عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 03-09-2018, 03:13 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,225
Arrow

من لوازم التوحيد

" الولاء والبراء "
من لوازم التوحيد أن توالي أهله الموحدين وتتبرأ من أعدائه المشركين ، قال تعالى :
"إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"سورة المائدة / آية : 55 ، 56 .

· الولاء :
المعنى اصطلاحًا :
القرب من المسلمين بمودتهم وإعانتهم ومناصرتهم على أعدائهم ، والسكنى معهم . والموالاة ضد المعاداة .
· البراء :
المعنى اصطلاحًا :
البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار ، والمراد هنا قطع الصلة القلبية مع الكفار ، فلا يحبهم ولا يناصرهم ولا يقيم في ديارهم .
* الولاء والبراء تابعان للحب والبغض ، فإن أوثق عُرَى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ، وبهما تنال ولاية الله ، وهما من أهم لوازم التوحيد .
ولن تقوم للأمة الإسلامية قائمة ، إلا بالرجوع إلى الله والحب فيه والبغض فيه ، والولاء له ولأوليائه ، والبراء ممن أمرنا بالبراء منه ، وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
* ولما كان الولاء والبراء مبنيين على قاعدة الحب والبغض ، فإن الناس عند أهل السنة والجماعة ـ بحسب الحب والبغض في الله والولاء والبراء ـ ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : مَنْ يُحَبُّ جُمْلَة :
وهو من آمن بالله ورسولهِ ، وقام بوظائف الإسلام ومبانيه العظـام علمًا وعملًا واعتقادًا ، وأخلص أعماله وأفعاله وأقواله لله ، وانقاد لأوامره ، وانتهى عما نهى الله عنه ورسوله ، وأحب في الله ، ووالى في الله ، وأبغض في الله ، وعادى في الله ، وقدم قول رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ على قول كل أحد كائنًا من كان .
الصنف الثاني : من يُحَب من وجه ويُبغَض من وجه :
وهو المسلم الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا ، فيُحَبُّ ويوالَى على قدر ما معه من الخير ، و يُبغَض و يعادَى على قدر ما معه من الشر .
فهذا عبد الله بن حِمار ، وهو رجل من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يشرب الخمر ، فأُتِيَ به إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بضربه بالنعال والجريد ، فلعنه رجل وقال : ما أكثر ما يؤتى به ..... .

فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم" لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " .صحيح البخاري / كتاب : الحدود / باب : ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة .
فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغم أنه لعن شارب الخمر وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها ، إلا أنه نهى عن لعن هذا الرجل لأنه يَحَبُّ من وجهٍ ويُبْغَضُ من وجهٍ .
يَحَبُّ من وجه : إنه يحب الله ورسوله .
ويُبْغَضُ من وجه : كونه شارب خمر .
الصنف الثالث : من يُبغض جملة :
وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ولم يؤمن بالقدر خيره وشره ، أو ترك أحد أركان الإسلام عمدًا .
فأهل السنة والجماعة يوالون المؤمن المستقيم على دينه ولاءً كاملًا ، ويحبونه وينصرونه نصرة كاملة ، ويتبرءون من الكفرة والملحدين ، ويعادونهم عداوةً وبغضًا كاملين .
أما من خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا ؛ وهم العصاة أصحاب الكبائر ؛ فيوالونه بحسب ما عنده من الإيمان ، ويعادونه بحسب ما عنده من الإيمان ، ويعادونه بحسب ما هو عليه من الشر .
الولاء والبراء القلبي :الولاء والبراء ص : 139.
من عقيدة أهل السنة والجماعة ، أن الولاء القلبي وكذلك العداوة ـ القلبية ـ يجب أن تكون كاملة .
يقول شيخ الإسلام ابن تيِّمية :
فأما حب القلب وبغضه ، وإرادته وكراهته ، فينبغي أن تكون كاملة جازمة ، لا توجب نقص ذلك إلا بنقص الإيمان ، وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته ، ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته فإنه يعطَى ثواب الفاعل الكامل .
ذلك أن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها ، لا بحسب محبة الله ورسوله ، وبغض الله ورسوله .
وهذا نوع من أنواع الهوى ، فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه ... قال تعالى "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ".سورة القصص / آية : 50 .
المداهنـة وعلاقتها بالولاء والبـراء :في بيان العقيدة ص : 111 .
المداهنة : هي المصانعة والمسالمة وترك ما يجب من الغيرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتغافل عن ذلك لغرض دنيوي وهوى نفساني ، فالاستئناس بأهل المعاصي ومعاشرتهم وهم على معاصيهم ، وترك الإنكار عليهم مع القدرة عليه هو المداهنة .
وعلاقة المداهنة بالولاء والبراء تظهر من معناها وتعريفها الذي ذكرناه وهو ترك الإنكار على العصاة مع القدرة عليه ، ومسالمتهم ومصانعتهم ، وهذا فيه ترك للموالاة في الله ، والمعاداة فيه وتشجيع للعصاة والمفسدين .
ويصبح المداهن داخلًا في قوله تعالى "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ"
.سورة المائدة / آية : 78ـ 80 .
المداراة وأثرها على الولاء والبـراء :
المداراة : هي درء المفسدة والشر بالقول اللين وترك الغلظة ، أو الإعراض عن صاحب الشر إذا خيف شره أو حصل منه أكبر مما هو ملابس له .
وفي الحديث : عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت :استأذنَ رجلٌ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا عندَهُ فقالَ بئسَ ابنُ العشيرةِ أو أخو العشيرةِ ثمَّ أذِنَ لهُ فألانَ لهُ القولَ فلمَّا خرجَ قلتُ لهُ يا رسولَ اللَّهِ قلتَ لهُ ما قلتَ ثمَّ ألنتَ لهُ القولَ فقالَ يا عائشةُ إنَّ من شرِّ النَّاسِ من تركهُ النَّاسُ أو ودعهُ النَّاسُ اتِّقاءَ فُحشِهِ " .الشمائل للترمذي / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ص : 184 / حديث رقم : 301 .
الحديث صحيح / أخرجه البخاري .
"فألانَ لهُ القولَ " وذلك لتألفه لِيُسلِمَ قومُهُ لأنه كان رئيسهم ومطاعًا فيهم ، كما هو شأن الجفاة ، لأنه لو لم يُلِنْ له القول لأفسد حال عشيرته ، وزين لهم العصيان لأنهم لا يعصون له أمرًا " . حاشية الشمائل / ص : 184 .
ومن رسالة بيان العقيدة ، تعليقًا على هذا الحديث :
فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دارى هذا الرجل لمَّا دخل عليه مع ما فيه من الشر لأجل المصلحة الدينية ، فدل على أن المداراة لا تتنافى مع الولاء والبراء إذا كان فيها مصلحة راجحة من كف الشر والتأليف ، أو تقليل الشر .
ومن ذلك مداراة النبي للمنافقين خشية شرهم وتأليفًا لهم ولغيرهم .
*نموذج للولاء والبراء :
موقف عبد الله بن عبد الله بن أُبي بن سلول من أبيه المنافق : عن جابر بن عبد الله قال " كنا في غزاةٍ قال سفيان يرونَ أنها غزوةَ بنِي المصطلِقِ فكسعَ رجلٌ من المهاجرينَ رجلا من الأنصارِ فقال المهاجريّ ياللمهاجرين وقال الأنصاريّ ياللأنصارِ فسمعَ ذلكَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال" ما بالُ دعوى الجاهليةِ" قالوا رجلٌ من المهاجرينَ كسَعَ رجلا من الأنصارِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم" دعوهَا فإنها مُنتَنةٌ" فسمع ذلكَ عبد الله بن أبي ابن سلولٍ فقال أوقدْ فعلوها واللهِ لئن رجعنا إلى المدينةِ ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ فقال عمرُ يا رسولَ اللهِ دعني أضربْ عنقَ هذا المنافقِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم" دعهُ لا يتحدثُ الناسُ أن محمدا يقتلُ أصحابَهُ" وقال غيرُ عمرَ فقال له ابنهُ عبد الله بن عبد الله والله لا تنقلبْ حتى تقرّ أنكَ الذليلُ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم العزيزُ ففعلَ"
صحيح سنن الترمذي / ج : 3 / حديث رقم : 2641.
رد مع اقتباس