عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-09-2019, 12:45 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
root


إذا كان المؤجر الذي يعمل مطربا سيتخذ الشقة مسكنا له ولعائلته فلا حرج من إيجار أو بيع الشقة له ، أما إذا كان هناك دليل أو قرينة واضحة على أنه سيستعمل هذا المسكن في منكرات ومعاص فلا يجوز التأجيرأو البيع له لأن في ذلك إعانة له على الباطل ، والبيع والإجارة حينئذ باطلان ، قال الله تعالى : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " المائدة 2 .
وقال السرخسي رحمه الله في "المبسوط" 16/39 :
" ولا بأس بأن يؤاجر المسلم دارا من الذمي ليسكنها ، فإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصليب أو دخل فيها الخنازير لم يلحق المسلم إثم في شيء من ذلك لأنه لم يؤاجرها لذلك ، والمعصية في فعل المستأجر ، وفعله دون قصد رب الدار فلا إثم على رب الدار في ذلك ." اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوى الكبرى" 5/388 :
" وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا قَصْدُهُ بِهِ الْحَرَامَ ، كَعَصِيرٍ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ كَمَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ ، أَوْ ظَنَّ ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا : لَوْ ظَنَّ الْآجِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَسْتَأْجِرُ الدَّارَ لِمَعْصِيَةٍ كَبَيْعِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ تِلْكَ الدَّارَ ، وَلَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ ، وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ سَوَاءٌ ." اهـ.

وإذا قام المؤجر بإيجار أو بيع المسكن لمن يتخذه سكنا ثم حوله بعد ذلك لمكان يُعمل فيه بالمعاصي والمنكرات فلا حرج عليه أيضا لأنه لم يعلم في البداية عند إبرام العقد بذلك وإنما قام بتأجيرها لاستعمالها كمسكن للعائلة ، وعليه أن ينصحهم وينهاههم عن المعاصي فإن أبوا فلا يجدد لهم عقد الإيجار مرة أخرى .

وبعض الفقهاء يرى أنه لا حرج من التعامل مع من ماله حرام أو فيه شبهة ، لأن الإثم على من اكتسب المال من طريق حرام وليس على من انتفع به من طريق حلال ، واحتج بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا، ومات ودرعه مرهونة عنده ، وأجاب يهوديًا دعاه وأكل من طعامه، وقد أخبر الله تعالى أنهم أكَّالون للسحت. وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : لا بأس بجوائز السلطان، فإن ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام.
وقال الحافظ ابن رجب في (جامع العلوم والحكم) على حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : " الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" الحديث (متفق عليه)، فقال في شرح هذا الحديث :
" وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله. وإن اشتبه الأمر فهو شبهة، والورع تركه. قال سفيان: لا يعجبني ذلك وتركه أعجب إلي. وقال الزهري ومكحول : لا بأس أن يؤكل منه ما لم يُعرف أنه حرام بعينه، فإن لم يُعلم في ماله حرام بعينه، عُلم أن فيه شبهة، فلا بأس بالأكل منه. نص عليه أحمد في رواية حنبل. وذهب إسحاق بن راهويه إلى ما روي عن ابن مسعود وسليمان وغيرهما من الرخصة، وإلى ما روي عن الحسن وابن سيرين في إباحة الأخذ مما يقضي من الربا والقمار، نقله عنه ابن منصور " ا.هـ.

وسُئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هل يجوز تأجير بيوت السكن على أهل الكتاب وعلى فساق المسلمين ؟ فإن بعض أهل العلم يحرم ذلك بناء على أن الكتابي سيكفر بالله في هذا البيت ، وسيعبد فيه الصليب ، وسيأكل فيه الخنزير ، ويشرب فيه الخمر ، وبناء على أن الفاسق سيشرب فيه الخمر ، وسيسمع فيه الموسيقى والأغاني .
فأجابوا :
"الأصل جواز تأجير البيوت على الكتابي الذي له عهد أو أمان عند المسلمين ، لكن لو علم أو غلب على ظن المؤجر أن هذا المحل سيستعمل فيما حرم الله ، كبيع الخمر ، ولعب القمار ونحو ذلك حرم ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ، سواء كان المستأجر كافرا أو عاصيا ، وسواء كان المستأجر بيتا أو حانوتا أو غيرهما ؛ لقول الله تعالى " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " اهـ. "فتاوى اللجنة الدائمة" 14 /486-487 .


لمزيد من الفائدة يمكنكم الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : فتاوى مالية : 1548 ، 3108 ، 3112 ، 3113 .

والله تعالى أعلم .
= هنا =
رد مع اقتباس