عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-21-2019, 02:49 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
root

"قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ"البروج : 4.

وَهَذَا دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ.الأُخْدُودِ: الْحُفَرُ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الْأَرْضِ. وَكَانَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ هَؤُلَاءِ قَوْمًا كَافِرِينَ، وَلَدَيْهِمْ قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ، فَرَاوَدُوهُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِهِمْ، فَامْتَنَعَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ ذَلِكَ، فَشَقَّ الْكَافِرُونَ أُخْدُودًا فِي الْأَرْضِ ، وَقَذَفُوا فِيهَا النَّارَ، وَقَعَدُوا حَوْلَهَا، وَفَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ، وَعَرَضُوهُمْ عَلَيْهَا، فَمَنِ اسْتَجَابَ لَهُمْ أَطْلَقُوهُ، وَمَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْإِيمَانِ قَذَفُوهُ فِي النَّارِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْمُحَارَبَةِ لِلَّهِ وَلِحِزْبِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِهَذَا لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَأَهْلَكَهُمْ وَتَوَعَّدَهُمْ فَقَالَ" قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ"تفسير السعدي=


" كان ملكٌ فيمن كان قبلكم . وكان لهُ ساحرٌ . فلما كبرَ قال للملكِ : إني قد كبرتُ . فابعث إليَّ غلامًا أُعلِّمُه السحرَ . فبعث إليهِ غلامًا يُعلِّمُه . فكان في طريقِه ، إذا سلك ، راهبٌ . فقعد إليهِ وسمع كلامَه . فأعجبَه . فكان إذا أتى الساحرَ مرَّ بالراهبِ وقعد إليهِ . فإذا أتى الساحرَ ضربَه . فشكا ذلك إلى الراهبِ . فقال : إذا خشيتَ الساحرَ فقل : حبسني أهلي . وإذا خشيتَ أهلك فقل : حبسني الساحرُ . فبينما هو كذلك إذ أتى على دابةٍ عظيمةٍ قد حبستِ الناسَ . فقال : اليومَ أعلمُ آلساحرُ أفضلُ أم الراهبُ أفضلُ ؟ فأخذ حجرًا فقال : اللهم ! إن كان أمرُ الراهبِ أحبُّ إليك من أمرِ الساحرِ فاقتل هذهِ الدابةَ . حتى يمضي الناسُ . فرماها فقتلها . ومضى الناسُ . فأتى الراهبَ فأخبرَه . فقال لهُ الراهبُ : أي بنيَّ ! أنت ، اليوم ، أفضلُ مني . قد بلغ من أمرك ما أرى . وإنك ستُبتلى . فإن ابتُليتَ فلا تَدُلَّ عليَّ . وكان الغلامُ يُبرئُ الأكمهَ والأبرصَ ويُداوي الناسَ من سائرِ الأدواءِ . فسمع جليسٌ للملكِ كان قد عمي . فأتاهُ بهدايا كثيرةٍ . فقال : ما ههنا لكَ أجمعُ ، إن أنتَ شفيتني . فقال : إني لا أشفي أحدًا . إنما يشفي اللهُ . فإن أنت آمنتَ باللهِ دعوتُ اللهَ فشفاكَ . فآمنَ باللهِ . فشفاهُ اللهُ . فأتى الملكُ فجلس إليهِ كما كان يجلسُ . فقال لهُ الملكُ : من ردَّ عليك بصرك ؟ قال : ربي . قال : ولك ربٌّ غيري ؟ قال : ربي وربك اللهُ . فأخذَه فلم يزل يُعذبْه حتى دَلَّ على الغلامِ . فجئَ بالغلامِ . فقال لهُ الملكُ : أي بنيَّ ! قد بلغ من سحركَ ما تُبرئُ الأكمهَ والأبرصَ وتفعلُ وتفعلُ . فقال : إني لا أشفي أحدًا . إنما يشفي اللهُ . فأخذَه فلم يزل يعذبْه حتى دلَّ على الراهبِ . فجئ بالراهبِ . فقيل لهُ : ارجع عن دينك . فأبى . فدعا بالمئشارِ . فوُضع المئشارُ على مفرقِ رأسِه . فشقَّه حتى وقع شِقَّاه . ثم جئ بجليسِ الملكِ فقيل لهُ : ارجع عن دينك . فأبى . فوُضعَ المئشارُ في مفرقِ رأسِه . فشقَّهُ بهِ حتى وقع شِقَّاهُ . ثم جئ بالغلامِ فقيل لهُ : ارجع عن دينك . فأبى . فدفعَه إلى نفرٍ من أصحابِه فقال : اذهبوا بهِ إلى جبلِ كذا وكذا . فاصعدوا بهِ الجبلَ . فإذا بلغتم ذروتَه ، فإن رجع عن دينِه ، وإلا فاطرحوهُ . فذهبوا بهِ فصعدوا بهِ الجبلَ . فقال : اللهم ! اكفنيهم بما شئتَ . فرجف بهم الجبلُ فسقطوا . وجاء يمشي إلى الملكِ . فقال لهُ الملكُ : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم اللهُ . فدفعَه إلى نفرٍ من أصحابِه فقال : اذهبوا بهِ فاحملوهُ في قرقورٍ ، فتوسَّطوا بهِ البحرَ . فإن رجع عن دينِه وإلا فاقذفوهُ . فذهبوا بهِ . فقال : اللهم ! اكفنيهم بما شئتَ . فانكفأت بهم السفينةُ فغرقوا . وجاء يمشي إلى الملكِ . فقال لهُ الملكُ : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم اللهُ . فقال للملكِ : إنك لستَ بقاتلي حتى تفعلَ ما آمرك بهِ . قال : وما هو ؟ قال : تجمعُ الناسَ في صعيدٍ واحدٍ . وتُصلبني على جذعٍ . ثم خذ سهمًا من كنانتي . ثم ضعِ السهمَ في كبدِ القوسِ . ثم قل : باسمِ اللهِ ، ربِّ الغلامِ . ثم ارمني . فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناسَ في صعيدٍ واحدٍ . وصلبَه على جذعٍ . ثم أخذ سهمًا من كنانتِه . ثم وضع السهمَ في كبدِ القوسِ ثم قال : باسمِ اللهِ ، ربِّ الغلامِ . ثم رماهُ فوقع السهمُ في صدغِه . فوضع يدَه في صدغِه في موضعِ السهمِ . فمات . فقال الناسُ : آمنَّا بربِّ الغلامِ . آمنَّا بربِّ الغلامِ . آمنَّا بربِّ الغلامِ . فأتى الملكُ فقيل لهُ : أرأيتَ ما كنت تحذرُ ؟ قد ، واللهِ ! نزل بك حذرك . قد آمنَ الناسُ فأمر بالأخدودِ في أفواهِ السككِ فخُدَّت . وأُضرمَ النيرانُ . وقال : من لم يرجع عن دينِه فأحموهُ فيها . أو قيل له : اقتحم . ففعلوا حتى جاءت امرأةٌ ومعها صبيٌّ لها فتقاعست أن تقعَ فيها . فقال لها الغلامُ : يا أمه ! اصبري . فإنكِ على الحقِّ " الراوي : صهيب بن سنان - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 3005 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

في الحديثِ: إثباتُ كَراماتِ الأولياء.
وفيه: نَصْرُ مَن توكَّل على الله سبحانه وانْتَصَر به وخرَج عن حَوْلِ نفْسِه وقُوَاها.
وفيه: صبرُ الصَّالحين على الابتلاءِ فى ذات الله، وما يَلْزَمُهم مِن إظهارِ دِينِه والدُّعاءِ لتوحيدِه، واستِقتالهم أنفسهم فى ذلك
= الدرر =


الأولياء هم المؤمنون أولياء الله هم أهل الإيمان, قال- جل وعلا" أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ"يونس62-63- هؤلاء هم أولياء الله من الإنس والجن, من الرجال والنساء قال-تعالى" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"التوبة71, ولهم كرامات إذا استقاموا على الإيمان, قد يكرمهم الله بتسهيل قضاء دينهم, بوجود فرج عند الكربة من كرامات الله لهم أن يفرج كربتهم عند إحاطة الأعداء بهم, أو تمكن الأعداء منهم أن يفرج الله لهم حتى يسلموا من شرهم, أو بقضاء دينهم وإزالة عسرهم, أو بإنجائهم من لص, أو من سبع أو ما أشبه ذلك هذه من كرامات الله لهم, وهي النعمة التي تحصل لهم خرقًا للعادة يعني خلاف العادة هذه يقال لها كرامة وهي تكون للأولياء وللرسل، وتسمى في حق الرسل معجزة، وفي حق الأولياء كرامة، لكن ليس له التصرف في الملكوت، ليس لهم التصرف في الكون ولا في السماوات ولا في الأرض، هم مقيدون، ليس لهم التصرف إلا فيما شرع الله، وبما أباح الله لهم، وليس هم يعلمون الغيب، وليس لهم التصرف في السماء ولا في الأرض إلا بإذن الله، إلا فيما شرع الله كالبيع والشراء والزراعة ونحوها مما شرع الله لعباده، أما ظن الصوفية وأشباه الصوفية أن الأولياء لهم تصرف وأنهم يعلمون الغيب هذا باطل، وهذا جهل، الأولياء مثل غيرهم لا يملكون إلا ما ملكهم الله إياه من زراعة من تجارة من غير ذلك، لكن قد يعطيهم الله كرامة تفريجًا لكربهم وتيسيرًا لأمورهم فضلًا من الله عليهم عند الحاجة، عند الكربة والحاجة يتيح الله لهم كرامة، مثل ما جرى لأهل الكهف أكرهم الله ومكثوا في كفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعًا ولم يصبهم شيء، حتى أماتهم الله الموتة التي كتبها عليهم، ومثل ما جرى لعباد بن بشر وأسيد بن حضير كانوا ليلة عند النبي صلى الله عليه وسلم يسمرون فلما خرجوا من عنده في ليلة ظلماء أضاء سوط كل واحد له نور، حتى وصل إلى بيته، جعل الله في سوطه نور حتى وصل إلى بيته كل واحد، هذه كرامة من الله جل وعلا. .... هذه كرامة لكن لا يعلمون الغيب ولا يتصرفون إلا بإذن الله سبحانه، وفيما أعطاهم جل وعلا. شكر الله لكم....= الشيخ ابن باز =


¢فالكرامةُ هي ما يجريه اللهُ على يد بعض أوليائه المؤمنين من خوارق العادات في العلوم والمكاشفات والقدرة والتأثير غيرَ مقرونٍ بدعوة النبوَّة ولا مقدِّمةٍ لها.
والأمر الخارق للعادة -في الكرامة- إنما يجريه الله تعالى على مَنْ ظاهرُه الإيمان والعملُ الصالح والتزامه بمتابعة نبيٍّ كُلِّف بشريعةٍ، فالكرامةُ لا تحصل إلاَّ ببركةِ متابعة النبيِّ، فكان وقوع كرامات الأولياء -في حقيقة الأمر- من معجزات الأنبياء.
¢أمَّا خوارق العادات التي تظهر على أيدي أهل الدَّجل والضلال والانحراف السلوكيِّ والعقديِّ ممَّن يدعو مع الله إلهًا آخر أو يدَّعي معرفةَ أسرار الكون والاطِّلاعَ على الغيب أو من يدعو الأمواتَ والأحياء من الجنِّ والإنس معتقدًا نَفْعَهم وضرَّهم، كالسحرة والكهنة والمشعوذة ونحو ذلك؛ فإنما هي أحوالٌ شيطانيةٌ وخوارق إبليسيةٌ ليست من الكرامة في شيءٍ(ظ،).
وبهذا المعيار السابق تظهر –أيضًا- خوارق المعجزة التي يجريها الله تعالى على أيدي الرسل والأنبياء الذين يخبرون عن الله تعالى ويتحدَّوْن بالمعجزة العبادَ لتصديقهم والإقرار بدعوتهم وما أُرسلوا به.
وعليه فلا تدلُّ خوارق العادات في ذاتها على صدقِ مَن ظهرت على يديه ولا على ولايته، فقد تكون استدراجًا أو مَكْرًا، وقد تُعَدُّ ابتلاءً فيسعد بها قومٌ ويشقى آخَرون.
هذا، ومن أمثلة الكرامة في باب العلوم والمكاشفات: قصَّة الخَضِر مع موسى عليه السلام وما أجرى الله على يده من الوقائع الثلاث التي استعظمها موسى عليه السلام: خرق السفينة، وقتل الصبيِّ، وتقويم الجدار، وكإخبار أبي بكرٍ رضي الله عنه أنَّ في بطن امرأته أنثى فصدَّق الله ظنَّه وجعل ذلك كرامةً له، ونداء عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه وهو على منبره بالمدينة فقال: «يا سارية بنَ زُنَيْم، الجبلَ» وهو بالعراق فسمعه.
أمَّا أمثلة الكرامة في باب القدرة والتأثير: فقصَّة أصحاب الكهف ومكوثهم فيه أحياء ثلاثمائةٍ سنينَ وازدادوا تسعًا، وقصَّة مريم حيث كانت تؤتى بفاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، فعجب من ذلك زكريَّا وقال"يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ"آل عمران:37.
وقصَّة «سارَة» زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام التي بشَّرها الرسل بإسحاق، وقال تعالى"وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ. قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"هود: 73، وكذلك في قصَّة الذي عنده علمٌ من الكتاب مع سليمان عليه الصلاة والسلام، قال تعالى"قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ"النمل:40 ، ونحو ذلك كثيرٌ، ولا تزال كرامات الأولياء جاريةً إلى قيام الساعة. وهذا يدلُّ على أنه يوجد مع السنن والأسباب المقتضية للمسبَّبات الموضوعة لها سننٌ أخرى لا يقع علمُ البشر عليها ولا تدركها أعمالُهم وأسبابهم.

هذا، وأهل السنَّة والجماعة يؤمنون بما صحَّ من كرامات الأولياء وجوبًا وأنها حقّ، أمَّا ما لم يثبت فحكمه التوقُّف فيه مع الإقرار بإمكان وقوعه من غير إثباته ولا نفيه، وهم بذلك يخالفون المعتزلةَ ومن وافقهم في إنكارهم لكرامات الأولياء.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

انظر: «قاعدة في المعجزات والكرامات» لابن تيمية ، وانظر رسالته: «الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» وفي «مجموع الفتاوى» .


وهذا إذا ما تقرَّر أنَّ الخضر وليٌّ و ليس نبيًّا وهو قول أكثر العلماء. انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية ، «تفسير ابن كثير» .


أخرجه مالك في «الموطإ» ، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» ، عن عائشة رضي الله عنها. قال الألباني في «الإرواء» : «وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط الشيخين».


أخرجه البيهقي في «الاعتقاد» ، وأبو نعيم في «دلائل النبوَّة» ، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وحسَّنه ابن حجر في «الإصابة» ، والألباني في «السلسلة الصحيحة»


للاطِّلاع على مجموعةٍ من وقائع كرامات الأولياء يراجع الجزء التاسع المتعلِّق ، «كرامات أولياء الله» من كتاب «شرح اعتقاد أهل السنَّة و الجماعة» لأبي القاسم اللالكائي رحمه الله.


انظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ
= هنا =


"قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ" ثُمَّ فَسَّرَ الْأُخْدُودَ بِقَوْلِهِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ *

وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ التَّجَبُّرِ وَقَسَاوَةِ الْقَلْبِ، لِأَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الْكُفْرِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَمُعَانَدَتِهَا، وَمُحَارَبَةِ أَهْلِهَا وَتَعْذِيبِهِمْ بِهَذَا الْعَذَابِ، الَّذِي تَنْفَطِرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ، وَحُضُورُهُمْ إِيَّاهُمْ عِنْدَ إِلْقَائِهِمْ فِيهَا.
النَّارِ بَدَلٌ مِنَ الْأُخْدُودِ بَدَلُ الِاشْتِمَالِ. ذَاتِ الْوَقُودِ صِفَةٌ لَهَا بِالْعَظَمَةِ وَكَثْرَةِ مَا يَرْتَفِعُ بِهِ لَهَبُهَا، وَاللَّامُ فِي الْوَقُودِ لِلْجِنْسِ.

إِذْ هُمْ عَلَيْهَا عَلَى حَافَّةِ النَّارِ. قُعُودٌ قَاعِدُونَ.
وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عِنْدَ الْمَلِكِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَصِّرُوا فِيمَا أُمِرُوا بِهِ، أَوْ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ.

وقالَ ابنُ كثير:

أَيْ مُشَاهِدُونَ لِمَا يُفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ = ابن كثير =
وفي التفسير الوسيط :

أي: أن هؤلاء الطغاة الظالمين، لم يكتفوا بإشعال النار، والقعود حولها وهم يعذبون المؤمنين، بل أضافوا إلى ذلك، أنهم يشهدون تعذيبهم، ويرونه بأعينهم على سبيل التشفي منهم، فقوله شُهُودٌ بمعنى حضور، أو بمعنى يشهد بعضهم لبعض أمام ملكهم الظالم، بأنهم ما قصروا في تعذيب المؤمنين. وهذا الفعل منهم. يدل على نهاية القسوة والظلم، وعلى خلو قلوبهم من أي رحمة أو شفقة.
أو يشهد بعضهم على بعض بذلك الفعل الشنيع يوم القيامة، أو يشهدون على أنفسهم بذلك، كما قال- تعالى"يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ"النور 24..هنا =

"
وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ "البروج : .
وَالْحَالُ أَنَّهُمْ مَا نَقَمُوا - أي
ما كرهوا أو ما عابوا .،-مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا حَالَةً يُمْدَحُونَ عَلَيْهَا، وَبِهَا سَعَادَتُهُمْ، وَهِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ أَيِ: الَّذِي لَهُ الْعِزَّةُ الَّتِي قَهَرَ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ حَمِيدٌ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَوْصَافِهِ.

وَالحَمِيدُ سُبْحَانَهُ هُوَ المُسْتَحِقُّ لِلْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ،لذاته-

العزيز : من أسماء الله تعالى ، والعزّة التي هي صفة لله لها ثلاث معان: عِزة الامتناع. وعزة القهر والغلبة. وعزة القوة. وكلها لله تعالى على أتم وجه وأكمله.
فالعزة لها ثلاثة معانٍ، وكلها كاملة لله عز وجل:
1- عزة القوة الدال عليها من أسمائه القوي المتين، وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات وإن عظمت.
2- عزة الامتناع، فإنه هو الغني بذاته، فلا يحتاج إلى أحد ولا يبلغ العباد ضره فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه، بل هو الضار النافع المعطي المانع.
3- عزة القهر والغلبة لكل الكائنات، فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته، فجميع نواصي الخلق بيده، لا يتحرك منها متحرك ولا يتصرف منها متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لا حول ولا قوة إلا به. فمن قوته واقتداره أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وأنه خلق الخلق ثم يميتهم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون= الموسوعة العقدية=

ومن معاني العزيز :الندرة ونفاسة القدر، وهو سبحانه وتعالى لا يعادله شيء ولا مثل له ولا نظير له"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ "الشورى/11.
*قال الزجاجي:
العزيز من العزة أي القوة والغلبة، وهو من الشيء العزيز أي النادر الذي يصعب وجود مثله، وهو أيضًا بمعنى الممتنع، والخطير الذي يقل وجوده، وتشتد الحاجة إليه ويصعب الوصول إليه= الزجاجي :اشتقاق الأسماء / 23.239.


"
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ "البروج : 9.
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ خَلْقًا وَعَبِيدًا، يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ بِمَا يَشَاءُ ، وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ عِلْمًا وَسَمْعًا وَبَصَرًا، أَفَلَا خَافَ هَؤُلَاءِ الْمُتَمَرِّدُونَ عَلَيْهِ، أَنْ يَأْخُذَهُمُ الْعَزِيزُ الْمُقْتَدِرُ، أَوَ مَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ مَمَالِيكُ لِلَّهِ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ سُلْطَةٌ، مِنْ دُونِ إِذْنِ الْمَالِكِ؟ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِمْ أَنَّ اللَّهَ مُحِيطٌ بِأَعْمَالِهِمْ، مُجَازِيهِمْ عَلَى فِعَالِهِمْ ؟ كَلَّا إِنَّ الْكَافِرَ فِي غُرُورٍ، وَالْجَاهِلَ فِي عَمًى وَضَلَالٍ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ.
تفسير السعدي=
أي: أن هؤلاء الكافرين ما كرهوا المؤمنينَ، وما أنزلوا بهم ما أنزلوا من عذاب، إلا لشيء واحد، وهو أن المؤمنين أخلصوا عبادتَهم للهِ- تعالى- صاحب العزة التامة، والحمد المطلق، والذي له ملك جميع ما في السموات والأرض، وهو- سبحانه- على كل شيء شهيد ورقيب، لا يخفى عليه أمر من أمور عباده، أو حال من أحوالهم.
فالمقصود من هاتين الآيتين الكريمتين، التعجب من حال هؤلاء المجرمين، حيث عذبوا المؤمنين، لا لشيء إلا من أجل إيمانهم بخالقهم، وكأن الإيمان في نظرهم جريمة تستحق الإحراق بالنار.
وهكذا النفوس عند ما يستحوذ عليها الشيطان، تتحول الحسنات في نظرها إلى سيئات، وقديما قال المنكوسون من قوم لوط- عليه السلام"أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ".النمل: 56.
والاستثناء في قوله: إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ.. استثناء مفصح عن براءة المؤمنين مما يعاب وينكر، فهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم
. التفسير الوسيط .
وعلى أية حال فالمقصود بهذه الآيات الكريمة، تثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الإيمان، وتسليتهم عما أصابهم من أعدائهم، وإعلامهم بأن ما نزل بهم من أذى، قد نزل ما هو أكبر منه بالمؤمنين السابقين، فعليهم أن يصبروا كما صبر أسلافُهم، وقد اقتضت سنته- تعالى- أن يجعلَ العاقبةَ للمتقينَ. التفسير الوسيط.

رد مع اقتباس