10-13-2018, 11:20 PM
|
|
غفر الله لها
|
|
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
|
|
" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ "19.
=بعد أن ذكر الله سبحانه أن هذه الأرض سُهلت للسالكين، تَوَعَّدَ الكافرينَ أن يجعلَ من الأرضِ نقمة بعد أن كانت نعمة، بخسفها فَيُغَيَّبُونَ في مجاهلِهَا بعد أن كانوا على ظاهرِهَا يتنعمونَ، واستخدم في ذلك صيغة السؤال ليظهر لهم مدى عجزهم وافتقارهم إليه سبحانه.
ثم يسألهم مرة أخرى : فهل أَمِنتم كذلك إن لم نخسف بكم الأرض أن نمطر عليكم السماء، فستعلمون صدق إنذاري لكم إن وقع العذاب بكم -كما وقع على المكذبين من قبلكم- ، ثم يوجههم الله جل جلاله إلى التأمل في مخلوق من مخلوقاته فيقول " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ "
- كما ذلل الأرض للآدمي ذلل الهواء للطيور -لعل ذلك يدفعهم إلى الإيمان بالخالق ، فهلًا نظرتم إلى الطير نظرات تأمل واعتبار= هنا=
"صَافَّاتٍ " أَيْ بَاسِطَاتٍ أَجْنِحَتِهِنَّ فِي الْجَوِّ عِنْدَ طَيَرَانِهَا ."وَيَقْبِضْنَ " وَيَضْمُمْنَهَا إِذَا ضَرَبْنَ بِهَا جُنُوبَهُنَّ ،وقتًا بعد وقت للاستظهار به على التحريك
"مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ"ما يمسكهن في حال القبض ، والبسط أن يسقطن إلا الرحمن برحمته الواسعة، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَ ثِقَلِهَا وَضَخَامَةِ أَجْسَامِهَا لَمْ يَكُنْ بَقَاؤُهَا فِي جَوِّ الْهَوَاءِ إِلَّا بِإِمْسَاكِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ .بقدرته، وما دبر لها من بِنْيَة يتأتى منها الجري في الجو.
"الرَّحْمَنُ" اسم عظيم من أسماء الله تعالى الحسنى، وهذا الاسم الكريم خاص بالله تعالى يدل على الكثرة والامتلاء وهو مشتق من الرحمة، ويعني هذا أنه يشتمل على رحمة واسعة= هنا=
"الرَّحْمَنُ" برحمته الواسعة سخر لهن الجو، وجعل أجسادَهن وخِلْقَتهن في حالة مستعدة للطيران، فمن نظر في حالة الطير واعتبر فيها، دلته على قدرة الباري، وعنايته الربانية، وأنه الواحد الأحد، الذي لا تنبغي العبادة إلا له.
"إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ"، فيعطيه ما يليق به، ويسويه بحسب مشيئته، ويودع فيه ما يريده بمقتضى حكمته، ثم يهديه إليه بتوفيقه ورحمته.
تفسير السعدي=هنا= وتفسير القرآن الكريم - المقدم= هنا=
وقال صاحب أضواء البيان:
قَالَ أَبُو حَيَّانَ : عَطْفٌ بِالْفِعْلِ وَيَقْبِضْنَ عَلَى الِاسْمِ ، صَافَّاتٍ ، وَلَمْ يَعْطِفْ بِاسْمِ قَابِضَاتٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّيَرَانِ هُوَ بَسْطُ الْجَنَاحِ ، وَالْقَبْضُ طَارِئٌ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو - ص: 242 - حَيَّانَ : جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّ الِاسْمَ لِلدَّوَامِ وَالثُّبُوتِ ، وَالْفِعْلَ لِلتَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ ، فَالْحَرَكَةُ الدَّائِمَةُ فِي الطَّيَرَانِ هِيَ صَفُّ الْجَنَاحِ ، وَالْجَدِيدُ عَلَيْهِ هُوَ الْقَبْضُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ دَلِيلٌ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى وَآيَةٌ لِخَلْقِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " النَّحْلِ: 79 .
فَهِيَ آيَةٌ عَلَى الْقُدْرَةِ ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ جَلَّ وَعَلَا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا "فاطر: 41 .
فَهُوَ سُبْحَانُهُ مُمْسِكُهُمَا بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى عَنْ أَنْ تَزُولَا ، وَلَوْ قُدِّرَ فَرْضًا زَوَالُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِمْسَاكِهِمَا إِلَّا هُوَ.
تَنْبِيهٌ
وَلَعَلَّ مِمَّا يَسْتَدْعِي الِانْتِبَاهَ تَوْجِيهُ النَّظَرِ إِلَى الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ " صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ " ، بَعْدَ التَّخْوِيفِ بِخَسْفِ الْأَرْضِ بِأَنَّ الْأَرْضَ مُعَلَّقَةٌ فِي الْهَوَاءِ كَتَعَلُّقِ الطَّيْرِ الْمُشَاهَدِ إِلَيْكُمْ مَا يُمْسِكُهَا إِلَّا اللَّهُ ، وَإِيقَاعُ الْخَسْفِ بِهَا ، كَإِسْقَاطِ الطَّيْرِ مِنَ الْهَوَاءِ ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَا يُمْسِكُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى الْخَسْفِ بِهَا ، وَعَلَى إِسْقَاطِ الطَّيْرِ . = هنا= أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن/محمد الأمين بن محمد بن المختار الجنكي الشنقيطي.
"إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ"البصير له معنيان: الأول: هو أن لله -تبارك وتعالى- بصرًا يليق بعظمته،الذي أحاط بصرُه بجميع المُبصِرات في أقطار الأرض والسموات، فيرى جميع الكائنات حتى أخفى ما يكون فيها.
"قَالَ لَا تَخَافَا إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى"طه:46.
الثاني: أنه ذو بصيرة بالأشياء، عالم بها، خبير بأمرها، لا تخفى عليه منها خافية.
"وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ" آل عمران 163.
فالبصير بالشيء يعني: العالِم به، الذي لا يخفى عليه منه قليل، ولا كثير، فاجتمع المعنيان في البصير.الشيخ خالد عثمان السبت = هنا=
" إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ " أي بصير بما يصلح كل شيء من مخلوقاته ، فهو المدبر لعباده بما يليق بهم ، وتقتضيه حكمته .تفسير سورة الملك :الشيخ :
فإذا كان الله -تبارك وتعالى- يبصر العباد، لا يخفى عليه من أمرهم قليل، ولا كثير، وهو أيضًا -جل جلاله وتقدست أسماؤه- يعلم بواطنهم، وخفاياهم، فإلى أين المفر؟.
الفرار إلى الله -تبارك وتعالى- بمراقبته.
=وكان الإمام أحمد -رحمه الله- كثيرًا ما يردد:
إذا ما خلوتَ الدهر يومًا فلا تقل *** خلوتُ ولكن قل عليّ رقيبُ
ولا تحسبنّ الله يغفل ساعةً *** ولا أنّ ما يخفى عليه يغيبُ
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي:ص: 551.
*ومن آثار الإيمان بهذا الاسْم العظيم:
أوَّلًا: إثبات صفة البَصَر لله؛ لأنَّه وصف نفسه بذلك.
" إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ "الشورى:27 .
ثانيًا: أن الله - تبارك وتعالى - بصيرٌ بأحوال عباده، خبير بصير بِمَن يستحقُّ الهداية منهم ممَّن لا يستحقُّها، بصير بمن يصلح حاله بالغِنَى والمال وبمن يفسد حاله بذلك؛ قال تعالى" وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ "الشورى: 27.
وهو بصير بالعباد، شهيدٌ عليهم، الصَّالح منهم والفاسق؛ قال تعالى" هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"التغابن: 2، بصير خبير بأعمالِهم وذنوبهم؛ قال تعالى" وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا "الإسراء: 17، وسيَجزيهم عليها أتمَّ الجزاء.
ثالثًا: إذا علِمْنا أنَّ الله بصيرٌ، حملَنا ذلك على حِفْظ الجوارح وخطرات القلوب عن كلِّ ما لا يُرْضِي الله، وحملَنا أيضًا على خشْيته في السِّرِّ والعلانية، في الغَيب والشهادة؛ لأنَّه يرانا على كلِّ حال، فكيف نَعْصيه مع عِلْمنا باطِّلاعه عليْنا؟! قال تعالى" الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ "الشعراء: 218-219، ومن علم أنَّه يراه أحسن عملَه وعبادته، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هُريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال عن الإحسان"أن تعبُد الله كأنَّك تراه، فإنْ لَم تكُن تراه فإنَّه يراك".
قال النَّووي - رحمه الله - "هذا من جوامع الكلِم الَّتي أُوتيها - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأنَّا لو قدرنا أنَّ أحدنا قام في عبادة وهو يُعايِن ربَّه - سبحانه وتعالى - لَم يترك شيئًا ممَّا يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحُسْن السَّمت، واجتماعه بظاهره وباطنه، وعلى الاعتِناء بتتْميمها على أحسن وجوهِها إلَّا أتى به"شرح صحيح مسلم"؛ للنووي :1/ 157 - 158.
=الألوكة =
فهل تفكرتم في ذلك ، وتساءلتم من يمسك هذا الطير أن يقع، إنه الله الذي بكل شيء بصير، فلا يغفل عنه شيء، وكل واقع تحت بصره الذي أحاط بكل شيء.= هنا =
|