عرض مشاركة واحدة
  #51  
قديم 06-07-2017, 01:38 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,226
افتراضي

"وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا" *الكهف 53

أي: لما كان يوم القيامة وحصل من الحساب ما حصل, وتميز كل فريق من الخلق بأعمالهم, وحقت كلمة العذاب على المجرمين, فرأوا جهنم قبل دخولها, فانزعجوا, واشتد قلقهم, لظنهم أنهم مواقعوها, وهذا الظن قال المفسرون: إنه بمعنى اليقين, فأيقنوا أنهم داخلوها " وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا " أي: معدلا يعدلون إليه, ولا شافع لهم من دون إذنه.
وفي هذا من التخويف والترهيب, ما ترعد له الأفئدة والقلوب.
تفسير السعدي
{{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا *}}.
الكهف 53

قوله تعالى: { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ} المجرمون يعني الكافرين، كما قال عزّ وجل: {{إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}} [السجدة: 22] .
{ {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} } { {فَظَنُّوا} } أي أيقنوا: { {أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} } والظن يأتي بمعنى اليقين كما في قوله تعالى: {{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ}} [البقرة: 46] ، أي: يوقنون أنهم ملاقو الله، وإلاَّ فالظن الذي هو ترجيح أحد الأمرين المشكوك فيهما لا يكفي في الإيمان.
{ {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} } يعني لم يجدوا مكانا ينصرفون عنها إليه، وهذه الجملة معطوفة على (رأى) وليست داخلة تحت قوله ظنوا، لأنه لو كان داخلاً في الظن لقال «ولن»، يعني أنهم لما رأوْها وظنوا أنهم مواقعوها لم يجدوا عنها مصرفاً أي مكاناً ينصرفون إليه لينجوا به منها.
تفسير العثيمين
* * *
* تعريف الظن واليقين لغةً واصطلاحًا وَحكمهما* :
وقبل أن نخوض في البحث يجدر بنا أن نعرف الظن واليقين لغةً واصطلاحًا .
فالظن لغةً: يستعمل في معنى الشك: وهو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك .

ويستعمل بمعنى اليقين . قال ابنُ منظور : الظن شك ويقين ، إلا أنه ليس بيقين عيان ، إنما هو يقين تدبر .
وقال الزبيدي : الظن هو التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم . ونقل عن المناوي أنه قال: الظن الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ويستعمل في اليقين والشك .
وهذا المعنى الأخير الذي قاله الزبيدي والمناوي هو لذي استقر عليه اصطلاح الأصوليين .
قال الآمدي : الظن ترجيح أحد الاحتمالين الممكنين على الآخر في النفس من غير قطع .
وقال عبد العزيز البخاري : الظن ما كان جانب الثبوت فيه راجحًا ، ويسمى غالب الرأي . وقال القرطبي : الظن الشرعي هو تغليب أحد الجانبين ، أو هو بمعنى اليقين
وقال أبو يعلى الفراء : الظن تجويز أمرين أحدهما أقوى من الآخر .

(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 292)

أما اليقين فلغةً: العلم ، وإزاحة الشك ، وتحقيق الأمر . واصطلاحًا: اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاده أنه لا يمكن إلا كذا ، مطابقًا للواقع غير ممكن الزوال .
فالثابت باليقين لا شك في حجيته ، ولا خلاف . وأما ما كان ثبوته مظنونًا فأيضًا مقبول وحجة بإجماع علماء أهل السنة في الأحكام والعقائد .
قال ابن عبد البر :
أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع .
وقال: وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويجعلها شرعًا ، ودينًا في معتقده . على ذلك جماعة أهل السنة . .
وقال أبو يعلى الفراء : الظن طريق للحكم إذا كان عن أمارة مقتضية للظن ، ولهذا يجب العمل بخبر الواحد إذا كان ثقة ، ويجب العمل بشهادة الشاهدين .
وقال الحافظ بدر الدين العيني : وإجراء الحكم بناءً على غالب الظن واجب ، وذلك نحو ما تعبدنا به من قبول لشهادة العدول ، وتحري القبلة ، وتقويم المستهلكات ، وأرش الجنايات التي لم ترد مقاديرها بتوقيف من قبل الشرع . فهذا ونظائره قد تعبدنا فيه بغالب الظن .

(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 293)
وقال فخر الدين الرازي : العمل بخبر الواحد الذي لا يقطع بصحته مجمع عليه بين الصحابة .
وهو المختار عند مَن بعد الصحابة من التابعين وأتباعهم ، وكافة علماء أهل السنة رضوان اللّه عليهم أجمعين .

هنا


*أقسام سوء الظن وحكم كل قسم منها*

الحكم على سوء الظن يشمل قسمين: سوء ظن الذي يؤاخذ به صاحبه، وسوء الظن الذي لا يؤاخذ به صاحبه.
القسم الأول: سوء الظن الذي يؤاخذ به صاحبه:
وضابط هذا النوع: هو كل ظن ليس عليه دليل صحيح معتبر شرعًا، استقر في النفس، وصدقه صاحبه، واستمر عليه، وتكلم به، وسعى في التحقق منه .
وهو أنواع ولكل نوع حكم خاص وهو كالتالي:
1- سوء الظن المحرم: ويشمل سوء الظن بالله تعالى، وسوء الظن بالمؤمنين.
فسوء الظن بالله تعالى من أعظم الذنوب: قال ابن القيم: (أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به) . وقال الماوردي: (سوء الظن هو عدم الثقة بمن هو لها أهل، فإن كان بالخالق كان شكًّا يؤول إلى ضلال) .
أما سوء الظن بالمؤمنين: ويشمل سوء الظن بالأنبياء وهو كفر، قال النووي: (ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع) ، وسوء الظن بمن ظاهره العدالة من المسلمين، وقد عدَّ الهيثمي سوء الظنِّ بالمسلم الذي ظاهره العدالة من الكبائر .
2- سوء الظن الجائز: ويشمل: سوء الظن بمن اشتهر بين الناس بمخالطة الريب، والمجاهرة بالمعاصي، وسوء الظن بالكافر، قال ابن عثيمين: (يحرم سوء الظن بمسلم، أما الكافر فلا يحرم سوء الظن فيه؛ لأنه أهل لذلك، وأما من عرف بالفسوق والفجور، فلا حرج أن نسيء الظن به؛ لأنه أهل لذلك، ومع هذا لا ينبغي للإنسان أن يتتبع عورات الناس، ويبحث عنها؛ لأنَّه قد يكون متجسسًا بهذا العمل) .
3- سوء الظنِّ المستحب: وهو ما كان بين الإنسان وعدوه، قال أبو حاتم البستي في سوء الظن المستحب (كمن بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا، يخاف على نفسه، مكره، فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره؛ لئلا يصادفه على غرة بمكره فيهلكه) .
4- سوء الظن الواجب: وهو ما احتيج لتحقيق مصلحة شرعية، كجرح الشهود ورواة الحديث

هنا
رد مع اقتباس