عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 06-13-2017, 01:03 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224
Arrow

المتن
وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديرًا بالجنان، أو تقديرًا باللسان، أو تحريرًا بالبنان.
ولهذا لما سئل مالك - رحمه الله تعالى - عن قوله تعالى:"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى"طه 5كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرُّحَضَاء (العرق) ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".

وروى عن شيخه ربيعة أيضًا: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول". وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان. وإذا كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب الكف عنه.
فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاهُ الشيطانُ في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك فإنه معاذُك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى"وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"فصلت 36
الشرح
هذا الكلام من مالكٍ-رحمه الله و شيخه ربيعة؛ ميزانٌ لجميع الصفات، فإذا قال قائلٌ مثلاً:إن اللهَ-سبحانه وتعالى- ينزل إلى السماء الدنيا، كيف ينزل؟ فنقول:
النزولُ غيرُ مجهول، والكيفُ غيرُمعقول، والإيمانُ به واجبٌ ،والسؤالُ عنهُ بدعة.
وإذا تأملنا قولَه:"الكيفُ غيرُ معقولٍ"فإنه يدل على إثبات كيفية لكنها غير معقولة، وليس كما قال بعضهم:إنه يدل على أنه نفيُ الكيفية كلها ،لأن نفي الكيفية كلها نفيٌ للوجود ، إذ ما مِن موجود إلا وله كيفية، وعلى هذا فيكون معنى كلام مالكٍ رحمه الله وغيرهِ من السلف في نفي الكيفية ؛ المراد به نفي التكييف لا أصل الكيفية.
انتهت القاعدة السادسة من قواعد الصفات

*القاعدة السابعة*من قواعد الصفات

المتن
صفات الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها.
فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث""انظر القاعدة الخامسة في الأسماء".
الشرح
لما أحالنا على هذه القاعدة الخامسة في الأسماء؛لأجل أن نعرف الأدلة على أن الصفات توقيفية.المقصود من هذه الإحالة بيان أدلة كون الصفات توقيفية ، لأن الصفات كالأسماء توقيفية.وقد سبق لنا ذكر الأدلة السمعية والعقلية على ذلك ، فلايجوز أن نُثبت لله إلا ماأثبته لنفسه منها.
المتن

ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه:
الأول:التصريح بالصفة كالعزة، والقوة، والرحمة، والبطش، والوجه، واليدين ونحوِها.
الشرح
فالعزة كقوله تعالى :"فإنَّ العِزة َللهِ جميعًا".
والقوة كقوله تعالى :"إنَّ اللهَ هو الرزاقُ ذو القوة".
والرحمة كقوله تعالى :"وربُكُ الغفورُ ذو الرحمةِ".
والبطش: كقوله تعالى :"إنَّ بطشَ ربِكَ لشديدٌ".
والوجه: كقوله تعالى :"ويبقى وجهُ ربِكَ ذو الجلالِ والإكرام"
واليدين: كقوله تعالى :"بل يداهُ مَبْسُوطتان".ونحو ذلك.
المتن
الثاني: تضمن الاسم لها مثل: الغفور متضمن للمغفرة، والسميع متضمن للسمع، ونحو ذلك -انظر القاعدة الثالثة في الأسماء-.
الشرح
فقد قال في القاعدة الثالثة في الأسماء : " إذا دلت على وصفٍ متعدٍّ تضمنت ثلاثة أمور". فقد أحالنا على ذلك ليُعْرف ماذا يتضمن الاسم من الصفات.
المتن
الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة، والانتقام من المجرمين، الدال عليها - على الترتيب - قوله تعالى: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى"سورة طه، الآية: 5.وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا". الحديث. وقول الله تعالى: "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا".سورة الفجر، الآية: 22.وقوله: "إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ"سورة السجدة، الآية: 22.
الشرح
فمن صفات الله تعالى الاستواء على العرش ، إيش الدليل؛ الدليل الفعل "ويؤخذ هذا من قوله تعالى :"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" سورة طه، الآية: 5
فنأخذ من "استوى" الاستواء.
لو قال قائلٌ أنتَ قلتَ:إنَّ من صفات الله "النزولَ إلى السماء الدنيا"؛ فأتِ بنصٍ بهذا اللفظ"النزول إلى السماء الدنيا" إيش تقول؟ أقول:مافيه بهذا اللفظ لكن فيه فعل يدل على هذاالمعنى وهو"ينزل ربنا إلى السماء الدنيا"
"يتنزَّل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِالدُّنيا، حين يبقى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ ، فيقول : مَن يدعوني فأَستجيبَ له ، من يسألُني فأُعطِيَه ، من يستغفرُني فأغفرُ له"
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7494-خلاصة حكم المحدث:صحيح-الدرر السنية
وكذلك "المجئ" من صفات الله تعالى ، ولكن ليس هناك نص فيه لفظ المجيء، بل النص موجود فيه الفعل الدال عليه ، وهو في قوله تعالى"وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً" سورة الفجر، الآية:22.
الفعل بهذا اللفظ "وجاء ربُكَ" دالٌ على المجئ.
أما قوله تعالى : "إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ"سورة السجدة، الآية:22.،لو قلنا إن من صفات الله تعالى الانتقام من المجرمين ؛ فليس هناك نص فيه كلمة "الانتقام"؛ ولكن نقول إن قوله:"مُنْتَقِمُونَ" وصفٌ دالٌ على الصفة التي تضمنها.
إذًا فطرق إثبات الصفة لله ثلاثة:
الأول: التصريح بالصفة، وهذا واضح ؛ كالقوة والعزة والرحمة والمغفرة مثل قوله تعالى :"وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ".الرعد1
الثاني:أنَّ ماتضمنه الاسم من الصفات كالغفور- مثلاً- متضمنٌ للمغفرة ،والسميعُ متضمنٌ للسمع، والبصيرُ متضمنٌ للبصر. وهكذا.
الثالث: التصريح بفعل أو وصفٍ دالٍ عليها؛ مثل الاستواء.
فلو قيل : أين الدليل الذي فيه كلمة "الاستواء"؟
قلنا : قوله تعالى :"ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" الرعد 2 ؛ فهذا فعل ، والفعل مشتق من المصدر الذي هو الاستواء ، وكذلك نقول في النزول وفي المجيء.
انتهى الفصل الثاني
رد مع اقتباس