عرض مشاركة واحدة
  #52  
قديم 06-14-2017, 02:48 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Arrow

المتن
ولا ريب أن القول الأول لا يقتضيه السياق، ولا يدل عليه بوجه من الوجوه، وذلك لأن المعية هنا أضيفت إلى الله - عز وجل - وهو أعظم وأجل من أن يحيط به شيء من مخلوقاته!
الشرح
صحيح لأنه كيف يُقالُ:إنَّ اللهَ- سبحانه وتعالى- معنا في الأرض واللهُ يقول:" وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ "الزمر67؛ فالذي تكون الأرضُ كلها قبضته يومَ القيامة كيف يمكن ان يكونَ حالًّا في مكانٍ منها؟ هذا ممكن ولا لأ؟مستحيلٌ غاية الاستحالةِ.كلُ السمواتِ السبع والأرضين كلها في كفِ الرحمن كخردلةٍ في كفِّ أحدِنا وهذا أيضًا على سبيل التقريب لاعلى سبيل الحقيقةِ والموازنةِ.شأنُ اللهِ أعظمُ من ذلك كله ولايمكن أن يُحيط َبه أحدٌ- عزوجل-لافي ذاتهِ ولافي صفاته ومهما قدَّرتَ من غايةٍ فإنَّ اللهَ أعظمُ وأجلُّ.
المتن
ولأن المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان، وإنما تدلُّ على مطلق مصاحبة، ثم تفسر في كل موضع بحسبه.
الشرح
ولهذا نقول:إنَّ قولهم فيما سبق إنَّ الرجُلَ إذا قال فلانٌ مع فلان اقتضى أن يكون معه في نفس المكان.نقول:هذا الذي قلتم ليس في كل وقتٍ وفي كل استعمالٍ؛ بل يُقال فلانٌ مع فلانٍ وبينهما مسافاتٍ بعيدة ؛ فيُقال فلانة مع زوجها؛ وهو في المشرق وهي في المغرب .ولا لأ؟ لكن مع زوجها يعني أنها لم تُطلق.ويُقالُ مثلاً الدولة الفلانية مع الدول الشيوعية؛ مثل كوبا مع الدول الشيوعية؛ والمكان واحد؟ بل متباعدٌ جدًا. على هذا نقول إنَّ قولَكم إن اللغة العربية تقتضي المعية أن معية الشخص مع الشخص تقتضي اختلاطهما بالمكان ليس بصوابٍ؛ بل المعية في اللغة العربية تدلُّ على مطلق مقارنة أومصاحبة؛ وتختلف في كل موضعٍ بحسبهِ. تارة ً تقتضي اختلاطًا؛ كما لوقلتُ خلطتُ له لبنًا مع ماءٍ؛ فهنا اختلاط ٌبلاشك.صُبَّ الماءَ على اللبن اختلط به ماينفرد بعضه عن بعض.ولهذا يقولُ قائلٌ في ذم قوم نزلَ بهم ضيفًا؛ ما أعطوَه الضيافة َمن أول ماقدم ما أعطوه الضيافة إلا حين أظلمَ الليلُ لأجل ألايرى ما يُقدموه له في الضيافة فقال: حتى إذا جنَّ الظلامُ واختلط جاءوا بمَزْقٍ هل رأيتَ الذئبَ قَط ؛ مَزق:يعني لبن مخلوطٌ بماءٍ.هل رأيتَ الذئبَ قط إيش لونه؟ أشهب ماهو أبيض.هذا لما تكاثر الماءُ عليه صار اللبن مثل لون الذئب.
سبق لنا المثال الخامس والسادس مما قال أهلُ التعطيل:إنَّ أهلَ السُنةِ والجماعةِ خرجوا به عن ظاهراللفظ ،لأن أهلَ التعطيل زعموا أنَّ ظاهرَ المعيةِ أنَّ اللهَ معنا مختلِطًا بنا وفي أمكِنَتِنا.ثم قالوا:تفسيرُكم ذلك بالعلم إخراجٌ لها عن ظاهرها؛ فيكون تأويلاً .نقول:إنّ هذا المعنى الذي ذكرتم أنه ظاهرُ اللفظِ باطلٌ من عدة وجوهٍ.
المتن
وتفسير معية الله - تعالى - لخلقه بما يقتضي الحلول والاختلاط باطل من وجوه:
الأول: أنه مخالف لإجماع السلف، فما فسرها أحد منهم بذلك؛ بل كانوا مجمعين على إنكاره.

الشرح
فإن كان السلف كلهم لم يُفسروا المعية َبما يقتضي الاختلاط والمشاركة في المكان أبدًا بل كلهم مُجمعون على إنكار ذلك وأنه أمرٌ باطلٌ مستحيل.وماكان مخالفًا لإجماع السلف فهو باطلٌ؛ لأنه يكون قولاً مُحْدَثًا.وكلُ مُحدثةٍ بدعة ٌوكلُ بدعةٍ ضلالة ٌ.
المتن
الثاني: ثانيًا:أنه مناف لعلو الله - تعالى - الثابت بالكتاب، والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف، وما كان منافيًا لما ثبت بدليل كان باطلاً بما ثبت به ذلك المنافي، وعلى هذا فيكون تفسير معية الله لخلقه بالحلول والاختلاط باطلًا بالكتاب والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف!!
الشرح
ثانيًا أنه مُنافٍ لعلو الله لأنك إذا قلت إنَّ اللهَ معك في المكان وأنت في المسجد مثلاً فيكون اللهُ على زعمه في المسجد.المسجد هو عال ولاغيرُ عالٍ؟ غيرُ عالٍ.فأنتَ إذا فسرتَ المعية بأن اللهَ تعالى معنا في الأرض في أمكنتنا؛فهذا يُنافي عُلو الله-عزوجل-. عُلو الله ثابتٌ بالكتاب والسُنة والإجماع والعقل والفطرة أليس كذلك؟ وقد مرَّ علينا هذه الأدلة وبيَّنا وجه دلالتها.إذا كان العُلوالثابت بهذه الأدلة الخمسة يُنافيه القول بأنَّ اللهَ معنا في الأرض؛كان القولُ بأن اللهَ معنا في الأرض باطلاً بمقتضى هذه الأدلة ؛أي بمقتضى الكتاب والسُنة والإجماع والعقل والفطرة.ولهذا نقول:وماكان مُنافيًا لما ثبتَ بدليلٍ كان باطلاً بما ثبتَ به ذلك المنافي.قاعدة مفيدة:"وماكان مُنافيًا لما ثبُتَ بدليلٍ كان باطلاً بماثبت به ذلك المُنافي". العُلو يُنافي القول بأنَّ اللهَ معنا في الأرض ووجه مُنافاتِه واضحة.العُلو ثابتٌ بالكتاب والسُنة والإجماع والعقل والفطرة إذًا كَونُ اللهُ في الأرض باطلٌ بالكتاب والسُنة والإجماع والعقل والفطرة وهذا واضحٌ لأن الشيءَ المناقِضُ للشيءِ إذا ثبُتَ بدليلٍ؛فإنَّ بُطلان ذلك المُناقِض يكونُ بهذا الدليل الذي ثبتَ به المناقِض.وعلى هذا فيكون تفسيرُ معيةِ اللهِ لخلقه بالحلول والاختلاط باطلًا بالكتابِ والسُنةِ والعقلِ والفطرةِ وإجماع السلف.
رد مع اقتباس