عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-10-2017, 11:30 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224


القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
لمؤلفه : الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله


تقديم
لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد أطلعت على المؤلف القيم الذي كتبه صاحب الفضيلة العلامة أخونا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، في الأسماء والصفات وسماه "القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى". وسمعته من أوله إلى آخره، فألفيته كتابًا جليلاً، قد اشتمل على بيان عقيدة السلف الصالح في أسماء الله وصفاته، كما اشتمل على قواعد عظيمة, وفوائد جمة في باب الأسماء والصفات، وأوضح معنى المعية الواردة في كتاب الله - عز وجل - الخاصة والعامة عند أهل السنة والجماعة، وأنها حق على حقيقتها، لا تقتضي امتزاجًا واختلاطًا بالمخلوقين، بل هو - سبحانه - فوق عرشه كما أخبر عن نفسه، وكما يليق بجلاله - سبحانه - وإنما تقتضي علمه واطلاعه وإحاطته بهم، وسماعه لأقوالهم وحركاتهم، وبصره بأحوالهم وضمائرهم، وحفظه وكلاءته لرسله وأوليائه المؤمنين، ونصره لهم، وتوفيقه لهم إلى غير ذلك مما تقتضيه المعية العامة والخاصة من المعاني الجليلة، والحقائق الثابتة لله - سبحانه - كما اشتمل على إنكار قول أهل التعطيل، والتشبيه، والتمثيل، وأهل الحلول والاتحاد، فجزاه الله خيرًا، وضاعف مثوبته، وزادنا وإياه علمًا وهدىً وتوفيقًا، ونفع بكتابه القراء وسائر المسلمين، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى، عبد العزيز بن عبد الله بن باز سامحه الله- غفر الله له -، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز/الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء/والدعوة والإرشاد

*المقدمة
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليمًا.
وبعد:
فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله تعالى، وهي الإيمان بوجود الله تعالى، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته.
وتوحيد الله به أحد أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
فمنزلته في الدين عالية، وأهميته عظيمة، ولا يمكن أحداً أن يعبد الله على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته، ليعبده على بصيرة، قال الله تعالى "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا"الأعراف: 180. وهذا يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة.
فدعاء المسألة: أن تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسباً مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك.
ودعاء العبادة: أن تتعبد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء، فتقوم بالتوبة إليه؛ لأنه التواب، وتذكره بلسانك لأنه السميع، وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير، وتخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير، وهكذا.
ومن أجل منزلته هذه، ومن أجل كلام الناس فيه بالحق تارة وبالباطل الناشئ عن الجهل أو التعصب تارة أخرى، أحببت أن أكتب فيه ما تيسر من القواعد، راجيًا من الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه، موافقًا لمرضاته، نافعًا لعباده.
وسميته "القواعد المثلى في صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى"
.
قواعد في أسماء الله تعالى
القاعدة الأولى: أسماء الله تعالى كلها حسنى
أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى:
"وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى"(1)وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديراً.
* مثال ذلك "الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.
* ومثال آخر "العليم" اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى"عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى" (2) العلم الواسع المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى"وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ"(3) "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (4)، "يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5) "
* ومثال ثالث "الرحمن" اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لله أرحم بعباده من هذه بولدها"(6) يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، ومتضمن أيضًا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (7)" ، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين"رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا" (8)
والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده،ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال.
مثال ذلك"العزيز الحكيم" فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً. فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وجَوْراً وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل.
______________
(1) سورة الأعراف، الآية: 180.
(2) سورة طه، الآية: 52.
(3) سورة الأنعام، الآية 59.
(4) سورة هود، الآية: 6.
(5) سورة التغابن، الآية: 4.
(6)
رواه البخاري، كتاب الأدب (5999)، ومسلم، كتاب التوبة (2754.
(7)
سورة الأعراف، الآية: 156.
(8)
سورة غافر، الآية: 7.

رد مع اقتباس