عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-15-2020, 10:39 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
root تفسير البسملة ، وحكم افتتاح القراءة بها

تفسير البسملة ، وحكم افتتاح القراءة بها

السؤال

ما معنى البسملة ؟
وهل تقرأ البسملة من منتصف السورة ؟ ولماذا ؟
وما معنى اقرأ بسم ربك ؟.


نص الجواب
الحمد لله قول القائل " بسم الله " قبل الشروع في العمل معناه :
أَبتدأُ هذا الفعل مصاحبًا أو مستعينًا بـ "اسم الله " ملتمسًا البركة منه ، والله هو المألوه المحبوب المعبود الذي تتوجه إليه القلوب بالمحبة والتعظيم والطاعة - العبادة - وهو" الرحمن " المتصف بالرحمة الواسعة ، " الرحيم " الذي يوصل رحمته إلى خلقه .
وقيل المعنى : أبدأ هذا الفعل بتسمية الله وذكره . قال الإمام ابن جرير رحمه الله : " إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه, أدب نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله, وأمره أن يصفه بها قبل جميع مهماته, وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه منه لجميع خلقه سنة يستنون بها, وسبيلا يتبعونه عليها, في افتتاح أوائل منطقهم وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل بسم الله على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .ا .هـ بتصرف يسير .
ويوجد محذوف في عبارة باسم الله قبل البدء بالعمل ، وهذا المحذوف تقديره : أبتدئ عملي باسم الله ، مثل باسم الله أقرأ ، باسم الله أكتب ، باسم الله أركب ، ونحو ذلك . أو ابتدائي باسم الله ، ركوبي باسم الله ، قراءتي باسم الله وهكذا ، ويمكن أن يكون التقدير أيضا : باسم الله أكتب ، باسم الله أقرأ , فيقدر الفعل مؤخرًا ، وهذا حسن ليحصل التبرك بتقديم اسم الله ، وليفيد الحصر أي أبدأ باسم الله لا باسم غيره .
ولفظ الجلالة " الله " هو الاسم الأعظم وهو أعرف المعارف الغني عن التعريف ، وهو علم على الباري جل جلاله مختص به دون سواه والصحيح أنه مشتق من أله يأله ، ألوهة وإلهة فهو إله بمعنى مألوه أي معبود فهو : ذو الألوهية .
و" الرحمن" اسم من أسماء الله الخاصة به ، ومعناه ذو الرحمة الواسعة لأن وزن فعلان : يدل على الامتلاء والكثرة وهو أخص أسماء الله بعد لفظ الجلالة ، كما أن صفة الرحمة هي أخص صفاته ولذا غالبًا يأتي ترتيبها بعد لفظ الجلالة كما في قوله تعالى "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ".. الآية .
و" الرحيم " اسم من أسماء الله : معناه الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده .
قال ابن القيم رحمه الله "الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه ، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم ، فكان الأول للوصف والثاني للفعل فالأول دال على أن الرحمة صفته ، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته ، وإذ ا أردت فهم هذا فتأمل قوله "وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا " وقوله "إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ "ولم يجئ قط "رحمن بهم " فعلم أن رحمن هو الموصوف بالرحمة ، ورحيم هو الراحم برحمته "إ.هـ بدائع الفوائد : 1/ 24 .
ثانيًا :
وأما عن حكم قراءة البسملة قبل قراءة القرآن فلها أربعة أحوال :
الحالة الأولى : أن تكون في أول السورة ـ غير سورة براءة ـ فقد نص أكثر الأئمة على أنه " َتُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وينبغي أن يحافظ عليها حتى أن بعض العلماء اعتبر ختمة القرآن ناقصة إذا لم يأت بالبسملة في أول كل سورة غير براءة "ِ ولما سئل الإمام أحمد رحمه اللهَ عن قراءتها في أول كل سورة قال " لا يَدَعَهَا " .
الحالة الثانية : أن تكون في أثناء السورة ـ وهو محل السؤال ـ فالجمهور من العلماء والقراء على أنه لا مانع من الابتداء بها ، قِيلَ للإمام أحمد في البسملة ـ بعد قوله : لا يدعها في أول السورة ـ فَإِنْ قَرَأَ مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ يَقْرَؤُهَا ؟ قَالَ " لَا بَأْسَ ." ، ونقل العبادي عن الشافعي رحمه الله استحبابها في أثناء السورة.
قَالَ الْقُرَّاءُ : وَيَتَأَكَّدُ الابتداء بالبسملة إذا كان في الآية التي سيقرأها بعد البسملة ضميرٌ يعود على الله سبحانه نَحْوِ قوله : إلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ , وقوله : وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ لمَا فِي ذِكْرِ هذه الآيات بعد الاستعاذة مِنْ الْبَشَاعَةِ وَإِيهَامِ رُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى الشَّيْطَانِ .
الحال الثالثة : قراءتها في ابتداء سورة براءة ، فلا يكاد يختلف العلماء والقراء في كراهة ذلك .
َقَالَ صَالِحُ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ أَبِيهِ أحمد رحمه الله : وَسَأَلْتُهُ عَنْ سُورَةِ الْأَنْفَالِ وَسُورَةِ التَّوْبَةِ هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ أَبِي : يَنْتَهِي فِي الْقُرْآنِ إلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يُزَادُ فِيهِ وَلا يَنْقُصُ .
الحال الرابعة : قراءتها في أثناء سورة براءة : فقد اختلف القراء في ذلك كما نقل ذلك ابن حجر الهيثمي في الفتاوى الفقهية : 1 / 52 :

فَقَال " قال السَّخَاوِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ : لا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُسَنُّ الْبُدَاءَةَ أَثْنَاءَهَا بِالتَّسْمِيَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ أَثْنَائِهَا وَأَوَّلِهَا لَكِنْ بِمَا لا يُجْدِي وَرَدَّ عَلَيْهِ الْجَعْبَرِيُّ مِنْهُمْ - أي من القراء- وَهُوَ الْأَوْجَهُ - أي أن القول بالكراهة هو الأقرب للصواب - إذْ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِتَرْكِ الْبَسْمَلَةِ أَوَّلَهَا , مِنْ كَوْنِهَا نَزَلَتْ بِالسَّيْفِ , وَفِيهَا مِنْ التَّسْجِيلِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِفَضَائِحِهِمْ الْقَبِيحَةِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا مَوْجُودٌ فِي أَثْنَائِهَا , فَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُشْرَعْ التَّسْمِيَةُ فِي أَثْنَائِهَا كَمَا فِي أَوَّلِهَا لِمَا تَقَرَّرَ . "
انظر : الآداب الشرعية لابن مفلح 2 /325 ، و : الموسوعة الفقهية 13 / 253 . و : الفتاوى الفقهية الكبرى 1 /52 .
ثالثاً :
وأما معنى قوله تعالى "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ"
فقد قال الإمام ابن جرير رحمه الله " القول في تأويل قوله تعالى"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"
يعني جل ثناؤه بقوله: اقرأ باسم ربك محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: اقرأ يا محمد بذكر ربك الذي خلق " . والله أعلم .

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد
رد مع اقتباس