عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 07-08-2017, 12:57 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,233
Arrow

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نزّل الكتاب هدى وشفاء لما في الصدور، وأودع فيه من أصناف المعارف وأنواع العلوم ما تستقيم به الأمور، يسَّره للمتذكِّرين، وبيّنه للمتدبِّرين، وكشفه للمتفكرين، وأصلح به الظاهر والباطن والدنيا والدين، وجعله من فضله وكرمه حاويًا لعلوم الأوَّلين والآخرين، ومهيمنًا على الكتب والمقالات، وآيةً للمستبصرين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وسلطانه، ولا مثيل له في نعوته وأوصافه وكرمه وإحسانه، ولا نديد له في ألوهيته وحمديته وعظمة كبريائه وشأنه.
وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله المؤيَّد بآياته وبرهانه، الهادي إلى جنته ورضوانه.
اللهم صلّ على محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه على الحق وأعوانه وسلِّم تسليمًا.
أما بعد: فقد كتبت سابقًا كتابًا مطولاً في تفسير القرآن، فصار طوله من أكبر الدواعي لعدم نشره؛ لفتور الهمم ومللِها من الطول، ثم إني بعد ذلك استخلصت منه ومن غيره قواعد تتعلق كلُّها بأصول التفسير، وهي نعم العون للراغبين في علم التفسير الذي هو أصل العلوم كلِّها، فبلغت سبعين قاعدة، ويسّر المولى طبعها ونشرها.
فتكرَّر علي الطلب في السعي في نشر التفسير فاعتذرت بالعذر المذكور، ولكن لا زلت أفكر في تلخيصه واختصاره
[1]- وقد فعل ذلك رحمه الله حيث ألف كتابه «تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن» وهو مطبوع متداول.-تعقيب بالحاشية ، فظهر لي أنَّ الأولى والأنفع إفرادُ علومِ التفسير كلِّ نوع على حدته ولو لزم من ذلك ترك ترتيب التفسير،- بل لو لزم من ذلك ترك الكلام على كثير من الآيات القرآنية إذا تكلمنا على نظيرها أو ما يقاربها، فإنَّ الإحاطة على جميع الآيات القرآنية ليس من شروط علم التفسير، لأنَّ من خواص تيسير الله لمعاني كتابه أنَّه جعله أصولاً وقواعد وأسسًا، إذا عرف العبد منها شيئًا وموضعًا عرف نظيره ومشابهه ومقاربه في كلِّ المواضع، فمعرفة بعضه يدعو إلى معرفة باقيه.
ثم نظرت فإذا علوم التفسير كثيرة جدًا، وفي استيعابها يطول الكتاب جدًا، فرأيت أهم علوم القرآن على الإطلاق ثلاثة علوم: علم التوحيد والعقائد الدينية، وعلم الأخلاق والخصال المرضية، وعلم الأحكام للعبادات والمعاملات.
فرأيت الاقتصار على هذه الثلاثة أولى وأنفع وأحسن موقعًا
- وقد كان لدى الشيخ رحمه الله اتجاه إلى إفراد علم التوحيد وعلم الأخلاق في رسالة مستقلة، حيث كلف أحد تلاميذه بنسخ ما يتعلق بهما من هذه الرسالة، وكتب لها مقدمة خاصة، قال فيها: «... وأجل ما احتوى عليه [أي: القرآن] علم التوحيد وأصول العقائد وعلم الأخلاق التي لا صلاح ولا فلاح ولا نجاح للخلق إلا بها... لهذا جعلت هذه الرسالة خاصة في هذين النوعين من علوم القرآن، إذ بإصلاح العقائد والأخلاق تصلح الأمور كلُّها» غير أنَّه لم يُنسخ من هذه المخطوطة إلا جزءٌ كبيرٌ من القسم المتعلق بالتوحيد فحسب، فجاءت في (42) صفحة، فرغ من نسخها في 1367هـ، وهي محفوظة لدى أبناء الشيخ حفظهم الله باسم «بستان الموقنين وقرة عيون المؤمنين» كما هو مثبت في غلافها بخط المصنف نفسه، وعليها تصويبات بخطه رحمه الله، أما الذي قام بنسخها بتكليف من المصنف فهو الشيخ عبد العزيز بن صالح الدامغ، ـ حفظه الله ـ كما أفادني بذلك الأستاذ مساعد بن عبد الله السعدي وفقه الله، ثم عثرنا على نسخة ثالثة للكتاب تقع في (48) صفحة، بخط الشيخ عبد العزيز بن صالح الدامغ، فرغ من نسخها في 18/1/1367هـ، وكان الاتجاه فيها إلى أفراد النوع الأول فقط، المتعلق بالاعتقاد والتوحيد، وقد كتب لها ـ رحمه الله ـ مقدمة خاصة قال فيها: «أما بعد: فهذه رسالة في علم التوحيد وأصول الدين وعقائد[هـ] سهلة الألفاظ جليلة المعاني جمعت فيها من غرر هذا العلم ونكته أصولاً جمة وفوائد مهمة يحتاجها، بل يضطر إليها المبتدي والمتوسط والمنتهي، استخلصتها من كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وما أجمع عليه أئمة السلف المعتبرون...» وجعلها بعنوان «فتح الرب الحميد في علم العقائد وأصول التوحيد»، كما هو مثبت على غلافها بخط المصنف نفسه رحمه الله تعالى -.
، وكلُّ واحد من هذه الثلاثة يقتضي كتابًا مطولاً وخصوصًا علم الأحكام، ولكن أتينا بمقاصدها ونصوصها من الكتاب، وجمعناها في فنِّها واختصرنا الكلام فيها اختصارًا لا يخل بالمقصود ولا يغلق العبارات، بل أتينا بذلك بعبارات واضحة ليس فيها حشو ولا تعقيد.
ونسأل المولى تعالى أن يعيننا على ذلك وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعنا به وسائر إخواننا المسلمين، وأن يعفو عن خطئنا وتقصيرنا وإسرافنا في أمرنا، إنَّه جواد كريم. وسميته: «فتح الرحيم العلاَّم في علم العقائد والأخلاق والأحكام» المستندة إلى كتاب الله الكريم نصًا واستنباطًا وتنبيهًا وإرشادًا.

حاشية:
*فائدة وتعقيب من خارج الكتاب:

"تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن" - الكتاب هنا -، هذا الكتاب خلاصة وانتقاء لبعض مواضع من تفسيره "تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن" - الكتاب هنا -اقتصر فيه على اختيار بعض الآيات ، ليكون ميسَّرًا على القارئين .
انتهى المؤلف من كتابه سنة 1368هـ وهو على إيجازه واختصاره فيه معونة على تدبر كلام رب العالمين – وهو قريب من منهج التفسير الموضوعي ، وقد أراد المؤلف بجمع كل موضوع على حدته التقريب والسهولة وجمع المعاني التي من فنٍّ واحد في موضع واحد
. هنا .
رد مع اقتباس