وبهذا عُلم الفرق بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، فليس كل قول أو فعل يكون فسقًا أو كفرًا يحكم على قائله أو فاعله بذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ص165 جـ35 من مجموع الفتاوى "وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع، يقال هي كفر قولاً يطلق كما دلت على ذلك الدلائل الشرعية، فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله، ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم، ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه، مثل من قال: إن الخمر أو الربا حلال لقرب عهده بالإسلام أو لنشوئه في بادية بعيدة، أو سمع كلامًا أنكره ولم يعتقد أنه من القرآن الكريم ولا أنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان بعض السلف ينكر أشياء حتى يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها. إلى أن قال: فإن هؤلاء لا يكفرون حتى تقوم عليهم الحجة بالرسالة كما قال الله تعالى "لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ"النساء 165. وقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان وبهذا عُلم أن المقالة أو الفعلة قد تكون كفرًا أو فسقًا، ولا يلزم من ذلك أن يكون القائم بها كافرًا أو فاسقًا إما لانتفاء شرط التكفير أو التفسيق أو وجود مانع شرعي يمنع منه. لكن من انتسب إلى غير الإسلام أعطي أحكام الكفار في الدنيا، ومن تبين له الحق فأصر على مخالفته تبعًا لاعتقاد كان يعتقده أو متبوع كان يعظمه أو دنيا كان يؤثرها فإنه يستحق ما تقتضيه نسيان.أهـ.
وبهذا علم أن المقالة أو الفعلة قد تكون كفرًا أو فسقًا، ولا يلزم من ذلك أن يكون القائم بها كافرًا أو فاسقًا إما لانتفاء شرط التكفير أو التفسيق أو وجود مانع شرعي يمنع منه.
هذا الكلام معروفٌ الآن؟يعني معناهُ أن نُفَرِقَ بين القولِ والقائلِ والفعلِ والفاعِلِ.قد نقولُ "هذا القولُ كفرٌ" ولكن لايكفِرُ قائلُهُ.وقد تقولُ:هذا الفعل كُفرٌ ولكن لايَكْفُر فاعِلُهُ؛ لأنَّ كُفرَ المُعيَّنِ يحتاجُ إلى شروطٍ وانتفاءِ موانِعٍ؛ نحنُ نقولُ الآن لو أنكرَ شخصٌ آية من كتابِ اللهِ؛فإنَّ إنكارَ آية من كتابِ اللهِ كُفرٌ ؛لكن هذا الشخصَ المُعينَ لا نُكفِرُهُ.وقد أنكرَ عمرُبن الخطابِ-رَضيَ اللهُ عنهُ-قراءة َ أحدِ الصحابةِ حتى ذهبَ به إلى النبي-عليه الصلاة والسلام-فقالَ الرسولُ-عليه الصلاة ُوالسلام-: "هكذا أُنزِلَ"فإنكارُ آيةٍ من القرآن كفرٌ _لكن قد يُنكِرها الإنسانُ لعدمِ علمِهِ بأنها صحت عن النبي-صلى الله عليه وسلم- فلا يَكفُر.قديكونُ ناشِئًا في باديةٍ بعيدةٍ فيقولُ إنَّ الصلاة َغيرُ مفروضةٍ فلا يكفر.قد يكونُ حديثَ عهدٍ بإسلامٍ فيقولُ إنَّ الخمرَ غيرُ حرامٍ لأنهُ مابلغَهُ.فنقول: هذا لايَكْفر مع أنه لوقاله قائلٌ يعلمُ لكان كافِرًا. فَفَرَقٌ إذن بين المقالةِ والقائلِ وبين الفعلِ والفاعِلِ.