عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 11-23-2018, 09:26 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Post

س : من هو أبو تراب ؟ !
* عن سهل بن سعدٍ قال " استُعمِلَ على المدينةِ رجلٌ من آلِ مروانَ . قال فدعا سهلَ بنَ سعدٍ . فأمره أن يشتمَ عليًّا . قال فأبى سهلٌ . فقال له : أما إذا أَبيتَ فقُلْ : لعن اللهُ أبا التُّرابِ . فقال سهلٌ : ما كان لعليٍّ اسمٌ أحبَّ إليه من أبي التُّرابِ . وإن كان ليفرحَ إذا دُعِيَ بها . فقال له : أخبِرْنا عن قصتِه . لمَ سُمِّيَ أبا التُّرابِ ؟ قال : جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيتَ فاطمةَ . فلم يجد عليًّا في البيتِ . فقال " أين ابنُ عمِّك ؟ " فقالت : كان بيني وبينه شيءٌ . فغاضبَني فخرج . فلم يَقِلْ عندي . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لإنسانٍ " انظُرْ . أين هو ؟ " فجاء فقال : يا رسولَ الله ِ! هو في المسجدِ راقدٌ . فجاءه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مضطجعٌ . قد سقط رداؤه عن شِقِّه . فأصابه ترابٌ . فجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يمسحه عنه ويقول " قُمْ أبا التُّرابِ ! قُمْ أبا التُّرابِ ! " . الراوي : سهل بن سعد الساعدي - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2409 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =


" فلم يَقِلْ عندي" هو بفتح الياء ، وكسر القاف من القيلولة ، وهي النوم نصف النهار ، وفيه جواز النوم في المسجد ، واستحباب ملاطفة الغضبان ، وممازحته والمشي إليه لاسترضائه .
صحيح مسلم بشرح النووي / ج : 15 / كتاب فضائل الصحابة / ( 4 ) ـ باب : من فضائل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ / شرح حديث رقم : 38 ـ ( 2409 ) / ص : 258 .


* * * * *

فوائد من قصة أبي تراب
*فهذه زوجة تربت في بيت النبوة تعطينا القدوة في حفظ أسرار بيتها حتى عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فكم من الحكم في هذه القصة الرائعة في حسن تصرف الرسول صلى الله عليه وسلم في عدم سؤاله عن سبب الغضب حتى لا تتسع دائرة المعرفة بما حدث بين الزوجين، وتباح الأسرار، وفي حسن تصرف الزوجة فاطمة الزهراء في عدم إفشائها أسرار بيتها ولو لأبيها النبي المختار، وفي حسن تصرف الزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث خرج "مؤقتًا" من المكان الذي أجج فيه الشيطان نار الخلاف بينه وبين زوجته، فلم يعطه الفرصة كي يزيد من اشتعال تلك النار، فأين ذهب إذن؟ إنه لم يذهب إلى فلان كي يقص عليه ما حدث، ولم يشتك حتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل جلس في المسجد لأن المسلم فيه أبعد ما يكون عن وسوسة الشيطان.
حسن تصرف من الجميع:
بنظرة تأمل إلى الموقف السابق يتبين لنا كيف أن السيدة فاطمة لم تخبر النبي صلى الله عليه وسلم بطبيعة الخلاف وماهيته، بل كل ما أعلمته إياه هو مجرد وجود خلاف فحسب.
كما يظهر حسن تصرف علي بن أبي طالب الذي لم يدع مجالًا لاتساع شقة الخلاف والغضب فترك زوجته وذهب إلى أفضل مكان ترتاح فيه الأعصاب وتصفو النفوس.
كما يظهر لنا كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم حكيمًا إذ لم يسأل ابنته عن أسباب الخلاف وتفاصيله كما لم يعاتب أو يلوم عليًّا بل داعبه ولاطفه بأسلوب كان له أبعد الأثر في زوال رواسب الغضب والضيق.
(وهذا ما يجب علينا اتباعه أزواجًا وزوجات وآباء في مثل هذه المواقف، سواء كان التوتر من جانب الزوجة أم من جانب الزوج.فن العلاقات الزوجية في ضوء القرآن والسنة والمعارف الحديثة محمد الخشت ص139-140.

* الكنية سيقت في معرض الثناء لا الذم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعوا أحدا إلا بأحب الأسماء إليه ، ولأن عليا رضي الله عنه كان يحب أن ينادى بها .


*وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه ... ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله عنهما فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما .

* وفيه كرم خلق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه توجه نحو علي ليترضاه ومسح التراب عن ظهره ليبسطه وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع منزلتها عنده .

* ويؤخذ منه استحباب الرفق بالأصهار، وترك معاتبتهم إبقاء لمودتهم...

إنها الحياة الحية النابضة بالتعامل الراقي من النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وسواهم ؛ يتفقد ويعتذر ، ويوجه ، ويدخل السرور على من حدث له ما قد يمغر قلبه ، ويوغر صدره ، يتعاهد الجميع بلطف وصدق ومحبة وصفاء ، إنه رسول الله ؛ من وصفه الله تعالى بقوله (وإنك لعلى خلق عظيم ) وبقوله (فبما رحمة من الله لنت لهم ...) هذا التعامل العظيم من النبي العظيم أخرج جيلا نقل هذا التعامل إلى العالمين وصاغوا شخصيات من بالقرآن والسنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم أضحت مثالا أعلى في التاريخ الإنساني كله ؛ يشهد له المنصف ولو كان خصما


ما أحوجنا إلى العودة إلى حياته عليه الصلاة والسلام وحياة أصحابه الغر الميامين ؛ لننهل من المعين الصافي ؛ فنعيد الحياة كما كانت غضة صافية نقية ؛ لا يكدرها شيء .إن أمير المؤمنين الفارس الزاهد تزكى في مدرسة النبوة التوجيهية والعملية ؛ فأضحى يمثل منهج الإسلام العظيم ؛ مقتديا بالحبيب القدوة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لقد أخذ عنه وهو فتى صغير في بيته ، ثم وهو شاب ، وهو يخوض الغزوات ينافح ويناضل عن الإسلام ، ونبي الإسلام ، وهو صهر ونسب ، وهو زوج وأب وهوجندي وهو قائد وخليفة و ...تلك هي الحياة الإسلامية التي تصبغ بمنهج الله وبتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
منقول بتصرف
رد مع اقتباس