عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-17-2017, 06:50 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,266
Arrow


المجلس الثالث
الأخوة والحب في الله نجاة
الحب في الله من أوثق عرى الإيمان ، ومن أعظم القواعد التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي ، به يحصل الوداد والوئام بين الناس ، فيتحابون ويتزاورون ويتناصحون ويتناسبون ويأتمرون بالمعروف ويتناهون عن المنكر ، وبه يحققون معنى الأخوة الإسلامية ، وبه يجدون حلاوة الإيمان في معاملاتهم ومصاحباتهم ومعاشراتهم .
وقد روى أحمد (18524) عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال" إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ " .
وحسنه محققو المسند ، وكذا حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" 3030 .
من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا له " رَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ " كما في الحديث الصحيح المتفق عليه.
ويمكن أن يصل العبد إلى هذه المنازل العالية والمراتب السامية بصدق المحبة ، وإخلاصها لله ، والتعاون فيها على البر والتقوى ، والتناصح بالخير ، والاجتماع على الطاعات ، ونبذ المنكرات من الأقوال والأعمال.موقع الإسلام سؤال وجواب.
لا يشقَى بهم جليسُهم: ملازمة وحب ومجالسة الصالحين نجاة :

- إنَّ للهِ تباركَ وتعالَى ملائكةً سيَّارةً . فُضُلًا . يتبعونَ مجالسَ الذكرِ . فإذا وجَدوا مجلسًا فيه ذِكرٌ قعَدوا معهمْ . وحفَّ بعضُهم بعضًا بأجنحتِهِم . حتَّى يملئوا ما بينَهُم وبينَ السَّماءِ الدُّنيا . فإذا تفرَّقوا عرَجوا وصعِدوا إلى السَّماءِ . قال فيسألُهُم اللهُ عزَّ وجلَّ ، وهو أعلمُ بهم : من أين جِئتُم ؟ فيقولونَ : جِئنا من عندِ عِبادٍ لك في الأرضِ ،يسبِّحونكَ ويكَبِّرونكَ ويُهلِّلونكَ ويَحمدونكَ ويسألونكَ . قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا : يسألونَكَ جنَّتكَ . قال : وهلْ رأوْا جنَّتي ؟ قالوا : لا . أي ربِّ ! قال : فكيف لو رأَوْا جنَّتي ؟ قالوا : ويَستجيرونَكَ . قال : وممَّ يستجيرونَني ؟ قالوا : من نارِكَ . يا ربِّ ! قال : وهل رأَوْا ناري ؟ قالوا : لا . قال : فكيفَ لو رأَوْا ناري ؟ قالوا : ويستغفرونَكَ . قال فيقولُ : قد غفرتُ لهم . فأعطيتُهم ما سألوا وأجَرتُهم ممَّا استجاروا . قال فيقولونَ : ربِّ ! فيهم فلانٌ . عبدٌ خطَّاءٌ . إنَّما مرَّ فجلس معهم . قال فيقولُ : وله غفرتُ . همُ القومُ لا يَشقَى بهم جليسُهُم"الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2689 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 10429 -الدرر السنية-


فِيهم فُلانٌ ليس مِنهم، إنَّما جاء لحاجةٍ» دُنْيَوِيَّةٍ، ولم يأتِ لِذِكْرِكَ، «قال: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهم».
وهذا مِن فوائدِ مُجالَسةِ الصَّالِحين.
وفي الحديثِ: حِرْصُ الملائكةِ على سَماعِ الذِّكرِ، ومَحَبَّتُها حُضورَ مجالسِ الذِّكر.
وفيه: أنَّ أهمَّ ما تُشْغَلُ به حياةُ العِباد ما يُقرِّبُهم مِن الله والجنَّةِ، ويُبعِدُهم عن النارِ.
-الدرر السنية-.

- جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا رسولَ اللهِ، كيف تقولُ في رجلٍ أحَبَّ قومًا ولم يَلحَقْ بهم ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم " المَرءُ معَ مَن أحَبَّ " .الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6169 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-. الدرر السنية .

الشرح:كانَ أصْحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم يُحبُّ بعضُهمْ بَعضًا حبًّا شديدًا، وكانَ بعضُهمْ أنشَطَ في الطَّاعاتِ مِن بعضٍ، وكَانوا يُشفِقونَ مِن تفاوُتِ العَملِ بينَهُمْ أنْ يُفرِّقَ بينَهُمْ في الأَجر فيَفتَرِقوا عنْ بعضِهم في الجنَّةِ.

وَفي هَذا الحديثِ: أنَّ بعضَ الصَّحابةِ قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: الرَّجلُ يُحِبُّ القومَ ولَمَّا يَلحقْ بِهمْ؟ أي: إنَّ الرَّجلَ يُحبُّ قومًا صالِحينَ مُجتهِدينَ في العبادةِ ولَكِنَّهُ لا يَستَطيعُ أنْ يعملَ بِمِثلِ عَملِهمْ، ولا يَستَطيعُ أنْ يلحَقَ بِهمْ فيما يَقومونَ بهِ مِن أَعمالِ الْخَيرِ، فَماذا أَفعلُ يا رَسولَ اللهِ؟ فأجابهُ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم قائلًا: "المرءُ معَ مَنْ أَحبَّ"، أيْ: لا تَخفْ ولا تَجزَعْ؛ فلنْ يضرَّكَ سَبْقُهم إيَّاكَ ما دُمتَ تُحِبُّهم وإنْ كنتَ مُقصِّرًا عنْهُمْ في فِعلِ الخَيراتِ؛ فحبُّكَ إيَّاهمْ أَلحقَكَ بِهم في المكانِ لا في المكانةِ والدرجةِ ذاتِها، أي: أنَّه يَلحَقُ بهم، لكنَّه ليس مِثلَهم في الكرامةِ مِن كلِّ وجهٍ.
وفي الحديثِ: أنَّ تَعلُّقَ قلوبِ الأشخاصِ بعضِها ببعضٍ في الدُّنيا يكون سببًا في جَمْعِهم معًا في الآخِرَةِ؛ فلْيَخترِ المسلمُ لنَفْسِه مَن أحبَّ أنْ يُحشَرَ معه.. الدرر السنية .

الأخوة في الله عبادة

فالأخوة عبادة، ولابد أن نعرف أن الأخوة عبادة من العبادات التي نتقرب بها إلى الله عز وجل، فهي عبادة نتقرب إلى الله بها مثلما نتقرب إليه بالصلاة أو بالصيام، أو بالحج.. بالدعاء.. بالتوكل. فهي عبادة من العبادات الجليلة التي جعل الله تعالى لها فضلاً عظيمًا منه عز وجل، وهي نعمة عظيمة جدًا، نعمة عظيمة لا يحس بها إلا من توافرت فيه شروط الأخوة، وإلا فأقول لكم بصراحة: إن كثيرًا من الناس اليوم تجده يقول: فلان من أعز أصدقائي، أو هذا فلان صديق عزيز، أو هذا فلان كنت أنا معه من السنة الفلانية، أو من المرحلة الابتدائية، أو كنا معًا في حارة واحدة، هذا فلان من أعز أصدقائي، هذا الكلام -أيها الإخوة- لا يعني مطلقًا أن هذين الرجلين متآخيان في الله، لا. فقد تكون العلاقة بينهما هي علاقة تجاذب وتقارب وتوافق نفسي فقط، اثنين يرتاحان لبعض، أما الأخوة في الله فهي مسألة أعلى من ذلك بكثير، فهي مراتب وصفات لا يحس بها إلا من عرفها وذاق طعمها.
الأخوة في الله مهمة جدًا، مهمة جدًا في طلب العلم، وفي الدعوة إلى الله، مهمة جدًا في تربية النفس، مهمة جدًا إذا نزلت بك مصائب وواجهتك عقبات -مهمة جدًا للثبات على الحق.-
الشيخ محمد المنجد
الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى
تحصيل محبة الله تعالى غاية قلوب الموحدين، وقد بينت النصوص أن محبة الله تعالى تتحصل بمحبة الإخوان وحسن عشرتهم ومواساتهم وموالاتهم والتزاور بينهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم

1 -« أنَّ رجلًا زارَ أخًا لَهُ في قريةٍ أخرى ، فأرصدَ اللَّهُ لَهُ ، على مَدرجَتِهِ ، ملَكًا فلمَّا أتى عليهِ ، قالَ : أينَ تريدُ ؟ قالَ : أريدُ أخًا لي في هذِهِ القريةِ ، قالَ : هل لَكَ عليهِ من نعمةٍ تربُّها ؟ قالَ : لا ، غيرَ أنِّي أحببتُهُ في اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، قالَ : فإنِّي رسولُ اللَّهِ إليكَ ، بأنَّ اللَّهَ قد أحبَّكَ كما أحببتَهُ فيهِ»
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2567-خلاصة حكم المحدث: صحيح
*الدرر السنية*

- المتآخون في الله في ظل الله تعالى:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- « إنَّ اللَّهَ يقولُ يومَ القيامةِ : أينَ المُتحابُّونَ بجلالي ، اليومَ أظلُّهم في ظلِّي . يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلِّي» الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أوالرقم:2566-خلاصة حكم المحدث:صحيح الدرر السنية

- منازل المتآخين في الله غبطة الأنبياء والشهداء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (رواه أبو داود).

الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3527-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية


- الأخوة في الله طريق لحلاوة الإيمان واستكمال عراه:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ» (رواه الترمذي.حسنه الألباني -الدرر .
ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» (متفق عليه).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (متفق عليه).


"قال اللهُ عزَّ وجلَّ المتحابونَ في جلالي لهم منابرُ من نورٍ يغبطُهم النَّبيُّونَ والشهداءُ"

الراوي : معاذ بن جبل - المحدث : - الألباني المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2390 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-

- أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً ، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا ، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا ، و مَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ ، و مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، و لَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ؛ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ ، و مَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ ، [ و إِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ ].الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : السلسلة الصحيحة-الصفحة أو الرقم: 906 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-

قال الشيخ -ابن عثيمين رحمه الله :
" قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف ، لأن نفعها متعد ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر ، إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجبات الإسلام " انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" 20/ 180. .


هذا، وإن مما ينبغي التنبه له أن هناك ضابطين تعرف منهما أن علاقتك بأخيك في الله أم لا.
الأول: أن يزيد حبك له إذا زادت طاعته لله واستقامته على دينه، وأن يقل حبك له إذا خالف أمر الله وفرط في جنبه، فإن العلاقة القلبية التي لا تزيد ولا تقل بحسب القرب والبعد عن الله هي في الحقيقة هوى، "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "القصص: 50. ولا يكون لله محل في مثل هذه العلاقة، وإنما الحامل عليها هو الأنس بالصحبة والمشاكلة في الطباع والمشاركة في وجهات النظر، وانظر الفتوى رقم: 13686.
الضابط الثاني: إذا حصل تعارض بين محبوب الله جل وتعالى ومحبوب الشخص فإنك تقدم مرضاة الله على من سواه، قال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. رواه مسلم. وانظر الفتاوى بالأرقام التالية: 20562، 5705، 24845.
هذا، وإن للإخوة في الله حقوقًا وواجبات، انظر بعضها في الفتوى: 1861، 41654، وهناك وسائل تجذب بها قلوب الناس، تجد بعضها في الفتوى رقم: 30426.
والله أعلم. هنا .
اللَّهمَّ يَسِّرْ لي جَليسًا صالحًا



قال البخاري في صحيحه:حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ،قال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقُلْتُ إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِي قَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ وَفِيكُمْ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ"
صحيح البخاري » كتاب فضائل الصحابة » باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما-حديث رقم :3532 . هنا .

كان لأصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مناقبُ وفضائلُ كثيرةٌ، وكان لِكلِّ واحد منهم فضيلةٌ ومَيزَةٌ يُعرفُ بها عَن غيرِه، وفي هذا الحديثِ يَذكرُ أبو الدَّرداءِ رضِي اللهُ عنه بعضَ صحابةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِمَا تَمَيَّزُوا وعُرِفُوا به عندما جلسَ بِجواِره عَلْقَمَةُ بنُ قَيْسٍ وكان قد دعا أنْ يُيسِّرَ اللهُ له جَليسًا صالحًا، فَجلسَ بِجواِره أبو الدَّرداءِ رضِي اللهُ عنه، فقال له أبو الدَّرداءِ رضِي اللهُ عنه: مِمَّنْ أنتَ؟ فقال له: مِنَ الكوفةِ فقال أبو الدَّرداءِ رضِي اللهُ عنه: أَليسَ منكم صاحبُ السِّرِّ الَّذي لا يعلَمُه غيرُه؟ يقصدُ حُذيفةَ بنَ اليمانِ رضِي اللهُ عنه، وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعلَمَه بِالْمُنافِقِينَ وأحوالِهم وأَطْلَعَه على بعضِ ما يجري لهذه الأمَّةِ بعدَه وجعل ذلك سِرًّا بينَه وبينَه، ثُمَّ قال له: أَلَيس فِيكم مَن أجارَه اللهُ؟ أي: حَفظَه اللهُ على لسانِ نبيِّه مِنَ الشَّيطانِ، يقصِدُ عمَّارَ بنَ ياسرٍ رضِي اللهُ عنه، ثُمَّ قال له: أليس فيكم صاحبُ السِّواكِ أوِ السِّرارِ، يقصِدُ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه فقَدْ كان يتولَّى أمْرَ سِواكِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ويَتعاهدُ خِدمَتَه والمرادُ بِالسِّرارِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يحجبُه إذا جاءَ، ثُمَّ سألَ أبو الدَّرداءِ رضِي اللهُ عنه عَلْقَمَةَ فقال له: كيفَ كانَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه يقرأ قولَه تعالى"وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذاَ تَجَلَّى"؟ قال عَلْقَمَةُ: "وَالذَّكَرِ وَالْأُنِثَى" يريدُ أنَّه يقرأُ "وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى" بدلًا ِمن: "وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى"، فقال أبو الدَّرداءِ رضِي اللهُ عنه: ما زالَ بي هؤلاء، يعني: أصحابَه، حتَّى كادوا يَستَنزِلُونني، أي: يجعلوني أترُكُ وأَتنازلُ عَن شيءٍ سمعتُه مِن رسول اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، يعني قراءةَ"وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى"، والظَّاهرُ أنَّها نَزلتْ أوَّلًا هكذا ثُمَّ نزلَ "وَمَا خَلَقَ"، ولم يسمَعْها أبو الدَّرداءِ وابنُ مسعودٍ رضِي اللهُ عنهما.الدرر السنية .
علماء القراءات يقولون: هذه من القراءات الشاذة، فالقراءة المتواترة هي"وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى" ، وهذا لا يثار في مجالس عموم الناس، إنما يثار في مجالس طلبة العلم، ولكن على كلٍ فقد قال أهل القراءات: إنها من القراءات الشاذة، أما أهل الحديث فيقولون: السند ثابت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وفي غيرهما.
سلسلة التفسير للشيخ مصطفى العدوي.

وقيل : أن ابن مسعود –رضي الله عنه-لم يقرأ بتلك القراءة نسيانًا، ولا تركها نسيانًا بل قرأ بها قبل إجماع الأمة على مصحف عثمان، وتركها بعد إجماعها عليه. ملتقى أهل الحديث .
وقراءة ابن مسعود المذكورة لم يقرأ بها أحد بعد جَمْع المصاحِف – الْجَمْع الأخير – ، ومِن العلماء مَن يرى أنها منسوخة .
قال النووي : قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْمَازِرِيُّ : يَجِب أَنْ يُعْتَقَد فِي هَذَا الْخَبَر وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قُرْآنًا ثُمَّ نُسِخَ ، وَلَمْ يُعْلَم مَنْ خَالَفَ النَّسْخ فَبَقِيَ عَلَى النَّسْخ . قَالَ : وَلَعَلَّ هَذَا وَقَعَ مِنْ بَعْضهمْ قَبْل أَنْ يَبْلُغهُمْ مُصْحَف عُثْمَان الْمُجْمَع عَلَيْهِ ، الْمَحْذُوف مِنْهُ كُلّ مَنْسُوخ ، وَأَمَّا بَعْد ظُهُور مُصْحَف عُثْمَان فَلا يُظَنّ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ خَالَفَ فِيهِ . اهـ .الشيخ عبد الرحمن السحيم .

رد مع اقتباس