متنُ أُصُولِ السُّنَّةِ لِلإمَامِ
أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ
قال أبو يَعْلَى الحَنْبَلِيِّ "لَوْ رُحِلَ إِلَى الصِّينِ فِي طَلَبِهَا لَكَانَ قَلِيلًا" وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بنِ مَالِكٍ العَطَّارِ
قَالَ اَلشَّيْخُ اَلْإِمَامُ أَبُو اَلْمُظَفَّرِ عَبْدُ اَلْمَلِكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيُّ: حَدَّثَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْبَنَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَالِدِِي أَبُو عَلِيٍّ اَلْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْبَنَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اَلْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ اَلْمُعَدَّلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ اَلسَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ أَبِي اَلْعَنْبَرِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلْمِنْقَرِيُّ اَلْبَصْرِيُّ بِتِنِّيسَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ اَلْعَطَّارُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ أُصُولُ اَلسُّنَّةِ عِنْدَنَا:....
المتن
أصولُ السُّنَّةِ عندَنَا:التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الرَّسُولِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–،الاقْتِدَاءُ بِهِمْ،وَتَرْكُ البِدَعِ،وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلالَةٌ،وَتَرْكُ الخُصُومَاتِ وَ-تَرْكُ- الجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ،وَتَرْكُ المِرَاءِ والجِدِالِ،وَالخُصُومَاتِ فِي الدِّينِ.
والسُّنَّةُ عِنْدَنَا: آثَارُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–،والسُّنَّةُ تُفَسِّرُ القُرْآنَ،وَهِيَ دَلائِلُ القُرْآنِ،وَلَيْسِ فِي السُّنَّةِ قِيَاسٌ،وَلا تُضْرَبُ لَهَا الأَمْثَالُ،وَلا تُدْرَكُ بالعُقُولِ وَلا الأَهْوَاءِ،إنَّمَا هُوَ الاتِّبَاعُ وتَرْكُ الهَوَى.
ومن السُّنَّةِ الَّلازِمةِ الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً -لم يَقْبَلْهَا ويُؤْمِنْ بِهَا -لَم يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا:الإيمَانُ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، والتَّصْدِيقُ بِالأَحَادِيثِ فِيهِ،وَالإِيمَانُ بِهَا لا يُقَالُ:لِمَ ؟وَلاكَيْفَ؟ إنَّمَا هُوَ التَّصْدِيقُ بِهَا وَالإيمَانُ-بِهَا-.
ومَنْ لَمْ يَعْرِفْ تَفْسِيْرَ الحَدِيثِ ويَبلُغْهُ عَقْلُهُ فَقَد كُفِيَ ذَلِكَ وأُحْكِمَ لَهُ،فَعَلَيْهِ الإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ،مِثلَ حَدِيثِ-الصَّادِقِ المَصْدُوقِ- ومِثلَ مَا كَانَ مِثْلَه في القَدَرِ،وَمِثْلَ أحاديث الرُّؤيةِ كُلِّهَا وإن نَبَتْ عَنِ الأسْمِاعِ واسْتَوحَشَ مِنْهَا المُستَمِعُ،فإنَّمَا عَلَيهِ الإيمَانُ بِهَا ،وَأَنْ لا يَرُدَّ مِنْهَا حَرْفًا وَاحِدًا وغَيرِهَا مِنَ الأَحَادِيثِ المَأْثُورَاتِ عن الثِّقَاتِ وأَنْ لا يُخَاصِمَ أَحَدًا ولا يُنَاظِرَهُ،ولا يَتَعَلَّمُ الجِدَالَ،فإنَّ الكَلامَ في القَدَرِ والرُّؤْيةِ وَالقُرْآنِ وغَيْرِهَا مِنَ السُّنَنِ مَكْرُوهٌ مَنهِيٌّ عَنهُ، وَلا يَكُونُ صَاحِبُهُ- إِنْ أَصَابَ بِكَلامِهِ السُّنَّةَ-مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ حَتَّى يَدَعَ الجِدَالَ ويُسَلِّمَ،وَيُؤْمِنَ بِالآثَارِ.
والقُرآنُ كَلامُ اللهِ ولَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلا يَضْعُفُ أَنْ يَقُولَ:لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ،قَالَ:فإنَّ كَلامَ اللهِ مِنْهُ وَلَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ،وَلَيْسَ مِنْهُ شَيءٌ مَخْلُوقٌ،وإيَّاكَ ومُنَاظَرَةُ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ وَمَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ وَقَفَ فِيهِ فَقَالَ:لا أَدْرِي،مَخْلُوقٌ أَوْ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وإنمَا هُوَ كَلامُ اللهِ فَهَذَا صَاحِبُ بِدْعَةٍ مِثْلَ مَنْ قَالَ:هُوَ مَخْلُوقٌ وإِنَّمَا هُوَ كَلامُ اللهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
وَالإِيمَانُ بِالرُّؤْيَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ كَمَا رُوِيِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ.وأَنَّ النَّبِيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَدْ رَأَى رَبَّهُ،فَإِنَّهُ مَأْثُورٌعَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٌ،-قَدْ-رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،وَرَوَاهُ الحَكَمُ بنُ أَبَانَ عَن عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،وَرَوَاهُ عَلِيٌّ بنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَالكَلامُ فِيهِ بِدْعَةٌ،وَلَكِنْ نُؤْمِنُ بِهِ كَمَا جَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلا نُنَاظِرُ فِيهِ أَحَدًا.
وَالإِيمَانُ بِالمِيزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ،كَمَا جَاءَ -يُوزَنُ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَلا يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ -،وَتُوزَنُ أَعْمَالُ العِبَادِ كَمَا جَاءَ في الأَثَرِ،وِالإيمَانُ بِهِ والتَّصْدِيقُ - بِهِ-وَالإعْرَاضُ عَنْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ وَتَرْكُ مُجَادَلَتِهِ،وَأَنَّ اللهَ-تَبَارَكَ وَتَعَالَى-يُكَلِّمُ العِبَادَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانُ،والإيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ،وَالإيمَانُ بِالحَوْضِ،وَأَنَّ لِرَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حَوْضًَا يَوْمَ القِيَامِةِ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتُهُ،عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَسِيرَةُ شَهْرٍ،آنِيَتُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ عَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ الأَخْبَارُ مَنْ غَيْرِ وَجْهٍ،وَالإيمَانُ بِعَذَابِ القَبْرِ،وَأَنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُفْتَنُ في قُبُورِهَا وَتُسْأَلُ عَنِ الإيمَانِ وَالإِسْلامِ،وَمَنْ رِبُّهُ؟وَمَنْ نَبِيُّهُ؟،وَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ كَيْفَ شَاءَ اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ-،وَكَيْفَ أَرَارَدَ،وَالإيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ.
وَالإيمَانُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَبِقَوْمٍ يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا احْتَرَقُوا وَصَارُوا فَحْمًا؛فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى نَهْرٍ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ،كَمَا جَاءَ في الأَثَرِ،كَيْفَ شَاءَ اللهُ وَكَمَا شَاءَ،إِنَّمَا هُوَ الإيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ.
وَالإيمَانُ أَنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ خَارِجٌ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ،وَالأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ،وَالإيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ،وَأَنَّ عِيسَى -ابْنَ مَرْيَمَ-عَلَيْهِ السَّلامُ– يَنْزِلُ،فَيَقْتُلَهُ بِبَابِ لُدٍّ.
وَالإيمَانُ:قَوْلٌ وَعَمَلٌ،يَزِيدُ وَيَنْقُصُ،كَمَا جَاءَ في الخَبَرِ-أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ،إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا-،-وَمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ كَفَرَ- وَ- لَيْسَ مِنَ الأَعْمِالِ شَيءٌ تَرْكُهُ كُفْرٌ إِلا الصَّلاةُ-مَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ كَافِرٌ،وَقَدْ أَحَلَّ اللهُ قَتْلَهُ.وَخَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا:أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ،ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ،نُقَدِّمُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ كَمَا قَدَّمَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،لمْ يَخْتَلِفُوا في ذَلِكَ،ثمَّ بَعْدَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ أَصْحَابُ الشُّورَى الخَمْسَةُ:عَلِيٌ بنُ أَبي طَالَبٍ , وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ،وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ- بنُ أَبِي وَقَّاصٍ-،وَكُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلافَةِ،وكلُّهُمْ إِمَامٌ،وَنَذْهَبُ إِلى حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ: "كُنَّا نَعُدُّ وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حَيٌ وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِرُونَ:أَبُوبَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ،ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ نَسْكُتُ"ثُمَّ-مِنْ-بَعْدِ أَصْحَابِ الشُّورَى أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ، ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-عَلَى قَدْرِ الهِجْرَةِ وَالسَّابِقَةِ أَوَّلاً فَأَوَّلًا،ثمَّ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ هَؤُلاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -القَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِم،كُلُّ مَنْ صَحِبَهُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً أَوْ رَآهُ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ لَهُ مِنَ الصُّحْبَةِ عَلَى قَدْرِ مَا صَحِبَهُ،وَكَانَتْ سَابِقَتُهُ مَعَهُ وَسَمِعَ إِلَيْهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِ - نَظْرَةً- ،فَأَدْنَاهُمْ صُحْبَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنَ القَرْنِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْهُ،وَلَوْ لَقُو اللهَ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ؛ كَانَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَرَأَوْهُ وَسَمِعُوا مِنْهُ،وَمَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَآمَنَ بِهِ وَلَوْ سَاعَةً أَفْضَلُ لِصُحْبَتِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَوْ عَمِلُوا كُلَّ أَعْمَالِ الخَيْرِ.
وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِلْأَئِمَّةِ وَأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ البَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَمَنْ وَلِيَ اَلْخِلَافَةَ، وَاجْتَمَعَ اَلنَّاسُ عَلَيْهِ، وَرَضُوا بِهِ، وَمَنْ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً، وَسُمِّيَ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَالْغَزْوُ مَاضٍ مَعَ الأُمَرَاءِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ،البَرُّ وَالفَاجِرُ،لا يُتْرَكُ،وَقِسْمَةُ الفَيْءِ،وَإِقَامَةُ الحُدُودِ إِلَى الأَئِمَّةِ مَاضٍ،لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَطْعَنَ عَلَيْهِمْ،وَلا يُنَازِعُهُمْ،وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَنَافِذَةٌ،مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ،بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا،وَصَلاةُ الجُمُعَةِ خَلْفَهُ،وَخَلْفَ مَنْ وَلاهُ جَائِزَةٌ بَاقِيَةٌ تَامَّةٌ رَكْعَتَيْنِ،مَنْ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ،تَارِكٌ لِلآثَارِ،مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ،لَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الجُمُعَةِ شَيءٌ؛إِذَا لَمْ يَرَ الصَّلاةَ خَلْفَ الأَئِمَّةِ مَنْ كَانُوا: بَرِّهم وفاجرِهم فَالسُّنَّةُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ،-مَنْ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ-،وَيَدِينُ بِأَنَّهَا تَامَّةٌ،لايَكُنْ فِي صَدْرِكَ مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ،وَمَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامٍ - مِنْ أَئِمَّةِ- المُسْلِمِينَ،وَقَدْ كَانَ النَّاسُ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ،وَأَقَرُّوا لَهُ بِالخِلافَةِ،بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ بِالرِّضَا أَوْ بِالغَلَبَةِ فَقَدْ شَقَّ هَذَا الخَارِجُ عَصَا المُسْلِمِينَ،وَخَالَفَ الآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَإِنْ مَاتَ الخَارِجُ عَلَيْهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً،وَلا يَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ وَلا الخُرُوجُ عَلَيْهِ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ،فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ وَالطَّرِيقِ.
وَقِتَالُ اللُّصُوصِ وَالخَوَارِجِ جَائِزٌ إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ،فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ،وَيَدْفَعُ عَنْهَا بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ- عَلَيْهِ-،وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ،وَلا يَتَّبِعَ آثَارَهُمْ،لَيْسَ لأَحَدٍ إِلا الإِمَامُ أَوْوُلاةِ المُسْلِمِينَ،إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ،وَيَنْوِي بِجَهْدِهِ أَنْ لا يَقْتُلَ أَحَدًا؛فَإِنْ أتى عَلَيْهِ فِي دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي المَعْرَكَةِ فَأَبْعَدَ اللهُ المَقْتُولَ،َإِنْ قُتِلَ هَذَا فِي تِلْكَ الحَالِ وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ رَجَوتُ لَهُ الشَّهَادَةَ كَمَا جَاءَ فِي الأَحَادِيثِ.
وَجَمِيعُ الآثَارِ فِي هَذَا إِنَّمَا أُمِرَ بِقِتَالِهِ،وَلَمْ يُأْمَرْ بِقَتْلِهِ،وَلا اتِّبَاعِهِ،وَلا يُجْهِزْ عَلَيْهِ إِنْ صُرِعَ أَوْ كَانَ جَرِيحًَا،وَإِنْ أَخَذَهُ أَسِيراً فَلَيْسَ لَهَ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلا يُقِيمُ عَلَيْهِ الحَدَّ،وَلَكِنْ يَرْفِعُ أَمْرَهُ إِلَى مَنْ وَلاهُ اللهُ فَيَحْكُمُ فِيهِ.
-نَشْهَدُ عَلَى - أَحَدٍ مِنْ - أَهْلِ القِبْلَةِ بِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِجَنَّةٍ وَلا نَارٍ،نَرْجُو لِلصَّالِحِ وَنَخَافُ عَلَيْهِ،وَنَخَافُ عَلَى المُسِيءِ المُذْنِبِ وَنَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللهِ.
وَمَنْ لَقِيَ اللهَ بِذَنْبٍ تَجِبُ لَهُ بِهِ النَّارُ-تَائِبًا غَيْرَ مُصِرٍ عَلَيْهِ-،فَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَتُوبُ عَلَيْهِ،وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ.
وَمَنْ لَقِيَهُ وَقَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ الذَّنْبِ فِي الدُّنْيَا،فَهُوَ كَفَّارَتُهُ،كَمَا جَاءَ فِي الخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَمَنْ لَقِيَهُ مُصِرًّا غَيْرَ تَائِبٍ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي - قَدِ- اسْتَوْجَبَ بِهَا العُقُوبَةَ؛فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ-عَزَّ وَجَلَّ- إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ.
وَمَنْ لَقِيَهُ مِنْ كَافِرٍ عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ.
وَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَا وَقَدْ أُحْصِنَ إِذَا اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ،وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَقَدْ رَجَمَتْ الأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ.
وَمَنِ انْتَقَصَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،أَوْ أَبْغَضَهُ لِحَدَثٍ كَانَ مِنْهُ،أَوْ ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ،كَانَ مُبْتَدِعاً حَتَّى يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا،وَيَكُونُ قَلْبُهُ لَهُمْ سَلِيمًا.
وَالنِّفَاقُ هُوَ الكُفْرُ:أَنْ يَكْفُرَ بِاللهِ وَيَعْبُدَ غَيْرَهُ،وَيُظْهِرَ الإِسْلامَ فِي العَلانِيَةِ،مِثْلَ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ:
ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، هَذَا عَلَى التَّغْلِيظِ،نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ،وَلا نُفَسِّرُهَا.
وَقَولُهُ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا ضُلاَّلًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ،وَمِثْلُ: إِذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ،وَمِثْلُ:سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ،وَمِثْلُ:مَنْ قَالَ لأَخِيهِ:يَا كَافِرٌ،فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَمِثْلُ:كُفْرٌ بِاللهِ تَبْرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ،وَنَحْوُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مِمَّا قَدْ صَحَّ وَحُفِظَ،فَإِنَّا نُسَلِّمُ لَهُ،وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ تَفْسِيرَهَا،وَلا نَتَكَلَّمُ فِيهِ،وَلا نُجَادِلُ فِيهِ،وَلا نُفَسِّرُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ إِلاَّ بِمِثْلِ مَا جَاءَتْ،وَلا نَرُدُّهَا إِلا بِأَحَقَّ مِنْهَا.
وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ قَدْ خُلِقَتَاكَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا،وَرَأَيْتُ الكَوْثَرَ اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا.....كَذَا،وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ،فَرَأَيْتُ.....كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا،فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ تُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالقُرْآنِ ،وَأَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَلا أَحْسَبُهُ يُؤْمِنُ بِالجَنَّةِ وَالنَّارِ.
وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ مُوَحِدًا،يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ، وَلا يُحْجَبُ عَنْهُ الاسْتِغْفَارُ،وَلا نُتْرَكُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ-صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا-وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ - .