عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-14-2018, 03:03 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,221
Arrow

المجلس السادس
دورة تيسير القواعد الفقهية

7
ـ فَاحْرِصْ عَلى فَهمكَ للقواعِدِ
* جَامِعةِ المسائل الشوارِدِ
8 ـ فَتَرْتَقي في العِلْمِ خَيرَ مُرْتَقَى * وَتَقْتَفِي سُبْلَ الذي قَدْ وُفِّقا
لما ذكر الناظم عليه رحمة الله تعالى عموم أهمية العلم الشرعي وفضله وحض عليه وحرض على تحصيله* ، خص من العلم الشرعي ما يريد شرحه وهي القواعد الفقهية ، فحض على تحصيل هذا العلم وفهمه فقال : فَاحْرِصْ عَلى فَهمكَ للقواعِدِ... . منظومة القواعد ... / شرح : خالد إبراهيم الصقعبي .
*حيث قال:

5 ـ اعلَم ـ هُدِيتَ ـ أَنَّ أفضلَ المِنَنْ * عِلمٌ يُزيلُ الشَّكَ عَنْكَ والدَّرنْ
6 ـ وَيكْشِفُ الحقَّ لذي القلوبِ * وَيُوصِلُ العَبْدَ إلى المَطْلوبِ
احْرِصْ : هو شدة الطلب والعناية .
والفَهمِ: الإدراك للشيء .
القواعِدِ : جمع قاعدة، وهي في اللغة : الأساس
وفي الاصطلاح : حكم كلي تدخل فيه جزئيات كثيرة .
وتُطلق القواعد على القواعد الأصولية والقواعد الفقهية ، والمراد هنا الثاني أي القواعد الفقهية ، بقرينة قول الناظم : جَامِعةِ المسائل الشوارِدِ ، وكون النَّظْم في علمِ القواعد الفقهية ، ولكنه باعتبار الغالب ؛ لأنه ذكر بعض القواعد الأصولية أيضًا ـ مثل : قواعد ألفاظ العموم ،مثل:" وأَل " تًُفِيدُ الكُلَّ فِي العُمُومِ ... ـ .
المسائل : هي الوقائع التي يُسألُ عنها .
الشوارِدِ : جمع شاردة ، وهي النافرة والمتفرقة وغيرُ المجموعة .
فمن شأن القواعد الفقهية أنها تجمعُ المسائل المتناثرة تحت حُكمٍ كُلِّيٍّ ، فَيَسهُل على الطالب معرفة أحكام الجزئيات ، ودراسة الفقه ، لأن دراسة الفقه عن طريق القواعد أسهل وأشمل ، كما أن دراسته عن طريق الجزئيات أدق وأحكم .
والجزئيات الفقهية لا تتناهى ، ويستجد في كل زمان من المسائل ما لم يكن معروفًا قبل ذلك .
وإنما تضبطُ بالقواعد، فحفظها وفهمها من أعظم الفوائدِ .

ويقول الشيخ خالد عثمان السبت : إنك إذا حفظت القواعد أو فهمت القواعد ارتقيت في العلم، وهذا صحيح؛ لأن الإنسان إذا عرف القواعد نَمَتْ مَلَكَتُهُ، وصار يبني الأحكامَ على أصولٍ صحيحةٍ، وينطلق من هذه القواعد في التفريع، وصارت هذه القواعد تضم له أشتات المسائل، وكثيرًا من الجزئيات، فصار ذلك سببًا لإلمامه بكثير من الأحكام، مع أنه درس أشياء محدودة يسيرة، وقد ذكرت قول بعض أهل العلم حينما يضيق على الإنسان هل يدرس الفروع أو يدرس شيئًا من القواعد إما هذا وإما هذا؟، فكان بعضهم يرجح دراسة هذه القواعد؛ لأنها تجمع له شعث هذه الجزئيات.ا.هـ .هنا-

8 ـ فَتَرْتَقي في العِلْمِ خَيرَ مُرْتَقَى * وَتَقْتَفِي سُبْلَ الذي قَدْ وُفِّقا
تَرْتَقي : أي تعلو وتصعدُ .
الاقتفاء : اتباع الأثر .
السُّبْل : جمع سبيل ، وهو الطريق.
و " باء " السُّبْل في النظم ساكنةٌ ، مراعاةً للوزنِ .
والمعنى : أنك لو حرصت على فهم القواعد الكلية للعلوم التي تجمع المسائل المتفرقة ، فإنك تعلو بذلك في منازل العلم ، وتكون بذلك متبِعًا لآثار العلماء الموفقين لطريق الحق .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف يسير .
وقوله : وَتَقْتَفِي سُبْلَ ... : فيه إشارة إلى أن المرء يجب عليه الاتباع ، والسير على منهج الصالحين ممن قَبله ، وعلى ذلك تدل النصوص الشرعية ؛ منها قوله سبحانه ". وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ .".سورة لقمان / آية : 15 .
القواعد الفقهية ... / شرح : الشيخ سعد بن ناصر الشثري .
قال صلى الله عليه وسلم".....،فعليكُمْ بِسُنَّتِي وسنَّةِ الخُلفاءِ المهديِّينَ الرَّاشِدينَ ، تَمسَّكُوا بِها ، وعَضُّوا عليْها بالنَّواجِذِ،....."الراوي : عبدالرحمن بن عمرو السلمي و حجر بن حجر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4607 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية-
*******************



9 ـ هَذِهِ قَوَاعدٌ نَظَمْتُها *مِن كُتْبِ أهلِ العِلْمِ قدْ حصَّلتُها
10ـ جَزاهُم المَوْلى عَظِيمَ الأَجْرِ* والعَفوَ مَعْ غُفْرانِه والبِرِّ
قَوَاعدٌ : بالتنوين مراعاة للوزن ، والأصل بدون تنوين ، لأنه ممنوع من الصرف لأنه صيغة منتهى الجموع ، على وزن مفاعل ،والممنوع من الصرف لا يُنَوَّن، ولكن الاضطرار للنَّظْمِ مبيحٌ لذلك .

نَظَمْتُها : أي جعلتها في نظم ، والنظم : عقد المنثور ، كما أن الحلّ هو نثرُ المنظومِ ، وأصل النظم في اللغة : جمع اللؤلؤ في سلكٍ .نظَم شِعْرًا: ألَّف كلامًا موزونًا مُقفًّى :المعجم.وكلمة نظم دلالتها مادية ،ولكن إطلاق كلمة نظم على الشعر من قبيل المجاز.والعلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي هي الاتصال، والاتساق، والتنسيق في كل منهما-الألوكة -
ففي هذا إشارة إلى منهج المؤلِّف في القواعد الفقهية ، بأن هذا المؤلَّف خاص بالقواعد ، وفيه إشارة إلى أنها منظومة ، وفيه إشارة إلى أن هذه القواعدَ ليست من بنات أفكارهِ ، ونتائج اختراعاتِه ، ولكنها مُستفادةٌ من كتب العلماء .
فهذه القواعد موجودة في كتب القواعد، وهي متفرقة أيضًا في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم.

وهذا من أدب الناظم ، وحُسن أخلاقه ، فإن من بركة العلم أن يُنْسَبَ إلى صاحبِهِ .وهذا منهجُ أهلِ الإيمانِ فمنهجهم أنهم لا ينسِبون إلى أنفسهم ما ليس لهم .وهذا هو الهدي.
* فعن أسماء بنت أبي بكر ، أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن لي جارة ـ تَعني ضَرَّة ـ هل عليَّ جناحٌ إن تَشَبَّعْتُ لها بما لم يعطِ زوجي؟ قال صلى الله عليه وسلم " المتشبِّعُ بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور " .
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 35 ) ـ كتاب : الأدب / ( 92 ) ـ باب :فيمن يتشبع بما لم يعط / حديث رقم : 4997 / ص : 903 / صحيح .


تَشَبَّعْتُ لها بما لم يعطِ زوجي : أي ادعت أمام ضرتها بأن زوجها أعطاها كذا وكذا ، وهو لم يعطها ، ولكن لتكيد ضرتها أو ... .
جزاهُم : أي : أثابهم .
المولَى : والمراد : المالك والناصر ، وهو الله تعالى ، لقوله سبحانه "ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهمْ " .سورة محمد / آية : 11 .
عَظِيمَ الأَجْرِ: من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ، والمراد . أجرًا عظيمًا .
والعَفوَ مَعْ غُفْرانِه : العفو والغُفْران : بمعنى التجاوز عن الذنب .
=ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن العفو أبلغ من المغفرة ؛ لأن العفو محو، والمغفرة ستر.
وذهب آخرون إلى أن المغفرة أبلغ من العفو ؛ لأنها سترٌ، وإسقاطٌ للعقاب ، ونيلٌ للثواب، أما العفو: فلا يلزم منه الستر ، ولا نيل الثواب .

قال ابن جُزَيّ رحمه الله :
" العفو : ترك المؤاخذة بالذنب .
والمغفرة تقتضي ـ مع ذلك ـ : الستر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْعَفْوُ مُتَضَمِّنٌ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ قِبَلِهِمْ وَمُسَامَحَتِهِمْ بِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِقَايَتِهِمْ شَرَّ ذُنُوبِهِمْ، وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَرِضَاهُ عَنْهُمْ؛ بِخِلَافِ الْعَفْوِ الْمُجَرَّدِ؛ فَإِنَّ الْعَافِيَ قَدْ يَعْفُو ، وَلَا يُقْبِلُ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُ .
فَالْعَفْوُ تَرْكٌ مَحْضٌ، وَالْمَغْفِرَةُ إحْسَانٌ وَفَضْلٌ وَجُودٌ " انتهى من "مجموع الفتاوى" 14/ 140.
وبهذا يتبين أن المغفرة أبلغ من العفو، على القول الراجح ؛ لما تتضمنه من الإحسان والعطاء..الإسلام سؤال وجواب =هنا=
وهذه دعوة طيبة دعا بها الشيخ السعدي للعلماء الأفاضل ، فنستفيد هذا الأدب ، فالدعاء لأهل العلم من حُسن الأدب ، وجميل الأفعال وهي صفة وسِمة للمؤمنين أجمعين ، كما قال تعالى "وَالَّذِينَ جَاءُو مِن بَعْدِهِم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا " . سورة الحشر / آية : 10 .
فالدعاء لأهل الإيمان من القربات التي يتقرب بها العباد إلى ربهم ـ عز وجل ـ وقال صلى الله عليه وسلم "لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ " .
رواه الترمذي عن أبي هريرة . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6601 / ص : 1122 .
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ".
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 3 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 38 ) ـ باب :عطية من سأل بالله عز وجل / حديث رقم : 1672 / ص : 290 / صحيح .
ومعروف العلوم أعظم من معروف المال ، ولهذا تستغفر النملة في جُحرِها ، والحيتان في بحرها لمعلم الناس الخير .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
فجزى الله معلمي الناس الخير خير الجزاء ، ونستغفر لهم مع من في السموات والأرض ومع الحيتان في البحر .
* فعن أبي الدرداء قال : سمعتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول "إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ" .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 20 ) ـ باب : ثواب معلِّم الناس الخير / حديث رقم : 239 / ص : 59 / صحيح .
جزاهم المولى عظيم الأجر والعفو مع غفرانه والبِرِّ ..... آمين .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره :فالعفو والمغفرة ؛يحصل بهما دفع المكاره والشرور.
معنى البِرِّ لغةً
:البِرُّ
: الصِّدق والطَّاعة والخير والفضل.
معنى البِرِّ اصطلاحًا:
قال المناوي: التوسُّع في فعل الخير، والفعل المرضِي، الذي هو في تزكية النَّفس... يقال: بَرَّ العبدُ ربَّه. أي: توسَّع في طاعته... وبِرُّ الوالد: التَّوسع في الإحسان إليه، وتحرِّي محابِّه، وتوقِّي مكارهِه، والرِّفقُ به . موسوعة الأخلاق = هنا =

رد مع اقتباس