عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 06-07-2017, 12:45 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Post



"أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا *" الكهف 31
"
جَنَّاتُ عَدْنٍ " أي : جنات إقامة واستقرار، جنن أصل الجن: ستر الشيء عن الحاسة يقال: جنة الليل وأجنة وجن عليه، فجنه: ستره، وأجنه جعل له ما يجنه، كقولك: قبرته وأقبرته، وسقيته وأسقيته، وجن عليه كذا: ستر عليه، قال عز وجل "فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا" الأنعام/76، والجنان: القلب**، لكونه مستورا عن الحاسة، والمجن والمجنة: الترس الذي يجن صاحبه. قال عز وجل "اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً " المجادلة/16، وفي الحديث" الصوم جُنَّة" الحديث يروى" الصيام جنة" وهو صحيح متفق عليه. وأخرجه مالك في الموطأ، باب جامع الصيام، انظر: تنوير الحوالك 1/287؛ وفتح الباري 4/87؛ ومسلم رقم 1151؛ وانظر: شرح السنة للبغوى 6/225.
فمسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة؛ كما أجمع عليه أئمتهم وعلماؤهم، ه
و: تصديق بالْجَنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية هنا

سُندس
: رقيق الدّيباج :الحرير.
إستبرق: غليظ الدّيباج
الأرائك: السرر، واحدها أريكة، وهي كلّ ما يتكأ عليه و قيل هو السرير المنجد المزين الفاخر، و الفراش

وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا: وحَسُنتِ الجنة منزلًا ومكانًا لهم
مُرْتَفَقًا: مجلسًا، أو متكأ، أو مقرًا ،و أصل الارتفاق: الجلوس و الاتكاء على المرفق.

*تفسير السعدي
أي: أولئك الموصوفون بالإيمان والعمل الصالح, لهم الجنات العاليات التي قد كثرت أشجارها, فأجنت من فيها, وكثرت أنهارها, فصارت تجري من تحت تلك الأشجار الأنيقة, والمنازل الرفيعة.
وحليتهم فيها, الذهب, ولباسهم فيها الحرير الأخضر من السندس, وهو الغليظ من الديباج, والإستبرق, وهو: ما رق منه.

متكئين فيها على الأرائك وهي: السرر المزينة, المجمَّلة بالثياب الفاخرة فإنها لا تسمى أريكة, حتى تكون كذلك.
وفي اتكائهم على الأرائك, ما يدل على كمال الراحة, وزوال النصب والتعب, وكون الخدم يسعون عليهم بما يشتهون, وتمام ذلك, الخلود الدائم والإقامة الأبدية.
فهذه الدار الجليلة
" نِعْمَ الثَّوَابُ " للعاملين " وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا " يرتفقون بها, ويتمتعون بما فيها, مما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, من الحبرة والسرور, والفرح الدائم, واللذات المتواترة, والنعم المتوافرة.
وأي مرتفق, أحسن من دار, أدنى أهلها, يسير في ملكه ونعيمه, وقصوره وبساتينه, ألفى سنة ولا يرى فوق ما هو فيه من النعيم.
قد أعطى جميع أمانيه ومطالبه, وزيد من المطالب, ما قصرت عنه الأماني
.
ومع ذلك, فنعيهم على الدوام, متزايد في أوصافه وحسنه.
فنسأل الله الكريم, أن لا يحرمنا خير ما عنده, من الإحسان, بشر ما عندنا من التقصير والعصيان.

ودلت الآية الكريمة وما أشبهها, على أن الحلية, عامة للذكور والإناث, كما ورد في الأخبار الصحيحة لأنه أطلقها في قوله " يُحَلَّوْنَ " وكذلك الحرير ونحوه.

تفسير السعدي
تفسير الشيخ العثيمين
قوله تعالى"أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ" المشار إليه الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
"جَنَّاتُ" جمع جنة وهي الدار التي أعدها الله لأوليائه فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
"عَدْنٍ" بمعنى الإقامة، أي جنات إقامة لا يبغون عنها حِوَلا أي تحولا عنها، ومن تمام النعيم أن كل واحد منهم لا يرى أن أحدًا أنعم منه، ومن تمام الشقاء لأهل النار أن كل واحد منهم لا يرى أحداً أشد منه عذابًا، ولكن هؤلاء، أهل الجنة، لا يرون أن أحدًا أنعم منهم لأنهم لو رأوْا ذلك لتنغص نعيمهم حيث يتصورون أنهم أقل.
"تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ". الأنهار جمع نهر وهي أربعة أنواع ذكرها الله تعالى في سورة محمد، قال الله تعالى: "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصْفّىً"محمد: 15 ، وهنا قال: "مِنْ تَحْتِهِمُ"، وفي آية أخرى قال «تحتهم» وفي ثالثة "مِنْ تَحْتِهَا"، وفي رابعة "تَحْتِهَا" والمعنى واحد، لأنهم إذا كانت الأنهار تجري تحت أشجارها وقصورها فهي تجري تحت سكانها.
قوله تعالى"يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ"
"يُحَلَّوْنَ فِيهَا"أي الجنات.
"مِنْ أَسَاوِرَ"، قال بعضهم: إن"مِنْ" هنا زائدة لقول الله تعالى"وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ"الإنسان: 21 ، فـ "مِنْ" زائدة. ولكن هذا القول ضعيف، لأن "مِنْ" لا تزاد في الإثبات كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:
وزيد في نفي وشبهِهِ فَجَرّ***نكرة كما لباغٍ من مفر
وعلى هذا فإما أن تكون للتبعيض: أي يحلون فيها بعض أساور، أي يحلى كل واحد منهم شيئاً من هذه الأساور وحينئذٍ لا يكون إشكال، وإما أن تكون «للبيان» أي بيان ما يحلون، وهو أساور وليس قلائد أو خُروصا مثلاً، وأما قوله"مِنْ ذَهَبٍ" فهي بيانية، أي لبيان الأساور أنها من ذهب، ولكن لا تحسبوا أن الذهب الذي في الجنة كالذهب الذي في الدنيا، فإنه يختلف اختلافًا عظيمًا، قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»22 ، ولو كان كذهب الدنيا لكان العين رأته.
قوله تعالى"وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍالسندس: ما رَقَّ من الديباج والإستبرق ما غلظ منه.
وقوله"خُضْرًا" خصَّها باللون الأخضر لأنه أشد ما يكون راحة للعين ففيه جمال وفيه راحة للعين.
قال تعالى"مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ".
قوله"مُتَّكِئِينَ" حال من قوله تبارك وتعالى"أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ" أي حال كونهم متكئين فيها، والاتكاء يدل على راحة النفس وعلى الطمأنينة.
قوله"عَلَى الأَرَائِكِ" جمع أريكة، والأريكة نوع من المرتفق الذي يرتفق فيه، وقيل: إن الأريكة سرير في الخيمة الصغيرة المغطاة بالثياب الجميلة تشبه ما يسمونه بالكوخ.
قال الله تعالى"وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا" هذا مدح لهذه الجنة وما فيها من نعيم، ففيها الثناء على هذه الجنة بأمرين: بأنها "نِعْمَ الثَّوَابُ" وأنها "وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا". قال الله تعالى"أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا "الفرقان: 24.
* * *
تفسير العثيمين
رد مع اقتباس