11-14-2019, 12:21 AM
|
|
غفر الله لها
|
|
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
|
|
الصبي إذا لم يبلغ الحلم : هل يصح أن يكون إماما في الصلاة ؟
الصبي إذا لم يبلغ الحلم : هل يصح أن يكون إمامًا في الصلاة ؟
السؤال
لدينا طفل يبلغ من العمر 10 سنوات لم يبلغ الحلم ، وهو يحفظ القرآن كاملا بأحكام ، ولديه بعض العلم في الدين ، وهو يأتي ساعات على قناة الرحمة ، لكن هو يؤم بالناس في الصلاة ، ويدعو في صلاة الفجر ، ويخطب الجمعة أحيانا ، والناس أحبوه لجمال صوته. فكنت أتساءل : هل يجوز لمثل هذا الطفل الذي لم يبلغ أن يؤم بناس أكبر منه ، ويخطب بهم الجمعة ؟
الحمد لله
أولًا :
اختلف الفقهاء في إمامة الصبي الذي لم يبلغ : فجاء في "الموسوعة الفقهية" 6/203-204:
" جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإْمَامَةِ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ بَالِغًا ، فَلاَ تَصِحُّ إِمَامَةُ مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي فَرْضٍ عِنْدَهُمْ ؛ لأِنّها حَال كَمَالٍ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلأِنَّ الإِمَامَ ضَامِنٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْل الضَّمَانِ ، وَلأِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ مَعَهُ الإْخْلاَل بِالْقِرَاءَةِ حَال السِّرِّ .
أَمَّا فِي غَيْرِ الْفَرْضِ كَصَلاَةِ الْكُسُوفِ أَوِ التَّرَاوِيحِ : فَتَصِحُّ إِمَامَةُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ - لأِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ مِنْهَا بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ .
وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمُ جَوَازِ إِمَامَةِ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْفَرَائِضِ أَمْ فِي النَّوَافِل .
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الإْمَامِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا ، فَتَصِحُّ إِمَامَةُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِ عِنْدَهُمْ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْفَرَائِضِ أَمِ النَّوَافِل ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ ، لَكِنَّهُمْ قَالُوا : الْبَالِغُ أَوْلَى مِنَ الصَّبِيِّ ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَقْرَأَ أَوْ أَفْقَهَ ، لِصِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ بِالْبَالِغِ بِالإْجْمَاعِ ، وَلِهَذَا نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى كَرَاهَةِ الاِقْتِدَاءِ بِالصَّبِيِّ .
أَمَّا إِمَامَةُ الْمُمَيِّزِ لِمِثْلِهِ فَجَائِزَةٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ . " انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"إِلَى صِحَّة إِمَامَة الصَّبِيّ ذَهَبَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق , وَكَرِهَهَا مَالِك وَالثَّوْرَيْ , وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة وَأَحْمَد رِوَايَتَانِ ، وَالْمَشْهُور عَنْهُمَا الْإِجْزَاء فِي النَّوَافِل دُونَ الْفَرَائِض " انتهى من "فتح الباري" 2/186 . وينظر : الأم" ، للإمام الشافعي :1 / 193 .
وهذا هو الراجح : أنه تصح إمامة الصبي المميز ، إذا كان يحسن الصلاة - وإن كان البالغ أولى إذا كان قارئا - وذلك لما روى البخاري :4302: وأبو داود :585: والنسائي :767: عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلمَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا رَجَعَ قَوْمِي مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا إِنَّهُ قَالَ : لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قِرَاءَةً لِلْقُرْآنِ . قَالَ : فَدَعَوْنِي فَعَلَّمُونِي الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ، فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَفِي الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيَّةِ فِي إِمَامَة الصَّبِيّ الْمُمَيِّز فِي الْفَرِيضَة , وَهِيَ خِلَافِيَّة مَشْهُورَة وَلَمْ يُنْصِف مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِمْ , وَلَمْ يَطَّلِع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهَا شَهَادَة نَفْي , وَلِأَنَّ زَمَن الْوَحْي لَا يَقَع التَّقْرِير فِيهِ عَلَى مَا لَا يَجُوز " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا بأس بإمامة الصبي إذا كان قد أكمل سبع سنين أو أكثر وهو يحسن الصلاة ؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك ، ولكن الأفضل أن يختار الأقرأ من الجماعة ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" 30 / 166 وينظر "فتاوى اللجنة الدائمة" 7/389 .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "تصح إمامة الصبي بمن هو أكبر منه سنًا , لكن إن كان الذي هو أكبر سنًا منه قد بلغ فإن المشهور في المذهب أنها لا تصح إمامة الصبي به في الفرض خاصة , والصحيح جواز ذلك , وصحته في الفرض والنفل , ويدل لذلك حديث عمرو بن سلمة الجرمي " انتهى .
"فتاوى ورسائل ابن عثيمين" 15 / 81 .
وإذا جازت إمامته في الفرض والنفل حيث يحسن الصلاة جازت خطبته وصحت حيث يحسنها ويأتي بأركانها ؛ فإن شرط الصلاة في ذاتها أشد من شرط الخطبة .
قال ابن عابدين رحمه الله في "حاشيته"2 / 176 :
" وفي الظهيرية : لو خطب صبي اختلف المشايخ فيه ، والخلاف في صبي يعقل . اهـ
والأكثر على الجواز " انتهى .
ويراجع لمعرفة شروط وأركان خطبة الجمعة جواب السؤال رقم : 115854 .
ولمعرفة الأحق بالإمامة جواب السؤال رقم : 20219.
ثانيًا :
أما القنوت في صلاة الفجر : فالصحيح أن الفجر لا يختص بالقنوت ، وأن السنة أن الإمام يقنت بالناس في النوازل التي تلمّ بالمسلمين في الصلوات الخمس كلها ، لا يخص صلاة الفجر به . ينظر لذلك جواب السؤال رقم : 20031 ، 101015.
ثالثًا :
الذي نريد أن ننصحكم به أخيرًا : ألا تتعجلوا في أمر صبيكم هذا ، وتسارعوا بظهوره في الفضائيات ، أو تصديره للإمامة والخطبة ، وهو في هذه السن الصغيرة ، بل ينبغي أن يخفى أمره ، قدر ما استطعتم ، ويشغل بتعليمه ما هو أهم من ذلك من العلم النافع ، وتأديبه على العمل الصالح ، وأن تعهدوا به إلى أحد العقلاء الفاهمين من أهل العلم أو طلابه ، فيعتني بتحفيظه السنة ، شيئا فشيئا ، ويربيه على المنهج العلمي الملائم لنبوغه .
وليعلم أن خطر الاستعجال في إظهار الصبي ، والاستعجال في شهرته كبير ؛ فالحسد بلاء لا يخفى أثره ، وتربية الابن على حب الظهور والتصدر باب فساد يخشى عليه منه بعد ذلك ؛ وكم من الصبيان كانوا في هذه السن على نبوغ كبير ، ثم لم يحسن أهلوهم تربيتهم التربية الصالحة ، فلم ينتفع منهم بشيء ؛ نسأل الله العافية والسلامة .
والله تعالى أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
|