آداب الطعام :
*عن عُمَرَ بن أبي سلمة قال " كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ.."صحيح البخاري.
وفي هذا الحديثِ جُملةٌ مِن آدابِ الطَّعامِ يُعلِّمُها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعُمرَ بنِ أبي سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنه خُصوصًا، ولِأُمَّتِه عُمومًا. وأمُّه هي أمُّ سَلَمةَ زَوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو ربيبُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانَتْ يَدُ عُمرَ تَطِيشُ في الصَّحْفةِ، يعني: يُحرِّكُها في جَوانبِ إناءِ الطَّعامِ؛ لِيَلتَقِطَه، فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّسميةِ عندَ الطَّعامِ، وأنْ يَأكلَ بيَمينِه، وأنْ يَأكُلَ مِنَ الجانبِ الَّذي يَقْرُبُ منه مِنَ الطَّعامِ.
يَقولُ عمرُ بنُ سَلَمَةَ"فما زالتْ تلك طِعْمَتِي بعْدُ" يعني: التَزَمْتُ بما أمَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأنا أفعلُ ذلك في طَعامي منذُ سَمِعْتُ ذلك مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: رِفقُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وسَعَةُ صَدْرِه في تعليمِ الصِّغارِ وتأديبِهم.الدرر.
* عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال" البرَكَةُ تنزلُ وَسطَ الطَّعامِ ، فَكُلوا من حافَتيهِ ، ولا تأكُلوا مِن وسطِهِ"صحيح سنن الترمذي.
"إذا أكَلَ أحدُكُم طَعامًا ، فلا يأكُلْ مِن أعلَى الصَّحفةِ ، ولَكِن ليأكل من أسفلِها ؛ فإنَّ البرَكَةَ تنزِلُ من أعلاها"الراوي : عبدالله بن عباس -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم- 3772 خلاصة حكم المحدث : صحيح .
إنَّ مِن أسبابِ البَركةِ في الطَّعام: أن يَلتزِمَ الإنسانُ بآدابِ الطَّعامِ، ومِن تِلكَ الآدابِ ما حثَّ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ بقولِه "إذا أكَل أحدُكم طعامًا، فلا يَأكُلْ مِن أعلَى الصَّحْفَةِ"، أي: لا يَأخُذِ الطَّعامَ مِن وَسَطِها أو مِن أعْلاها إذا كانت مُسَنَّمَةً، أو مجموعةً بَعْضُها فوقَ بعضٍ، والصَّحفةُ: القَصْعَة، والمرادُ بها: كلُّ إناءٍ يُوضَع فيه الطَّعامِ، "ولكنْ لِيَأْكُلْ مِن أسفلِها"، أي: مِن جانبِها الَّذِي أمامَ الآكِلِ؛ "فإنَّ البَرَكَةَ"، أي: الخيرَ والزِّيادةَ "تَنزِلُ مِن أعلاها"، أي: مُنتَصَفها ووَسَطها.الدرر.
* عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " إذا أكَلَ أحَدُكُمْ طَعامًا، فلا يَمْسَحْ يَدَهُ حتَّى يَلْعَقَها، أوْ يُلْعِقَها."صحيح مسلم.
* عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه إذا وقَعَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْها، فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى ولْيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ، ولا يَمْسَحْ يَدَهُ بالمِنْدِيلِ حتَّى يَلْعَقَ أصابِعَهُ، فإنَّه لا يَدْرِي في أيِّ طَعامِهِ البَرَكَةُ. وفي حَديثِهِما: ولا يَمْسَحْ يَدَهُ بالمِنْدِيلِ حتَّى يَلْعَقَها، أوْ يُلْعِقَها وما بَعْدَهُ." صحيح مسلم.
*عن جابر بن عبد الله" إنَّ الشَّيْطانَ يَحْضُرُ أحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شيءٍ مِن شَأْنِهِ، حتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعامِهِ، فإذا سَقَطَتْ مِن أحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ، فإذا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أصابِعَهُ، فإنَّه لا يَدْرِي في أيِّ طَعامِهِ تَكُونُ البَرَكَةُ.صحيح مسلم.
فإنَّه لا يَدري في أيِّ طعامِه، أي: أَجزائِه تكونُ، أي: تحصُلُ وتُوجدُ، "البركةُ" وهي الزِّيادةُ، وثبوتُ الخيرِ والانتفاعُ به، والمرادُ هنا: ما يَحصلُ به التَّغذيةُ وتَسلَمُ عاقبُته مِن أذًى، ويُقوِّي على طاعةِ اللهِ وغير ذلك.
في الحديثِ: بيانُ هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في تناوُلِ الطَّعامِ.
وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَعْقَ الأصابعِ بعدَ الطَّعامِ.
وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكْلَ اللُّقمةِ السَّاقطةِ بعْدَ مَسْحِ الأذى الذي يُصيبُها.
وفيه: الحثُّ على كَسْرِ النَّفْسِ بِالتَّواضعِ، وأخْذِ اللُّقمةِ السَّاقطةِ، وعدم تَرْكِها كما يفعلُه بعضُ الْمُتْرَفِينَ؛ استكبارًا.
فيه: التَّحذيرُ مِنَ الشَّيطانِ، والتَّنبيهُ على مُلازمَتِه الإنسانَ في سائرِ تَصرُّفاتِه.
وفيه: ثبوتُ أكْلِ الشَّيطانِ.
* عن كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال" أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ يَأْكُلُ بثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا" صحيح مسلم.
"أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ إذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، قالَ: وَقالَ: إذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ القَصْعَةَ، قالَ: فإنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أَيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ."صحيح مسلم.
* عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما " أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ نَهى أن يُتنفَّسَ في الإناءِ أو يُنفَخَ فيه"صحيح سنن الترمذي.
"نَهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُتَنَفَّسَ في الإناءِ، أو يُنْفَخَ فيه، أي: في داخِلِ الإناءِ لا خارجِه؛ لِيُبَرِّدَه أو لِعِلَّةٍ ما في الشَّرابِ؛ وذلك حتَّى لا يخرُجَ من فمِه ما يُصيبُ الماءَ ولا سيَّما إذا كان الشَّرابُ مُشترَكًا؛ فَيَقْذَرُ منه الآخَرونَ. وقيل: لأنَّ ذلِك غيرُ مَحمودٍ عند أهل الطِّبِّ وربَّما آذَى الكَبدَ. وقيل غير ذلك.الدرر.