دورة المعتقد الصحيح
دورة المعتقد الصحيح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"آل عِمْرَان:102. "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النِّسَاء:1. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"الْأَحْزَاب:70-71. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. ثم أَمَّا بَعْدُ: إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره، وأوقاته وأنفاسه طلب العلم وتعلم العلم وتعليمه، الذي هو من أفضل العبادات وأجل القربات. فإن الاشتغال بالعلم النافع المستمد من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهذا العلم هو سبيل الفلاح وسبب السعادة في الدنيا والآخرة لأن هذا العلم هو ميراث النبوة الذي من أخذ به أخذ بحظ وافر ولأن العمل بهذا العلم مبني على جادة قويمة وصراط مستقيم ، لذا نقدم قبسة من قبسات علم المعتقد ، نظرًا لأهمية دراسة المعتقد ،فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"1، وإن أعظم الفقه في الدين هو الفقه الأكبر كما سماه السلف الصالح، أعني: فقه العقيدة والأصول والمسلمات والثوابت التي يقوم عليها الدين. شرح مجمل أصول أهل السنة 1"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين . وإنما أنا قاسم ويعطى الله"الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1037-خلاصة حكم المحدث: صحيح الدرر السنية *قال الإمام مسلم في صحيحه 1721 1037- وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ،قال:أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ" سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ" صحيح مسلم - كِتَاب الزَّكَاةِ - لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته موقع الإسلام شرح الحديث وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ:أي أقسم بينكم تبليغ الوحي من خير تخصيص ،"وَيُعْطِي اللَّهُ : كل واحد منكم من الفهم على قدر ما تعلقت به إرادته تعالى، فالتفاوت في أفهامِكم منه سبحانه، وقد كان بعض الصحابة يسمع الحديث فلا يفهم منه إلا الظاهر الجلي ويسمعه آخر منهم أو من القرن الذي يليهم أو ممّن أتى بعدهم فيستنبط منه مسائل كثيرة "ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ"الجمعة: 4. وقال الطيبي: الواو في قوله: وإنما أنا قاسم للحال من فاعل يفقهه أو من مفعوله، فعلى الثاني فالمعنى أن الله تعالى يعطي كلاًّ ممن أراد أن يفقهه استعدادًا لدرك المعاني على قدره له، ثم يلهمني بإلقاء ما هو لائق باستعداد كل واحد، وعلى الأوّل فالمعنى أني ألقي على ما يسنح لي وأسوّي فيه ولا أرجح بعضهم على بعض، والله يوفق كلاًّ منهم على ما أراد وشاء من العطاء انتهى. وقال غيره: المراد القسم المالي، لكن سياق الكلام يدل علىالأوّل إذ إنه أخبر من أراد به خيرًا يفقهه في الدين، وظاهره يدل على الثاني لأن القسمة حقيقية في الأموال. صحيح البخاري - العلم (71) و هنا |
نقدم قبسة من قبسات علم العقيدة ، نظرًا لأهمية دراسة العقيدة «فأهمية دراسة العقيدة تتبين من وجهين:°الوجه الأول:أنها جزء من الدين , وبالتالي فكل النصوص الآمرة بأخذ الدين وتعلمه تتناول مسائل العقيدة بالأولوية. °الوجه الثاني:أنها أصل في صلاح أعمال الجوارح , بمعنى أن صلاح العقيدة يورث صلاح العمل والعكس بالعكس , وقد ضرب الله مثلا لذلك بأهل الكتاب حين قال:"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ *ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ"آلعمران 24- 23. تولوا وهم معرضون لاعتقادهم أن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات" لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ "فالله -عز وجل- جعل افتراءهم في الدين , وفساد اعتقادهم،سببًا لفساد أعمالهم وأصلا لإعراضهم .منقول. فغرس العقيدة في النفوس هو أمثَلُ طريقة لإيجاد عناصر صالحة تستطيع أن تقوم بدورها كاملاً في الحياة وتُسْهِم بنصيب كبير في تزويدها بما هو أنفع وأرشد؛ إذْ إنَّ هذا اللون من التربية يُضْفِي على الحياة ثوب الجمال والكمال، ويظلِّلها بظلال المحبَّة والسلام.الألوكة العقيدة هي الالتزام بالأصول والمسلمات والقطعيات في أبواب الدين كله، وللعقيدة أهمية بالغة؛ إذ إنها هي الأسس والركائز التي يقوم عليها الدين، وللعقيدة الإسلامية خصائص وسمات منها: الوضوح والكمال والشمول، ونقاء المصادر، والبقاء والديمومة، بخلاف بقية العقائد الملفقة التي نهايتها الزوال والاضمحلال.شرح مجمل أصول أهل السنة .ناصر العقل ونظرًا لأنه في بداية كل علم لابد من الوقوف على مصطلحاته، فلابد هنا أن نستهل هذه الدورة بالتعريف بأهم مصطلحات الموضوع أو مصطلحات العقيدة وما يرادفها.°تعريف العقيدة وعلاقتها بالتوحيد« *العقيدة في اللغة : العقيدة في اللغة: من العقد؛ وهو الربط، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والشد بقوة، والتماسك، والمراصة، والإثبات؛ ومنه اليقين والجزم. والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقدًا، ومنه عقدة اليمين والنكاح، قال الله تبارك وتعالى"لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ"المائدة: 89. والعقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل. والجمع: عقائد وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازمًا به؛ فهو عقيدة، سواء كان حقًا، أم باطلاً الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص29 °العقيدة في الاصطلاح : هي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقينًا ثابتًا لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك. أي: الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده، ويجب أن يكون مطابقًا للواقع، لا يقبل شكًا ولا ظنًا؛ فإن لم يصل العلم إلى درجة اليقين الجازم لا يسمى عقيدة. وسمي عقيدة؛ لأن الإنسان يعقد عليه قلبه الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص30 -وقد تكون عقيدة فاسدة مثل : عقيدة النصارى - التثليث -، وعقائد الفرق الضالة وقد تكون عقيدة حقة ، فهي عقيدة المسلم - التوحيد - . °والعقيدة الإِسلاميَّة : هي ما يدين به الإنسان ربه وجمعها عقائد، والعقيدة الإسلامية مجموعة الأمور الدينية التي تجب على المسلم أن يصدق بها قلبه، وتطمئن إليها نفسه، وتكون يقينًا عنده لا يمازجه شك ولا يخالطه ريب، فإن كان فيها ريب أو شك كانت ظنًّا لا عقيدة، ودليل ذلك قوله تعالى"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا"الحجرات 15، وقوله تعالى "ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيه"البقرة 2. وقوله تعالى"إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيه" آل عمران 9. فالعقيدة إذًا ليست أمورًا عملية، إنما هي الأمور الدينية العلمية التي تجب على المسلم اعتقادها في قلبه لإخبار الله تعالى بها بكتابه أو بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .كتاب :عقيدة التوحيد في القرآن الكريم. =والعقيدة الإِسلاميَّة:إِذا أُطلقت فهي عقيدة أَهل السُّنَّة والجماعة ؛ لأنَّها هي الإِسلام الذي ارتضاه اللّه دينًا لعبادِهِ ، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضَّلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإِحسان .الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص30 تنبيه ليست العقيدة مجرد معرفة باردة بالله أو معرفة يستعلي صاحبها عن الإقرار بها أو يرفض أن ينصاع لحكمها ؛ بل هي عقيدة رضي بها قلبُ صاحبِها وأعلن عنها بلسانه وارتضى المنهج الذي فرضه الله متصلاً بها . فالعقيدة الإسلامية إجمالاً :هي الإيمان ، وتفصيلا هي :ولذلك قال علماء السلف : " الإيمان : اعتقاد بالجنان ، ونطق باللسان ، وعمل بالأركان " . مجموعة التصورات الإيمانية المستمدة من الكتاب والسنة وما يرتبط بها من الإرادات التي يربط عليها القلب ويظهر أثر ذلك على اللسان والجوارح ما أمكن . وأقصد بالتصورات: قول القلب، وبالإرادات :عمل القلب، والإرادات والتصورات: هما الباطن الذي إذا صلح صلح الجسد كله - اللسان والأعضاء -.فنحن نرى كثيرًا من الناس يعرفون الحقيقة على وجهها ولكنّهم لا ينصاعون لها ، ولا يصوغون حياتهم وفقها بل قد يعارضون الحق الذي استيقنوه ويحاربونه. *فهذا إبليس :يعرف الحقائق الكبرى معرفة يقينية يعرف الله ، ويعرف صدق الرسل والكتب ولكنّه نذر نفسه لمحاربة الحق الذي يعرفه .قال تعالى"وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِيفلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "إبراهيم:22. *وفرعون :كان يوقن بأن المعجزات التي جاء بها موسى إنما هي من عند الله ولكنه جحد بها استكبارًا وعلوًا كما قال الله في حقه وملئه "وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا "النمل : 14 .وقد خاطب موسى فرعون قائلاً " قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ" الإسراء : 102. *وأهل الكتاب :يعرفون أنّ محمدًا مُرسلٌ من ربِّهِ "يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ "البقرة : 146. ولكنّهم لا يقرّون بذلك. °نموذج للمعرفة التي لا تعتبر تصديقًا *عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَخِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، وَكَانَ، مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَسِيرٍ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ سَلَمَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا، عَلَيَّ بُرْدَةٌ، مُضْطَجِعًا فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي، فَذَكَرَ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ وَالْحِسَابَ، وَالْمِيزَانَ، وَالْجَنَّةَ، وَالنَّارَ فَقَالَ: ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ، أَصْحَابِ أَوْثَانٍ، لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ تَرَى هَذَا كَائِنًا؟ إِنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ، وَنَارٌ يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ، قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوَدَّ1 أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ2 مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي الدُّنْيَا، يُحَمُّونَهُ ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فَيُطْبَقُ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا، قَالُوا لَهُ:وَيْحَكَ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ:نَبِيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ،وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ، وَالْيَمَنِ،قَالُوا: وَمَتَى ترَاهُ؟قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ:إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ،قَالَ سَلَمَةُ:فَوَاللَّهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى " بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ حَيٌّ3بَيْنَ أَظْهُرِنَا "، فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا: وَيْلَكَ يَا فُلَانُ أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ: لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ؟ قَالَ:بَلَى . وَلَيْسَ بِهِ . رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / مجلد رقم : 5 / ص : 407 . 1 يَوَدّ : أي : يَوَدُّ الذي رأى هذه النار . 2 بحظه : أي : بنصيبه . 3 وهو : أي : اليهودي . ************** نمـــوذج للتصديـــق قال تعالى "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ"سورة التحريم / آية : 12 قال الشيخ / عبد الرحمن السعدي في تفسيره : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان:وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة ، فإنالتصديق بكلمات الله يشمل كلماته الدينية والقدرية . والتصديق بكتبِهِ يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق ، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل . ولهذا قال تعالى : " وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " أي : المطيعين لله ، المداومين على طاعته بخشية وخشوع ، وهذا وصف لها بكمال العمل ، فإنها ـ رضي الله عنها ـ صِدِّيقة ، والصديقية هي كمال العلم والعمل . ا.هـ |
تعريف التوحيد *التوحيد في اللغة التوحيد : مصدر وحَّد ، يوحِّد ، وهو جعل الشيء واحدًا .لسان العرب / مادة : وحَّد . *التوحيد في الاصطلاح التوحيد : هو الإيمان بوجود الله ، وإفراده بالربوبية والألوهية ،والإيمان بجميع أسمائه وصفاته – التي أثبتها لنفسه - .تسهيل العقيدة الإسلامية / د . عبد الله بن عبد العزيز الجبرين أو : هو إفراد الله تعالى بما يختص به . فتاوى أركان الإسلام / للشيخ محمد بن صالح العثيمين / ص : 9 . وورد في القول المفيد على كتاب التوحيد ج : 1 / ص : 56 : والعبادة الخالصة الحقة ، مبنية على التوحيد ، فكل عبادة لا توحيد فيها فهي باطلة . عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، مَنْ عمل عملاً أشرك فيه مَعِيَ غَيري ، تركته وشركه " . صحيح مسلم / كتاب : الزهد / باب : من أشرك في عمله غير الله / حديث رقم : 2289 . ا . هـ . وقد بقي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في مكةَ بعد البعثةِ ثلاثة عشرَ عامًا يدعو الناسَ إلى التوحيد ، وإصلاح العقيدة ، لأنها الأساس الذي يقوم عليه بناء الدين وقد احتذى الدعاةُ والمصلحون في كل زمان حذو الأنبياء والمرسلين ، فكانوا يبدؤون بالدعوة إلى التوحيد ، وإصلاح العقيدة ، ثم يتجهون بعد ذلك إلى الأمر ببقية أوامر الدين . أنواع التوحيد أنواع التوحيد تدخل كلها في تعريف عام وهو :إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به . هناك من أهل العلم من قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام وهي : 1ـ توحيد الربوبية . 2ـ توحيد الألوهية . 3 ـ توحيد الأسماء والصفات . وقد اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة في قوله تعالى "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " سورة مريم / آية : 65 . قال الشيخ العثيمين : والعلماء ـ علموا ذلك التقسيم ـ بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عـن هذه الأنواع الثلاثة .ا . هـ .فتـاوى العقيـدة للشـيخ العثيميـن : ص : 6 . ومن العلماء من قسم التوحيد إلى قسمين فقط وهما: -توحيد المعرفة والإثبات وهو يقابل: توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات - توحيد الطلب والقصد وهو يقابل: توحيد الألوهية * قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه على العقيدية الطحاوية: ثم التوحيد الذي دعت إليه رسل الله، ونزلت به كتبه نوعان: 1/ توحيد في الإثبات والمعرفة. 2/ وتوحيد في الطلب والقصد. وهذا التقسيم إنما هو للتفهيم والبيان ، وإلا فالله لايقبل التوحيد من إنسان أخل بأحد أنواعه . ما حقيقة أنواع التوحيد الثلاثة ؟ أولاً : توحيد الربوبية هو الإيمان بأن الرب هو الخالق ، الرازق ، المحيي ، المميت ، مُنَزِّل الكتب ، مرسل الرسل ، المجازي في الدنيا والآخرة ، وإفراده سبحانه بكل هذا . فتوحيد الربوبية : كل ما نزل من الرب إلى العباد من رزق ، وإحياء - قدر كوني -، رسالات -قدر تشريعي - .فتوحيد الربوبية توحيد الله تعالى بأفعاله كالخلق والرَّزق والإحياء والإماتة وغيرها من أفعاله التي اختص بها ولم يشاركه فيها أحد. ومن خلال هذا التعريف نجد أن : أقسام توحيد الربوبية هى 1 ـ قدر كوني : قال تعالى " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"سورة القمر / آية : 49 وقال تعالى " إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ "سورة النحل / آية : 40 . فالقدر الكوني : كالخلق ، والرزق ، والإحياء ، والإماتة ، والنفع ، والضر . 2ـ قدر تشريعي : وهو يشمل العلم ، والرسالات ، والكتب ، والوحي ، والتحليل ، والتحريم . ـ ومن أدلة ذلك : ـ العلم : قال تعالى " ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ..." .سورة يوسف / آية : 37 . وقال تعالى " وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا "سورة طه / آية : 114 ـ الرسالات: قال تعالى"لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ .." .سورة الجن / آية : 28 . ـالكتب : قال تعالى " تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ ..."سورة الرعد / آية : 1 ـالوحي : قال تعالى " ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ."سورة الإسراء / آية : 39 . ـ التحليل والتحريم : قال تعالى"قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ .".سورةالأنعام / آية : 151 . باختصار القدر التشريعي يشمل : افعل ولا تفعل . 3 ـ القدر الجزائي : فالذي يجازي في الدنيا والآخرة إنما هو الرب . من أمثلة الجزاء في الدنيا : قوله تعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ".سورة الفيل / آية : 1 . وقوله تعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ "سورة الفجر / آية : 6 . ومن أمثلة الجزاء في الآخرة : قوله تعالى " إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ". سورة طه / آية : 15 . وقوله تعالى " أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ". سورة غافر / آية : 46 . وقوله " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا " . سورة الكهف / آية : 29 . وقوله " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً * أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأََنْهَارُ ..".سورة الكهف / آية : 30 ، 31 . ونتيجة تعاملك مع قدر الله الكوني والتشريعي ، يكون قدر الله الجزائي ،الجزاء من جنس العمل. فالمعاصي جزاؤها الابتلاءات والمصائب في الدنيا ، وشدة سكرات الموت ، وعذاب القبر ، وشدة المرور على الصراط ، وعذاب النار ... . وفي المقابل مَنْ عمل صالحًا لا يضيع أجرُهُ ، وله جزاء ذلك في الدنيا والآخرة بحكمة الله. مع ملاحظة أن الابتلاءات في الدنيا قد تكون لتكفير الذنوب ، أو لرفع الدرجات والتمحيص ، وليست دائمًا عقابًا . فقد لا ينال المؤمن منزلة عالية في الآخرة بعمله ، فتكون هذه الابتلاءات والصبر عليها سبب لرفع درجاته . هنا |
°ثانيًا : توحيد الألوهية وهو إفراد الله تعالى بالعبادة ، فكل ما هو صادر من العباد إلى الله ، هو ألوهية . وهذا التوحيد توحيد الألوهية ، تشتمله وتدل عليه كلمة التوحيد " أشهد أن لا إله إلا الله " فتوحيد الألوهية: توحيده تعالى بأفعال العباد كالدعاء والخوف والرجاء والرغبة والرهبة والتوكل والإنابة والاستغاثة والاستعاذة والذبح والنذر وغيرها من أفعال العباد، فإنه يجب أن يخصوا الله بها ولا يجعلوا له شريكًا فيها.- هنا- ما الغاية من خلق الإنس والجن؟ قال الله تعالى"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"الذاريات : 56. وهذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسلِ من أولهم إلى آخرهم . قال تعالى " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ " سورة النحل / آية : 36. وكل رسول يبدأ دعوته بتوحيد الألوهية ، كما قال نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام : "يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ " .سورة الأعراف / آية :59 ، 65 ، 73 ، 85 . *قال الإمام مسلم في صحيحه حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا : مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ وَالْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْأَسْوَدَ بْنَ هِلَالٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ « قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ؟ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَلَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، قَالَ: أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ»صحيح مسلم - كِتَاب الْإِيمَانِ - حديث رقم 3045-موقع الإسلام. *ومن كتاب عقيدة المؤمن لأبي بكر الجزائري : ص : 78: قال : إن توحيد الألوهية جزء هام من عقيدة المؤمن ، إذ هو ثمرة توحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وجَناه الطيب . وبدونه يفقد توحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات معناه ، وتنعدم فائدته .ا.هـ وهذا النوع من التوحيد يسمى توحيد ألوهية باعتبار إضافته إلى الله . ويسمى توحيد عبادة باعتبار إضافته إلى العابد . =أسماء توحيد الألوهية الأخرى: توحيد الألوهية يسمى بعدة أسماء منها: 1- توحيد الألوهية- كما مر - وسمي بذلك، باعتبار إضافته إلى الله، أو باعتبار الموحِّد، ولأنه مبني على إخلاص التأله، وهو أشد المحبة لله وحده، وذلك يستلزم إخلاص العبادة. 2- توحيد العبادة؛ باعتبار إضافته إلى الموحِّد وهو العبد، ولتضمنه إخلاص العبادة لله وحده. 3- توحيد الإرادة؛ لتضمنه الإخلاص، وتوحيد الإرادة والمراد، فهو مبني على إرادة وجه الله بالأعمال. 4- توحيد القصد؛ لأنه مبنيٌّ على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله وحده. 5- التوحيد الطلبي؛ لتضمنه الطلب، والدعاء من العبد لله. 6- التوحيد الفعلي؛ لتضمنه لأفعال القلوب والجوارح. 7- توحيد العمل؛ لأنه مبني على إخلاص العمل لله وحده وهذا التوحيد يتمثل في تحقيق شهادة ألا إله إلا الله - عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في صحيح البخاري أنه قال للنبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قال: « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 99-خلاصة حكم المحدث: صحيح.الدرر السنية- ؛ فمن جاء يوم القيامة معه التَّوحيد والإخلاص وتحقيق « لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ » فاز برضا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحظي بشفاعة الشُّفعاء من الأنبياء والملائكة وغيرهم ممن يأذن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لهم بالشَّفاعة. فـ« لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ » هي كلمة التوحيد ، وهي أساس الدِّين الذي عليها يُبنى . إن كلمة لا إله إلا الله هي الكلمة التي فطر الله الناس عليها، وهي التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهي شعار الإسلام، وهي الفارق بين الكفر والإيمان. فمعنى شهادة: أن لا إله إلا الله: الإقرار بأنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده، بكل ما تحمله كلمة العبادة من معنى، وأن كل معبود سواه باطل، قال تعالى" ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ "لقمان:30. ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة فلا يعبد معه غيره. الشيخ عبد الرحمن السديس هنا · معنى الشهادتين : " أشهد أن لا إله إلا الله " كلمة التوحيد . أي : لا معبود حق إلا الله . " أشهد أن محمدًا رسول الله " . أي : تجريد المتابعة له صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ** قال الإمام مسلم في صحيحه حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب كِلَاهُمَا ، عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ،قال : قَالَ أَبُو بَكْر حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ خَالِد قَالَ حَدَّثَنِي ،الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِم عَنْ حُمْرَانَ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاإِلَهَ إإلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ " صحيح مسلم / 1- كتاب الإيمان / 10- باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة .. / حديث رقم : 43- (26) / ص: 21-هنا المعنى الإجمالي فضل التوحيد يأتي من كونه أساس الدين ولبه، فغيره يبنى عليه،ولا يبنى هو على غيره،ومن مات على التوحيد فقد مات على لب الدين وأساسه،فلا غرو أن يكون له من الفضل ما يؤهله لدخول الجنة، والفوز برضوان الله، ومعنى التوحيد لا يقتصر على قول كلمته دون العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها،فالدين عقيدة وشريعة،ولا تتم النجاة في الآخرة إلا بالإتيان بهما معًا . والسؤال الذي يطرح نفسه : ماهي الآلية التي نحتاجها كأفراد وتحتاجها الأمة عامةً للعمل بمقتضاها؟؟؟؟؟ الجواب الآلية المطلوبة منا هي أن تكون جميع أعمالنا خالصة لله وعلى نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكون أوامر الله نصب أعيينا ، ماذا يريد الله منَّا في هذه اللحظة ؟! وفي كل الأ حوال نؤثر رضا الله ومراده على مرادنا ومراد أحبابنا،وهذا لا يتأتى في الغالب إلا في وسط بيئة إيمانيه مع صحبة يشاطرونك نفس المقصد ويعينونك عليه!!! قال تعالى"فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ*رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ " النور37 "فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ" إشارة إلى المكان المناسب . "وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا " إشارة للأعمال الصالحه . "رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ"إشارة إلى الرفقة الصالحه . *سبق ونوهنا بقول : ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة فلا يعبد معه غيره.ما هي العبادة المقبولة؟ - تعريف العبادة : *قال ابن سِيده: أصل العبادة في اللغة : التذلل، من قولهم - طريق معبد - أي مذلل ، ومنه أخذ " العبد " لذلته لمولاه . *وقال الجوهري: أصل العبودية : الخضوع والذل ، والعبادة الطاعة تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 38 العبادة في الاصطلاح : عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 38 *حقيقة عبادة الله تعالى وأصلها : كمال المحبة له مع كمال الذل والخضوع،فمن يُحب مَن لايخضع له ، فليس عابدًا له ، وكذلك من يخضع ويذل لمن لايُحبه فليس عابدًا له .وعبادة الله تعالى لاتكون مقبولة ولا مرضية له جل وعلا حتى تستكمل شروطها وأركانهاتسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 42 *شروط العبادة :العمل لا يُقبل إلا بشرطين : =الشرط الأول: الإخلاص: وهو : أن يقصد العبد بعبادته وجه الله تعالى دون سواه .قال تعالى : " وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ "سورة البينة / آية : 5 .هنا =الشرط الثاني: موافقة شرع الله أي المتابعة . أي العمل المقبول لابد أن يكون"خالصًا وصوابًا" وهذا جاء في قوله تعالى "وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ "سورة البقرة : 111 ، 112 قوله " مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ " هذا هو الإخلاص، الإخلاص في العمل بحيث لا يكون فيه شرك لا أكبر ولا أصغر.
ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله: متابعته والاقتداء به وترك ما نهى عنه وتصديقه أصل المعلومة مستخلصة من كتاب أهمية التوحيد للشيخ الفوزان =تفصيل معنى الإخلاص والمتابعة : **أولاً الإخلاص: قيل في تعريف الإخلاص: هو إفراد الله عز وجل بالقصد في العبادة، أي: أن يعمل العبد العمل لا يريد به إلا وجه الله عز وجل.وقيل: هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق. وقيل للإمام سهل: يا أبا محمد ! أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص؛ إذ ليس لها فيه نصيب. فالنفس تحب الظهور والمدح والرياسة، وزينت لها الشهوات ، فحتى يتيسر للعبد الإخلاص وتختم به أعماله ينبغي عليه أن يقطع حب الدنيا من قلبه، وأن يملأه بحب الله عز وجل، فيكون المحرك له من داخله محبة الله عز وجل وإرادة الدار الآخرة، فعند ذلك يتيسر عليه الإخلاص، وأما غيره فباب الإخلاص مسدود عليه إلا في النادر. وقال عز وجل: "أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ "الزمر:3، أي: لا يقبل الله عز وجل إلا الدين الخالص. الإخلاص والمتابعة للشيخ أحمد فريد =هنا= إصلاح النية في العادات: إنّ صلاح النّيّة وإخلاص الفؤاد لربّ العالمين ليرتفعان بالعمل الدّنيويّ البحت ليجعلاه عبادةً محضة، فليست العبادة وحدها تحتاج إلى صدق نية وإخلاص، بل إن المعاملات والعادات تحتاج إلى نيّة، وتصير طاعاتٍ وقرباتٍ إذا ارتبطت بنياتٍ صادقةٍ وأُريدَ بها وجه الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن وقاص رضي الله عنه وهو يزوره في مرضه: «إنَّك أن تَذَر وَرَثتكَ أَغنياءَ، خيرٌ مِن أن تَذرَهُم عالةً يَتَكفَّفونَ النَّاسَ، وإنَّك لَن تُنفِقَ نَفقةً تَبتَغي بِها وَجهَ اللهِ إلَّا أُجِرتَ بِها، حتَّى ما تَجعلَ في في امْرأتِكَ.». الراوي : سعد بن أبي وقاص - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1295 - خلاصة حكم المحدث :صحيح-الدرر- والرّجل يواقع امرأته ويقضي منها وطره ويحقّق شهوته، فإذا صاحبَ ذلك نيّةٌ صالحةٌ وهدفٌ نبيلٌ كحفظ عفافه وصيانة دينه وغضّ بصره تحوّلت تلك اللّذّات إلى قرباتٍ ينال بها الأجر والثّواب. قال صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأجور وقالوا له ذهب أهلُ الدُّثورِ بالأجورِ " ....وفي بُضْعِ أحدِكم صدقةٌ " . قالوا : يا رسولَ اللهِ ! أياتي أحدنا شهوتَه ويكون لهُ فيها أجرٌ ؟ قال " أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أكان عليه فيها وزرٌ ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلالِ كان لهُ أجرًا " . الراوي : أبو ذر الغفاري - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 1006 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر- *النية الصادقة تعادل العمل الخالص: إن الله ليجازي الصادقين بمجرّد نياتهم الصادقة، حتى ولو لم يوفّقوا إلى العمل، فقد حدث في غزوةِ تبوك – وتُسمّى العُسرة – أن أتى قومٌ حبسهم الجُهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه الذهاب معه والخروج للجهاد، فردهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم عاجزون بدنيًّا وماليًّا، فعادوا وأعينهم تفيض من الدمع حُزْنًا على تخلّفهم عن الجهاد، فنزل فيهم القرآن كلامًا يتلى"وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ" المائدة 83 ، وقد سُجل لهم ثواب المُجاهدين لصدقِ نياتهم، فقال فيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أقوامًا خَلْفَنا بالمدينةِ، ما سَلَكْنا شِعْبًا ولا واديًا إلَّا وهُم معنا، حبَسَهُمُ العُذْرُ»الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 12 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر- =ومن ذلك ما جاء عن أبي كبشة عمرو بن سعدٍ الأنماريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثلاثةٌ أقسِمُ عليْهنَّ وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ قالَ ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ ،ولا ظلِمَ عبدٌ مظلمةً فصبرَ عليْها إلَّا زادَهُ اللَّهُ عزًّا، ولا فتحَ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلَّا فتحَ اللَّهُ عليْهِ بابَ فقرٍ أو كلمةً نحوَها، وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ ، فقالَ: إنَّما الدُّنيا لأربعةِ نفرٍ :عبدٍ رزقَهُ اللَّهُ مالًا وعلمًا فَهوَ يتَّقي ربَّهُ فيهِ ويصلُ فيهِ رحمَهُ ويعلمُ للَّهِ فيهِ حقًّا فَهذا بأفضلِ المنازلِ ،وعبدٍ رزقَهُ اللَّهُ علمًا ولم يرزقْهُ مالًا فَهوَ صادقُ النِّيَّةِ يقولُ لو أنَّ لي مالًا لعملتُ بعملِ فلانٍ فَهوَ بنيَّتِهِ فأجرُهما سواءٌ ،وعبدٍ رزقَهُ اللَّهُ مالًا ولم يرزقْهُ علمًا يخبطُ في مالِهِ بغيرِ علمٍ لا يتَّقي فيهِ ربَّهُ ولا يصِلُ فيهِ رحمَهُ ولا يعلمُ للَّهِ فيهِ حقًّا فهو بأخبَثِ المنازلِ ،وعبدٍ لم يرزقْهُ اللَّهُ مالًا ولا علمًا فَهوَ يقولُ لو أنَّ لي مالًا لعملتُ فيهِ بعملِ فلانٍ فَهوَ بنيَّتِهِ فوزرُهما سواءٌ"الراوي : أبو كبشة الأنماري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 2325 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر- مقتبس من هنا وللمزيد عن الإخلاص يرجع للرابط . **ثانيًا المتابعة: ودليل هذاالشرط قول النبي صلى الله عليه وسلم" من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ"الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 2697- خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر - فكل عمل لا يندرج تحت الشريعة ولا تكون شريعة النبي صلى الله عليه وسلم حاكمة عليه بالصحة فهو مردود على فاعله وغير مقبول مهما كانت نية صاحبه. فمن عمل عملاً لا يندرج تحت الشريعة ولم تكن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم حاكمة عليه بالصحة فهو رد، بمعنى مردود. من أين نتلقي فهمنا لهذا الدين لنحقق المتابعة ؟ ! من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الصحيحة بفهم السلف الصالح ، وذلك عن طريق علماء أهل السنة والجماعة ، الذين يعتبرون مجرد قنوات توصيل للمنهج الصحيح . قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ..... فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها ، وعَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ..... " . أخرجه أبوداود . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مجلد رقم : 5 / ص : 24 . ـ فعن عمر بن سلمة الهَمْدَاني ـ رحمه الله ـ قال : " كنا نجلس على باب " عبد الله بن مسعود " قبل صلاة الغداةِ ، فإذا خرج مَشَيْنا معه إلى المسجد . فجاءنا " أبو موسى الأشعري " ، فقال : أَخَرَجَ إليكم " أبو عبد الرحمن " بعد ؟ . قلنا : لا . فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا . فقال له أبو موسى : يا " أبا عبد الرحمن " إني رأيتُ في المسجد آنفًا أمْرًا أنكرته ! ولم أرَ والحمد لله إلا خيرًا . قال : فما هو ؟ فقال - أي أبي موسى - : إن عشت فستراه . قال أبو موسى : رأيت في المسجد قوْمًا حِلَقًا ، جلوسًا ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلْقة رجل ، وفي أيديهم حصى فيقول : سبَّحوا مائة ، فيسبحون مائةً . قال ـ أي : عبد الله بن مسعود - أبو عبد الرحمن ـ : فماذا قلتَ لهم ؟ قال - أي : أبى موسى الأشعري - : ما قلتُ لهم شيئًا انتظارَ رأيك . قال - ابن مسعود - : أفلا أمرتَهم أن يَعدوا سيئاتهم وضَمِنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ ! ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حَلْقةً من تلك الحِلَق ، فوقف عليهم فقال : ما هذا الذى أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح . قال : فَعُدوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويْحَكُم يا أمة محمد ! ما أ َسْرعَ هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ متوافرون وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو مفتتحوا باب ضلالة ؟ ! ! ! قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير . قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حدثنا : " إن قومًا يقرؤون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرقُ السهم من الرمية " . " وايم الله " (1) ما أدري لعلَّ أكثرهم منكم! ثم تولى عنهم فقال عمرو بن سلمة : فرأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج . أخرجه الدارمي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / مجلد رقم :5 /حديث رقم : 5002 . قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ : وإنا عُنيتُ بتخريجه من هذا الوجه لقصة ابن مسعود مع أصحاب الحلقات ، فإن فيها عبرة لأصحاب الطرق وحلقات الذكر على خلاف السنة ، فإن هؤلاء إذا أنكرعليهم منكر ما هم فيه ، اتهموه بإنكار الذكر من أصله ! وهذا كفر لا يقع فيه مسلم ، وإنما المنكَر ما أُلصِق به من الهيئات والتجمعات التي لم تكن مشروعة على عهد النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وإلا فما الذي أنكره ابنُ مسعود ـ رضي الله عنه ـ على أصحاب تلك الحلقات ؟ ! ليس هو إلا التجمع في يوم معين ، والذكر بعدد لم يرد ، وإنما يحصره الشيخ صاحب الحَلْقة ، ويأمرهم به من عند نفسه ، وكأنه مُشرِّع عن الله تعالى . قال تعالى" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِـهِ اللهُ ... ".سورة الشورى / آية : 21 . ـ زد على ذلك أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلاً وقولاً إنما هي التسبيح بالأنامل . * ومن الفوائد التي تؤخذ من الحديث ، أن العبرة ليست بكثرة العبادة ، وإنما بكونها على السنة ، بعيدة عن البدعة وقد أشار إلى هذا - ابن مسعود - بقوله : " اقتصاد في سنة ، خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة " . * ومن الفوائد أن البدعة الصغيرة بريدٌ إلى البدعة الكبيرة ، ألا ترى أن أصحاب الحلقات صاروا بعدُ مِنَ الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد " علي بن أبى طالب " ؟ فهل من مُعْتَبِر ؟ نظم الفرائد / ج : 1 / ص : 211 . 1 ـ الإخلاص : وذلك بألا يراد بها إلا وجه الله تعالى وهذا لا يتأتى إلا بدراسة التوحيد . 2 ـ صوابًا أي : المتابعة : وذلك بأن تكون العبادة على الكتاب والسنة الصحيحة . وهذا يتأتى بتعلم العلم الشرعي بمقاصده الشرعية الصحيحة ، بأن يراد من تعلم العلم أن يكون وقودًا للإيمان فيزيده ، وأن يكون على المنهج الصحيح وذلك باتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ . · والسلف الصالح خير من حقق الإخلاص الاتباع : ـ فحين خَلُصَت نفوس المؤمنين بـ " لا إله إلا الله " من ألوان الشرك المختلفة ، فقد حدث في نفوسهم تحول هائل . كأنه ميلاد جديد . لم يكن مجرد التصديق ، ولا مجرد الإقرار . لقد كان كأنه إعادة ترتيب ذرات نفوسهم على وضع جديد ، كما يُعاد ترتيب الذرات في قطعة الحديد ، فتتحول إلى طاقة مغناطيسية كهربائية ... كان الاهتداء إلى " الحق " هائل الأثر في كل جوانب حياتهم . لقد صارت " لا إله إلا الله " هي مفتاح التجمع والافتراق ، هي الرباط الذي يربط القلوب التي آمنت بها ، ويفصل بينها وبين غيرها من القلوب . ـ ولم ينحصر مفهوم " لا إله إلا الله " في حسهم في نطاق الشعائر التعبدية وحدها ، كما انحصر في حس الأجيال المتأخرة التي جاءت بفهم للإسلام غريب عن الإسلام . إن شعائر التعبد لا يمكن بداهةً أن تكون هي كل " العبادة " المطلوبة من الإنسان . فما دامت غاية الوجود الإنساني كما تنص الآية الكريمة ، محصورة في عبادة الله . "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ" . سورة الذاريات / آية : 56 . فأنى يستطيع الإنسانُ أن يوفي العبادة المطلوبة بالشعائر التعبدية فحسب ؟ كم تستغرق الشعائر من اليوم والليلة ؟ وكم تستغرق من عمرالإنسان ؟ وبقية العمر؟ وبقية الطاقة ؟ وبقية الوقت ؟ أين تُنفَق ، وأين تذهب ؟ ـ كان في حسهم أن حياتهم كلها عبادة ، وأن الشعائر إنما هي لحظات مركزة ، يتزود الإنسان فيها بالطاقة الروحية التي تعينه على أداء بقية العبادة المطلوبة منه . كانوا يقومون بالعبادة وهم يمارسون الحياة في شتَّى مجالاتها ، كانوا يذكرون الله فيسألون أنفسهم : هل هم في الموضع الذي يُرضي الله ، أم فيما يُسخط الله ؟ ! فإن كانوا في موضع الرضى حمدوا الله ، وإن كانوا على غير ذلك استغفروا الله وتابوا إليه . ـ وكانوا يذكرون الله ، فيسألون أنفسهم : ماذا يريد الله منا في هذه اللحظة ؟ ! أي : ما التكليف المفروض علينا في هذه اللحظة ؟ ! إذا كان التكليف " .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" .سورة النساء / آية : 19 . كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بهذا الواجب الذي أمر بـه الله تجاه الزوجات . وإذا كان التكليف " ... قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ... " .سورة التحريم / آية : 6 . كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بتربية الأهل والأولاد على النهج الرباني الذي يضبط سلوكهم بالضوابط الشرعية . وإذا كان التكليف " ... فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " .سورة الملك / آية : 15 . كان مقتضى ذكر الله ، هو المشي في مناكب الأرض وابتغاء رزق الله في حدود الحلال الذي أحلَّهُ الله ، لأنه إليه النشور فيحاسب الناس على ما اجترحوا في الحياة الدنيا . وهكذا ... فقد فهموا أن الصلاةَ والنُّسُك- أى : الشعائر-إنما هي المنطلق الذي ينطلق منه الإنسان ليقوم ببقية العبادة التي تشمل الحياة كلها ، بل الموت كذلك . فالشعائر مجرد محطات شحن للانطلاق إلى بقية العبادة ، ويشمل ذلك الموت . الموت في حد ذاته لا يمكن أن يكون عبادة بطبيعة الحال ، لأنه لا خيار للإنسان فيه ... ولكن المقصود في قوله تعالى ".. وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ .." . سورة الأنعام / آية : 162 ، 163 . ـ فهذا واقع المسلمين ومع ذلك فليس الانحرافالسلوكي هو الانحراف الوحيد في حياة المسلمين ، ولكن الأمر تجاوز ذلك إلى الانحراف في " المفاهيم " كل مفاهيم الإسلام الرئيسية ابتداءً من مفهوم لا إله إلا الله . وحين تجد إنسانًا منحرفًا في سلوكه ، ولكن تصوره لحقيقة الدين صحيح ، فستبذل جهدًا ما لرده عن انحرافهالسلوكي ، ولكنك لا تحتاج أن تبذل جهدًا في تصحيح مفاهيمه ، لأنها صحيحة عنده وإن كان سلوكه منحرفًا عنها . أي : أنه حين يقع الانحراف في المفاهيم ذاتها ، فكم تحتاج من الجهد لتصحيح المفاهيم أولاً ثم تصحيح السلوك بعد ذلك . ـ من أجل هذا الانحراف في المفاهيم ، فإن الإسلام اليوم يعاني تلك الغربة التي تَحدَّث عنها رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . |
عقبات في طريق قبول الأعمال يعرض للعامل إذا عمل عملاً صالحًا كالصلاة، والصيام، والصدقات ونحوها ثلاث آفات.= رؤية العمل. = طلب العِوَض عليه = رضاه به وسكونه إليه. = فالذي يخلِّصه من رؤية عمله: مطالعته لمنةِ الله عليه، وتوفيقه له، وأنه من الله وبه لا من العبد. = والذي يخلِّصه من طلب العوض عليه: علمه بأنه عبد محض مملوك لسيده، لا يستحق على الخدمة أجرة، فإن أعطاه سيده شيئًا من الأجرة والثواب فهو إحسان وإنعام ورحمة من سَيِّدِهِ لا عِوضًا عن العمل. = والذي يخلِّصه من رضاه بعمله وسكونه إليه: مطالعة عيوبه، وتقصيره في عمله وما فيه من حظ النفس والشيطان، وعلمه بعظيم حق الله، وأن العبد أعجز وأضعف من أن يقوم به على الوجه الأكمل، نسأل الله الإخلاص والعون والاستقامة. مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة ص: 412. وقد لا يُقْبَلُ العمل وإن كان كثيرًا في نظر صاحبه، إما لِعُجبٍ، أو رياءٍ، أو غرورٍ، أو منةٍ صاحَبِتْ ذلك العمل، فكانت سببًا لِرَدِّهِ، قال تعالى"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى"البقرة: 264. °ولنحذر حبوط العمل بالمنَّ بما استُخْلِفْنَا فيه : قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى"البقرة 264. فإن مما يبطل العمل أيها المؤمنون المن والأذى بالطاعات، فاتقوا الله عباد الله واشهدوا مِنَّةَ اللهِ عليكم أن هداكم للإيمان ،قال تعالى " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "النور 21. المتصدق في ظِلِّ الله تعالى يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ،وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ،وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». رواه البخاري- كتاب الرقاق، باب البكاء من خشية الله، حديث: 6124، ومسلم- كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، حديث: 1774 .. إذا تصدق العبد وعلم الله منه أنه لا يريد بصدقته إلا وجه الله تعالى، لا يريد رياء ولا سُمْعة ،ولم يَعْقُب صدقته َمنًّا ولا أذَى ،كان يوم القيامة في ظِلِّ الله تعالى ،يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ، ومن أمارات الإخلاص المبالغة في إخفاء الصدقة.الألوكة °إذًا فليس الشأن في العمل الصالح القيام به فَحَسْب، إنما الشأن في المحافظة على العمل مما يفسده ويحبطه، فالرياء وإن دق مفسد للعمل، وهو أبواب كثيرة لا تحصر، وكون العمل غير مقيد باتباع السنة محبط للعمل، والمن به على الله تعالى بقلبه مفسد له، وأذى الخلق منقص له، وتعمد مخالفة أوامر الله والاستهانة بها مبطل له ونحو ذلك. مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة ص: 412 *كيفية المحافظة على الأعمال الصالحة وهذا لا يكون إلا بحسن الأخلاق فلو كانت أعمال العبد كالجبال وهو يؤذي الناس فهو خاسر؛ لأن الناس يأخذون حسناته يوم القيامة. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ، قَالَ "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ".صحيح مسلم 4/ 1997، رقم 59-2581. ولا ينبغي للمؤمن أن يحتقر العمل وإن كان قليلاً، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ-رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ".صحيح مسلم4/ 2026، رقم 144-2626 *وقال صلى الله عليه وسلم "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ،يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ،يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ "الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6478 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر - فقد يُقبل العمل مهما كان قليلاً ويكون سببًا لدخول الجنة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- "غُفِرَ لِامرَأةٍ مُومِسةٍ، مرَّت بِكَلبٍ عَلى رَأسِ رَكِيٍّ، يَلهَثُ، قال: كاد يَقتَلُه العَطَشُ، فنَزَعَت خُفَّها، فأَوثَقتْه بِخِمارِها، فنَزَعَت له مِنَ الماءِ، فغُفِر لَها بذلكَ.". الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 3321 - خلاصة حكم المحدث- الدرر - رِكيٍّ، أي: بئرٍ، يَلهَثُ، يعني: يُخرِجُ لِسانَه منَ العَطشِ يَكادُ يَموتُ منه. = قال الشاعر: خلِّ الذنوبَ صغيرها وكبيرها ذاك التُّقَى، واصنع كمَاشٍ فوقَ أرضِ الشوكِ يحذر ما يرى، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى. يقول الحافظ ابن حجر-رحمه الله- "ينبغي للمرء أن لا يزهد في قليل من الخير أن يأتيه، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه، فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها، ولا السيئة التي يسخط عليه بها" فتح الباري 11/ 321، ."هنا= كتاب الواعظ -شروط قبول العمل - خطبة.ومصادر أخرى . ولمزيدٍ من المُحاسَبَة ورفع الهِمَّة، والأخذ بالعزائم؛ فهذه وقفةٌ مع آيةٍ من كتاب الله . آيةٌ في كتاب الله تُلينُ القلوبَ القاسية .. وتُوقِظُ النفوسَ الغافِلة .. آيةٌ تستدعِي التأمُّل، وتدعُو إلى التفكُّر .. آيةٌ في كتاب الله شابَت منها رؤوسُ الأتقياء .. ووجِلَت لها قلوبُ الأولياء .. وذرَفَت لها دموعُ الخائِفِين .. واقشعرَّت منها جلودُ الوجِلِين. فلله درُّهم! ما أعظمَ تدبُّرهم للقرآن .. وأشدَّ تأثُّرهم بمواعِظِه .. ووقوفهم عند زواجِرِه. إنها قولُ الله – عزَّ شأنُه -"وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ"الزمر: 47. لقد عظُمَ خوفُ السلَف منها: فهذا محمد بن المُنكَدر لما حضَرَته الوفاة جزِع، فدعَوا له أبا حازِم ليُخفِّفَ عنه من جزَعِه، فقال له ابنُ المُنكَدر: “إن الله يقول"وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ"، فأخافُ أن يبدُوَ لي من الله ما لم أكن أحتسِب. فجعل يبكِيَان”. فقال أهلُ ابن المُنكَدر: دعوناكَ لتُخفِّف عنه، فزِدتَّه جزَعًا. وقيل لسُليمان التيميِّ: أنت أنت، ومن مثلُك؟! فقال: “مَهْ! لا تقولوا هذا، لا أدري ما يبدُو لي من الله، سمعتُ الله يقول "وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ". وعن سُفيان أنه قرأَها، فقال: “ويلٌ لأهل الرياء، ويلٌ لأهل الرياء، هذه آيتُهم! هذه قصَّتُهم”. وقال مُقاتل: “ظهر لهم حين بُعِثُوا ما لم يحتسِبُوا في الدنيا أنه نازِلٌ بهم في الآخرة”. وقال السُّديُّ: “ظنُّوا أن أعمالَهم حسنات فبدَت لهم سيئات”. فلنحذر مخالفة أمر الله وتلبيس الشيطان علينا أعمالنا ، وتزيين الباطل على أنه حق،قال تعالى "وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوايَحْتَسِبُونَ"47"الزمر وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون من أجل ما روي فيه ما رواه منصور عن مجاهد قال : عملوا أعمالا توهموا أنها حسنات فإذا هي سيئات . وقاله السدي . وقيل : عملوا أعمالا توهموا أنهم يتوبون منها قبل الموت فأدركهم الموت قبل أن يتوبوا ، وقد كانوا ظنوا أنهم ينجون بالتوبة . ويجوز أن يكونوا توهموا أنه يغفر لهم من غير توبة ف بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون من دخول النار . وقال سفيان الثوري في هذه الآية : ويل لأهل الرياء ، ويل لأهل الرياء ، هذه آيتهم وقصتهم . وقال عكرمة بن عمار : جزع محمد بن المنكدر عند موته جزعًا شديدًا ، فقيل له : ما هذا الجزع ؟ قال : أخاف آية من كتاب الله وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون فأنا أخشى أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب .تفسير القرطبي=هنا=. °يا عبد الله! ما ظنُّك بعبدٍ عمِلَ أعمالاً ظنَّها صالِحة، ونسِيَ ما كان منه من معاصٍ، حسِبَه هيِّنًا، وبدَا له من الله ما لم يكن يحتسِب. احذَروا ذنوبَ الخلَوات؛ فقد جاء في “سنن ابن ماجه” عن ثوبان – رضي الله عنه -، عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال: «لأعلمنَّ أقوامًا من أمَّتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثالِ جِبال تِهامةَ بيضاء، فيجعلُها الله هباءً منثورًا»، قال ثوبان: يا رسول الله! صِفهم لنا وجلِّهم، لا نكون منهم ونحن لا نعلَم. قال «أما إنهم إخوانُكم، قومٌ من جِلدَتكم، ويأخذون من الليل كما تأخُذون، ولكنَّهم أقوامٌ إذا خلَوا بمحارِم الله انتهَكُوها» قال في “الزوائد” “إسنادُه صحيح، ورجالُه ثقات”. قال سالم مولى أبي حُذيفة – مُعلِّقًا على هذا الحديث -: “خشيتُ أن أكون منهم، ثم قال: لعلَّهم كانوا إذا عرَضَ لهم شيءٌ من الحرامِ أخذُوه، فأذهبَ الله أعمالَهم. احذَروا الغرورَ والأمانِي، ومدَّ الحِبال في المعاصِي .. إياكم واستِصغارَ الذنوب .. إياكم ومُحقَّرات الذنوب، "وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ"النور: 15. يقول أنسٌ – رضي الله عنه “إنكم تعمَلون أعمالاً هي في أعيُنِكم أدقُّ من الشعَر، كنَّا نعُدُّها على عهد رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – من المُوبِقات” رواه البخاري. تأمَّلوا – رحمكم الله -، تأمَّلوا فيما يُحبِطُ الأعمال، ويأكلُ الحسنات؛ من الحسد، والرياء، والسُّمعة، والغِيبَة، والنَّميمة، والكِبر، والظُّلم، والعُجب، وأكل الحرام، وتقطيعِ الأرحام، والإسرافِ في المآكل والمشارِب والولائِم والمطاعِم، وإدمان السهر على غير طاعة الله، والإغراق والانهِماك في وسائل الإعلام ومواقع التواصُل بما لا يُفيد، والتكلُّف في تصنيفِ الخلق؛ مما يُمرِئُ الأبدان، ويُهلِكُ القلوب، ويُفسِدُ العقول، ويُشقِي النفوس، ويُشغِلُ عن الطاعة، ويصرِفُ عن النافع، ويُبعِدُ عن الجادَّة، ويُضيِّعُ المسؤوليَّات. إن من العقل والحِكمة والحَصَافَة وحُسن المُحاسَبَة: النظرَ الجادَّ في هذا الزمان ومُستجدَّاته. "وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ"الزمر: 47. زمنٌ كثُرَت فيه المُشغِلات، وتنوَّعَت فيه الصوارِف، وتكاثَرَت فيه المُلهِيات؛ بل لقد التبَسَ الحقُّ بالباطل لدى بعض الفِئام، ولاسيَّما في ميادين الفِكر والثقافة. يموجُ العصرُ بألوانٍ من المُخالفات، وما تبُثُّه وسائلُ الإعلام والتواصُل بمقروئِها ومسموعِها ومُشاهَدها من أنواع المُحرَّمات؛ في العقائد والسلوك، وألوان الجرائم والإجرام، ممن زُيِّن له سوءُ عملِه فرآه حسنًا، وممن ضلَّ سعيُه في الحياة الدنيا وهم يحسَبُون أنهم يُحسِنون صُنعًا. إن من أعظم المظاهِر الصارِفة والصادَّة: الانبِهارَ بمظاهر المادَّة والعُمران، والانصِرافَ والزُّهدَ في حقائق الإيمان، وعلوم القرآن والسنَّة.=هنا= من أحسنَ الظنَّ بالله أحسنَ العمل. يقول ابن عونٍ – رحمه الله -: “لا تثِق بكثرة العمل؛ فإنك لا تدري أيُقبَلُ منك أم لا، ولا تأمَن ذنوبَك؛ فإنك لا تدري هل كُفِّرَت أم لا، عملُك مُغيَّبٌ عنك كلُّه لا تدري ما الله صانعٌ فيه”.الكاتب:فضيلة الشيخ الدكتور/صالح بن حميد "قال اللهُ : ثلاثةٌ أنا خصمهم يومَ القيامةِ : رجلٌ أعطى بي ثم غدرَ ، ورجلٌ باع حرًّا فأكل ثمنَه ، ورجلٌ استأجرَ أجيرًا فاستوفى منهُ ولم يُعْطِه أجرَه"الراوي : أبو هريرة - المحدث البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2227- خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر - *شرح الحديث: في هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ المولى عزَّ وجلَّ عن ثلاثةِ أصنافٍ منَ النَّاسِ يَفعلون من الأفعالِ ما يَستوجبُ خُصومةَ اللهِ تعالى يومَ القِيامَةِ. أوَّلُهم: رجلٌ أعطى باللهِ ثُمَّ غَدَرَ، يَعني: أعطَى العهدَ واليَمينَ باسمِ اللهِ، ثُمَّ غَدَرَ بهذا العَهْدِ ونَقَضَه، ولم يَفِ بيَمينِه وعَهدِه. والثاني: رَجلٌ باع حُرًّا وهو يَعلَمُ أنَّه حُرٌّ. وإنَّما عَظَّمَ الإثمَ فيمَنْ باع حُرًّا؛ لأنَّ المسلمينَ أَكفَاءٌ في الحُرمةِ والذِّمَّةِ، وللمُسلمِ على المسلمِ أن يَنصُرَه ولا يَظلِمُه، وأنْ يَنصَحَه ولا يُسلِمَه، وليس في الظُّلمِ أعظمُ من أن يَستَعبِدَه أو يُعَرِّضَه لذلك، ومَن باع حُرًّا فقد مَنَعَه التَّصرُّفَ فيما أباح اللهُ له، وأَلْزَمَه حالَ الذِّلَّةِ والصَّغارِ، فهو ذَنبٌ عظيمٌ لذلك. والثالثُ: رَجلٌ استأجَرَ أجيرًا، فاستَوْفَى منه العَمَلَ الَّذي استأجَرَه من أَجْلِه، ولم يُعطِه أَجْرَه؛ لأنَّ الأجيرَ وَثِقَ بأمانَةِ المُؤَجِّرِ، فإن خان الأمانةَ تَولَّى اللهُ جَزاءَه.-الدرر - |
الساعة الآن 11:29 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
تركيب: استضافة صوت مصر