عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 08-22-2020, 12:18 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,223
Post

24ـوَسَائِلُ الأُمورِ كَالمَقَاصِدِ* وَاحْكُم بِهذا الحُكْمِ للزَّوَائِدِ
ـ وَسَائِلُ : واحدها وسيلة ، وهي الذريعة الموصلة إلى الشيء المطلوب .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 79 .
ـ الأُمورِ : المراد بالأمور في القاعدة : جميع الأعمال التي يثاب العبد عليها أو يعاقب ، فتشمل بعمومها : الواجب ، والمندوب ، والحرام والمكروه والمباح .
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 31 .
ـ كَالمَقَاصِدِ : واحدها مقصد ، وهو الشيء المطلوب .
ـ للزَّوَائِدِ : يعني الزائد على الوسيلة والمقصد ، وهو ما يسميه الفقهاء بمتممات الأشياء .
" والمتممات ، هي الأفعال الواقعة بعد حصول المقصود ، كالرجوع من المسجد والرجوع من عيادة المريض ... " .
" فالزوائد لها أحكام المقاصد ، والمراد من جهة الأجر والثواب ، فالرجوع من الجهاد مثاب عليه ، والرجوع من عيادة المريض مثاب عليه .
وهكذا آثار العمل الصالح التي ليست من فعله ، كالتعب ، والظمأ للمجاهد ، والخلوف للصائم .
أما المعصية فلا عقاب على توابعها كالرجوع من حانة الخمر ، بل على آثارها الناشئة عنها ، كاختلاط الأنساب في الزنا ، وغياب العقل في شرب الخمر " .
ومن ثَم يتبين أن الأشياء عند الفقهاء ثلاثة : مقاصد ، ووسائل ، ومتممات .
مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 79 .
منظومة القواعدالفقهية / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
زوائد المحرمات ثلاثة:
أولها:زوائد متممة للمحرم من جنسه ،
فتأخذ حكمه في أصل التحريم، وفي التأثيم.
ثانيها: زوائد للتخلص من المُحَرَّمِ ،يفعلها العبدُ ابتغاء تخلصه من
المُحَرَّمِ والفرار منه ،فهذه ليس لها حكمُ المقصد، بل يثابُ العبدُ عليها.
كقاصدِ حانةِ خمرٍ شرِبَ فيها، ثم ندِمَ وألقى كأسه، وخرج من الحانة نادمًا على فعلِهِ ، فخروجه من الحانة يُعَدُّ زائدًا يثاب عليه ،ولا يُلحق بالمقصدِ الذي هو شرب الخمرِ الذي خرج إليه .
ثالثها: زوائد للمُحَرَّم لم يفعلها العبدُ تخلصًا منه ، فهذا لا يثاب عليه العبد ولا يعاقب . كخروجه من حانة الخمر إذا فرغ منها ، ليس متمما للمعصية ،إذ لم يفعله تخلصًا من الحرام ،ولكن لما فرغ خرج . فهذا ليس عليه إثم ولا يثاب ولا يعاقب لأنه ليس متمم للمعصية .
الشيخ العصيمي
وتفصيل ذلك :
الوسائل تعطى أحكام المقاصد ، فإذا كان مأمورًا بشيء كان مأمورًا بما لا يتم إلا به ، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وما لا يتم المسنون إلا به فهو مسنون ، وإذا كان منهيًّا عن شيءٍ كان منهيًّا عن جميع طرقه وذرائعه ووسائله الموصلة إليه .رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 26 .
وتطبيق ذلك :
الصلاة : وجه انطباق القسمة الثلاثية للأشياء على الصلاة هو : أن الصلاة من حيث أداؤها مقصدٌ ، والمشي إليها وسيلة ، والرجوع بعدها إلى المكان الذي جاء منه المصلي مُتمم .
والقاعدة المُشار إليها في كلام الناظم ـ رحمه الله ـ هي ما يطلق عليها الفقهاء " للوسائل حكم المقاصد ، وللزوائد حكم المقاصد " .
وبيان ذلك من المثال السابق :
أداء الصلاة المفروضة مع الجماعة في المسجد واجب .
فالوسيلة ـ التي هي المشي إلى هذا الواجب ـ الصلاة ـ تأخذ حكمه ، فتكون الوسيلة واجبة ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، كما هو مقرر في الأصول .
ومتمم - الذي هو الرجوع من المسجد - هذا الواجب له حكمه من حيث الثواب والأجر .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 80- بتصرف-
ـ والجمهور يجعلون القسمة ثنائية ؛ لأن الزوائد نوع من الوسائل .
ـ والأصل في هذه القاعدة : المعنى والاستقراء .
أما المعنى : فإن الوسائل فرعٌ تابعٌ للمقاصد ، والفرع يأخذ حكم الأصل ، والتابع يُعطَى حكم المتبوع .
وأما الاستقراء : فواضحٌ في الأحكام الشرعية .
والصحيح أن هذه القاعدة أغلبية .
منظومة القواعد الفقهية للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
من أدلة هذه القاعدة :
ـ قوله تعالى" فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ " سورة الأعراف / آية : 166
هؤلاء اليهود توسَّلُوا ـ أي أخذو وسيلة ـ إلى الصيد بالوسيلةَ التي ظنوها مباحة- وهي صيد الحيتان ـ الممنوع صيدها ـ ، في يوم آخر ، فمسخهم الله قردة وخنازير ، لأنهم توسَّلُوا إلى مُحَرَّم ، فأخذت الوسيلة حكم المقصد وهو الحُرْمَة .
ـ قوله تعالى"ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَملٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "سورة التوبة / آية : 120 .
الأصل أن الوطأ في الأرض الإباحة ، لكن لما كان ذلك يُتوصل عن طريقه إلى إغاظة الكفار والنكاية بهم ، أخذ حكم المقصد ، وهو الأجر على ذلك .
منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم القصعبي / بتصرف .
قال الشيخ السعدي في تفسيره لهذه الآية :
المجاهدون في سبيل الله " لا يصيبهم ظمأ ولا نصب " ؛ أي تعب ومشقة ، " ولا مخمصة في سبيل الله " ؛ أي مجاعة ، ..... ، " إلا كتب لهم به عمل صالح " لأن هذه آثار ناشئة عن أعمالهم . ا . هـ .
ـ وقوله صلى الله عليه وسلم : عن أبي الدرداء أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " من سلك طريقًا يلتمس به علمًا سهل الله به طريقًا من طرق الجنة " .
رواه أحمد وأبو داود والنسائي ... وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ... /الهجائي / ج : 2 / حديث رقم ( 6297 ) / ص : 1079 .
لما كان طلب العلم لا يُتَوصَّل إليه إلا بنقل الأقدام والخروج ، رُتِّب عليه مثل هذا الأجر العظيم .
منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف .
ـ وقوله صلى الله عليه وسلم " قفلةٌ كغزوةٍ " .
* فعن عبد الله ـ هو ابن عمرو ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال" قفلةٌ كغزوةٍ" .سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 9 ) ـ أول كتاب : الجهاد / ( 7 ) ـ باب :في فضل القفل في الغزو / حديث رقم : 2487 / ص : 436 / صحيح .
شرح الحديث : للمُجاهدِ أجرٌ عظيمٌ، وفضائلُ كثيرةٌ منَحَها له اللهُ عزَّ وجلَّ؛ رحمةً منه، وجزاءً على عَملِه العظيمِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "قَفْلَةٌ" وهو الرُّجوعُ مِن إحدى الغَزَواتِ بعدَ انتِهائِها، "كغَزوةٍ" أي:كابتداءِ المسيرِ للغَزْوِ، فالمجاهدُ مأجورٌ في الذَّهابِ إلى الغَزْوِ، وفي الرُّجوعِ منه إلى وطنِه.
وفي الحديثِ: عِظَمُ أجرِ المجاهدِ
الدرر-.

*عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قالَ: كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بَيْتُهُ أَقْصَى بَيْتٍ في المَدِينَةِ، فَكانَ لا تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَتَوَجَّعْنَا له، فَقُلتُ له: يا فُلَانُ لو أنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ مِنَ الرَّمْضَاءِ، وَيَقِيكَ مِن هَوَامِّ الأرْضِ، قالَ: أَمَ وَاللَّهِ ما أُحِبُّ أنَّ بَيْتي مُطَنَّبٌ ببَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَحَمَلْتُ به حِمْلًا حتَّى أَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْتُهُ، قالَ: فَدَعَاهُ، فَقالَ له مِثْلَ ذلكَ، وَذَكَرَ له أنَّهُ يَرْجُو في أَثَرِهِ الأجْرَ، فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ لكَ ما احْتَسَبْتَ.صحيح مسلم.

الشرح:هذا رجلٌ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان "بَيْتُهُ أَقْصَى بَيْتٍ في المَدِينَةِ"، أي: أبعدَ البُيوتِ عن مَسجدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومع بُعدِ بيتِه مِن المسجد فقد كانَ "لا تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَأي: لا تَفوتُه الصَّلاةُ في المَسجدِ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، " فَتَوَجَّعْنَا له"، أي: حَزِنُوا مِن أَجلِه، وقالُوا له"لو أنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ مِنَ الرَّمْضَاءِ،"، أي: يَحميكَ مِن "الرَّمضاءِ"، أي: مِن شدَّةِ الحرِّ، فقالَ " أَمَا وَاللَّهِ ما أُحِبُّ أنَّ بَيْتي مُطَنَّبٌ ببَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ"، أي: ما أُحبُّ أنَّ بَيتي مَشدودٌ بالأَطنابِ- وهي: الحِبال- إلى بيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ! قال أبيُّ بنُ كعبٍ" فَحَمَلْتُ به حِمْلًا"، أي: استعظمْتُ ما قالَ، وهمَّني ذلك لقُبحِ ما قالَ، حتَّى أتيتُ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَخبرتُه، أي: بما قالَ، فدَعاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال له مِثلَ ذلكَ، أي: مثلَ ما قالَ لأُبيِّ بنِ كَعبٍ، وذكَرَ له أنَّه يَرجو في أثرِهِ الأَجرَ، أي: إنَّ الذي حمَله على قَولِ هذا الكلامِ أنَّه يَرجُو ويَحتسِبُ في مَمشاهُ الأَجر مِنَ اللهِ، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "إنَّ لكَ ما احتسبْتَ"، أي: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيُعطيكَ ما احتسبْتَ، والاحتِسابُ هوَ أن يَعملَ العملَ للهِ ويَقصِدَ الأجْرَ والثَّوابَ مِن اللهِ.الدرر.
رد مع اقتباس