ثالثًا : توحيد الأسماء والصفات
وهو الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأسماء الحسنى والصفات العلى ، لفظًا ومعنىً .
واعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ، وأن لها معانٍ حقيقية تليق بجلال الله وعظمته .
أي : نثبت لله ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات ، ونؤمن بمعناها ، وأن لها كيف .لكنْ نفوض هذا الكيف لله لعجزنا وجهلنا بهذا الكيف .
لقوله تعالى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" .
سورة الشورى / آية : 11.
فقد أثبت سبحانه لنفسه صفتي السمع والبصر ، ونفى المِثلية .
·أركان الإيمان بالاسم :
1 ـ الإيمان بالاسم .
3- الإيمان بما دل عليه الاسم من معنى - أي : الصفة المشتقة منه .
3 ـ الإيمان بالحكم والأثر المرَتب على الاسم إن دل على وصفٍ متعدٍّ .
مثال :
" الرحيم "اسم يدل على وصف متعد للغير . يرحم الله عباده .
أركان الإيمان باسم الرحيم :
1 ـ الإيمان بأن " الرحيم " اسم من أسماء الله الحسنى .
2 ـ الإيمان بالمعنى الذي دل عليه الاسم .
أي : الصفة المشتقة منه ، وهي صفة " الرحمة " . ذو رحمة .
3 ـ الإيمان بما يتعلق بهذا الاسم من أثر وحكم . وهو أنه يرحم من يشاء .
" الحي " اسم من أسماء الله الحسنى يدل على وصف غير متعد .
أركان الإيمان باسم الله الحي :
1ـ الإيمان بأن " الحي " اسم من أسماء الله الحسنى .
2ـ الإيمان بأن الله يتصف بالصفة المشتقة منه وهي " الحياة " .
أسـماء الله غير محصورة بعدد معين :
والدليل على ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم :
" اللهم إني عبدُك وابن أمتك " ... إلى أن قال " أسألك بكل اسم هو لك سميتَ به نفسك ، أو أنزلتَهُ في كتابك ، أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ..... " .صحيح . جزء من حديث ابن مسعود . رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة / رقم : 199 .
والشاهد : قوله صلى الله عليه وسـلم " وما استأثرت به في علم الغيب عندك " .
وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعلم به ، وما ليس معلومًا ليس محصورًا .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " إن لله تسعةً وتسعين اسمًا ، من أحصاها دخل الجنة " .رواه البخاري / كتاب : الدعوات .
فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء ، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه تسعة وتسعين اسمًا فإنه يدخل الجنة .
" وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: اتفاق أهل المعرفة في الحديث على أن عدَّها وسَرْدَها لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم " .ا . هـ .
فحديث الترمذي " ضعيف " ، ولا يحوي جميع أسماء الله الحسنى ، فليس فيه اسم " الرب " ، " الوتر " ، " الجميل " ، " الطيب " ، " السبوح " ، ..... .
المراد من إحصاء الأسماء الحسنى :
هناك مراتب للإحصاء :
المرتبة الأولى : إحصاء ألفاظها وعددها المحدد في الحديث : 99 اسمًا .
المرتبة الثانية : فهم معانيها ومدلولها .
المرتبة الثالثة : دعاء الله بها .
كما قال تعالى " وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " . سورة الأعراف / آية : 180.
· أنواع الدعاء بأسماء الله :
1 ـ دعاء ثناء .
2 ـ دعاء عبادة .
3 ـ دعاء طلب ومسألة .
* دعاء ثناء :
وهو أن يثني على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى .
مثال : يا حي يا قيوم : دعـاء ثنـاء ، برحمتك استغيث
* دعاء العبادة :
وهو أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء ، فمقتضى " الرحيم " الرحمة ، فترحم عباد الله ، وتتصف بصفة الرحمة ، دعاء عبادة باسمه الرحيم .
وتقوم بالتوبة لأنه هو " التواب " ، وتخشاه في السر والعلن لأنه هو " اللطيف الخبير " .
مع ملاحظة أن من أسماء الله أسماء تقتضي من العبد مجرد الإقرار بها والخضوع لها ، وهي الأسماء التي يختص بها سبحانه لنفسه " كالجبار " ، و" العظيم " ، و
" المتكبر " .
* دعاء الطلب والمسألة :
وفيه يسأل في كل مطلوب باسم ـ من أسماء الله الحسنى ـ يكون مقتضيًا لذلك المطلوب .
فيقول في مقام الحاجة مثلًا : يا " معطي يا مانع " ، اعطني كيت وكيت .
ويقول في مقام الرحمة " يا رحمن " ارحمني .
وفي مقام التوبة " يا تواب " تب علي .
إذًا لابد أن يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيًا لذلك المطلوب ، ولكن يستثنى من ذلك لفظا " الله " و " رب " فيصح قول : يا رب ارحمني ، يا ألله اغفر لي ...
· الإخبار عن الله تعالى :
إن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته .
ـ فالأسماء الحسنى والصفات العلى : توقيفية ، لا مجال للعقل فيها ، فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة .
ـ وكل اسم يشتق منه صفة ، وليست كل صفة يشتق منها اسم .
فباب الصفات أوسع من باب الأسماء .
مثال للصفات التي لا تشتق من الأسماء : الضحك ، النزول ، الاستواء ، .....
الإخبار :
يراد به ما يجوز إطلاقه على الله عن طريق الخبر ، وذلك بمعنى من المعاني لم يرد بلفظه في الكتاب والسنة ، وإن كان معناه مطلوبًا إثباته شرعًا لدلالته على معنى حسن ، أو معنى ليس فيه شائبة ذم ، قد نفاه عنه بعض المبتدعة فيخبر عنه به للرد عليهم .
كأن ينازعك في قِدَمِهِ ، أو وجوب وجوده ، فتقول مخبرًا عنه بما يستحقه : إنه قديم ، وواجب الوجود .
معنى واجب الوجود :
أي : لم يسبقـه عدم ولا يلحقه زوال .
أي : أزلي أبدي ... وهذا في حق الله .
معنى ممكن الوجود :
أي : كان بعد أن لم يكن ، وهذا في حق كل مخلوق .
من الأسماء ما لا يطلق على الله عز وجل إلا مقترنًا بما يقابله :
مثل : " الظاهر " ، " الباطن " / " القابض " ، " الباسط " / " المقدِّم " ، " المؤخِّر " / " الأول " ، " الآخر " / ... ... .
فلا يجوز لأي اسم من هذه الأسماء أن يُفرد عن مقابله ، لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه الأسماء بما يقابله .
فلو قلت : يا " ظاهر " ، يا " قابض " ، يا " مقدم " ، يا " أول " ، ..... ، واقتصرت على ذلك ، لم تكن مثنيًا عليه سبحانه ، ولا حامدًا له حتى تذكر مقابلها .
oفـائدة :
ليس معنى تقسيم التوحيد إلى أنواع ثلاثة ، ليس معناه عدم وجود علاقة بين هذه الأنواع وتلازم ، ولكن جميع أنواع التوحيد متلازمة ، فينافيها كلها ما ينافي نوعًا منها :
فمن أشرك في نوع منها فهو مشرك في بقية الأنواع .
مثال ذلك : دعاء غير الله وسؤاله ما لا يقدر عليه إلا الله :
ـ فدعاؤه إياه ، عبادة صرفها لغير الله من دون الله ، فهذا شرك في " الألوهية " .
ـ وسؤاله إياه تلك الحاجة من جلب خير أو دفع شر معتقدًا أنه قادر على قضاء ذلك ؛ هذا شرك في " الربوبية " ، حيث اعتقد أنه متصرف مع الله في ملكوته .
ـ ثم إنه لم يدعه هذا الدعاء من دون الله إلا مع اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب في أي وقت كان ، وفي أي مكان ، وهذا شرك في " الأسماء والصفات " حيث أثبت له سمعًا محيطًا بجميع المسموعات لا يحجبه قُرب ولا بُعْد فاستلزم هذا الشرك في " الألوهية " ، الشرك في " الربوبية " و " الأسماء والصفات " .