عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 07-12-2017, 12:37 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,225
Arrow

أحكام الصيام والاعتكاف وتوابعها
قال الله تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ "البقرة: 183. إلى قوله"كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ "البقرة: 187 .
يؤخذ من هذه الآيات الكريمات من أحكام الصيام شيء كثير. منها: أنَّ شهر رمضان مكتوب على هذه الأمة، وأنَّ الصيام من الشرائع العامة التي شرعت على لسان كلِّ نبي أرسله الله، لعموم نفعه، وكثرة مصالحه. ويجمع مصالحه قوله"لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "البقرة: 183 ، أي: شرعنا لكم الصيام لتقوموا بتقوى الله التي بها النجاة والفلاح والسعادة، فإنَّ الصيام من أعظم أركان التقوى، وهو بنفسه يعين على تقوى الله في كلِّ الأحوال، فإنَّه يمرن النفوس على الصبر عما تهواه مما يلائمها ويوافق طبيعتها، فمتى تمرنت النفس على ذلك بالصيام هان عليها ترك المحارم التي لا تتم التقوى إلا بتركها، وأيضًا فنفس الصيام ترك للمفطرات المحرمة لخصوص الصيام، وكذلك يدعو إلى رحمة الفقير، فإنَّ الإخلاص لله والإحسان لعباد الله هو جماع التقوى، وكلاهما موجود معناه في الصيام.
وفيها: أنَّه يجب صيام رمضان برؤية هلاله على كلِّ مقيم صحيح، وبتمام الشهر الذي قبله من باب أولى، وأنَّ المريض مرضًا يُرجَى زواله والمسافر له الفطر، ويقضي عدته من أيام أُخر، وعموم ذلك كلَّ سفر طويل أو قصير، وأنَّه يصح قضاء أيام قصار باردة على أيام طوال حارة، وأنَّ من فاته رمضان قضى عدد أيامه. وأما المريض مرضاً لا يرجى زواله ، والكبير والكبيرة اللذان لا يستطيعان الصيام فيفطرون ويطعمون عن كلِّ يوم مسكينًا. وبهذا فسر ابن عباس وغيره"وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ "البقرة: 184 ، أي: يتكلفونه بمشقة غير محتملة، أولى من القول بنسخها، وعلل ذلك كلَّه تعالى بقوله"يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "البقرة: 185 .
ومنها: استحباب التكبير ليلة عيد الفطر، والإكثار من ذكر الله وشكره على إتمام العدة.
ومنها: حل الوقاع للزوجات ليالي الصيام، وأنَّ حله وحل الأكل والشرب ينتهي إلى طلوع الفجر، ففيه جواز صيام الجنب، لأنَّ من لازم هذه الإباحة أن يدركه الفجر وهو جنب، ومثله صيام الحائض إذا انقطع دمها.
ومنها: استحباب تأخير السحور لقوله"حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ "البقرة: 187. وأنَّه يجوز الأكل والشرب مع الشك في طلوع الفجر، ومنها استحباب الفطور وتعجيله.
ومنها: أنَّ حد الصيام الشرعي هو الإمساك عن جميع المفطرات، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
ومنها: كراهة الوصال للصائم، لأنَّ الله لم يجعل الليل محلاً للصوم.
ومنها: أنَّ جميع ما يؤكل، وكلَّ ما يشرب، والجماع من أعظم مفطرات الصائم.
ومنها: مشروعية الاعتكاف حيث إنَّ الله أضافه إلى المؤمنين، وأنَّه لا بد أن يكون في المسجد، وأنَّ مباشرة النساء بالوطء ومقدماته ممنوع منها المعتكف.
وفيه إشارة إلى أنَّ الاعتكاف في آخر رمضان أفضل من غيره لتواتر الأحاديث فيه، لأنَّ الله أتبع الاعتكاف لأحكام الصيام وقد أثنى الله على الصائمين في مواضع كثيرة من القرآن، وذكر ما لهم من الفضل والثواب، وهذا يتناول الفرض والنفل وخصوصاً الأيام التي حثّ صلى الله عليه وسلم على صيامها، كصيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وست من شوال، ويوم عرفة، واليوم التاسع والعاشر من المحرم، والاثنين والخميس، فإنَّها من أفضل ما يدخل في آيات الصيام.
وقال تعالى"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ "الدخان: 3 ، "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) "القدر. فيها فضيلة ليلة القدر والعمل فيها، وأنَّها في رمضان. وأخبر صلى الله عليه وسلم أنَّها ترجى في عشره الأخيرة خصوصاً أفرادها، لأنَّ الله ذكر أنَّه أنزل القرآن في رمضان وأخبر أنَّه أنزله في ليلة القدر، وذلك صريح أنَّها في رمضان.
رد مع اقتباس