عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 11-05-2019, 02:44 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,221
الْقُرْآنُ كَلَامُ اَللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ

المتن :والقُرآنُ كَلامُ اللهِ ولَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلا يَضْعُفُ أَنْ يَقُولَ:لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ،قَالَ:فإنَّ كَلامَ اللهِ مِنْهُ وَلَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ،وَلَيْسَ مِنْهُ شَيءٌ مَخْلُوقٌ،وإيَّاكَ ومُنَاظَرَةُ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ وَمَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ وَقَفَ فِيهِ فَقَالَ:لا أَدْرِي،مَخْلُوقٌ أَوْ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وإنمَا هُوَ كَلامُ اللهِ فَهَذَا صَاحِبُ بِدْعَةٍ مِثْلَ مَنْ قَالَ:هُوَ مَخْلُوقٌ وإِنَّمَا هُوَ كَلامُ اللهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
الشرح:
والقُرآنُ كَلامُ اللهِ ولَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ، وَلا يَضْعُفُ أَنْ يَقُولَ:لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، :يعني أن هذا القرآن الذي نقرأه بألسنتِنا، ونحفظه في صدورِنا ونكتبه في ألواحِنا وكُتُبِنا ؛ كلام الله حقيقة لفظه ومعناه وليس بمخلوق ، لا يَضْعُف: أي يكن قويًّا نشيطًا في معتقدِهِ وفي إعلانِهِ وإظهارِهِ معتقد أهل السنة.
وأهل السنة لا يبحثون عن كيفية تكلمه تعالى به، لأننا نؤمن به سبحانه ، ولا نحيط به علمًا، قال تعالى"
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا "طه:110. وقال تعالى "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" الشورى :11.
هذا هو موقف السلف من صفة الكلام بإيجاز،لما دلت عليه النصوص، فلتكلم من أوصاف الكمال ، وضده من أوصاف النقص،قال تعالى "
فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ* أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا " طه: 89/88 .
قال الشيخ السعدي في تفسيره لهذه الآية:

أي: لا يتكلم ويراجعهم ويراجعونه، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا، فالعادم للكمال والكلام والفعال لا يستحق أن يعبد وهو أنقص من عابديه، فإنهم يتكلمون ويقدرون على بعض الأشياء، من النفع والدفع، بإقدار الله لهم.
فالله تعالى تكلم بكلام بحرفٍ وصوتٍ يُسمع، فلا بد من الإيمان بأن كلام الله حرف وصوت، لفظ ومعنى، هذه عقيدة أهل السنة والجماعة بدلالة النصوص.

ومن أقوى الأدلة على أن القُرآنَ كَلامُ اللهِ ولَيْسَ بِمَخْلُوقٍ؛قوله تعالى"وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ "الأعراف:143.
وقوله تعالى "وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ" التوبة:6.قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية الكريمة:
وفي هذا حجة صريحة لمذهب أهل السنة والجماعة، القائلين بأن القرآن كلام اللّه غير مخلوق، لأنه تعالى هو المتكلم به، وأضافه إلى نفسه إضافة الصفة إلى موصوفِهَا، وبُطلان مذهب المعتزلة ومن أخذ بقولهم‏:‏ أن القرآن مخلوق‏.‏ا.هـ.
ومن أقوى الأدلة على أن الله يتكلم حقيقة باللفظ والمعنى، قوله تعالى "وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا"سورة النساء آية: 164. حيث أكد الكلام بالمصدر المثبِت للحقيقة النافي للمعنى المجازِي، وهو أسلوب معروف عند أهل اللغة، فمن قال: قتلتُ العدوَّ قتلًا؛ لا يُفْهم من كلامه إلا القتل الحقيقي الذي هو إزهاق الروح، بخلاف ما لو قال: قتلتُ العدوَّ؛ فسكت، فإنه يحتمل القتل الحقيقي، ويحتمل الضرب الشديد المؤلم جدًا.
هذه الصفة - صفة الكلام - من الصفات التي ضل فيها كثير من الناس عن الصواب.
فصفة الكلام صفة ذاتية فعلية ،
صفة ذاتية قائمة بذاته تعالى كأصل للصفة،لأن الله لم يزل ولا يزال متكلمًا أزلًا وأبدًا،لم يحدث له شيء من ذلك بعد أن لم يكن، ولن ينفك عن شيء منه، كما أن الله لم يزل حيًّا ولا يزال حيًّا، لم يزل عالمًا ولا يزال عالمًا، ولم يزل.
وهي صفة فعل باعتبار أفراد وآحاد الكلام،
لأن الكلام يتعلق بمشيئته سبحانه .
آحاد الكلام مثل قوله تعالى "
وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا " النساء/ 164.
*كلام الله نوعان:

مسموع من الله بواسطة :كما سمع الصحابة كلام الله بواسطة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكما يسمع كلام الله بواسطة قراءة القارئ.
والنوع الثاني: كلام بلا واسطة كما سمع جبرائيل من الله،
لا خلاف أن القرآن نزل من الله تعالى بواسطة جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله كان يُنزل جبريل به شيئًا فشيئًا، وأن جبريل سمعه منه سبحانه ، وأن جبريل ما كان ينزل إلا بأمر الله، لقوله تعالى" قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِنْ رَبِّكَ "النحل:102.

رُوحُ القُدُسِ:هو جبريل عليه السلام.

قال تعالى "وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ"الشعراء:194:192.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى:وَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَخَلَفِهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ الْقُرْآنَ مِنْ جِبْرِيلِ وَجِبْرِيلُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
مجموع الفتاوى/ صفحة 2093 / 16874 .مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - ج 5 -
قال ابن حجر في فتح الباري :21/69 : ...وَالْمَنْقُولُ عَنِ السَّلَفِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ تَلَقَّاهُ جِبْرِيلُ عَنِ اللَّهِ وَبَلَّغَهُ جِبْرِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَلَّغَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمَّتِهِ .ا.هـ. كتاب فتح الباري لابن حجر.
وكما سمع موسى كلام الله بدون واسطة ،قال تعالى " وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا " النساء/ 164 ، وقال عز وجل"وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ"الأعراف/ 143 ، وقال سبحانه " يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي " الأعراف/ 144 .
وكما سمع نبينا -صلى الله عليه وسلم- ليلة المعراج كلام الله بدون واسطة:
كما ورد في حديث الإمام مسلم الطويل ".....
فأوْحَى اللَّهُ إلَيَّ ما أوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما فَرَضَ رَبُّكَ علَى أُمَّتِكَ؟ قُلتُ: خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فإنِّي قدْ بَلَوْتُ بَنِي إسْرائِيلَ وخَبَرْتُهُمْ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَبِّي، فَقُلتُ: يا رَبِّ، خَفِّفْ علَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقُلتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، قالَ: فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ بيْنَ رَبِّي تَبارَكَ وتَعالَى، وبيْنَ مُوسَى عليه السَّلامُ حتَّى قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَواتٍ كُلَّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ، فَذلكَ خَمْسُونَ صَلاةً، ومَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ له حَسَنَةً، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ له عَشْرًا، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها لَمْ تُكْتَبْ شيئًا، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحِدَةً، قالَ: فَنَزَلْتُ حتَّى انْتَهَيْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْتُهُ، فقالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: قدْ رَجَعْتُ إلى رَبِّي حتَّى اسْتَحْيَيْتُ منه."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 162 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
فهذا الحديث : نص واضح على حصول الكلام بين النبي صلى الله عليه وسلم ، ورب العزة جل جلاله ، فقد رجع إلى ربه ، وقال له "فَقُلتُ: يا رَبِّ"ثم قال له رب العزة بعد ذلك" يا مُحَمَّدُ" وهذا كله بيِّن واضح في حصول التكليم المباشر ليلة الإسراء والمعراج.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " فإن الله كلم موسى وأمره بلا واسطة ، وكذلك كلم محمدًا صلى الله عليه وسلم وأمره ليلة المعراج ، وكذلك كلم آدم وأمره بلا واسطة ، وهي أوامر دينية شرعية "، انتهى من "مجموع الفتاوى" 2/ 320.
وقال ابن القيم رحمه الله " كلم الله موسى بن عمران، وهذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعا بنص القرآن، وثبوتها لنبينا صلى الله عليه وسلم هو في حديث الإسراء " انتهى من"زاد المعاد" 1/ 79.
قال " الحافظ ابن حجر" في "الفتح" 7/ 216 " هذا من أقوى ما استُدل به على أن الله سبحانه وتعالى كلَّم نبيَّه محمَّداً صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بغير واسطة " .الإسلام سؤال وجواب .

"كنَّا معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فتفاوتَ بينَ أصحابِهِ في السَّيرِ فرفعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ صوتَهُ بِهاتينِ الآيتينِ" يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ " إلى قولِهِ - وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ" فلمَّا سمعَ ذلِكَ أصحابُهُ حثُّوا المطيَّ وعرفوا أنَّهُ عندَ قولٍ يقولُهُ فقالَ" هل تدرونَ أيُّ يومٍ ذلِكَ" قالوا اللَّهُ ورسولُهُ أعلمُ قالَ" ذاكَ يومٌ يُنادي اللَّهُ فيهِ آدمَ فيُناديهِ ربُّهُ فيقولُ يا آدمُ ابعَث بعثَ النَّارِ، فيقولُ أي ربِّ وما بَعثُ النَّارِ، فيقولُ من كلِّ ألفٍ تسعمائةٍ وتسعةٌ وَتِسْعونَ إلى النَّارِ وواحدٌ إلى الجنَّةِ "فيئِسَ القومُ حتَّى ما أبدَوا بضاحِكَةٍ فلمَّا رأى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الَّذي بأصحابِهِ قالَ" اعمَلوا وأبشِروا فوالَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ إنَّكم لمعَ خَليقتينِ ما كانتا معَ شيءٍ إلَّا كثَّرَتاهُ يأجوجُ ومأجوجُ ومن ماتَ من بَني آدمَ وبَني إبليسَ" قالَ فسُرِّيَ عنِ القومِ بعضُ الَّذي يجدونَ قالَ "اعمَلوا وأبشِروا فوالَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ ما أنتُمْ في النَّاسِ إلَّا كالشَّامةِ في جنبِ البعيرِ أو كالرَّقْمةِ في ذراعِالدَّابَّةِ"الراوي : عمران بن الحصين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3169 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر-



"يقولُ اللَّهُ تَعالَى: يا آدَمُ، فيَقولُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ في يَدَيْكَ، فيَقولُ: أخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قالَ: وما بَعْثُ النَّارِ؟ قالَ: مِن كُلِّ ألْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وتِسْعَةً وتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها، وتَرَى النَّاسَ سُكارَى وما هُمْ بسُكارَى، ولَكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وأَيُّنا ذلكَ الواحِدُ؟ قالَ " أبْشِرُوا، فإنَّ مِنكُم رَجُلًا ومِنْ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ ألْفًا. ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنِّي أرْجُو أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجَنَّةِ فَكَبَّرْنا، فقالَ: أرْجُو أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهْلِ الجَنَّةِ فَكَبَّرْنا، فقالَ: أرْجُو أنْ تَكُونُوا نِصْفَ أهْلِ الجَنَّةِ فَكَبَّرْنا، فقالَ: ما أنتُمْ في النَّاسِ إلَّا كالشَّعَرَةِ السَّوْداءِ في جِلْدِ ثَوْرٍ أبْيَضَ، أوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضاءَ في جِلْدِ ثَوْرٍ أسْوَدَ."الراوي : أبو سعيد الخدري - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3348 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
الشرح:
يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث القدسِيِّ عن ربِّ العِزَّة: "يقول اللهُ تعالى: يا آدَمُ، فيقول: لبَّيْك"، أي: إجابةً لَك بعدَ إِجَابةٍ ولزُومًا لطاعتِك "وسَعْدَيك" أي: أَسْعِدْني إسعادًا بَعْد إِسْعادٍ"والخَيْر في يدَيك................
في الحديث: عِظَم هَوْل يومِ القِيامة.
وفيه: إخباره صلَّى الله عليه وسلَّم عن الغَيْبيَّات.
وفيه: رحمة الله عزَّ وجلَّ بأمَّة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم. الدرر السنية.

ودلت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المتواترة أن الله تعالى يكلم أهل الجنة ويكلمونه ، وأنهم يتنعمون بسماع كلامه .
قال الله تعالى"إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ" يس/55-58 .
ففي هذه الآية الكريمة : أن الله تعالى يسلم على أهل الجنة.
قال القاسمي :
" سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ" أي : ولهم سلام ، يقال لهم قولًا كائنًا منه تعالى.
والمعنى : أنه تعالى يسلم عليهم تعظيمًا لهم . كقوله"تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ" الأحزاب/44 " انتهى من " محاسن التأويل " 8/190 .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله :
"ولهم أيضًا "سَلامٌ " حاصل لهم" مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ " ففي هذا : كلام الرب تعالى لأهل الجنة وسلامه عليهم ، وأكده بقوله" قَوْلًا " وإذا سلم عليهم الرب الرحيم ، حصلت لهم السلامة التامة من جميع الوجوه ، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها، فما ظنك بتحية ملك الملوك ، الرب العظيم، الرءوف الرحيم، لأهل دار كرامته ، الذي أحل عليهم رضوانه ، فلا يسخط عليهم أبدًا، فلولا أن اللّه تعالى قدر أن لا يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرح والبهجة والسرور، لحصل ذلك.
فنرجو ربنا أن لا يحرمنا ذلك النعيم ، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم " .
انتهى من " تفسير السعدي " (ص697 . موقع الإسلام سؤال وجواب.
وكلم الله سبحانة جبريل عليه السلام:، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3209 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية-

وفي الحديثِ: أَنَّ مَحَبَّةَ قُلُوبِ النَّاس عَلَامَةُ مَحَبَّةِ اللَّهِ.
"يَحشُرُ اللهُ العبادَ أو قال يَحشُرُ اللهُ الناسَ قال وأوْمَى بيدِه إلى الشامِ عُراةً غُرْلًا بُهْمًا قال قلتُ ما بُهْمًا قال ليس معهم شيءٌ فينادِي بصوتٍ يسمعُه من بَعُدَ كما يسمعُه من قَرُبَ أنَا الملِكُ أنَا الدَّيَّانُ لا ينبغي لأحدٍ من أهلِ الجنةِ أن يَدخلَ الجنةَ وأحدٌ من أهلِ النارِ يُطالبُه بمظلَمَةٍ ولاينبغي لأحدٍ من أهلِ النارِ أن يَدخلَ النارَ وأحدٌ من أهلِ الجنةِ يُطالبُه بمظلَمَةٍ قالوا وكيف وإنَّا نأتي عُراةً غُرْلًا بُهْمًا قال بالحسناتِ والسيئاتِ"الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : تخريج كتاب السنة- الصفحة أو الرقم: 514 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية.

الشرح:
الظُّلمُ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ، ولن يَترُكَ اللهُ عزَّ وجلَّ المظلومَ؛ حتى يَأخُذَ له حَقَّه ممَّن ظلَمه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن هذا المَشْهَدِ العَظيمِ، ألَا وهو مَشهَدُ يَومِ القِيامَةِ، فيقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يَحشُرُ اللهُ العِبادَ -أو قال: يَحشُرُ اللهُ النَّاسَ-"، أي: يَومَ القِيامَةِ "وأَوْمَأَ بيَدِه إلى الشَّامِ"، أي: يُخرِجُهم اللهُ عزَّ وجلَّ ويَجمَعُهم في أرضِ المَحشَرِ بالشَّامِ، "عُراةً غُرْلًا"، أي: غيرَ مَخْتونينَ "بُهْمًا" وفسَّر البُهْمَ، قال: ليس معهم شَيءٌ، "فيُناديأي: اللهُ عزَّ وجلَّ، "بصَوتٍ يَسمَعُه مَن بَعُدَ" وقَولُه "فيُنادي بصَوتٍ"؛ لأنَّ النِّداءَ لا يكونُ إلَّا بصَوتٍ، وهذا في غايَةِ الصَّراحَةِ والوُضوحِ في أنَّ اللهَ يَتكلَّمُ بكَلامٍ يُسمَعُ منه تَعالى، وأنَّ له صَوتًا، ولكنَّ صَوتَه لا يُشبِهُ أصواتَ خَلْقِه، فليس كمِثْلِه شَيءٌ؛ ولذلك قال "يَسمَعُه مَن بَعُدَ كما يَسمَعُه مَن قَرُبَ"، أي: إنَّ هذا الصَّوتَ يَسْتوي في سَماعِه القَريبُ والبَعيدُ، فيقولُ "أنا المَلِكُ، أنا الدَّيَّانُوالدَّيَّانُ مَأْخوذٌ من "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" الفاتحة: 4، أي: هو المُحاسِبُ والمُجازي، ولا يُضيعُ عَمَلًا، "لا يَنبَغي لأحَدٍ من أهلِ الجَنَّةِ أنْ يَدخُلَ الجَنَّةَ، وأحَدٌ من أهلِ النَّارِ يُطالِبُه بمَظلِمَةٍ"، أي: لن يُؤذَنَ لعَبدٍ من أهلِ الجَنَّةِ أنْ يَدخُلَها إلَّا بعدَ أنْ تُقتَصَّ منه المظالِمُ، إنْ كان قد ظلَم أحَدًا وإنْ كان هذا المظلومُ مِن أهلِ النارِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّه لا يُغفِلُ له حقَّه حتى وإنْ أُكِّدتْ للمَظلومِ الجَنَّةُ وأُكِّدتْ للظالمِ النارُ، وهذا للتنبيهِ والتشديدِ على تحقُّقِ الجزاءِ والحِسابِ، "ولا يَنبَغي لأحَدٍ من أهلِ النَّارِ أنْ يَدخُلَ النَّارَ، وأحَدٌ من أهلِ الجَنَّةِ يُطالِبُه بمَظلِمَةٍ"، أي: وكذلك أهلُ النَّارِ سوف تُقتَصُّ منهم المظالِمُ؛ ليَأخُذَ اللهُ عزَّ وجلَّ للمَظلومِ حَقَّه من ظالِمِه، وهذا مِن عَدْلِ اللهِ عزَّ وجلَّ بين العِبادِ، "قالوا: وكيف، وإنَّا نأتي عُراةً غُرْلًا بُهْمًا"، أي: كيف يُقتَصُّ للمَظلومٍ، ونحن عُراةٌ ليس معنا شَيءٌ نَدفَعُه له، ليس معنا مالٌ، ولا أيُّ شَيءٍ آخَرُ؟
"قال: بالحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ"، أي: إنَّ إعطاءَ الحُقوقِ يَومَ القِيامَةِ سوف يكونُ بالحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ، فيأخُذُ المَظلومُ من حَسَناتِ مَن ظلَمه بقَدْرِ مَظلِمَتِه، فإذا فَنِيَتْ حَسَناتُ الظالِمِ، أُخِذَ من سيِّئاتِ المَظلومِ وأُضيفَتْ إلى سيِّئاتِه إلى أنْ يَستوفِيَ كُلُّ إنسانٍ حَقَّه.
وفي هذا تَذكيرٌ لكُلِّ إنسانٍ أنْ يَبتَعِدَ عن ظُلْمِ النَّاسِ، وإنْ كان قد ظلَم أحَدًا، فلْيَتَحلَّلْه اليَومَ قَبلَ أنْ يأتيَ يَومٌ لا دِينارٌ فيه ولا دِرهَمٌ.
وفي الحديثِ: إثباتُ الصَّوتِ للهِ عزَّ وجلَّ على ما يَليقُ بجَلالِه.الدرر السنية.
رد مع اقتباس