ومذهبهم باطل من وجوه:أحدها: أنه جناية على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد له..
صح نحنُ نشهدُ باللهِ أن اللهَ-عزوجل-لما قال:"لِما خلقتُ بيدي"أنه ماأرادَ يدًا مثل أيدينا أبدًا .ولا لأ؟ نشهد أنه ماأراد هذا. فإذا قال قائلٌ:كيف تشهد على الله هل تدري؟ يمكن الله أراد هذا.أقول:أشهدُ أن اللهَ ما أرادَ ذلك.أعوذ ُبالله؛ تشهدُعلى أمرٍ ماتدري عنه!!إيش أقول؟أقول أدري عنه لأن اللهَ يقول: " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ "فهنا جعلوها دالة على معنى باطلٍ غيرِ لائقٍ بالله ولامُرادٍ لله. هل نحنُ نوافقهم على أن التشبيه باطلٌ؟نعم نوافقهم ؛لكن لانوافقهم على أن التشبيه هو ظاهر النصوص.هذا هو الفرق بيننا وبينهم.
الثاني: أنه صرف لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن ظاهره، والله - تعالى - خاطب الناس بلسان عربي مبين، ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأفصح لسان البشر؛ فوجب حمل كلام الله ورسوله على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي؛ غير أنه يجب أن يصان عن التكييف والتمثيل في حق الله - عز وجل.
الثالث: أن صرف كلام الله ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا علم وهو محرم ؛ لقوله - تعالى – "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" الأعراف 33. ولقوله - سبحانه "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً"الإسراء 36.فالصارف لكلام الله - تعالى - ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قد قفا ما ليس له به علم. وقال على الله ما لا يعلم من وجهين:الأول: أنه زعم أنه ليس المراد بكلام الله - تعالى - ورسوله كذا، مع أنه ظاهر الكلام.الثاني: أنه زعم أن المراد به كذا لمعنى آخر لا يدل عليه ظاهر الكلام.وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويين في الاحتمال قول بلا علم؛ فما ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟!
واضح الآن ولا ماهو واضح؟الصارفُ لكلامِ اللهِ ورسولهِ عن ظاهره؛قال على الله ما لايعلم من وجهين:
الوجه الأول:أنه قال إنه ليس المراد كذا مع أن هذا هو ظاهرُ الكلام.
الوجه الثاني:أنه قال المُرادُ كذا مع أنه خلافُ ظاهرِ الكلام فيكون قائلاً على الله بلاعلمٍ في نفي ما أرادَ اللهُ وإثبات مالم يُرد. مثال ذلك"ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ "ظاهر الكلام"استوى" بمعنى علا على العرش ؛علواً خاصًا يليقُ بالله.قال هذا الصارفُ معنى"استوى"استولى.فهنا نفى ماأرادَ اللهُ من العلو.قال:إن اللهَ لم يردْ العُلو.فنقول:أين لك العلم بهذا؟ فأنت الآن مُطالبٌ بالدليل على مانفيتَ والدليلُ على ماأثبتَ ؛فإن لم تُثبت دليلاً في ذلك فقد قلتَ على اللهِ بلاعلمٍ.ثم قال:وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويينفي الاحتمال قولٌ على اللهِ بلاعلم فما ظنُكَ بتعيين المعنى المرجوح المُخالفُ لظاهرالكلام؛ يصيرُ أولى ولاغيرأولى؟ أقول:إذا جاءنا نصٌ فيه احتمالان متساويان يعني يحتمل أن المرادَ كذا أوأن المرادَ كذا؛هل تُعَيِّنُ أحدَ الاحتمالين بدون دليل أو لأ؟ ماتعينه إلابدليل.مثال ذلك: اختلف العلماء في"القَرء"في قوله تعالى:"والمُطلقاتُ يتربصن بأنفسهن ثلاثة َقُرُوءٍ"بعضهم قال:القرء هو الحيض وبعضهم قال القرء هوالطهر كدة ولالأ؟واللفظ من حيث المعنى اللغوي محتملٌ لهما؛إذا قلت المرادُ به الحيض؛ قلنا هات الدليل.إذا قلت المرادُ به الطهر ؛قلنا هات الدليل.فإن لم تأتِ بدليل كان تعينُكَ أحد الاحتمالين؛قولاً بلاعلمٍ.أقول:إذا كان تعيينك أحدَ الاحتمالين المتساويين في الكلام إذا كان قولاً بلاعلم ؛فإن تعيينَ المرجوحِ يكونُ أبعدَ من العلم ؛ويكون أولى بأن يكون قولًا على اللهِ بلاعلمٍ.وهؤلاء المحرفون للكلمِ عن مواضعه من أهل التأويل ؛صرفوا الكلام عن ظاهره إلى معنىً يُخالفُ الظاهر.فنقول:نطلبُ منكم الآن أو نطالبكم بالدليل على مانفيتُم من المعنى المتبادر الظاهر؛ وعلى ماأثبتم من المعنى المرجوح.أظن واضح إن شاء الله.
مثال ذلك: قوله - تعالى - لإبليس "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي" ص:75. فإذا صرف الكلام عن ظاهره، وقال: لم يرد باليدين اليدين الحقيقيتين وإنما أراد كذا وكذا. قلنا له: ما دليلك على ما نفيت؟! وما دليلك على ما أثبت؟! فإن أتى بدليل - وأنى له ذلك - وإلا كان قائلاً على الله بلا علم في نفيه وإثباته.