58- تَحْبِيرُ الكَاغَدِ:
كما يكونُ الحذَرُ من التأليفِ الخالي من الإبداعِ في مَقاصِدِ التأليفِ الثمانيةِ1، والذي نِهايتُه ( تَحبيرُ الكاغَدِ2 ) فالْحَذَرَ من الاشتغالِ بالتصنيفِ قبلَ استكمالِ أَدواتِه ، واكتمالِ أهْلِيَّتِكَ ، والنضوجِ على يَدِ أشياخِك ؛ فإنك تُسَجِّلُ به عارًا ، وتُبْدِي به شَنَارًا .
أمَّا الاشتغالُ بالتأليفِ النافعِ لِمَن قامَتْ أهْلِيَّتُه ، واستَكْمَلَ أَدواتِه وتَعَدَّدَتْ مَعارِفُه ، وتَمَرَّسَ به بَحْثًا ومُراجعةً ومُطالَعَةً وجَرْدًا لِمُطَوَّلاتِه وحِفْظًا لِمُخْتَصَرَاتِه ، واستذكارًا لمسائلِه ؛ فهو من أَفْضَلِ ما يَقومُ به النُّبلاءُ من الفُضلاءِ .
ولا تَنْسَ قولَ الْخَطيبِ : ( مَن صَنَّفَ ؛ فقد جَعَلَ عقْلَه على طَبَقٍ يَعْرِضُه على الناسِ ) .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
هذه الشروط التي ذكرها، الآن متعذرة. الآن تجد رسائل في مسألة معينة يكتبها أناس ليس لهم ذكر ولا معرفة، وإذا تأملت ما كتبوه وجدت أنه ليس صادرا عن علم راسخ، وأن كثيرا منه نقولات، وأحيانا ينسبون النقل إلى قائله، وأحيانا لا ينسبون، وعلى كل حال نحن لا نتكلم عن النيات، فالنية علمها عند الله عز وجل. لكن نقول: انتظر.... انتظر.
وإذا كان لديك علم وقدرة فاشرح هذه الكتب الموجودة شرحا لأن بعض هذه الكتب لا يوجد فيه الدليل على وجه كامل.
آفاق التيسير
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ
الشيخ:
وأيضا التّنمر بالعلم ؛ بأن يحاول الإنسان إبراز نفسه أن عنده علما وهو لم يعرف إلا مسألة أو مسألتين ، فإذا وجد عالما أراد أن يردّ على ذلك العالم في هذه المسألة ، وكلما وجد حلقة علميّة كتب سؤالا في تلك المسألة من أجل أن يناقش العالم بعد الدرس ، أنت لم تفهم المسألة ، هذه المسألة قد قال فيها فلان كذا وكذا من أجل أن يبرز نفسه.
ومما يتعلّق بهذا: المبادرة للتأليف بدون أن يكون هناك هدف صحيح في الكتابة والتأليف ، أو يكون هناك عدم قدرة للكتابة في هذا العلم والإحاطة به فيكتب حينئذ ، ولكن لابد أن يكون لنا هدف في المؤلفات قبل أن نكتب فيها.
كذلك إذا وجدنا وهما أو خطأً لبعض أهل العلم لا ينبغي أن نبادر فيه ، وأن نعليه وأن نشهره رغبة في إظهار أنفسنا ، وإنما نحاول تصحيح الأمر بما يكون مظهرا للعلم ومبيّنا للحق ، وبما لا يكون منقصا لمقدار ذلك العالم ، فإنه ما من أحد إلا ويحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
آفاق التيسير
1مَقاصِدِ التأليفِ الثمانيةِوهي:
أوّلاً: « اختراعُ معـدوم» أَي : لم تُسبَق إليه - فيما تعلم وتعتقد -.
ثانياً: « جَمِـعُ مُفتَـرقٍ » أي : مسأَلة مُشتّتة وَأَدلَّتُها في بطون الكُتب تَجمعها في كتاب واحد .
ثالثاً: «تكميـلُ ناقـصٍ » أَي : أنَّ الموضوع لم يكتمل فيه جانب من الجوانب فتُكمِلُه أَنتَ .
رابعاً: «تفصيـلُ مجمـلٍ»أي : أَنَّك تفصِّل المسأَلةَ شيئاً فشيئاً حتّى يذهبَ تراكم المعاني ، ويتضّح المراد .
خامساً:«تهـذيبُ مطـوَّلٍ»أي : أَنّك تلجأُ إلى الاختصار دون الإخلاَل .
سادساً:«ترتيـبُ مُخلَّـطٍ»أي : أَنّك تقدِّمُ وتؤَخّر في ترتيب المادّة أوِ الموضوع.
سابعاً: «تعيـينُ مبهـمٍ »أي : أنّك تعيّن وجود موضع خفيّ في مسأَلة أو نقطة أو نكتة لتظهرها ، وتجلّي أمرها .
ثامناً : «تبيـينُ خطـإٍ»أي : أَنّك تصحّح خطأَ الغَير إذا أَيقنت صواب ما أَنت عليه.هنا
2-الكاغِدُ : القِرْطاسُ ، أَيِ الوَرَقُ الصَّالِحُ لِلْكِتَابَةِ أَوِ اللَّفِّ. هنا