ومن أهم الشروط أن يكون عالمًا بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافرًا أو فاسقًا؛ لقوله تعالى: "وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا"النساء 115.وقوله "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ* إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ"التوبة 115؛116
الشرح
وهناك أدلة كثيرة أخرى منها قوله تعالى"وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا"الإسراء15. وقوله تعالى"لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ."النساء 165.وقوله تعالى"ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ"الأنعام131.
ٌ المهم أن الآياتِ في هذا كثيرة وأنَّهُ لايُكَفَّرُ لايُفَسَّقُ إلامَنْ قامت عليه الحُجة ُوأما مَنْ لم تقُم عليه الحُجة ُفإنه لا يُكفَّرُ ولايُفسَّقُ.ولكن إن كان هذا الرجلُ يعملُ على أنَّهُ ليس على دينِ الإسلام فهذا لايُحكمُ له بالإسلام كما يوجد في قومٍ لم تبلغهم الدعوة لكنهم متبعون للبلدِ التي هم فيها في الكفر.هؤلاء لانقول إنهم مسلمون ,نقول هم كفار ونعاملهم في الدين معاملةِ الكافر وهم في الآخرةِ حُكمهم إلى الله-عزوجل-أمامَنْ كان ينتسبُ إلى الإسلام وهو في بلدٍ إسلامي ولكنه يفعل مايقتضي الكفر جهلًا منه وليس على بالِهِ إطلاقًا أن هذا حرامٌ ولم يسمع بأن هذاحرامٌ فهذا نُعاملهُ معاملة َمَنْ؟معاملة المسلم وإن كان قد فعل مايُكَفِّر لأنه ينتسبُ إلى الإسلام وفعلَ مايُكَفِّرُ جاهِلاً به أو فعلَ مايُفسِقُ جاهلًا به .مثالُ ذلك في التفسيق رجلٌ عاشَ في قوم يشربون الدخان ويحلِقون اللِحَى على أن هذا أمرٌ لابأس به ولم يسمع يومًا من الدهر أن الدُخانَ حرامٌ أو أن حلقَ اللحى حرامٌ فهل نقول إن هذا فاسقٌ؟ الجواب:لأ لأنه لم تقم عليه الحُجة .رجلٌ عاش في قومٍ قبوريين يأتون إلى قبر هذا الولي ويسألونه حاجاتهم ويدعونه ولم يعلم قط أن هذا شيءٌ محرمٌ شرعًا وأنه سفهٌ عقلًا أبدًا ؛هذا أيضًا لانحكُمُ بكفره لأنه مسلمٌ يعتقدُ أنه مسلمٌ فتبيَّن بهذا أن الكفار أو الذين فعلوا ما يُكَفِّرُ ينقسمون إلى قسمين:
قسمٌ يفعله لاعلى أنه من دين الإسلام بل هو يعتقدُ أنهُ على دين النصارى مثلا فهذا كافرٌ ظاهرًا وباطنًا.
قسمٌ آخر يفعلُ مايُكفِّرُ معتقِدًا أنه ليس بكفر فهو ينتسبُ إلى الإسلام ظاهرًا وباطنًا لكنه يظنُ أن هذا الفعل لا يُخرجهُ من الإسلام فهذا لايُكَفَرُُ ؛ومن ذلك لو فرضنا أن رجلاً لايُصلي في بلادٍ كلِ علمائها يقولون:إنَّ تاركَ الصلاةِ لايُكفر؛ ولم يطرأ على باله أنَّ تاركَ الصلاةِ يكفر.هل نقول هذا كافرٌ؟لأ لأنه لم تقُم عليه الحجة ُ.
بقي أن يُقالُ:إذا عُلِمَ الحُكمُ و جَهِلَ العقوبة فهل هذا عُذرٌ؟ لأ ليس بعذرٍ؛إذا كان يعلمُ بأنه كفرٌ لكن ماعلِمَ أنه إذا كفرَ مثلاً لايُدفَنُ مع المسلمين وأنهُ يخلدُ في النار وما أشبه ذلك.نقول هذا ليس بعذرٍ؛ ولهذا لم يعذر النبي-صلى الله عليه وسلم-الرجلَ الذي جامعَ زوجته في نهار رمضان وهو لايدري هل عليه كفارة أم لا؟ بل ألزمه بالكفارةِ. نعم.