عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11-03-2019, 02:01 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Arrow


المتن "وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ وَلا اَلأهْوَاءِ، إِنَّمَا هُوَ اَلاتِّبَاعُ وَتَرْكُ اَلْهَوَى. ".
قال أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري، إمام أهل السنة والجماعة في عصره قال: واعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تتبع فيها الأهواء، بل هو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح، ولا يقال: لِمَ ولَا كَيْف"ا.هـ.
لا تضرب لها الأمثال كردٍّ عليها أو انتقاد لما ثبت بالسُّنَّة.
أي: لا تُعَارِضْ أحاديثَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالأمثالِ العقلية الفاسدة المُعارضة المَدْفوعةِ بالنَّظرِ.
- أنَّ أبا هُرَيْرةَ ، قالَ لِرَجلٍ: يا ابنَ أخي ، إذا حدَّثتُكَ عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حديثًا ، فلا تَضرِبْ لَهُ الأمثالَ"الراوي : عبدالرحمن بن عوف - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 20 - خلاصة حكم المحدث : حسن=
الشرح: المُسلِمُ الحقُّ يُقْبِلُ على أوامِرِ اللهِ ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويتعامَلُ معها بالقَبولِ والرِّضا وعدَمِ الاعتراضِ، مع التَّسليمِ والانقيادِ للهِ ورسولِه، وفي هذا الأثَرِ يُخْبِرُ التَّابعيُّ أبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ: أنَّ أبا هُريرةَ قال لرجُلٍ "يا ابْنَ أخي، إذا حدَّثْتُك عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حديثًا، فلا تضْرِبْ له الأمثالَ". وفي روايةٍ أخرى: أنَّ أبا هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "توضَّؤوا ممَّا غيَّرَتِ النَّارُ، فقال ابنُ عبَّاسٍ: أتوضَّأُ مِن الحميمِ؟! فقال له: يا ابنَ أخي، إذا سمِعْتَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حديثًا، فلا تضرِبْ له الأمثالَ"! أي: توضَّؤوا للصَّلاةِ ونحوِها؛ لأجْلِ أكْلِ طعامٍ غيَّرَتْه النَّارُ، وإلَّا فلا وُضوءَ عند أكْلِه، فقال ابنُ عبَّاسٍ: "أتوضَّأُ مِن الحَميمِ؟"، أي: الماءِ الحارِّ، أي: ينْبَغي على مُقْتَضى هذا الحديثِ: أنَّ الإنسانَ إذا توضَّأَ بالماءِ الحارِّ يتوضَّأُ ثانيًا بالماءِ البارِدِ؛ فرَدَّ عليه أبو هُريرةَ بأنَّ الحديثَ لا يُعَارَضُ بمثْلِ هذه المُعارَضةِ المَدْفوعةِ بالنَّظرِ فيما أُرِيدَ بالحديثِ؛ فإنَّ المُرادَ: أنَّ أكْلَ ما غيَّرَتِ النَّارُ يُوجِبُ الوُضوءَ، لا ممَّن مسَّتْه الأعضاءُ.
وإنَّما قال أبو هُريرةَ له "يا ابْنَ أخي"؛ لأنَّه صغيرٌ في السِّنِّ بالنِّسبةِ له، "إذا حدَّثْتُك عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حديثًا، فلا تضْرِبْ له الأمثالَأي: لا تُعَارِضْ أحاديثَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالأمثالِ - والجدل العقلي - ، وأنَّه لا بُدَّ أنْ يكونَ التَّعامُلُ مع أخبارِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بأدَبٍ ولُطْفٍ، ولو كانتْ مَنْسوخةً؛ فيُرْوَى النَّاسِخُ والمَنسوخُ، مع الاتِّباعِ الحَسَنِ للهْدِي النَّبويِّ، وتفنيدِ الأدلَّةِ، ومعرفةِ أحكامِها وتاريخِها، وغيرِ ذلك، وإنَّما يُعَارَضُ حديثُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إمَّا بالقُرآنِ، أو بأحاديثَ ناسِخةٍ، وليس بالجدل العقلي - وهو ما أراد إظهارَه ابنُ عبَّاسٍ لأبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنهم، وليس اعتراضُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما اعتراضًا بالرأي المجرَّدِ؛ لأنَّ ابنَ عبَّاسٍ لعلَّ عِندَه حديثَ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما، قال
"كانَ آخِرُ الأمرَينِ مِن رسولِ اللَّهِ ، تَرْكَ الوضوءِ ، مِمَّا مسَّتِ النَّارُ" المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي.
"كانَ آخرَ الأمرينِ من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ تركُ الوضوءِ مِمَّا غيَّرتِ النَّارُ"الراوي : جابر بن عبدالله -المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود.
"أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ جَمع عليه ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ، فَأُتِيَ بهَدِيَّةٍ خُبْزٍ ولَحْمٍ، فأكَلَ ثَلَاثَ لُقَمٍ، ثُمَّ صَلَّى بالنَّاسِ، وما مَسَّ مَاءً....".الراوي : عبدالله بن عباس - صحيح مسلم .
فالعلماء اختلفوا في التوفيق بين الحديثين، هل هو من باب النسخ فلا وضوء مما مست النار مطلقًا؟ أو هو من باب الصرف من التحريم إلى الكراهة فيستحب الوضوء مما غيرت النار؟
وقال صاحب الفتح:فالأمر بالوضوء مما مست النار ينزل منزلة الاستحباب، لورود الأدلة على جواز ترك الوضوء مما مست الناركما سبق بيانه، وهذا القول رواية في مذهب الإمام أحمد واختاره الخطابي .انظر: فتح الباري" 1/ 407، ومال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني .انظر: نيل الأوطار ، والشيخ ابن باز في تعليقه على بلوغ المرام ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية " وكذلك الوضوء مما مست النار مستحب في أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، وبذلك يجمع بين أمره وبين تركه.الألوكة =
وقد قال تعالى" فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ". النحل : 74 .
أي : لا تجعلوا له أندادًا وأشباهًا وأمثالًا.تفسير ابن كثير.
أي: لا تشبهوا بالله تعالى هذه الجمادات، لأنه واحد قادر "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ"الشورى: 11. .
والآية جاءت في سياق قوله تعالى"وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ"النحل:73.
فهكذا لا تُضرب الأمثال لسُنَّة النبي-صلى الله عليه وسلم.
"إِذَا تَوَضَّأَ أحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ في أنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْثُرْ، ومَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وإذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُمْ مِن نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أنْ يُدْخِلَهَا في وَضُوئِهِ؛ فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ."
الراوي : أبو هريرة - صحيح البخاري
فلو قال إنسان: أين باتت يدي؟! باتت بجانبي.
إياك أن تقول هذا؛لأنه قد يكون الحكم تعبديًّا لا علة له، يعني: أنت لما تأتي تقول لي مثلًا" فإنه لا يدري أين باتت يده " فيسأل ما هي العِلَّة؟ إذا لم تجد له علة؛ فهذا تعبد تعبدك الله به ليبتليك، فأنت عبد تسمع وتطيع، وليس كل شيء لابد أن نعلم له علة، فهناك أشياء يبتليك الله بها ولا تدرك لها معنى لينظر التسليم، كما في الحجر الأسود، فقد جاء عن عمر بن الخطاب الملْهَم المُعَلَّم أنه قال" وَاللَّهِ، إنِّي لأُقَبِّلُكَ، وإنِّي أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ، وَأنَّكَ لا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَبَّلَكَ ما قَبَّلْتُكَ"صحيح مسلم.
فـ عمر بن الخطاب لم يفهم أي علة لتقبيل الحجر إلا المتابعة.
كذلك السعي بين الصفا والمروة، لماذا نسعى بين الصفا والمروة؟ أم إسماعيل عليها السلام سعت؛ لأنها كانت تبحث عن ماء، فلماذا نحن نسعى وإذا كانت هي تسعى في وسط جبل فالمسعى الآن صار من رخام، وأصبح هناك تكييف مركزي فلماذا نسعى؟ ما العلة في السعي؟ نقول: أنت مأمور بهذا، وهذا شيء تعبدي لابد أن تفعله وإن لم تفهم أو تدرك له معنى.

وكقوله" لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ" الزخرف : 31 .
قالوا معترضين على الذي أنزله تعالى وتقدس ،هلا كان إنزال هذا القرآن على رجل عظيم كبير في أعينهم من القريتين ؟ يعنون مكة والطائف .تفسير ابن كثير .
فعلينا أن نصدق هذا النبي ونعمل بالسُّنّة التي ثبتت عنه ولا نردها ولا نسلط عليها التأويلات والتقديرات.
و كحديث النزول "إذا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أوْ ثُلُثاهُ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فيَقولُ: هلْ مِن سائِلٍ يُعْطَى؟ هلْ مِن داعٍ يُسْتَجابُ له؟ هلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ له؟ حتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 758 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. كحديث النزول كالذين قالوا: إما أن يخلو منه العرش وإما أن لا يخلو، وأحاديث الرؤية بأن يقال: إن الرؤية تستلزم كذا وكذا ونحو ذلك.
وأما كونها لا تُدرك بالعقول والأهواء، فالمراد أن عقول البشر قاصرة عن إدراك كيفية الأمور الغيبية، وكذا معرفة الحِكَم والمصالح التي شُرعت لأجلها الأحكام، فإن هناك من اعترض على بعض الفرائض والمحرمات وأوردوا شبهات في التشكيك في شرعيتها كالحكمة في الطواف بالبيت وتقبيل الحجر الأسود والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجِمار، والحكمة في تحريم الربا وهي تحصل مع التراضي، وكذا الزنا برضى الطرفين، وشرب الخمر الذي هو لذيذ تطرب له النفس ونحو ذلك.
ولقد تكلم العلماء -رحمهم الله تعالى- بما فتح الله عليهم فبيَّنوا الحِكم والمصالح في أمور الشريعة، وإن كانوا قد توقفوا في بعضها مع اعتقادهم أنها عين المصلحة، وقالوا: لا قدرة لنا على إدراك الأمور الغيبية كعذاب القبر ونعيمه وصفة الروح واتصالها بصاحبها في الدنيا وفي البرزخ، وكذا كيفية البعث والحشر وما بعده، فليس علينا سوى القبول والاتّباع وترك الهوى وترك الاعتراض عليها بمجرد الظن والنظر وذلك غاية الرضى والتسليم، والله أعلم= هنا -.
"وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ وَلا اَلأهْوَاءِ، إِنَّمَا هُوَ اَلاتِّبَاعُ وَتَرْكُ اَلْهَوَى. ".
جاء عن الأوزاعي -رحمه الله- أنه قال: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك بالقول" هذا رواه الآجري في الشريعة بإسناد صحيح كما قال المحقق..
لا يقال: لم ولا كيف؛ فالكلام والخصومات والجدال والمراء في الدين مُحدث؛ لأنه يقدح الشك في القلب؛ فلهذا ينبغي ترك الخصومات والجدال؛ فالسنة ليس فيها قياس عقلي، وليس فيها جدال، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول والأهواء، إنما هو الاتباع -اتباع الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة - وترك الهوى -ما يهواه الإنسان ويميل إليه وما يوافق عقله وهواه ومما يبتدع في دين الله.


رد مع اقتباس