عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-18-2021, 08:33 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224
Post بر الوالدين ... حسنات وبركات

بر الوالدين ... حسنات وبركات

الحمد لله العليِّ العظيمِ، ذي الوجهِ الكريمِ، والسلطانِ القديمِ، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهدى، يعلم ما بين أيدينا وما خلفَنا، وما بين ذلك، وهو الفتَّاح العليم.

وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، البرُّ الرؤوفُ الرحيمُ، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه وخليلُه، وخِيرتُه مِنْ خَلقِه، بلَّغ رسالةَ ربه، وأدَّى أمانتَه، وترَكَنا على المحجَّة البيضاء، لا يزيغ عنها إلا هالكٌ ذميمٌ، فصلَّى اللهُ وبارَك عليه، وعلى آل بيتِه الطيبينَ الطاهرينَ، وعلى أزواجه أمهاتِ المؤمنينَ، وعلى أصحابِه الغرِّ الميامينَ، وعلى مَنْ تَبِعَهم واقتفى أثرَهم إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ: فيا أيها الناس: اتقوا الله حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا الذنوبَ والعقوقَ والمعاصيَ، فإن أبدانكم على النار لا تقوى؛ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"الْحَشْرِ: 18.

عباد الله: إنَّ ثمةَ حقًّا بشريًّا عظيمًا، له من الهيبة والوقار ما ليس لغيره، إنه حقٌّ لا منَّةَ فيه لمَنْ أدَّاه، ولا براءة من اللؤم والسوء لمَنْ تهاوَن فيه، وإنه لا أقبحُ فيه بين الناس مِنْ حورٍ بعد كورٍ، ولا من نقضٍ بعد غزلٍ، ولا أشدَّ مضاضةً فيه من نكران تجاهَ جميل، ولا غدر تجاهَ وفاء، ولا غلظة تجاهَ رحمة، ولا عقوق تجاه بِرٍّ، بل إنه لا أخسرُ من امرئ يُفتَح له بابٌ من أبواب الجنة فيأبى وُلُوجَه بمحض إرادته، بل يقف دونَه مستنكفًا، ثم يستدير، فيتخذه وراءه ظهريًّا، نائيًا بنفسه عن ولوج ما فيه سر فلاحه وسعادته في دنياه وأخراه؛ إنه بر الوالدين -عباد الله- الذي هو بابٌ من أبواب الجنة، مشرَعٌ للإحسان إليهما، ومصاحبتهما في الدنيا بالمعروف، والبذل، وخفض جناح الذل لهما من الرحمة.

الأبوان -عباد الله- هما للأولاد في مهامه دنياهم، كالشمس والقمر، بهما يستضيئون دروبهم، ويؤنسون وحشتهم، ويستلهمون سلوتَهم، فهما كما قال يوسف لأبيه عن رؤياه"يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ"يُوسُفَ: 4، فكأن الأب شمسٌ؛ لِمَا يبذله من الكدح والكسب لولده في النهار، وكأنَّ الأمَّ قمرٌ؛ لِمَا تُوليه من سهر له وشفقة عليه في الليل.

رد مع اقتباس