عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-09-2018, 11:26 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,225
root

*نعمة بلوغ أيام الطاعات وشكرها
فإن من أعظم النعم التي يُنعم الله بها على عباده, أن يبلغهم أيام الطاعات, ومواسم الخيرات, ونزول الرحمات, ليتزودوا من الحسنات, ويستغفروا عن ما بدر منهم من الذنوب والسيئات, ويتعرضوا للنفحات فلعلها تصيبهم نفحة فلا يشقوا بعدها أبدًا.
شكر النعمةفإنَّ نعمة الله تعالى على عبده بتبليغه مواسم البر والخير تستوجب شكرًا كسائر النِّعم، فإن الله تعالى يُنعم على عبده بما يَصلح به معاشه، وما يستقيم به مَعاده إذا كان أهلًا بنعمة الله وإحسانه وفضله، فهو جلَّ وعلا أعلم بالمهتدين، وهو أعلم بمن اتقى، وهو أعلم بمحال الفضل، فليحمد المؤمن الله عز وجل على ما يسَّر له مِن صالح العمل، فإن بحمده وشكره والثناء عليه تزداد عطاياه، وتُكثر هباته، وقد قال جلَّ في علاه"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"إبراهيم 7.
أي: أعلم ووعد،"وَإِذْ تَأَذَّنَ" أي أعلم الله جلَّ وعلا ووعد الناس أنه من شكر فإنه ينال من الله عطاءًوفضلًا، وزيادةً وبرًّا.
وشكر النعم بأنواعها لا يكون فقط بقول اللسان، وثناء البيان؛ بل لا يكون الشكر إلا ما اجتمع فيه قول اللسان، وعمل القلب والجوارح، فإن النِّعم تُشكر بهذا، لا تشكر فقط بأن يقول الإنسان كلامًا يحمد فيه الله عز وجل، ثم في الواقع والعمل والقلب والقالب هو بعيدٌ عن حمد الله والثناء، عليه.
فالشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله والثناء على الله بها وصرفها في مرضاة الله تعالى. وكفر النعمة ضد ذلك.تفسير السعدي.
فما أشجر أن يستحضر المؤمن هذا المعنى، وأن يشكر الله عز وجل بقلبه وقالبه، وقوله؛ لينال بذلك عطاء الله عز وجل وفضله.وإذا شكر المؤمن بصدق أعطى الله تعالى العبد زيادةً، فثبَّت له النعمة، وزاده من أنواع النعم وألوان الإحسان ما ليس له على ذلك؛ لهذا جديرٌ بالمؤمن أن يشكر الله عز وجل، فإن نعمة الله على العبد بشكره نعمة الله لا توازيها نعمة.وليُعلم أن من أسباب شكر النعم أن يسأل الله العبدُ أن يعينه على شكر نعمه، فهذا نبي الله سليمان آتاه الله عطايا واسعة، ورزقه ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده -أي: لا يكون لأحدٍ من الخلق بعده صلوات الله وسلامه عليه- فلما رأى شيئًا من إنعام الله عليه، وأدرك شيئًا من فضل الله عليه "قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ "النمل 19.
"أَوْزِعْنِي":
المعنى : وفِّقني للشكر ، وأعنِّي على شكر نعمك التي أنعمت بها علي، فإنَّ بشكر النِّعم تزاد العطايا، وبشكر النِّعم يدرك الفضائل، وبشكر النِّعم تدور أوجه الإحسان، ولن تكون لله شاكرًا إلا إذا قَرنت ما في قلبك من قبول نِعم الله، وإضافتها إليه أن تجهر بلسانك، وتذكر الله جلَّ وعلا بإنعامه وإحسانه، ثم تعطف على ذلك أن تسخر هذه النِّعم فيما يقربك إلى الله.
انتبه لهذا المعنى؛ لأنَّ كثيرًا من الناس يستعملوا عطايا الله ونعمه وهباته يستعملوها فيما ينقصه لا فيما يزيده، فيما يبعده عن الله لا فيما يقربه إليه؛ وبهذا يكون من الخاسرين، والله تعالى يقول لداود"اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"سبأ 13.
فشكر الله عز وجل على بلوغ مواسم البرّ هو أن يُرِي الإنسان الله عز وجل من نفسه خيرًا، أن يُري اللهَ عز وجل من نفسه نشاطًا وهمةً في الاستكثار من الطاعات والصالحات، والتقرب إلى الله عز وجل بألوان القروبات، بذلك يحقق شيئًا من شكر الله عز وجل
.فنعمة إدراك مواسم البر صحيحًا معافى، أَمِنًا مطمئنًا نعمة حرمها كثيرٌ من الخلق، فاحمد الله وأشكره أن يسَّر الله تعالى لك إدراك مواسم البر، ومواطن الفضل، ومحال العطاء، واسأله الزيادة من فضله، سل ذلك بصدق لتستشعر عظيم منة الله عليك، وتعرف كبير فضله، فتقوم بشيءٍ من حقه جلَّ في علاه، وإلا فحقه على وجه الكمال والتمام مما يعجز عنه الخلق، كما قال ربنا "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ"الأنعام 91 .
فقدره وحقه عظيم، يعجز الخَلق عن أن يحيط به، أو أن يوفوه جلَّ وعلا كماله؛ لكن العباد يتقربون بشيءٍ من موجبات شكره جلَّ في علاه؛ ليظهروا رغبتهم فيما عنده، وأنهم صادقون في العمل لمرضاته، والقيام بحقه سبحانه وبحمده؛ لكن أن يبلغ ذلك على وجه الكمال، وأن يُردُّوه على وجه الكمال فذاك مما لا يكون؛ بل هو من المحال
.فإن فضل الله عز وجل لا يحيط به أحد، وإن عامه لا يدركه أحد، فسل الله من فضله، وأسأله جلَّ وعلا العَون على القيام بحقه؛ لذلك كان مِن وصية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ، قال«أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه علَيهِ وسلَّمَ أخذَ بيدِهِ، وقالَ: يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ»الراوي : معاذ بن جبل - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 1522 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر=

كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حريصًا كل الحرص على النصح لأصحابِه رِضوانُ اللهِ عَلَيهمْ وتوصيل الخير لهم
.ومِن ذلك: ما يُخبِرُ معاذُ بنُ جَبلٍ رضيَ الله عَنه في هذا الحديثِ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أخذَ بِيدِه، أي: أمْسكَها، مُظهِرًا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم محبَّتَه لمعاذٍ بقولِه مرَّتينِ: "يا مُعاذُ، واللهِ إنِّي لأحِبُّكَ، واللهِ إنِّي لأحِبُّكَ"، وهذا كما أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يخبِرَ المرءُ أخاهُ أنَّه يحِبُّه في اللهِ، وفيه أيضًا تهيئةٌ وتَرغيبٌ لامتثالِ ما سيأتي ذِكرُه بَعدُ.
ثمَّ أوْصى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُعاذًا بقولِه "يا مُعاذُ، لا تدَعَنَّ" أي: لا تترُكنَّ، في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ، أي: بعدَ الانتِهاءِ مِن كلِّ صَلاةٍ وقيل قُبَيل السَّلام من الصلاة، تقولُ"اللهُمَّ أعنِّي"، أي: قوِّني وارزُقْني القوَّةَ مِن عندِكَ بشَرحِ الصَّدرِ، وتَيسيرِ الأمرِ وعُلوِّ الهِمَّةِ، "على ذِكركَ"، أي: اجْعَلِ اللسانِ والقلبَ دائمَي التَّسبيحِ والذِّكر للهِ عزَّ وجلَّ.
"
وشُكرِكَ"؛ أي اجْعلِ القلبَ دائمَ الرِّضا والشكرِ لنِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ عليهِ، "وحُسنِ عِبادتِكَ"، ومن حُسنِ العِبادةِ: التجرُّدُ عندَ العبادةِ عن كلِّ ما يُشغِلُ عن اللهِ عزَّ وجلَّ، والإخلاصُ فيه.-الدرر=

«
عَلَى ذِكْرِكَ »؛ لأن الذكر تحيا به القلوب، و«وشُكْرِكَ»؛ لأن الشكر قيامٌ بحقه، ثم بعد ذلك قيد هذا الشكر بقيد، فقال: «حُسْنِ عِبادَتِكَ»؛ لأن الشأن ليس بأن تعبد الله كيفما اتفق؛ إنما الشأن كل الشأن أن تكون عبادتك على أحسن ما تستطيع، وأنت لما يمكنك، فإن الله جلَّ وعلا لم يخلقك لمجرد العبادة على أي وجهٍ كان؛ بل العبادة على أحسن ما يكون، قال الله تعالى"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" الملك 2.
فالسباق الذي نحن فيه في أعمارنا وهدى بحياتنا ليست في حصول العمل على أي وجهٍ كان؛ بل في أن يحصل العمل على أكمل ما يكون اتقانًا، وأعلى ما يكون ضبطًا، وأجود ما يكون إخلاصًا، وأتبع ما يكون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذلك يحصل تمام الشكر الذي نحن في سباقٍ مع الزمن في تحصيله، وفي إدراكه، وفي حصوله.اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، وأسبق بنا سبيل أوليائك، واجعلنا من عبادك المتقين، وحزبك المفلحين، وأوليائك الصالحين، يا رب العالمين.الشيخ خالد المصلح = هنا =
*التجارة الرابحة...
أهل التجارة في الدنيا يستعدون لموسم البيع والربح, ويجتهدون قبله بأيام بل أشهر, لكي لا يفوتهم الربح, لأنهم يعلمون أن التعب سيعوض, وأن المشقة ستزول, فما بال الذين يتاجرون مع الله لا يستعدون ولا يتأهبون, وعن الفضائل غافلون, يقول الله تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"الصف:10-11.
ويقول سبحانه" إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ"فاطر: 29-30.

*أمنية أهل القبور...
كم يتمنى أهل القبور أن يعودوا إلى الدنيا ليدركوا هذه الأيام المباركات, فيعمروها بطاعة الله, لترفع درجاتهم, وتمحى خطيئاتهم, ويعتقون من النار. هنا=
*الاجتهاد في العمل الصّالح مُطلقًا:
نَدَبَت الأحاديث النّبوية إلى العمل الصّالح مطلقًا في هذه الأيام، مِنها ما ذكرتُه في مقدّمة كلامي، مِن قوله - صلّى الله عليه وسلّم"مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 757 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر=
فكلّ العبادات والطّاعات مقصودة بمثل هذا الحـديث، وهو ما تُشير إليه جملة مِن الحديث – نفسه - في قوله - صلّى الله عليه و سلّم: "العمل الصّالح
"، ففي التّعريف بـ (أل) الجنسيّة نستفيد العموم وعدم الخُصوص، وفي هذا إشارةٌ وترغيبٌ إلى الإكثار مِن الأعمال الصّالحةِ بأنواعها، سواء كانت واجبةً فيُحافظُ عليها، أم نافلةً فيُكثر مِنها: كصلاة النّافلة، وقيام اللّيل، وصيام النّهار، وتلاوة القرآن، والصّدقة، وإفشاء السّلام، وإطعام الطّعام، والإصلاح بين النّاس، والإحسان إلى الجيران، وإكرام الضّيف، وإماطة الأذى عن الطريق، وزيارة المرضى، وقضاء حوائج النّاس، والصّلاة على النّبي - صلى الله عليه وسلّم - وإسباغ الوضوء، والدّلالة على الخير، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وسلامة الصّدر وترك الشّحناء، وتعليم الأولاد والبنات.الألوكة =
رد مع اقتباس