ أحدًا، "ولْيَتُبْ إلى اللهِ"، أي: ولْيُسارِعْ في التَّوبَةِ من ذَنْبِهِ الذي أذْنَبَهُ؛ "فإنَّه مَن يُبْدِ لنا صَفْحَتَه"، بأنْ أظْهَرَ لنا وأَطْلَعَنا على فَعْلتِهِ وذَنْبِهِ، "نُقِمْ عليه كِتابَ اللهِ"، أي: نَحكُمْ عليه بحُكْمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ونقم عليه الحَدَّ الذي ذَكرَه اللهُ تعالى في كِتابِه. وفي الحديثِ: أنَّ العبْدَ يُؤاخذُ في الدُّنْيا بما يُظهِرُه، وأمَّا ما خَفِيَ فأمْرُهُ إلى اللهِ تعالى.الدرر. المتن:وَمَنْ لَقِيَهُ مُصِرًّا غَيْرَ تَائِبٍ مِنْ اَلذُّنُوبِ اَلَّتِي قَدْ اِسْتَوْجَبَ بِهَا اَلْعُقُوبَةَ فَأَمْرُهُ إِلَى اَللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَمِنْ لَقِيَهُ وَهُوَ كَافِرٌ عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ. الشرح: من مات على الإسلام ولكنه عاصٍ ولم يتب من ذنبه، فَذَلِكَ مُفَوَّض إلى اللهِ، إنْ شاءَ عَذَّبَه بِعَدْلِه، وإنْ شاءَ غَفَرَ لَه بِفَضلِه. فالخلق إذن دائرون بين عدل الله وفضله، وما أحسن ما نسب إلىالشافعيرحمه الله من قوله: يقولالتَّابعيُّ صَفوانُ بنُ مُحرِزٍ المازِنيُّ "بيْنَما أنَا أمْشِي مع ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما آخِذٌ بيَدِهِ، إذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقالَ: كيفَ سَمِعْتَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ في النَّجْوَى؟ فَقالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ، ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وأَمَّا الكَافِرُ والمُنَافِقُونَ، فيَقولُ الأشْهَادُ"هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ"هود: 18.الراوي : عبدالله بن عمر -المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم 2441 -خلاصة حكم المحدث : صحيحإنْ ُعذِّبُوا فبعدلِهِ أو نُعِّمُوافبفضلِهِ وهو الكريمُ الواسعُ والله تعالى لا يحب أن يعذب عباده كما قال"مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا"النساء:147، فهو إذن يحب منهم الإيمان والطاعة ليدخلوا الجنة، فإذا عتى الإنسان وتمرد وأبى إلا الكُفْر والمعاصي فلا يلومنَّ إلا نفسه. يَذكُرُ التَّابعيُّ صَفوانُ بنُ مُحرِزٍ المازِنيُّ أنَّه كان يَسيرُ مع عبْدِ اللهِ بنِ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما آخِذًا بيَدَيْه، إذ ظَهَرَ له رجُلٌ، وسَأَلَه عن النَّجْوَى، والنَّجوى هي إسرارُ الواحدِ بالكلامِ مع آخَرَ على انفرادٍ، والمرادُ بها هنا: ما يقَعُ بيْن اللهِ تعالَى وبيْن عبْدِه المؤمنِ يومَ القيامةِ، وهو فضْلٌ مِن اللهِ تعالَى، حيث يَذكُرُ المَعاصيَ للعبْدِ سِرًّا. فذَكَرَ ابنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَ أنَّ اللهَ تعالَى يُدْني المؤمنَ، أي: يُقرِّبه إليه يومَ القيامةِ؛ ليُكلِّمَه ويَعرِضَ عليه ذُنوبَه فيما بيْنه وبيْنه، فيَضَعُ عليه كنَفَه، والكَنَفُ في اللُّغةِ: السَّتْرُ والحِرزُ والنَّاحيةُ، ويَستُرُه، أي: يَستُرُ عبْدَه عن رُؤيةِ الخَلْق له؛ لئلَّا يَفتضِحَ أمامَهم فيُخْزى، ويُكلِّمُه فيها سِرًّا فيَقولُ له: أتَعرِفُ ذنْبَ كذا؟ أتَعرِفُ ذنْبَ كذا؟ فيُذكِّرُه بما فعَلَه في الدُّنيا في لُطفٍ وخَفاءٍ، حتَّى إذا قَرَّره بذلك واعتَرَف بذُنوبِه، وتَيقَّن أنَّه داخلٌ النَّارَ لا مَحالةَ إلَّا أنْ يَتَدارَكَه عفْوُ اللهِ؛ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ له: سَتَرتُها عليك في الدُّنيا وأنا أغفِرُها لك اليومَ. "إنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْها، وآخِرَ أهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا، فيَقولُ اللَّهُ: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأْتِيها، فيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّها مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فيَقولُ: يا رَبِّ، وجَدْتُها مَلْأَى، فيَقولُ: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأْتِيها فيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّها مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فيَقولُ: يا رَبِّ، وجَدْتُها مَلْأَى، فيَقولُ: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فإنَّ لكَ مِثْلَ الدُّنْيا وعَشَرَةَ أمْثالِها -أوْ: إنَّ لكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أمْثالِ الدُّنْيا- فيَقولُ: تَسْخَرُ مِنِّي -أوْ: تَضْحَكُ مِنِّي- وأَنْتَ المَلِكُ! فَلقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نَواجِذُهُ، وكانَ يقولُ: ذاكَ أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً."الراوي : عبدالله بن مسعود -صحيح البخاري.أمَّا الكافرُ والمنافقُ في عَقيدتِه، فيَقولُ الأشهادُ -وهم الحاضِرون مِن الملائكةِ والنَّبيِّين والجنِّ والإنسِ"هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ"هود: 18، أي: هؤلاء الَّذين كَفَروا ونَسَبوا إلى اللهِ ما لا يَليقُ به مِن الشَّريكِ والولدِ والزَّوجةِ، وغيرِ ذلك، "أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" أي: ألَا سَخَطُ اللهِ الدَّائمُ وإبعادُه مِن رَحمتِه، على المُعتَدينَ الذين وَضَعوا العبادةَ في غيرِ مَوضِعِها. وفي الحديثِ: إثباتُ صِفةِ الكلامِ للهِ عزَّ وجلَّ على ما يَليقُ بجَلالِه.الدرر السنية. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " عصاة المسلمين ثلاثة أقسام : قسم يغفر الله له ولا يدخل النار أصلاً ، وقسم آخر يدخل النار ويعذب بقدر ذنوبه ثم يخرج ، وقسم ثالث يدخل النار ويعذب ، ولكن يكون له الشفاعة ، فيخرج من النار قبل أن يستكمل ما يستحقه من العذاب" .فتاوى نور على الدرب" 4/ 2: بترقيم الشاملة. فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة - أن أهل المعاصي من الموحدين الذين تغلب سيئاتهم حسناتهم، واستوجبوا النار بأعمالهم، لا يخلدون في النار كباقي المشركين؛ ولكنهم يمكثون فيها بقدر معاصيهم، ثم يأمر الله تعالى الملائكة بإخراجهم من النار وإدخالهم الجنة، وذلك للأدلة التالية: "............فيُقَالُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ ائْذَنْ لي فِيمَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فيَقولُ: وعِزَّتي وجَلَالِي، وكِبْرِيَائِي وعَظَمَتي لَأُخْرِجَنَّ منها مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ."الراوي : أنس بن مالك - صحيح البخاري. وفيه: دليلٌ على أنَّ أهلَ المَعاصي من أُمَّةِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يُخلَّدونَ في النَّارِ.الدرر السنية. "يَدْخُلُ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يقولُ اللَّهُ تَعَالَى: أخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مِن إيمَانٍ. فيُخْرَجُونَ منها قَدِ اسْوَدُّوا، فيُلْقَوْنَ في نَهَرِ الحَيَا، أوِ الحَيَاةِ - شَكَّ مَالِكٌ - فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في جَانِبِ السَّيْلِ، ألَمْ تَرَ أنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً." الراوي : أبو سعيد الخدري- صحيح البخاري. وهذا الحَديثُ نصٌّ في أنَّ الإيمانَ في القُلوبِ يَتفاضَلُ، وأنَّ أهلَ الإيمانِ يَتفاضَلون في درَجاتِ إيمانِهم. وفيه أيضًا: أنَّ مُرتكِبَ المعاصي مُعرَّضٌ للعُقوبةِ في الدَّارِ الآخِرةِ، ودُخولِ النَّارِ، إلَّا أنْ يَعفُوَ اللهُ عنه.الدرر السنية. فائدة هامة في مفهوم عدل الله: إقامة العدل بين العباد، إنما يتحقق كاملا في الآخرة عندما توضع موازين القسط ليوم القيامة، فلا تظلم نفس شيئا. وأما في الدنيا فقد يموت المظلوم بمظلمته، ويموت الظالم بظلمه، دون أن يقام العدل بينهما، حتى تُقتَصَّ بينهم المظالم يوم القيامة. إسلام ويب.وكذلك فإن المحسنين في الدنيا يموت بعضهم دون أن يرى جزاء إحسانه فيها، حتى يُجزَى بذلك يوم القيامة! وذلك أن الدنيا ليست بدار جزاء، وإنما هي دار عمل، بعكس الآخرة فهي دار جزاء وليست دار عمل. وهذا لا يتعارض مع اتصاف الله تعالى بالعدل مطلقًا، فهو سبحانه متصف بذلك أزلا وأبدًا، وإن كان ظهور آثاره للعباد في الدنيا يتفاوت، حتى يظهر جليا للجميع، ويرى حق اليقين، في الآخرة، حيث"تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ "البقرة:281، آل عمران:161، وذلك يوم القيامة، كما قال تعالى" الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ"غافر: 17. |
المجلس الثامن والثلاثون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل المتن - وَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَا وَقَدْ أُحْصِنَ إِذَا اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ،وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَقَدْ رَجَمَتْ الأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَما إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ أحَدُهُمَا: اقْضِ بيْنَنَا بكِتَابِ اللَّهِ، وقالَ الآخَرُ -وهو أفْقَهُهُمَا-: أجَلْ يا رَسولَ اللَّهِ، فَاقْضِ بيْنَنَا بكِتَابِ اللَّهِ، وأْذَنْ لي أنْ أتَكَلَّمَ، قالَ: تَكَلَّمْ، قالَ: إنَّ ابْنِي كانَ عَسِيفًا علَى هذا -قالَ مَالِكٌ: والعَسِيفُ الأجِيرُ - زَنَى بامْرَأَتِهِ، فأخْبَرُونِي أنَّ علَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ منه بمِائَةِ شَاةٍ وجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إنِّي سَأَلْتُ أهْلَ العِلْمِ، فأخْبَرُونِي أنَّ ما علَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عَامٍ، وإنَّما الرَّجْمُ علَى امْرَأَتِهِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَا والَّذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بيْنَكُما بكِتَابِ اللَّهِ، أمَّا غَنَمُكَ وجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وغَرَّبَهُ عَامًا، وأُمِرَ أُنَيْسٌ الأسْلَمِيُّ أنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا."الراوي : أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 6633.الشرح: الزاني المحصن:هو الذي قد تزوج ثم زنا بعدما تزوج زواجًا شرعيًّا ودخل بامرأته . ولا يلزم في إقامة حد الرجم أن يكون - الرجل أو المرأة - متزوجًا حال فعل الزنا ، فمن طلق أو ماتت زوجته بعد الدخول بها ، فإنه محصن إذا توفرت فيه بقية الشروط ، وكذا من طلقت أو مات زوجها ، فإنها محصنة . جاء في الموسوعة الفقهية :2/227" وَمِمَّا تَجْدُرُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَقَاءُ النِّكَاحِ لِبَقَاءِ الْإِحْصَانِ , فَلَوْ نَكَحَ فِي عُمُرِهِ مَرَّةً ثُمَّ طَلَّقَ وَبَقِيَ مُجَرَّدًا , وَزَنَى رُجِمَ " انتهى . فتوى اللجنة الدائمة:من تزوج بزوجة ثم زنا أقيم عليه حد الرجم، سواء كانت زوجته باقية في عصمته، أم ماتت؛ لأنه صار بوطئه زوجته محصنًا، وكذا الحكم في المرأة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.المصدر:اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:22/38: عبد الله بن قعود ... عضو عبد الله بن غديان ... عضو عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس. حد الرجم للزاني للمحصن ثابت بالكتاب والسنَّة والإجماع. فالمحصن من السنة أن يرجم حتى يموت إذا قامت عليه البيِّنة، أو اعترف بالزنا أربع مرات وبقي على اعترافه إلى أن يقام عليه الحد. حكم الزاني المحصن فإن حكمه الرجم بالحجارة حتى الموت ، وقد ذُكر في آية قرآنية نزلت وتليت وعمل بها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم نسخت تلاوتها وبقي حكمها ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ " رواه البخاري : 6442- ومسلم : 1691 . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " أَبِكَ جُنُونٌ ؟ " قَالَ : لَا قَالَ "فَهَلْ أَحْصَنْتَ " قَالَ : نَعَمْ .فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ " .رواه البخاري : 6430 - ومسلم : 1691 . وفي رواية: عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ الأنْصَارِيِّ قَالَ: كُنْتُ فِيمَن رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بالمُصَلَّى بالمَدِينَةِ، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ جَمَزَ حتَّى أدْرَكْنَاهُ بالحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حتَّى مَاتَ."الراوي : أبو هريرة وجابر-المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5271. "أَذْلَقَتْه الحِجارةُ" أي: أقْلَقتْه وأَوجَعَتْه، "جَمَزَ" أي: أسرَعَ هارِبًا مِن القَتلِ، فأدْرَكوه بالحَرَّةِ فَرَجَمْوه حَتَّى ماتَ، والحَرَّةُ: مَكانٌ مَعروفٌ بالمَدينةِ مِن الجانِبِ الشَّماليِّ مِنه.الدرر السنية. وفيه: أنَّ الرَّجُل إذا كانَ مُحصَنًا فحَدُّه الرَّجمُ، وإنْ لَم يكُن مُحصَنًا وَزَنى فإنَّه يُجلَدُ مائةَ جَلدةٍ ويُغَرَّبُ عامًا. وفيه: أنَّ من أقَرَّ بالحدِّ وجب على الإمامِ إقامتُه عليه، ولو لم يعتَرِفْ مُشارِكُه في ذلك.الدرر السنية. " أنَّ امرأةً يعني من غامدٍ أتت النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت إنِّي قد فجرتُ فقال ارجِعي . فرجعت ، فلمَّا كان الغدُ أتته ، فقالت : لعلَّك أن ترُدَّني كما رددتَ ماعزَ بنَ مالكٍ ! فواللهِ إنِّي لحُبلَى . فقال لها : ارجِعي فرجعت ، فلمَّا كان الغدُ أتته ، فقال لها : ارجِعي حتَّى تلِدي . فرجعت ، فلمَّا ولدت أتته بالصَّبيِّ فقالت : هذا قد ولدتُه ، فقال لها : ارجِعي فأرضعيه حتَّى تَفطميه . فجاءت به وقد فطمته وفي يدِه شيءٌ يأكلُه ، فأمر بالصَّبيِّ فدُفِع إلى رجلٍ من المسلمين ، وأمر بها فحُفِر لها ؛ وأمر بها فرُجِمَت . وكان خالدٌ فيمن يرجمُها فرجمها بحجرٍ فوقعت قطرةٌ من دمِها على وجنتِه ، فسبَّها . فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : مهلًا يا خالدُ فوالَّذي نفسي بيدِه ! لقد تابت توبةً لو تابها صاحبُ مُكسٍ لغُفِر له . وأمر بها فصلَّى عليها ودُفِنت "الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي- المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم : 4442- خلاصة حكم المحدث : صحيح. صاحبُ مُكسٍ: والْمُكْسُ: الْجبايَةُ،الذي يفرض على الناس ضرائب بغير حق. وغَلَبَ استعمالُه فيما يَأخُذه أعوانُ الظَّلمةِ عِند البيعِ والشِّراءِ. في الحديثِ: أنَّ الحدودَ تُكفِّرُ الذُّنوبَ. وفيه: أنَّ توبةَ الزَّاني لا تُسقِطُ عنه حدّ الزِّنا. وفيه: بيانُ عِظمِ التَّوبةِ، وأنَّها تَجُبُّ الذَّنبَ وإنْ عَظُمَ. وفيه: بيانُ حدِّ الزَّاني إذا كان مُحْصَنًا. وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى الله عليه وسلَّمُ التَّثَبُّتَ مِنَ الأمرِ قدْرَ المستطاعِ خصوصًا فيالحدودِ.الدرر السنية. "............جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: فَقالوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ،قالَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ تَابَ تَوْبَةً لو قُسِمَتْ بيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ."الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي-صحيح مسلم. *هل تطبيق الحد مُكَفِّر للذنب : عن عبادة بن الصامت قال:كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مَجْلِسٍ، فَقالَ" تُبَايِعُونِي علَى أَنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، فمَن وَفَى مِنكُم فأجْرُهُ علَى اللهِ، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَعُوقِبَ به فَهو كَفَّارَةٌ له، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فأمْرُهُ إلى اللهِ، إنْ شَاءَ عَفَا عنْه، وإنْ شَاءَ عَذَّبَهُ".صحيح مسلم " فَعُوقِبَ به فَهو كَفَّارَةٌ له "فَعُوقِبَ بِه في الدُّنْيا بِأَنْ أُقيمَ عليه الحَدُّ، فَهو، أي: العِقابُ كَفارَّة لَه فَلا يُعاقَبُ عليه في الآخِرةِ وطَهور يُطَهِّره اللهُ به مِن دَنَسِ المَعصيةِ. ومَن سَتَرَه اللهُ فَذَلِكَ مُفَوَّض إلى اللهِ، إنْ شاءَ عَذَّبَه بِعَدْلِه، وإنْ شاءَ غَفَرَ لَه بِفَضلِه.الدرر السنية. *هل يُغفر للزاني التائب ولو لم يُقم عليه الحد ؟ إن صدق في التوبة ، وأكثر من الاستغفار فلا يلزمه أن يعترف ليقام عليه الحد ، بل التوبة كافية إن شاء الله تعالى . قال تعالى"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"الفرقان: 68 :70. يَرْوي بُرَيْدةُ بنُ الحُصَيْبِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ ماعِزَ بنَ مالِكٍ الأسْلَمِيَّ رَضيَ اللهُ عنه :جَاءَ مَاعِزُ بنُ مَالِكٍ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ: وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ، قالَ: فَرَجَعَ غيرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ:وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ.............."صحيح مسلم. فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهبوا به، فارجموه. قال النووي : وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى سُقُوط إِثْم الْمَعَاصِي الْكَبَائِر بِالتَّوْبَةِ , وَهُوَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ .اهـ . وقال الحافظ ابن حجر : ويؤخذ من قضيته – أي : ماعز عندما أقرَّ بالزنى - أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحدٍ . . . وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه فقال : أُحبُّ لمن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب اهـ ." فتح الباري " 12 / 124 ، 125 . *ولي الأمر أو من ينوبة فقط هو الذي له حق إقامة الحد : من وقع في الزنا وجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، وينبغي أن يستر نفسه بستر الله- عز وجل- ولا يُطالب بإقامة الحد عليه، ولا يقيم الحدود إلا الحاكم المسلم، أو من يقوم مقام الحاكم، ولا يجوز لأفراد المسلمين أن يقيموا الحدود؛ لما يلزم على ذلك من الفوضى والفتنة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء/الرئيس: عبد/العزيز بن عبد الله بن باز/ عضو: عبد الله بن غديان/عضو: صالح الفوزان/عضو: عبد العزيز آل الشيخ. |
المجلس التاسع والثلاثون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل المتن وَمَنِ انْتَقَصَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،أَوْأَبْغَضَهُ لِحَدَثٍ كَانَ مِنْهُ،أَوْ ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ،كَانَ مُبْتَدِعًا حَتَّى يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا،وَيَكُونُ قَلْبُهُ لَهُمْ سَلِيمًا. الشرح: من عقيدة أهل السنة والجماعة وأصولهم حب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والذب عنهم، واعتقاد ما ثَبتَ لهم من الفضل والأجر، فإن حبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان. والصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا، ومات على الإسلام، هذا أصح ما قيل في تعريف الصحابي. من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا ولو لحظة، ثم مات على الإسلام هذا هو الصحابي،وهذا أولى من قول "من رأى النبي صلى الله عليه وسلم" ليشمل العميان، كعبد الله ابن أم مكتوم، فإنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يرهلأنه أعمى، ولكنه لم يره، فهو صحابي،كل الصحابة عدول لا تبحث عنهم. أما من بَعْدَهم لا بدأن يُبْحَث عنهم هل هو عدل أو ليس بعدل، هل هو ثقة أو ليس بثقة، هل هو ضابط أو ليس بضابط، كل واحد من رواة الحديث يبحث عنه . ويشمل ذلك صغار الصحابة وأطفالهم الذين حنكهم النبي صلى الله عليه وسلم فهم صحابة، ولكنهم يتفاوتون؛ يختلفون في الصحبة يختلفون كما سبق وفصلنا.فكانوا رضي الله عنهم وأرضاهم خيرَ صَحْبٍ لخيرِ مَن مشى على وجهِ الأرضِ -رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فإن الصحابة الكرام هم الذين نقلوا إلينا الإسلام، وقد أثنى الله عليهم في القرآن ورضي عنهم ورضوا عنه، وحثنا على الاستغفار لهم والترحم عليهم"وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"الحشر:10. وَمَنِ انْتَقَصَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني: عابهم أو ذكر مثالبهم أو مساوئهم أو نحو ذلك، فإنه يعتبر بذلك قد ابتدع وتعدى على حرمة الصحابة رضي الله عنهم. قال صلى الله عليه وسلم" لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ".الراوي : أبو سعيد الخدري - صحيح البخاري. وفي الحَديثِ: تَفْضيلُ الصَّحابةِ كلِّهم على جَميعِ مَن بعْدَهم.الدرر السنية. "سُئِلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ...."....." الراوي : عبدالله بن مسعود -صحيح البخاري. فاضَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين المُسلِمين على أساسِ قُوَّةِ التدَيُّنِ وقوَّةِ الإيمانِ، كما فاضَلَ في أحاديثَ مُتعَدِّدةٍ بين أصحابِه رَضِيَ اللهُ عنهم وغيرِهم، وفي هذا الحديثُ بَيانٌ جَلِيٌّ لفَضلِ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم وفَضْلِ التَّابعين وتابِعيهم.فالصَّحابةُ همْ أفضلُ المسلمينَ؛ لأنَّهم عاصَروا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووضَّح لهمْ أُمورَ الدِّينِ وأخَذُوه عنه مُباشرةً، فهمْ أفضلُ النَّاسِ عِلمًا بسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَقاصدِ التَّشْريعِ، وعلى أَيديهمْ تمَّ نَشْرُ الدِّينِ في الفُتوحاتِ والغَزواتِ، ثمَّ أخَذَ التَّابِعونَ العِلمَ مِنهمْ وتابَعوا مَسيرةَ الجِهادِ، وهكذا إلى أنْ يَتباعدَ الزَّمانُ عنْ زَمانِ النُّبوَّةِ، فيَبْعُدونَ عن الهَدْي والسُّنَّةِ وصَحيحِ الدِّينِ شَيئًا فَشيئًا.وفي الحَديثِ: إشارةٌ إلى لُزومِ اتِّباعِ سَبيلِ القُرونِ الثَّلاثةِ الأُولى؛ فإنَّ مَن قَرُبَ زَمنُه مِن زَمنِ النُّبوَّةِ فهو أَوْلَى بالفضْلِ والعِلمِ والتَّأسِّي والاقتداءِ بهَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.الدرر السنية. يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "من كان منكم متأسيًا، فليتأسَّ بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه؛ فاعرِفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"؛جامع بيان العلم وفضله: 2/ 947. قال الطحاوي في عقيدته، عن الصحابة، وحبهم دين وإيمانٌ، وحبهم دين وإيمانٌ وإسلام، وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان، فبغض الصحابة من علامات النفاق، ومن علامات خبث القلوب، والله تعالى أثنى على المؤمنين في دعائهم لمن سبقهم من المؤمنين، وأنه ليس في قلوبهم غلٌّ لهم، قال الله تعالى" وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ "الحشر: 10 . قال الإمام أبو زُرْعة الرازي - رحمه الله "إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ- فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ, وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ- عِنْدَنَا حَقٌّ, وَالْقُرْآنَ حَقٌّ, وَإِنَّمَا أَدَّى إِلَيْنَا هَذَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ-, وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ, وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى وَهُمْ زَنَادِقَةٌ"رواه الخطيب في الكفاية والحافظ ابن حجر في الإصابة..ا.هـ.الإصابة - ابن حجر قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله "مَا يُنْقَلُ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمَثَالِبِ فَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ كَذِبٌ، إِمَّا كَذِبٌ كُلُّهُ، وَإِمَّا مُحَرَّفٌ قَدْ دَخَلَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مَا يُخْرِجُهُ إِلَى الذَّمِّ وَالطَّعْنِ، وَأَكْثَرُ الْمَنْقُولِ مِنَ الْمَطَاعِنِ الصَّرِيحَةِ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ يَرْوِيهَا الْكَذَّابُونَ الْمَعْرُوفُونَ بِالْكَذِبِ... النَّوْعُ الثَّانِي: مَا هُوَ صِدْقٌ، وَأَكْثَرُ هَذِهِ الأُمُورِ لَهُمْ فِيهَا مَعَاذِيرُ تُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ ذُنُوبًا وَتَجْعَلُهَا مِنْ مَوَارِدِ الاجْتِهَادِ الَّتِي إِنْ أَصَابَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ. وَالصَّحَابَةُ أَحَقُّ بِكُلِّ مَدْحٍ وَنَفْيِ كُلِّ ذَمٍّ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الأُمَّةِ" منهاج السنة النبوية. فيجب الإمساك عما شجر بين الصحابة من فتن، مع اعتقاد عدم عصمتهم وما شجر بينهم من باب الاجتهاد ولا نخوض فيه. اللهم احشرنا مع نبيك وأهل بيته المطهرين، وصحابته الغر الميامين. |
المجلس الأربعون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل المتن:وَالنِّفَاقُ هُوَالكُفْرُ:أَنْ يَكْفُرَ بِاللهِ وَيَعْبُدَ غَيْرَهُ،وَيُظْهِرَ الإِسْلامَ فِي العَلانِيَةِ،مِثْلَ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .الشرح: النِّفَاقُ فِي اللُّغَةِ مِنَ النَّفَقِ: وَهُوَ سَرَبٌ فِي الْأَرْضِ مُشْتَقٌّ يُؤَدِّي إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ . وَالنِّفَاقُ:الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ وَجْهٍ، وَالْخُرُوجُ عَنْهُ - يَعْنِي: مِنْ وَجْهٍ آخَرَ-؛ مُشْتَقٌّ مِنْ نَافِقَاءِ الْيَرْبُوعِ. والنافقاء: هي جحر اليربوع الخفي، وذلك أن اليربوع له جحران: جحر ظاهر، وجحر خفي، فالجحر الظاهر يقال له: القاصعة، والجحر الخفي يقال له: النافقاء ، وذلك أنه يحفر في الأرض حتى يخرق الأرض، فإذا خرقها وصار جحرًا كاملا جعل فوقه تراب لا يعلم عنه،أي ظاهره تراب وباطنه حفر، فإذا دخل في جحره القاصع المعروف، ثم جاءه أحد دف برأسه التراب الذي في الجحر الخفي، وخرج منه. فالمنافق سمي المنافق؛ لأن له باطن وظاهر، فباطنه الكفر وظاهره الإسلام، كذلك جحر اليربوع النافقاء له باطن وله ظاهر، باطنه جحر وظاهره تراب. والنفاق الذي يقصده المؤلف : هو الكفر هو أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، وهم الذين"إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ"البقرة:14، والذين"يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ"الفتح:11.هؤلاء هم المنافقون، وإنما فعلوا ذلك تسترًا أو سترًا لعقائدهم، والأصل أنهم يريدون بذلك أن يأمنوا مع هؤلاء ومع هؤلاء. مع ملاحظة أن النفاق درجات وكذلك الكفر. فالكفر في الشرع ينقسم إلى قسمين: كفر أكبر، وكفر أصغر، من حيث الحكم.قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: الكفر أو الشرك لفظان مترادفان أحدهما كفر اعتقادي وهذا محله القلب والآخر كفر عملي وذلك محله في الجوارح فإذا استقل القلب بالكفر فهو الردة، أما إذا استقر الإيمان في القلب وخالطه شيء من المعصية بالجوارج فهذا ليس بالكفر وهذا مذهب أهل السنة والحماعة .ا.هـ. أهل الحديث والأثر, النفاق كالكفر والشرك والفسق، درجات ومراتب؛ منها ما هو مخرج من الإسلام، ومنها غير مخرج منه: النفاق الأكبر: هو نفاق من يبطن الكفر ويظهر الإسلام ، قال الجرجاني رحمه الله : " المنافق هو الذي يضمر الكفر اعتقادًا ، ويظهر الإيمان قولا " انتهى . "التعريفات" ص / 298. فمن أظهر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وأبطن ما يناقض ذلك ، أو يناقض شيئا منه : فهذا هو المنافق النفاق الأكبر . وهؤلاء هم المعنيون بقوله تعالى " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ " النساء / 145 وأما النفاق الأصغر – ويسمى أيضًا بالنفاق العملي - فهو نفاق الأعمال ، وهو أن يظهر عملًا صالحًا ويبطن خلاف ذلك ، أو تختلف سريرته عن علانيته ، لكن ليس في أصول الإيمان التي مر ذكرها . ومن ذلك أن يقع في شعبة من شعب النفاق العملي ، أو يتصف بصفات المنافقين من الكذب والخيانة وخلف الوعد . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي الله عَنْهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَرواه البخاري :34. ومسلم :58. فمن اتصف من أهل التوحيد بشيء من ذلك وقع في النفاق الأصغر بحسب ما فعله أو اتصف به ؛ لأنه شابه المنافقين في بعض أعمالهم ، وإن لم يكن مثلهم تماما . فالنفاق الأصغر :هو النفاق العملي، واختلاف السر والعلانية في الواجبات، وذلك بعمل شيء من أعمال المنافقين؛ مع بقاء أصل الإيمان في القلب وصاحبه لا يخرج من الملة، ولا يُنفى عنه مطلق الإيمان، ولا مسمى الإسلام، وهو معرّض للعذاب كسائر المعاصي، دون الخلود في النار، وصاحبه ممن تناله شفاعة الشافعين بإذن الله. كفر النفاق الذي ذكره المؤلف، وهو أن يكفر بالله ويعبد غيره في الباطن يعني، ويظهر الإسلام في العلانية، في الظاهر يظهر الإسلام، يشهد أن لا إله إلا الله، ويشهد أن محمدًا رسول الله في الظاهر، ولكنه في الباطن مكذب لله ولرسوله، مثل المنافقين الذين كانوا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كعبد الله بن أُبيّ، الذين يظهرون الإسلام على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ويصلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ويجاهدون وهم كفرة في الباطن، وإنما فعلوا ذلك حتى تسلم دماؤهم وأموالهم؛ لأنهم لو أظهروا الكفر لقتلوا وأخذت أموالهم. المتن: وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ: ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ،هَذَا عَلَى التَّغْلِيظِ،نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ،وَلانُفَسِّرُهَا. وَقَولُهُ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاتَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا ضُلاَّلًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ،وَمِثْلُ: إِذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ،وَمِثْلُ:سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ،وَمِثْلُ:مَنْ قَالَ لأَخِيهِ:يَا كَافِرٌ،فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَمِثْلُ:كُفْرٌ بِاللهِ تَبْرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ،وَنَحْوُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مِمَّا قَدْ صَحَّ وَحُفِظَ،فَإِنَّا نُسَلِّمُ لَهُ،وَإِنْ لَمْنَعْلَمْ تَفْسِيرَهَا،وَلا نَتَكَلَّمُ فِيهِ،وَلا نُجَادِلُ فِيهِ،وَلا نُفَسِّرُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ إِلاَّ بِمِثْلِ مَا جَاءَتْ،وَلا نَرُدُّهَا إِلا بِأَحَقَّ مِنْهَا. الشرح: يعني: ولا نفسر هذه الأحاديث إلا مثلما جاءت، المعنى لا نفسرها تفسيرًا يخالف ظاهرها، والعلماء يقولون: لا تفسر، هذه الأحاديث تترك على ظاهرها حتى تفيد الزجر والوعيد، ولكن تُبين لأهل العلم أنها لا تخرج من الملة ، ولكن لا تفسر للعامة وتترك هكذا حتى تفيد الزجر، ولهذا قال: وهذا على التغليظ نرويها كما جاءت ولا نفسرها للعامة.حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية. فأحاديث الوعيد تُجرَى على ظاهرِها؛ ليكون أبلغ في الزجر، مع الاعتقاد أنها لا توصل إلى الخروج من الملة، فلا نقول: إن هذا قد كفر وخرج من الإسلام بهذا الذنب، بل نقول: عمله عمل كُفر وأما هو فلا يكون كافرًا، ففرق بين العمل وبين العامل، فالعمل قد يكون من أعمال الكفار أو من أعمال المنافقين ولا يلزم أن كل من عمل هذا العمل يخرج من الإسلام ويدخل في الكفر، بل أمرهم إلى الله تعالى، ونحثهم على التوبة والرجوع إلى الله.الشيخ : ابن جبرين. ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ: "ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه فهو مُنافِقٌ ، و إنْ صامَ و صلَّى ، و قال : إنِّي مُسلمٌ : مَنْ إذا حدَّثَ كَذَبَ ، و إذا وعَدَ أخْلفَ ، وإذا ائْتُمن خانَ" الراوي : عبدالله بن عمرو وأبو هريرة وأنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم : 3043 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. وفي هذا الحديث بَيانٌ لبعضِ الخِصالِ الَّتي تُوجِبُ في حَقِّ صاحبِها النِّفاقَ العَمَليَّ.الدرر السنية. لاتَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا ضُلاَّلًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ : الشاهد قوله: كُفَّارًا، القتال بين المسلمين، هل هو كفر يخرج من الملة؟ لا يخرج من المِلَّة إلا إذا استحله، إذا اعتقد أنه حلال هذا معناه يكون كفرًا أكبر؛ لأنه استحل أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، إذا استحل قَتْلَ أخيه، أو قتل نفسه، أو استحل الزنى أو الربا أو الخمر، صار كفرا أكبر بهذا الاعتقاد، أما مجرد القتل، أو الزنى أو السرقة، وهو يعلم أنه عاصٍ، هذا يكون معصية كبيرة، لكن لا تخرج من الملة. حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية. إِذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ : هل يخلدان في النار؟ لا يخلدان؛ لأنه سماهما مسلمين قال" إِذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ "هل يكفر هذان المسلمان إذا التقيا بالقتال؟ لا، إلا إذا استحله، إذا رآه حلالا، أما إذا لم يستحله، وإنما التقيا بسبب الهوى وطاعة الشيطان، يكون عصاة، وهو من كبائر الذنوب، وقوله: في النار هل يخلد في النار؟ لا يخلد في النار إلا كافر، وهذان ليسا كافرين بنص الحديث.حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية. وكوْنُ الاثنينِ في النارِ لا يَعني خُلودَهما فيها، ولكنْ هذا عقابٌ على هذه المَعصيةِ، ثمَّ يكونُ أمْرُهما إلى اللهِ تعالَى: إنْ شاء عاقَبَهما ثمَّ أخرَجَهما مِن النارِ كسائرِ الموَحِّدينَ، وإنْ شاء عَفا عنْهما فلمْ يُعاقِبْهُما أصلًا، وإنَّما الخُلودُ لِمَنِ استحَلَّ القتْلَ.وفي الحديثِ: أنَّ قِتالَ المسلِمِ لأخيه المُسلِمِ بغَيرِ وجْهٍ شَرعيٍّ كبيرةٌ مِن الكبائرِ، وأنَّ صاحبَ الكبيرةِ لا يَكْفُرُ بفِعلِها؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سمَّى المُتقاتلَيْنِ مُسلِمَينِ. من شرح الحديث في.الدرر السنية . وَمِثْلُ:مَنْ قَالَ لأَخِيهِ:يَا كَافِرٌ،فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة: فقد سماه أخا حين القول، وقد قال: فقد باء بها. فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه.انتهى. قال ابن قدامة في المغني: هذه الأحاديث على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على وجه الحقيقة. انتهى.إسلام ويب. وَمِثْلُ:كُفْرٌ بِاللهِ تَبْرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ: "كفر باللهِ تبرؤٌ من نسَبٍ وإِنْ دَقّ"الراوي: أبو بكر الصديق-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم:4485-خلاصة حكم المحدث : حسن .ادِّعاءُ نسَبٍ لا يَعرِفُه أو جحَدَه وإن دَقَّ"، أي: إنَّ تعمُّدَ الانتِسابِ لغَيرِ الأبِ مع العِلمِ بذلك ذنبٌ عظيمٌ يَقتَضي الكُفرَ، والانتِفاءُ مِن النَّسبِ الصَّحيحِ المعلومِ صِحَّتُه كفرٌ أيضًا؛ فمَن استَحلَّ فِعلَ هذا معَ عِلمِه فقدْ كفَر الكُفرَ الأكبرَ المخرج مِن الملَّةِ، وأمَّا مَن فَعَله غيرَ مُستحِلٍّ له؛ فهو مَحمولٌ على كُفرِ النِّعمةِ والإحسانِ وحَقِّ اللهِ تعالى وحقِّ أبيه. عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال"أَيُّما امْرِئٍ قالَ لأَخِيهِ: يا كافِرُ، فقَدْ باءَ بها أحَدُهُما، إنْ كانَ كما قالَ، وإلَّا رَجَعَتْ عليه."الراوي : عبدالله بن عمر – صحيح مسلم.. لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بالفُسُوقِ، ولا يَرْمِيهِ بالكُفْرِ؛ إلَّا ارْتَدَّتْ عليه إنْ لَمْ يَكُنْ صاحِبُهُ كَذلكَ.الراوي : أبو ذر الغفاري - صحيح البخاري بداية : لا يجوز للمسلم أن يكفر مسلمًا. قال الشيخ الألباني:فهذا الحديث من حيث المعنى يؤكد معنى .... إن كان المقول له كافر فعلا فقد وقعت الكلمة في محلها، وإن كان المقول له ليس كافرًا بل هو مسلم ولكن قد يكون فاسقًا بل وقد يكون صالحًا فيعود اسم من أطلق على ذاك المسلم كلمة كافر على هذا المطلِق ......... ،الذي قال لذاك المسلم أنت كافر وهو حقيقة عند الله ليس بكافر فما الذي يلحق المكفِّر ؟ظاهر الحديث إنه بيرجع هو بيصير كافر ما بيصير كافر إذن شو المعنى ؟الجواب يبوء بإثم التكفير وليس بحكم التكفير. فالمصنف كأنه أعاد هذا الباب لتتركز هذه الحقيقة في ذهن المسلم.أهل الحديث والأثر.باختصار. من شرح كتاب الأدب المفرد-201 . للشيخ محمد ناصر الدين الألباني. قال الشيخ ابن باز رحمه الله: والمعنى التحذير، ليس معناه أنه كُفر أكبر، بل معناه التحذير من هذا الكلام السيئ، وأن َصاحبه على خطر عظيم إذا قاله لأخيه، فينبغي حفظ اللسان وأن لا يتكلم إلا عن بصيرة.ا.هـ.وَلا نَرُدُّهَا إِلا بِأَحَقَّ مِنْهَا: أي لا نصرفها عن معناها إلا بدليل صارف حقًا. |
المجلس الحادي و الأربعون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل المتن :وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ قَدْ خُلِقَتَا كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا،وَرَأَيْتُ الكَوْثَرَ اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا.....كَذَا،وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ،فَرَأَيْتُ.....كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا،فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ تُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالقُرْآنِ ،وَأَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَلا أَحْسَبُهُ يُؤْمِنُ بِالجَنَّةِ وَالنَّارِ. "اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقالَتْ: رَبِّ أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ في الشِّتَاءِ ونَفَسٍ في الصَّيْفِ، فأشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ."الراوي : أبو هريرة-صحيح البخاري .الشرح: قال ابنُ عُثيمين: نُؤمِنُ بالجَنَّةِ والنَّارِ، فالجَنةُ دارُ النَّعيمِ الَّتي أعَدَّها اللهُ تعالى لِلمُؤمِنينَ المُتَّقينَ، فيها مِنَ النَّعيمِ ما لا عينٌ رَأتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قَلب بَشَرٍ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "السجدة: 17 . والنَّارُ دارُ العَذابِ الَّتي أعَدَّها اللهُ تعالى لِلكافِرينَ الظَّالِمينَ، فيها مِنَ العَذابِ والنَّكالِ ما لا يَخطُرُ على البالِ:قال تعالى " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا "الكهف: 29، وهما مَوجُودَتانِ الآنَ ولَن تَفنَيَا أبَدَ الآبدينَ. الجنَّةُ والنَّارُ مَخلوقتانِ الآنَ، وقد أُعِدَّتا لأهْلِهما. قال اللهُ تعالى" وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "آل عمران: 133 . قال ابنُ عثيمين: هذا أمرٌ دَلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ، وأجمع عليه أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ؛ أنَّ الجنَّةَ موجودةٌ الآنَ؛ ولهذا قال اللهُ تعالى" وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"آل عمران: 133 ، أعِدَّت: يعني هُيِّئَت. وهذا دليلٌ على أنها موجودةٌ الآن، كما أنَّ النَّارَ أيضًا موجودةٌ الآن، ولا تَفنيانِ أبدًا. شرح رياض الصالحين:2/ 175. وقال اللهُ سُبحانَه" فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ "البقرة: 24 . قال السَّمعانيُّ: أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ أي: هُيِّئَت للكافرينَ، وهذا دليلٌ على أنَّ النَّارَ مخلوقةٌ، لا كما قال أهلُ البِدعةِ. ودليلٌ على أنَّها مخلوقةٌ للكافرينَ، وإن دخَلَها بعضُ المؤمنينَ تأديبًا وتعريكًا. تفسير السمعاني:1/ 59. قال أبُو مَنصُورٍ البَغداديُّ عَنِ الجَنةِ والنَّارِ: هما عِندَنا مَخلُوقَتانِ... ودَليلُنا على وُجُودِهما: إخبارُ اللهِ عَنِ الجَنَّةِ أنَّها أعِدَّت لِلمُتَّقينَ، وعَنِ النَّارِ أنَّها أُعِدَّت لِلكافِرين، ويَدُلُّ على وُجُودِهما ما تَواتَرَت به الأخبارُ الَّتي كَفَرَتِ القَدَريَّةُ بها، في قِصَّةِ المِعراجِ، وسائِرِ ما ورَدَ في صِفاتِ الجَنَّةِ والنَّارِ. أصول الإيمان: ص: 189. قال البيهقيُّ: مِمَّا يَحِقُّ مَعرِفَتَه في هذا البابِ أن يُعلَمَ أنَّ الجَنَّةَ والنَّارَ مَخلُوقَتانِ مُعَدَّتانِ لِأهلِهما، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ في الجَنةِ" أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ".آل عمران: 133 ، وقال في النَّارِ" أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ "البقرة: 24، والمُعَدَّةُ لا تَكُونُ إلَّا مَخلُوقةً مَوجُودةً، وقال في الجَنةِ" وَجَنَّةٍ عَرْضُها السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ "آل عمران: 133، والمَعدُومُ لا عَرْضَ لَه.شعب الإيمان: 1/589. قال طاهرُ بنُ مُحَمَّدٍ الإسفرايينيُّ:...والجَنَّةُ والنَّارُ مَخلُوقَتانِ، وكُلُّ ذَلِكَ وارِدٌ في القُرآنِ، وفي الأخبارِ الظَّاهرةِ عَنِ المُصطَفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، على وجهٍ لا يُبقي شَكًّا ولا شُبهةً لِمَن تَركَ العَصَبيَّةَ، وقَد صَرَّحَ اللهُ تعالى بذِكرِ النَّارِ والجَنةِ ووُجُودِهما، وإعدادِ الجَنَّةِ لِلمُؤمِنينَ، والنَّارِ للكافِرين، وإنزالِ آدَمَ عليه السَّلامُ في الجَنَّةِ، ثُمَّ إخراجِه مِنها وإهباطِه إلى الأرضِ، وما ورَدَ عَن الرَّسُولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه دَخلَ الجَنَّةَ ليلةَ المِعراجِ، ورَأى فيها قَصرًا لِعُمرَ رَضيَ اللهُ عَنه، ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فإذا أنا بالرُّمَيْصاءِ، امْرَأَةِ أبِي طَلْحَةَ، وسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: هذا بلالٌ، ورَأَيْتُ قَصْرًا بفِنائِهِ جارِيَةٌ، فَقُلتُ: لِمَن هذا؟ فقالَ: لِعُمَرَ، فأرَدْتُ أنْ أدْخُلَهُ فأنْظُرَ إلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فقالَ عُمَرُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ أعَلَيْكَ أغارُ." صحيح البخاري ، وكانَ ذَلِكَ مِن صِفاتِ المَوجُوداتِ، فإنَّ المَعدُومَ لا يَتَّصِفُ بهذه الصِّفاتِ، ومَن تَأمَّلَ ما ورَدَ فيه مِنَ الآيِ والأخبارِ والآثارِ لَم يَستَجِز إنكارَه.التبصير في الدين:ص: 177. وقد وردت أحاديثُ كثيرةٌ في ذلك؛ منها: "تَحاجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ ..." صحيح البخاري. الدرر السنية /الموسوعة العقدية الكِتابُ السَّادِس: الإيمانُ باليَومِ الآخِرِ البابُ الخامِسُ: الجَنَّةُ والنَّارُ. المتن:كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:دَخَلْتُالجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا: ".......... فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : رأيتُ نَهْرًا في الجنَّةِ حافَّتيهُ قِبابُ اللُّؤلؤِ . قلتُ : ما هذا يا جَبرائيلُ ؟ قالَ : هذا الكوثرُ الَّذي أعطاكَهُ اللَّهُ"الراوي: أنس بن مالك -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم-3359- خلاصة حكم المحدث : صحيح.قال صلى الله عليه وسلم "دَخَلْتُ الجَنَّةَ أوْ أتَيْتُ الجَنَّةَ، فأبْصَرْتُ قَصْرًا، فَقُلتُ: لِمَن هذا؟ قالوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فأرَدْتُ أنْ أدْخُلَهُ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي إلَّا عِلْمِي بغَيْرَتِكَ قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: يا رَسولَ اللَّهِ، بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا نَبِيَّ اللَّهِ، أوَعَلَيْكَ أغارُ؟" الراوي : جابر بن عبدالله - صحيح البخاري. "لَمَّا عُرِجَ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى السَّمَاءِ، قالَ: أتَيْتُ علَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ"الراوي : أنس بن مالك - صحيح البخاري. وعَن أنسٍ رَضيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال"صَلَّى بنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، فَقالَ: أيُّها النَّاسُ، إنِّي إمَامُكُمْ، فلا تَسْبِقُونِي بالرُّكُوعِ ولَا بالسُّجُودِ، ولَا بالقِيَامِ ولَا بالانْصِرَافِ، فإنِّي أرَاكُمْ أمَامِي ومِنْ خَلْفِي، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو رَأَيْتُمْ ما رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا قالوا: وما رَأَيْتَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: رَأَيْتُ الجَنَّةَ والنَّارَ." صحيح مسلم.المتن :اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا.....كَذَا،وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ،فَرَأَيْتُ.....كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا: "دخَلتُ الجنَّةَ فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها الفقراءَ واطَّلعتُ في النَّاِر فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها الأغنياءَ والنِّساءَ....." الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الموارد- صحيح لغيره. "اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ".الراوي : عمران بن الحصين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري . وهذا ليلة المعراج، ليلة المعراج أو الرؤيا، ورؤيا الأنبياء وحي، قوله: دخلت الجنة، إذًا الجنة موجودة كيف يدخلها النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر شيئًا غير موجود دخلت الجنة هي موجودة فرأيت قصرًا، قال كذلك قوله: رأيت الكوثر، الكوثر نهر في الجنة. وكذلك قوله: اطلعت في الجنة واطلعت في النار، كيف يطلع الرسول على شيء لم يخلق؟ "كَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في يَومٍ شَدِيدِ الحَرِّ، فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بأَصْحَابِهِ، فأطَالَ القِيَامَ، حتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فأطَالَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فأطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِن ذَاكَ، فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، ثُمَّ قالَ: إنَّه عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شيءٍ تُولَجُونَهُ، فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ، حتَّى لو تَنَاوَلْتُ منها قِطْفًا أَخَذْتُهُ، أَوْ قالَ: تَنَاوَلْتُ منها قِطْفًا، فَقَصُرَتْ يَدِي عنْه، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِن بَنِي إسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ في هِرَّةٍ لَهَا، رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ، وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النَّارِ، وإنَّهُمْ كَانُوا يقولونَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَخْسِفَانِ إلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ، وإنَّهُما آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللهِ يُرِيكُمُوهُمَا، فَإِذَا خَسَفَا فَصَلُّوا حتَّى تَنْجَلِيَ. الراوي : جابر بن عبدالله - صحيح مسلم. فيُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه أنَّه لو كُشِفَ لهم عمَّا يُكشَفُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لقَلَّ ضَحِكُهم وزادَ بُكاؤُهم؛ لهَولِ ما سيَطَّلِعون عليه ويَرَونه، فسألَه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم عمَّا رآه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"رَأَيْتُ الجَنَّةَ والنَّارَ"، أي: لو رأيتُم ما رأيتُه في الجنَّةِ والنَّارِ مِنَ النَّعيمِ للمُطيعين في الجنَّةِ، ومِنَ العذابِ للعاصين في النَّارِ، لأصابَكمُ الهَمُّ والغَمُّ حيثُ تَرجُون وتَخافون؛ تَرجُون الجنَّةَ وما فيها، وتَخافون النَّارَ وما فيها، ولا أحدَ يَستطيعُ أن يَعرِفَ مَصيرَه، وبذلك تَترُكون الضَّحِكَ في الدُّنيا إلَّا قليلًا، وتُلازِمون البُكاءَ كثيرًا.الدرر السنية. قال النَّوويُّ: قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رَأيتُ الجَنَّةَ والنَّارَ:فيه أنَّهما مَخلُوقَتانِ.شرح مسلم:4/ 151. وفي متن آخر: عَن أنسٍ رَضيَ اللهُ عَنه : خَطَبَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُطْبَةً ما سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ؛ قالَ: لو تَعْلَمُونَ ما أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، ولَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قالَ: فَغَطَّى أصْحَابُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وُجُوهَهُمْ، لهمْ خَنِينٌ " صحيح البخاري. المتن: فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ تُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالقُرْآنِ ،وَأَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَلا أَحْسَبُهُ يُؤْمِنُ بِالجَنَّةِ وَالنَّارِ: المكذب الذي يقول: إنهما لم تخلقا الآن المعتزلة والقدرية، قالوا: إن الجنة والنار لا تخلقان الآن، وإنما تخلقان يوم القيامة، يقولون: الجنة والنار معدومتان الآن.حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية. |
المجلس الثاني والأربعون شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل المتن: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ مُوَحِدًا،يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ، وَلا يُحْجَبُ عَنْهُ الاسْتِغْفَارُ،وَلا تُتْرَكُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ-صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا-وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ - . الشرح: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ مُوَحِدًا : أي الموَحِّد الذي يصلي ويستقبل القبلة في الصلاة ، للحديث: مَن صَلَّى صَلَاتَنَا واسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذلكَ المُسْلِمُ الذي له ذِمَّةُ اللَّهِ وذِمَّةُ رَسولِهِ، فلا تُخْفِرُوا اللَّهَ في ذِمَّتِهِ."الراوي : أنس بن مالك – صحيح البخاري. مَن صَلَّى صَلَاتَنَا واسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا: والمرادُ: صلَّى الصَّلَواتِ الخَمسَ الواجبةَ على الهَيئةِ والكَيفيَّةِ الَّتي وردَتْ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مُستقبِلًا الكعبةَ المُشرَّفةَ. وإنَّما أفْرَدَ استِقبالَ القِبْلةِ بالذِّكرِ -مع أنَّها مُضمَّنةٌ في الصَّلاةِ-؛ تَعظيمًا لشأنِها . وفي الحديثِ: أنَّ أمورَ الناسِ مَحمولةٌ على الظَّاهرِ دُونَ الباطنِ، فمَن أظهَر شعائرَ الدِّينِ أُجريَتْ عليه أحكامُ أهْلِه، ما لم يَظهَرْ منه خِلافُ ذلك.الدرر السنية. فلا تُخْفِرُوا اللَّهَ في ذِمَّتِهِ : قال القاري:أي: لا تخونوا الله في عهده، ولا تتعرَّضوا في حقِّه من ماله، ودمه، وعرضه.موسوعة الأخلاق/الدرر السنية. يعني: احفظوا، لا تُخْفِروا ذِمَّته بأن تعتدوا عليه.الشيخ ابن باز رحمه الله. مُوَحِدًا : التوحيد إجمالًا : هو إفراد الله عز وجل بما يستحقه ويختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات . فالموحد هو من شهد لله بالوحدانية، وشهد للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، ولم يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام، أو قال: الزنى حلال، أو قال: الربا حلال، أو قال: عقوق الوالدين حلال، أو قال: الصلاة غير واجبة؛ هي مجرد رياضة، من شاء يصلي، ومن شاء لا يصلي، هذا أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أو قال: الزكاة غير واجبة، أو الصوم غير واجب. ما حكمه؟ ينتقض توحيده وإيمانه. الإمام أحمد رحمه الله يقول: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ مُوَحِدًا،يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ ، وَلا تُتْرَكُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ-صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا-وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ: من مات من أهل القبلة موحدًا إذا كان موحد، يعني ملتزم بأحكام الإسلام، ولم يُعْلَم عنه أنه فعل ناقضًا من نواقض الإسلام؛ يُصَلَّى عليه، ويُستَغفر له ، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرًا كان أو كبيرًا، الدليل قول الله تعالى" وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ "التوبة:84. جعل العلة في كونهم لا يصلَّى عليهم الكفر، إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فدل على أن الكافر لا يصلَّى عليه ،والموحد يصلى عليه – بمفهوم المخالفة -. قال الشَّافعي في وصيَّتِه المشهورة: لا أُكَفِّرُ أحدًا من أهلِ التوحيدِ بذَنبٍ وإن عَمِلَ بالكبائِرِ، وأَكِلُهم إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ.اعتقاد الشافعي:للهكاري :ص: 17. قال محمَّدُ بنُ نَصرٍ المَرْوَزي: إنَّ المُصِرَّ على ما دونَ الشِّركِ حتى يموتَ: مؤمِنٌ، غيرُ كافرٍ ولا مُشرِكٍ، وهو بين خَوفٍ ورجاءٍ، يُخافُ أن يُعاقِبَه اللهُ على مَعصيتِه إيَّاه بما استحَقَّ من العقوبةِ، ونرجو أن يتفَضَّلَ اللهُ عليه فيعفو عنه ويغفِرُ له ذَنْبَه.تعظيم قدر الصلاة: 2/ 623. والمقصود أنه يصلَّى عليه صلاة الجنازة - ما دام أنه لم يفعل الكفر الأكبر ولو كان له ذنب صغير أو كبير، الكبير أي الكبائر المعروفة ، والكبائر جمع كبيرة، والكبيرة هي: كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة بالنار أو الغضب أو اللعنة، أو نفي عن صاحبه الإيمان، أو قال: فيه النبي ليس منا، أو تبرأ منه النبي -صلى الله عليه وسلم- برئ النبي -صلى الله عليه وسلم- كما برِئ من الصالقة والحالقة والشاقة . فالصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة – والشَّاقَّةِ: التي تشق ملابسها عند المصيبة. " إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ والحَالِقَةِ والشَّاقَّةِ."الراوي : أبو موسى الأشعري - صحيح البخاري. والبراءةُ في الحديثِ بمعنى أنه بريءٌ مِن فِعلِهنَّ، أو ممَّا يَستوجِبْنَ مِن العقوبةِ، أو مِن عُهدةِ ما لَزِمني مِن البيانِ، وأصلُ البَراءةِ: الانفصالُ، وليس المرادُ التَّبَرِّيَ مِن الدِّينِ والخروجَ منه.الدرر السنية. وكذلك أيضا يجوز الحج عنه – أي الموحد حتى لو كان مات عاصيًا- ويُعتمر عنه، ويُتصدق عنه؛ لأنه مؤمن، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرًا أو كبيرًا؛ لأنه ذنب يعني دون الكفر. المقصود الأعظم من الصلاة على الميت الدعاء: صفة الصلاة على الجنازة قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم : وهي أن يكبر أولًا ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي ويقرأ الفاتحة ، ثم يكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاةَ الإبراهيمية، ، ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ، والأفضل أن يقول : ما هو محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن دعا له بدعوات أخرى فلا بأس، ثم يكبر الرابعة : اختَلَف العلماءُ في مشروعيَّةِ الدُّعاءِ للميِّتِ بعدَ التكبيرةِ الرَّابعة، على قولين: القولُ الأوَّل:يُشرَعُ الدُّعاءُ للمَيِّت بعدَ التكبيرةِ الرابعةِ وقبلَ التَّسليمِ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة، والشافعيَّة، واختارَه بعضُ الحَنفيَّة، وروايةٌ عن أحمد، واختاره الشوكانيُّ، وابنُ عُثَيمين، والألبانيُّ ؛ وذلك لأنَّه قيامٌ في صلاةٍ، فكان فيه ذِكرٌ مشروعٌ، كالذي قبل التكبيرةِ الرابعةِ. المغني لابن قدامة:2/365. القول الثاني:أنَّه ليس بعدَ التَّكبيرةِ الرَّابعةِ دعاءٌ، وإنَّما يليها السَّلامُ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ عند المالِكيَّة، واختارَه ابنُ باز. مجموع فتاوى ابن باز:13/141. ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه قائلاً : السلام عليكم ورحمة الله أو تسليمتين على قولين بين العلماء. وإذا سلّم الإمام تسليمتين فإنه يشرع للمأموم متابعته، وإن كان مذهب المأموم الاكتفاء بتسليمة واحدة . ولهذا يُصلى عليه حتى ولو في المقبرة، الصلاة في المقبرة منهي عنها لأنها من وسائل الشرك، لكن الصلاة المنهي عنها في المقبرة الصلاة التي لها ركوع وسجود، أما صلاة الجنازة فليس لها ركوع ولا سجود، والمقصود منها الدعاء، فلهذا يصلى على الميت في المقبرة، ولو بعد الدفن، من لم يصل عليه. والدليل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في المقبرة: "أنَّ رَجُلًا أسْوَدَ أوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنْه، فَقالوا: مَاتَ، قالَ: أفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي به دُلُّونِي علَى قَبْرِهِ - أوْ قالَ قَبْرِهَا - فأتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا."الراوي : أبو هريرة - صحيح البخاري. أما الصلاة التي لها ركوع وسجود فلا تجوز في المقبرة، قال -عليه الصلاة والسلام"لا تُصَلُّوا إلى القُبُورِ، ولا تَجْلِسُوا عليها."الراوي :أبو مرثد الغنوي- صحيح مسلم. وفي الحَديثِ: النَّهيُ مِنَ القُعودِ والجُلوسِ عَلى القُبورِ. وفيه: النَّهيُ عنِ الصَّلاةِ في المَقابرِ أو بيْنَها أو إليْها.الدرر السنية. وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ: أي أمره إلى الله إن شاء عذبه على ذنبه دون الخلود في النار، وإن شاء غفر له ، فلا نقطع ولا نجزم بعذاب أو بعدم عذاب أصحاب المعاصي من المسلمين الموحدين . عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه عن النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال" أتاني جِبريلُ عليه السَّلَامُ فبَشَّرني أنَّه من مات من أمَّتِك لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا دَخَل الجَنَّةَ، قُلتُ: وإنْ زنى وإن سَرَق، قال: وإن زنى وإن سَرَق " .صحيح البخاري ومسلم. قال النَّووي: أمَّا قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" وإنْ زنى وإن سَرَق "فهو حُجَّةٌ لِمَذهَبِ أهلِ السُّنَّة أنَّ أصحابَ الكبائِرِ لا يُقطَعُ لهم بالنَّارِ، وأنَّهم إن دخلوها أُخرِجوا منها، وخُتِم لهم بالخُلودِ في الجنَّةِ. شرح صحيح مسلم : 2/97. عن عبادة بن الصامت قال : كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مَجْلِسٍ، فَقالَ: تُبَايِعُونِي علَى أَنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، فمَن وَفَى مِنكُم فأجْرُهُ علَى اللهِ، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَعُوقِبَ به فَهو كَفَّارَةٌ له، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فأمْرُهُ إلى اللهِ، إنْ شَاءَ عَفَا عنْه، وإنْ شَاءَ عَذَّبَهُ."صحيح البخاري. نسأل الله السلامة والعافية من كل ذنب، وبهذا نكون انتهينا من هذه الرسالة، نسأل الله لنا ولكم العلم النافع، والعمل الصالح، وفقنا الله وإياكم لطاعته، والثبات على الحق ، ونفعنا وغفر لنا ولكم ولكل من له فضل علينا. وصلى الله على محمد وآله وصحبه ."رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ"إبراهيم: 41. |
الساعة الآن 10:47 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
تركيب: استضافة صوت مصر