عرض مشاركة واحدة
  #79  
قديم 06-07-2017, 02:06 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,221
افتراضي

المجلس الثاني و السبعون
14 رجب 1436 هـ
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً *"الكهف 107
قال ثعلب : كل بستان يحوّط عليه فهو فردوس.
تفسير البحر المحيط

أي: إن الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم، وشمل هذا الوصف جميع الدين، عقائده، وأعماله، أصوله، وفروعه الظاهرة، والباطنة، فهؤلاء -على اختلاف طبقاتهم من الإيمان والعمل الصالح -لهم جنات الفردوس.

يحتمل أن المراد بجنات الفردوس، أعلى الجنة، وأوسطها، وأفضلها، وأن هذا الثواب، لمن كمل فيه الإيمان والعمل الصالح، والأنبياء والمقربون.
ويحتمل أن يراد بها، جميع منازل الجنان، فيشمل هذا الثواب، جميع طبقات أهل الإيمان، من المقربين، والأبرار، والمقتصدين، كل بحسب حاله، وهذا أولى المعنيين لعمومه، ولذكر الجنة بلفظ الجمع المضاف إلى الفردوس، ولأن الفردوس يطلق على البستان، المحتوي على الكرم، أو الأشجار الملتفة، وهذا صادق على جميع الجنة، فجنة الفردوس نزل، وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح، وأي: ضيافة أجل وأكبر، وأعظم من هذه الضيافة، المحتوية على كل نعيم، للقلوب، والأرواح، والأبدان، وفيها ما تشتهيه الأنفس.
وتلذ الأعين، من المنازل الأنيقة، والرياض الناضرة، والأشجار المثمرة،.
والطيور المغردة المشجية، والمآكل اللذيذة، والمشارب الشهية، والنساء الحسان، والخدم، والولدان، والأنهار السارحة، والمناظر الرائقة، والجمال الحسي والمعنوي، والنعمة الدائمة، وأعلى ذلك وأفضله وأجله، التنعم بالقرب من الرحمن ونيل رضاه، الذي هو أكبر نعيم الجنان، والتمتع برؤية وجهه الكريم، وسماع كلام الرءوف الرحيم، فلله تلك الضيافة، ما أجلها وأجملها، وأدومها وأكملها"، وهي أعظم من أن يحيط بها وصف أحد من الخلائق، أو تخطر على القلوب، فلو علم العباد بعض ذلك النعيم علما حقيقيا يصل إلى قلوبهم، لطارت إليها قلوبهم بالأشواق، ولتقطعت أرواحهم من ألم الفراق، ولساروا إليها زرافات ووحدانا، ولم يؤثروا عليها دنيا فانية، ولذات منغصة متلاشية، ولم يفوتوا أوقاتا تذهب ضائعة خاسرة، يقابل كل لحظة منها من النعيم من الحقب آلاف مؤلفة، ولكن الغفلة شملت، والإيمان ضعف، والعلم قل، والإرادة نفذت فكان، ما كان، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. تفسير السعدي

بدل ما كانت جهنم نزلا للكافرين، صارت جنات الفردوس نزلا للمؤمنين، لكن بشرطين:
1 ـ الإيمان 2 ـ العمل الصالح. والإيمان محله القلب، والعمل الصالح محله الجوارح، وقد يراد به أيضاً عمل القلب، كالتوكل والخوف والإنابة والمحبة، وما أشبه ذلك.
و{ {الصَّالِحَاتِ} } هي التي كانت خالصة لله، وموافقة لشريعة الله.
ولا يمكن أن يكون العمل صالحاً إلاَّ بهذا، الإخلاص لله، والموافقة لشريعة الله، فمن أشرك؛ فعمله غير صالح، ومن ابتدع فعمله غير صالح، ويكون مردوداً عليهما، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» [(53)].
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» [(54)]. أي: مردود عليه، فصار العمل الصالح ما جمع وصفين: الإخلاص لله، والمتابعة لشريعة الله، أو لرسول الله؟
الجواب: لشريعة الله أحسن، إلاَّ إذا أريد بالمتابعة لرسول الله، الجنس، دون محمد صلّى الله عليه وسلّم فنعم، لأن المؤمنين من قوم موسى وقوم عيسى يدخلون في هذا.
قوله: { {كَانَتْ لَهُمْ} } هل المراد بالكينونة هنا الكينونة الماضية، أو المراد تحقيق كونها نزلاً لهم؟ كقوله تعالى: {{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}}؟ نقول: الأمران واقعان، فكانت في علم الله نزلا لهم، وكانت نزلا لهم على وجه التحقيق؛ لأن «كان» قد يسلب منها معنى الزمان، ويكون المراد بها التحقيق.
{ {جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} } هل هذا من باب إضافة الموصوف إلى صفته، أو لأن الفردوس هو أعلى الجنَّات، والجنَّات الأُخرى تحته؟
الجواب: الظاهر الثاني لأنه ليس جميع المؤمنين الذين عملوا الصالحات ليسوا كلهم في الفردوس، بل هم في جنات الفردوس، والفردوس قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ»
- من آمن باللهِ وبرسولِه ، وأقام الصَّلاةَ ، وصام رمضانَ ، كان حقًّا على اللهِ أن يُدخِلَه الجنَّةَ ، جاهِدْ في سبيلِ اللهِ ، أو جلس في أرضِه الَّتي وُلِد فيها . فقالوا : يا رسولَ اللهِ ، أفلا نُبشِّرُ النَّاسَ ؟ قال : إنَّ في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ ، أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيلِ اللهِ ، ما بين الدَّرجتَيْن كما بين السَّماءِ والأرضِ ، فإذا سألتم اللهَ فاسألوه الفردوسَ ، فإنَّه أوسَطُ الجنَّةِ ، وأعلَى الجنَّةِ - أراه - فوقه عرشُ الرَّحمنِ

الراوي : أبو هريرة المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 2790 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الدرر السنية

أعلى الجنة ووسط الجنة معناه أن الجنة مثل القبَّة، وفيه أيضاً وصف رابع: ومنه تفجر أنهار الجنة.
تفسير العثيمين
*قال البخاري في صحيحه:حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ " فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ"
صحيح البخاري - كِتَاب بَدْءِ الْخَلْقِ - الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلا -حديث رقم 3072 .موقع الإسلام
* * *
{{خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً *}}.الكهف 108

" خَالِدِينَ فِيهَا ْ" هذا هو تمام النعيم، إن فيها النعيم الكامل، ومن تمامه أنه لا ينقطع " لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ْ" أي: تحولا ولا انتقالا، لأنهم لا يرون إلا ما يعجبهم ويبهجهم، ويسرهم ويفرحهم، ولا يرون نعيما فوق ما هم فيه.تفسير السعدي
"لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً " تنبيه على رغبتهم فيها وحبهم لها مع أنه قد يتوهم فيمن هو مقيم في المكان دائمًا أنه قد يسأمه أو يمله؛ فأخبر أنهم مع هذا الدوام والخلود السرمدي؛ لا يختارون عن مقامهم ذلك متحولا ولا انتقالاً ولا ظعنًا ولاً رحلة ولا بدلاً.تفسيرابن كثير
قوله تعالى: { {خَالِدِينَ فِيهَا} } أبداً، ولا نزاع في هذا بين أهل السنة.
{ {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} } أي لا يطلبون عنها بدلاً، { {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} } أي: تحولا؛ لأن كل واحد راضٍ بما هو فيه من النعم، وكل واحد لا يرى أن أحداً أكمل منه، وهذا من تمام النعيم، أنت مثلاً لو نزلت قصراً منيفاً فيه من كل ما يبهج النفس، ولكنك ترى قصر فلان أعظم منه، هل يكمل سرورك؟
الجواب: من يريد الدنيا لا يكمل سروره، لأنه يرى أن غيره خير منه، لكن في الجنة، وإن كان الناس درجات، لكن النازل منهم ـ وليس فيهم نازل ـ يرى أنه لا أحد أنعم منه، عكس أهل النار، أهل النار يرى الواحد منهم أنه لا أحد أشد منه، وأنه أشدهم عذاباً.
{ {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} } يعني لو قيل للواحد: هل ترغب أن نجعلك في مكان آخر غير مكانك لقال: «لا»، وهذا من نعمة الله على الإنسان أن يقنع الإنسان بما أعطاه الله ـ عزّ وجل ـ وأن يطمئن ولا يقلق.
تفسير العثيمين * * *
رد مع اقتباس