08-01-2018, 12:11 AM
|
|
غفر الله لها
|
|
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
|
|
"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ" 3.
في الآيات السابقة تعرفنا على الله وأنه تبارك سبحانه
أي تعاظم وتعالى، وكثر خيره، وعم إحسانه، ومن عظمته أن بيده ملك العالم العلوي والسفلي، فهو الذي خلقه، ويتصرف فيه بما شاء، من الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية، التابعة لحكمته، ومن عظمته، كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء، وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة، كالسماوات والأرض.
وأنه عزيز غفور .
ثم تنتقل الآيات لتذكِّر العباد بأن هذا المَلِك هو الذي خلق الموت والحياة ليختبر أعمال العباد في ميادين السبق إلى أحسن الأعمال ،وأنه هو الذي يجازي عليها .
ومع وضوح معالم الملك وظهور دلائله : فالموت آية متكررة هائلة ، والحياة مثله ، آيتان باهرتان ، وخلق السموات والأرض وتزيينهما أكبر من خلق الناس ، إلا أن هناك قلوبًا جاحدة منكرة مستكبرة قاسية ، لا يزيل قسوتها ،ويذهب كبرياءَها إلا النار تحرقهم فيستغيثون ويشهقون ويصرخون وهي تغلي بهم .
سورة الملك تقدّم لنا الخطوات التي تصل بنا إلى مرحلة الخشية ،ومن أعظم وسائل الوصول لخشية الله سبحانه وتعالى بالغيب التفكر في ملكوت السموات والأرض،لذا قال سبحانه"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ" وقفة للتفكر والتدبر في آيات الله وخلقه، فهو على كل شيء قدير.
عبادة التفكر بها يستدل العبد على عظمة الله بآياته الكونية، ويدرك سننه الشرعية، ويعلم حقيقة الوجود، وأهمية العمل لليوم الموعود،" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"آل عمران: 190- 191.
لذا قال سبحانه" الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا " أي: كل واحدة فوق الأخرى، وليست طبقة واحدة، وخلقها في غاية الحسن والإتقان " مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ " أي: لا ترى خلل ونقص.لا تشاهد -أيها الرائي- فيما خلق الله أي تفاوت أو عدم تناسب ،تَبَايَن ، اِخْتَلَاف. فارجع البصر هل ترى من تَشَقُّق أو تَصَدُّع؟! لن ترى ذلك، وإنما ترى خلقًا محكمًا متقَنًا.
فإنك مهما نظرت فإنك لن تجد خللاً في بناء هذه السماء على سعتها، وقيامها هكذا من دون أعمدة، وعبر هذه المدة الطويلة جدًّا، أما بناء الإنسان فمهما كانت قوته فإنه ما يلبث حتى يتفطر، ويتشقق ثم يئول إلى السقوط، ثم بعد ذلك يتهاوى، أين الأبنية عبر القرون؟، ذهبت .هنا= وإذا انتفى النقص من كل وجه، صارت حسنة كاملة، متناسبة من كل وجه، في لونها وهيئتها وارتفاعها، وما فيها من الشمس والقمر والكواكب النيرات، الثوابت منهن والسيارات.
ولما كان كمالها معلومًا، أمر -الله- تعالى بتكرار النظر إليها والتأمل في أرجائها، قال:
" فَارْجِعِ الْبَصَرَ " أي: أعده إليها، ناظرًا معتبرًا " هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ " أي: نقص واختلال.
"ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ"4 .
" ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ " المراد بذلك: كثرة التكرار.
وإنما أمر بالنظر مرتين لأن الإنسان إذا نظر في الشيء مرة لا يرى عيبه ما لم ينظر إليه مرة أخرى .....
"ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ" تعجيز إثر تعجيز، وتحد في أعقاب تحد.. أي: ثم لا تكتف بإعادة النظر مرة واحدة، فربما يكون قد فاتك شيء في النظرة الأولى والثانية.. بل أعد النظر مرات ومرات.. فتكون النتيجة التي لا مفر لك منها، أن بصرك- بعد طول النظر والتأمل- ينقلب إليك خائبًا وهو كليل متعب.. لأنه- بعد هذا النظر الكثير- لم يجد في خلقنا شيئًا من الخلل أو الوهن.هنا=
"يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ " أي: يرجع البصر عاجزًا عن أن يرى خللًا أو فطورًا، ولو حرص غاية الحرص.
حَسِيرٌ أي: كليل قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرر، ولا يرى نقصًا.
= لنحيا مع هذا الحديث الصحيح لنتصور السموات وما تحوي ولنستشعر عظمتها، وعظمة خالقها سبحانه وتعالى:
=يَحْكي أنَسُ بنُ مالِك رضي الله عنه عَن لَيلةِ أُسْرِيَ بِالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن مَسجِدِ الكَعبةِ إلى بَيتِ المَقْدِسِ:
" ليلةَ أُسريَ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِن مَسجِدِ الكعبةِ: أنَّه جاءَه ثَلاثةُ نَفَرٍ قَبلَ أن يُوحى إليهِ، وهوَ نائِمٌ في المَسجدِ الحَرامِ، فَقال أوَّلُهم: أيُّهم هوَ؟ فَقال أَوسَطُهم: هوَ خَيرُهم، فَقال آخِرُهم: خُذوا خَيرَهم، فَكانت تلكَ اللَّيلةَ، فَلم يَرَهُم حتَّى أَتَوْه لَيلةً أُخرى فيما يَرى قَلبُه- وتَنامُ عَينُه ولا يَنامُ قَلبُه، وَكذلكَ الأَنبياءُ تَنامُ أَعينُهم وَلا تَنامُ قُلوبُهم- فلم يُكلِّموه حتَّى احتَمَلوه، فوَضَعوه عندَ بئرِ زَمزمَ، فتَولَّاه مِنهُم جِبريلُ، فشَقَّ جِبريلُ ما بَين نَحرِه إلى لَبَّتِه، حتَّى فَرَغ مِن صَدرِه وجَوفِه، فغَسَلَه مِن ماءِ زَمزَمَ بِيدِه، حتَّى أَنْقى جَوفَه، ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِن ذَهبٍ فيه تَوْرٌ مِن ذَهبٍ، مَحشوٌّ إيمانًا وحِكمةً، فحُشِي به صَدرُه ولَغاديدُه- يَعني عُروقَ حَلْقِه- ثُمَّ أَطبَقَه ثُمَّ عَرَجَ به إلى السَّماءِ الدُّنيا، فضَرَب بابًا مِن أَبوابِها، فَناداه أهلُ السَّماءِ: مَن هَذا؟ فَقال: جِبريلُ، قالوا: وَمَن مَعَك؟ قال: مَعي مُحمَّدٌ، قال: وَقد بُعِثَ؟ قال: نَعَم، قالوا: فمَرحبًا بِه وأهلًا، فيَستَبشِرُ بهِ أَهلُ السَّماءِ، لا يَعلَمُ أَهلُ السَّماءِ بِما يُريدُ اللهُ بِه في الأَرضِ حتَّى يُعلِمَهم، فوَجَدَ في السَّماءِ الدُّنيا آدمَ، فَقال له جِبريلُ: هذا أَبوكَ فَسلِّمْ عَليهِ، فسَلَّمَ عليهِ وردَّ عليهِ آدمُ وقال: مَرحبًا وأَهلًا بابْنِي، نِعْمَ الابنُ أنتَ، فإذا هوَ في السَّماءِ الدُّنيا بِنَهرينِ يَطَّرِدانِ، فقال: ما هَذانِ النَّهرانِ يا جِبريلُ؟ قال: هَذا النِّيلُ والفُراتُ، عُنْصُرُهُما، ثُمَّ مَضى بِه في السَّماءِ، فإذا هوَ بِنَهرٍ آخرَ، عليهِ قَصرٌ مِن لُؤلؤٍ وزَبَرْجَدٍ، فضَربَ يَدَه فإذا هوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ، قال: ما هَذا يا جِبريلُ؟ قال: هَذا الكَوثرُ الَّذي خَبَّأ لك ربُّك، ثُمَّ عَرَج بِه إلى السَّماءِ الثَّانيةِ، فَقالتِ المَلائكةُ لَه مِثلَ ما قالت له الأُولَى: مَن هذا؟ قال: جِبريلُ، قالوا: ومَن مَعكَ؟ قال: مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، قالوا: وَقد بُعِثَ إليه؟ قال: نَعَم، قالوا: مَرحبًا بِه وأهلًا، ثُمَّ عَرَج بِه إلى السَّماءِ الثَّالثةِ، وقالوا له مِثلَ ما قالتِ الأولى وَالثَّانيةُ، ثُمَّ عَرَج بِه إلى الرَّابعةِ، فَقالوا لَه مثلَ ذلكَ، ثُمَّ عَرَج بِه إلى السَّماءِ الخامِسةِ، فَقالوا مثلَ ذلكَ، ثُمَّ عَرَج بِه إلى السَّماءِ السَّادسَةِ، فَقالوا له مِثلَ ذلكَ، ثُمَّ عَرَج بِه إلى السَّماءِ السَّابعةِ، فَقالوا لَه مثلَ ذلكَ، كلُّ سماءٍ فيها أَنبياءُ قد سمَّاهُم، فوَعَيتُ مِنهم إدريسَ في الثَّانيةِ، وهارونَ في الرَّابعةِ، وآخَرَ في الخامسَةِ لم أحفَظِ اسمَه، وإبراهيمَ في السَّادسةِ، وموسَى في السَّابعةِ؛ بتَفضيلِ كَلامِ اللهِ. فَقال موسى: ربِّ لم أظُنَّ أن تَرفَعَ عليَّ أحدًا، ثُمَّ عَلا بِه فوقَ ذلكَ بِما لا يَعلَمُه إلَّا اللهُ، حتَّى جاءَ سِدْرةَ المُنتَهى، ودَنا الجبَّارُ ربُّ العزَّةِ، فتَدلى حتَّى كان مِنه قابَ قَوسَينِ أو أَدْنى، فأوحى اللهُ فيما أَوْحى إليهِ: خَمسينَ صَلاةً عَلى أُمَّتِك كلَّ يومٍ ولَيلةٍ، ثًمَّ هَبَط حتَّى بَلَغ مُوسى، فاحتَبَسَه موسَى فقال: يا مُحمَّدُ، ماذا عَهِد إليكَ ربُّكَ؟ قال: عَهِد إليَّ خَمسينَ صَلاةً كلَّ يومٍ ولَيلةٍ، قال: إنَّ أُمَّتَك لا تَستطيعُ ذلكَ، فارجِعْ فلْيُخفِّفْ عَنك ربُّك وعَنْهم، فالْتَفتَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى جِبريلَ كأنَّه يَستشيرُه في ذلكَ، فأَشار إليهِ جِبريلُ: أنْ نَعَم إن شِئتَ، فَعلا بِه إلى الجبَّارِ، فَقال وهوَ مَكانَه: يا ربِّ، خفِّفْ عنَّا؛ فإنَّ أُمَّتي لا تَستطيعُ هَذا، فوَضعَ عَنه عَشْرَ صَلَواتٍ، ثُمَّ رَجَع إلى موسى فاحتَبَسَه، فلَم يَزَلْ يُردِّدُه موسى إلى رَبِّه حتَّى صارتْ إلى خَمْسِ صَلواتٍ، ثُمَّ احتَبَسه موسى عندَ الخَمسِ، فَقال: يا مُحمَّدُ، واللهِ لَقد راوَدْتُ بَني إسرائيلَ قَومي على أَدنى مِن هذا فَضَعُفوا فَتَرَكوه، فأُمَّتُك أَضعَفُ أَجْسادًا، وقُلوبًا وأَبدانًا، وأَبصارًا وأَسماعًا، فارجِعْ فلْيُخفِّف عَنكَ ربُّك، كلَّ ذلكَ يَلتفِتُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى جِبريلَ لِيُشيرَ عليهِ، ولا يَكْرَهُ ذلكَ جِبريلُ، فرَفَعَه عندَ الخامسَةِ فَقال: يا ربِّ، إنَّ أُمَّتي ضُعفاءُ، أَجسادُهم وقُلوبُهُم، وأَسماعُهُم وأَبدانُهُم، فخَفِّف عنَّا، فقال الجبَّارُ: يا مُحمَّدُ، قال: لبَّيكَ وسَعدَيك. قال: إنَّه لا يُبدَّلُ القولُ لَديَّ، كما فَرَضْتُ عليكَ في أُمِّ الكِتابِ، قال: فكلُّ حَسنةٍ بِعَشْرِ أَمثالِها، فهيَ خَمْسونَ في أُمِّ الكتابِ، وهيَ خَمسٌ عَليك، فرَجَع إلى موسَى فَقال: كيفَ فَعَلتَ؟ فَقال: خفَّفَ عنَّا، أَعطانا بكُلِّ حَسَنةٍ عَشْرَ أَمثالِها، قال موسى: قد واللهِ راوَدتُ بَني إِسرائيلَ على أَدنى مِن ذلكَ، فتَرَكوه، ارجِعْ إلى ربِّك فلْيُخفِّفْ عنكَ أيضًا، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: يا موسى، قَد واللهِ استَحيَيتُ مِن ربِّي ممَّا اختَلَفتُ إليهِ، قال: فاهبِطْ باسمِ اللهِ، قال: واستَيقَظَ وهوَ في مَسجدِ الحَرامِ."
الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري
-الصفحة أو الرقم: 7517 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنبية -
شرح الحَديثِ:
يَحْكي أنَسُ بنُ مالِك رضي الله عنه عَن لَيلةِ أُسْرِيَ بِالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن مَسجِدِ الكَعبةِ إلى بَيتِ المَقْدِسِ، أنَّه جاءَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثَلاثةُ نَفَرٍ مِن المَلائِكةِ، قَبلَ أن يُوحى إليه، وَهوَ نائِمٌ في المَسجِدِ الحَرامِ. فَقالَ أوَّلهم: أيُّهم هو؟ أيُّ الثَّلاثةِ مُحَمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، وَكانَ صلَّى الله عليه وسلَّم نائِمًا بَينَ اثنَينِ أو أكْثَرَ، فَقالَ أوسَطُهم: هو خَيرُهم، يَعْني النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّه كانَ نائِمًا بَينَ الاثْنَينِ، وَقالَ آخِرُهم: خُذوا خَيرَهم للعُروجِ بِه إلى السَّماءِ، فَكانَتْ تِلكَ، أي: القِصَّةُ، أي: لَم يَقَعْ في تِلكَ اللَّيلةِ غَيرُ ما ذُكِرَ مِن الكَلامِ. فَلَم يَرَهم عليه الصَّلاة والسَّلام، حَتَّى جاؤوا إليه لَيلةً أُخْرى فيما يَرى قَلبُه، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نائِمةٌ عَيْناه وَلا يَنامُ قَلبُه، وَكَذَلك الأنْبياءُ تَنامُ أعْيُنُهم وَلا تَنامُ قُلوبُهم....
في الحَديثِ:
ثُبوتُ رِحلةِ الإِسراءِ والمِعْراجِ.
وفيه: عَظيمُ رَحْمةِ الله عَزَّ وَجَلَّ بِنَبيِّه وَأُمَّتِهِ.
وفيه: أَدَبُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في اسْتِشارتِه لجِبْريلَ عليه السَّلامُ قَبلَ مُراجَعتِه لرَبِّه عَزَّ وجلَّ.
وفيه: تَفضيلُ نَبيِّنا مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم على سائِرِ إِخْوانِه الأنْبياءِ عليهم السَّلامُ.
وفيه: ثُبوتُ صِفةِ الكَلامِ للهِ سُبْحانَه وَتعالى.
وفيه: ثُبوتُ صِفةِ العُلوِّ للهِ سُبحانَه وَتعالى - الدرر السنبية -
الخلاصة:
*وَجَدَ في السَّماءِ الدُّنيا آدمَ، أصل نهري النِّيلُ والفُراتُ، ونهرالكَوثرُ .
السَّماءِ الثَّانيةِ: رحبت به صلى الله عليه وسلم الملائكةُ ورأى فيها النبي إدريسَ.
السَّماءِ الثَّالثةِ: رحبت به صلى الله عليه وسلم الملائكةُ الرَّابعةِ: رحبت به صلى الله عليه وسلم الملائكةُ ورأى فيها هارون عليه السلام.
الخامِسةِ: رحبت به صلى الله عليه وسلم الملائكةُ وَرَأى فيها نبي آخَرَ لَم يَحْفَظ اسمَه
السَّادسَةِ: رحبت به صلى الله عليه وسلم الملائكةُ ورأى فيها إبراهيمَ عليه السلام .
السَّابعةِ: رحبت به صلى الله عليه وسلم الملائكةُ ورأى فيها
موسَى عليه السلام .
وَلَم يَكُن موسى يَعتَقِد أن يَرفَع اللهُ عليه أحدًا؛ حَيثُ عَلا جِبْريلُ عليه السَّلامُ بِمُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم فَوْقَ ذَلك بِما لا يَعلَمه إِلَّا اللهُ، حَتَّى جاءَ سِدْرةَ المُنتَهى الَّتي إليها يَنتَهي عِلمُ المَلائِكةِ، وَلَم يُجاوِزْها أحَدٌ إِلَّا نَبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم، وَدَنا الجَبَّارُ رَبُّ العِزَّةِ فَتَدَلَّى، وَأصلُ التَّدَلِّي النُّزولُ إلى الشَّيْءِ حَتَّى يَقرَب مِنه، حَتَّى كانَ مِنه قَدرَ قَوسَينِ أو أقْرَبَ، فَأوْحى اللهُ إليه فيما أوْحى خَمْسينَ صَلاةً على الأُمَّةِ كُلَّ يَوم وَلَيلة، ثُمَّ هَبَطَ صلَّى الله عليه وسلَّم، وَهُنا تَكَلَّمَ معه موسى عليه السَّلامُ أن يَرجِعَ إلى رَبِّه وَيَطلُب مِنه التَّخفيفَ في عَدَدِ الصَّلَواتِ، فَخَفَّفَها الرَّحْمَنُ مِن خَمْسينَ إلى عَشْرٍ، وَلَم يَزَلْ يَرْدُده موسى إلى رَبِّه تعالى حَتَّى صارَتْ خَمْسًا، وَلمَّا هَبَطَ قالَ لَه موسى: واللهِ، لَقَدْ راجَعتُ بَني إِسْرائيلَ قومي على أقَلَّ مِن هَذا القَدْرِ، أي: مِن هَذِه الصَّلَواتِ الخَمْسِ فَضَعُفوا فَتَرَكوه، فَأُمَّتكُ أضْعَفُ أجْسادًا وَقُلوبًا وَأبْدانًا وَأبْصارًا وَأسْماعًا، فارْجِع إلى رَبِّك فَلْيُخَفِّف عَنْك كُلَّ ذَلك، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَلتَفِت إلى جِبْريلَ؛ ليُشيرَ عليه، وَلا يَكرَه ذَلك جِبْريلُ، فَرَفَعَه إلى رَبِّه، فَطَلَب مِنه التَّخْفيفَ، فَقالَ الجَبَّار: يا مُحَمَّدُ. فَأجابَه: لَبَّيْكَ رَبِّ وسَعدَيك، قالَ: إِنَّه لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ كَما فَرَضتُ عليك، أي: وَعلى أُمَّتِك في أُمِّ الكِتابِ، وَهوَ اللَّوْح المَحْفوظ، قالَ: فَكُلُّ حَسَنةٍ بِعَشْر أمْثالِها، فَهيَ خَمْسونَ في أُمِّ الكِتابِ وَهيَ خُمْسٌ عليك، أي: وَعلى أُمَّتِك، فَرَجَعَ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى موسى عليه السَّلامُ، فَسَألَه: كَيْفَ فَعَلتَ؟ فَقالَ: خَفَّفَ رَبُّنا عَنَّا؛ أعْطانا بِكُلِّ حَسَنة عَشْرَ أمْثالِها. قالَ موسى: قَد واللهِ راجَعتُ بَني إِسْرائيلَ على أقَلَّ مِن ذَلك فَتَرَكوه، ارْجِعْ إلى رَبِّك فَلْيُخَفِّف عَنْك أيْضًا. قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: يا موسى، قَد واللهِ اسْتَحيَيْتُ مِن رَبِّي مِمَّا اخْتَلَفتُ إليه، قالَ لَه جِبْريلُ: فاهْبِط باسمِ اللهِ، قالَ: واستَيقَظَ صلَّى الله عليه وسلَّم وَهوَ في مَسجِدِ الحَرامِ. أي: واستَيقَظ مِن نَوْمةٍ نامَها بَعدَ الإِسْراءِ والمِعْراجِ.
"لَبَّته" وَهوَ مَوضِع القِلادةِ مِن الصَّدرِ. "تَوْر": إِناءٌ يُشْرَبُ فيهِ. "يَطرُدانِ": يَجريانِ. "عُنْصُرهما": أصْلُهما. "خَبَّأ لَك": أيْ ادَّخَرَ لَك.
|