عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 02-12-2020, 09:13 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Arrow


*المتن:وَخَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا:أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ،ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ،نُقَدِّمُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ كَمَا قَدَّمَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،لمْ يَخْتَلِفُوا في ذَلِكَ .
الشرح:

"كُنَّا نُخَيِّرُ بيْنَ النَّاسِ في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنُخَيِّرُ أبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ."الراوي : عبدالله بن عمر– صحيح البخاري.

كُنَّا نُخَيِّرُ :أي: كنَّا نُفضِّلُ بَعضَ الصَّحابةِ على بَعضٍ في زمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا إشارةٌ إلى إقرارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهذا التَّفْضيلِ.
في هذا الحديثِ يُبيِّن ابن عُمرَ رضي الله عنهما مكانةَ أبي بكرٍ الصِّدِّيق فيقول "كنَّا نُخيِّر بين النَّاس في زمن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: كنَّا نُفضِّل بعضَ الصَّحابة على بعضٍ في زمن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنقول: فلانٌ خيرٌ مِن فلان، أي: فنقولُ: أفضلُ النَّاس بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبو بكرٍ، ويليه عمرُ، ويليه عثمانُ،..........
وقد أجمَعت الأمَّةُ على تقديمِ أبي بكرٍ رضي الله عنه على غيرِه مِن الصَّحابة.الدرر.

"كُنَّا في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَعْدِلُ بأَبِي بَكْرٍ أحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أصْحابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا نُفاضِلُ بيْنَهُمْ."الراوي : عبدالله بن عمر - صحيح البخاري. الدرر.
"عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قُلتُ لأبِي: أيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قَالَ: أبو بَكْرٍ، قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ، وخَشِيتُ أنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلتُ: ثُمَّ أنْتَ؟ قَالَ: ما أنَا إلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ."الراوي : محمد بن علي ابن الحنفية - صحيح البخاري -الدرر.

ففيه أنَّ محمَّدَ بنَ الحنفيَّةِ- وهو ابنُ عليِّ بن أبي طالبٍ مِن غيرِ فاطمةَ، والحنفيَّة نسبة إلى جَدِّ أمِّه، واسمُها خَوْلَةُ- سأل أباه عليًّا: أيُّ النَّاسِ خيرٌ بعد رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فأجابه بأنَّ أبا بكرٍ هو خيرُ النَّاس بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومِن بعده عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه، وقولُ محمَّدِ بنِ الحنفيَّة "وخشِيتُ أن يقولَ: عثمانُ" أي: وخِفتُ أن يقولَ : إنَّ الأفضلَ بعد أبي بكرٍ وعمرَ: عثمانُ؛ تواضعًا منه وهضمًا لنفسِه، فيضطرِبُ عليه الحالُ؛ لأنَّه كان يعتقِد أنَّ أباه عليًّا أفضلُ، فبادَر محمَّدٌ وسأل عليًّا: ثمَّ أنت؟ أي: ثمَّ أنت الأفضلُ بعدهما، فردَّ عليه بما يناسِبُ تواضُعَه رضي الله عنه، قائلًا:إنَّما أنا رجُلٌ مِن المُسلِمين، وهذا على سبيلِ التَّواضُعِ منه، مع العلمِ بأنَّه حين هذا السُّؤالِ خيرُ النَّاسِ بلا نزاعٍ؛ لأنَّه بعد قَتْلِ عثمانَ- رضي اللهُ عنهم أجمعين.
وفي الحديث:إفصاحُ عليٍّ رضي الله عنه بأنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه خيرُ النَّاس بعد رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّ خيرَهم بعد أبي بكرٍ عمرُ رضي الله عنهم جميعًا.الدرر.

وقال الذهبي رحمه الله :
"
لَيْسَ تَفْضِيْلُ عَلِيٍّ بِرَفضٍ وَلاَ هُوَ ببدعَةٌ، بَلْ قَدْ ذَهبَ إِلَيْهِ خَلقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، فَكُلٌّ مِنْ عُثْمَانَ وَعلِيٍّ ذُو فضلٍ وَسَابِقَةٍ وَجِهَادٍ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي العِلْمِ وَالجَلاَلَة، وَلعلَّهُمَا فِي الآخِرَةِ مُتسَاويَانِ فِي الدَّرَجَةِ، وَهُمَا مِنْ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَلَكِنَّ جُمُهورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرَجيْحِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ، وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يسيرٌ، وَالأَفضَلُ مِنْهُمَا بِلاَ شكٍّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، مَنْ خَالفَ فِي ذَا، فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ " انتهى من" سير أعلام النبلاء " 12/ 419.

نبذة عنهم:
*أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ: وهو عبدُ اللهِ بنُ عُثمانَ التَّيْميُّ القُرشيُّ، وهو أوَّلُ الخلفاءِ الرَّاشِدين، وهو وزيرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصاحبُه، ورفيقُهعندَ هجرتِه إلى المدينةِ ، وهو أكثرُ الصَّحابةِ إيمانًا وزُهدًا، ومِن أحَبِّ النَّاسِ إلى النَّبيِّ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولَقَّبه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالصِّدِّيقِ؛ لِكَثرةِ تَصْديقِه له.
"أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أَيُّ النَّاسِأَحَبُّإلَيْكَ؟ قالَ: عَائِشَةُ قُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قالَ أَبُوهَا قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا".الراوي : عمرو بن العاص -المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم2384-خلاصة حكم المحدث : صحيح


ذاتُ السَّلاسلِ اسمُ مَكانٍ وقَعتْ فيه الغَزْوةُ المُسمَّاةُ باسْمِه سَنةَ ثَمانٍ للهِجْرةِ؛ وسُمِّيَت بذلك لأنَّ الأرضَ الَّتي كانوا فيها ذاتَ رَملٍ يَنعقِدُ بَعضُه على بَعضٍ كالسِّلْسلةِ.
قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم"إنَّ أمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومَالِهِ أبو بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ، ولَكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلَامِ ومَوَدَّتُهُ، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ بَابٌ إلَّا سُدَّ، إلَّا بَابُ أبِي بَكْرٍ.الراوي : عبدالله بن مسعود-صحيح البخاري.

"إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحبَتِه ومالِه أبا بَكْرٍ"، ومَعْناه: أنَّه أكثَرُهم جُودًا وسَماحةً لنا بنفْسِه ومالِه، وليس هو مِن المَنِّ الَّذي هو الاعْتِدادُ بالصَّنيعةِ.
" لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ بَابٌ إلَّا سُدَّ "كان بعضُ الصَّحابةِ فَتَحوا أبْوابًا في دِيارِهم إلى المَسجِدِ، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَدِّها كلِّها إلَّا بابَ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ ليَتميَّزَ بذلك فَضلُه.
أسلم على يديه خمسة من المبشرين بالجنة عثمان، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن ابن عوف، وسعد بن أبي وقاص، توفي في جمادى الآخرة سنة 13هـ عن63 سنة.
لم يتخلف عن مشهد واحد من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت يوم أحد ويوم حنين حين فر الناس.
ورَعُ أبي بكرٍ رضي الله عنه:
"كانَ لأبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ له الخَرَاجَ، وكانَ أبو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِن خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بشيءٍ فأكَلَ منه أبو بَكْرٍ، فَقالَ له الغُلَامُ: أتَدْرِي ما هذا؟ فَقالَ أبو بَكْرٍ: وما هُوَ؟ قالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ في الجَاهِلِيَّةِ، وما أُحْسِنُ الكِهَانَةَ، إلَّا أنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فأعْطَانِي بذلكَ، فَهذا الذي أكَلْتَ منه، فأدْخَلَ أبو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شيءٍ في بَطْنِهِ"
الراوي : عائشة أم المؤمنين-صحيح البخاري.

وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه كان لأبيها أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه غُلامٌ يُخرِجُ له الخَراجَ، وخَراجُ العبدِ هو: الضَّريبةُ الَّتي يتَّفِقُ العبدُ مع سيِّدِه على إخْراجِها له، وأدائِها إليه في كلِّ يومٍ، أو كلِّ شَهرٍ، وكان أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه يَأكُلُ مِن خَراجِه إذا سَألَه عنه، وعرَفَ حِلَّه.
فجاء يومًا بشَيءٍ مِن كَسْبِه، فأكَل منه أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه ولم يَسألْه، فقال له الغُلامُ: تَدْري ما هذا الَّذي جِئتُكَ به وأكلْتَ منه؟ فقال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: وما هو؟ قال: كُنتُ تَكهَّنْتُ لإنْسانٍ في الجاهِليَّةِ، وهي مدَّةُ ما قبْلَ الإسْلامِ، والكِهانةُ هي الإخْبارُ بالغَيبِ مِن غيرِ طَريقٍ شَرعيٍّ، وكانت كَثيرًا في الجاهِليَّةِ، وأخْبَرَه أنَّه لا يُحسِنُ الكِهانةَ ولكنَّه خدَعَ الرَّجلَ، فلمَّا قابَلَه أعْطاهُ أجْرَهُ، وهو الطَّعامُ الَّذي أكَلَ منه أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فلمَّا سَمِعَ ذلك أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أدخَلَ يَدَه في فَمِه، فاستَفرَغَ ما في بَطنِه؛ لئَلَّا يَتغَذَّى بَطنُه بحَرامٍ؛ وذلك لأنَّ عِوَضَ الكِهانةِ مَنهيٌّ عنه، سَواءٌ كان الكاهنُ يُحسِنُ صَنْعةَ الكِهانةِ، أو لا يُحسِنُ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -في الحَديثِ المُتَّفَقِ عليه- قدْ نَهَى عن حُلْوانِ الكاهِنِ، وهي أُجْرتُه على كِهانَتِه.
وفي الحَديثِ: وَرَعُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه.

*وعمرُ في الجنَّةِ: وهو عُمرُ بنُ الخطَّابِ العدَويُّ القُرشيُّ، المُلقَّبُ بالفاروقِ، وهو ثاني الخلفاءِ الرَّاشدين ومِن كبارِ أصحابِ الرَّسولِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، وهو وزيرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع أبي بكرٍ، ومِن عُلماءِ الصَّحابةِ وزُهَّادِهم. تولَّى الخِلافةَ الإسلاميَّةَ بعدَ وفاةِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ وقد اشتُهِر بعَدْلِه وإنصافِه النَّاسَ مِن المظالِمِ، وفي عَهدِه زادَتِ الفُتوحاتُ وانتَشَر الإسلامُ، وهو أوَّلُ مَن مَصَّر الأمصارَ ونَظَّم الدَّولةَ الإسلاميَّةَ.
وهو رضي الله عنه من أبرز الرجال الذين قام الدين على أكتافهم وجهودهم، آتاه الله قوة في الدين والعلم، وجرأة في الحق، وصرامة لا مثيل لها على الباطل
"
عَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: ما زِلْنَا أعِزَّةً مُنْذُ أسْلَمَ عُمَرُ.صحيح البخاري.
"
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، ما لَقِيَكَ الشَّيْطانُ قَطُّ سالِكًا فَجًّا إلَّا سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ." صحيح البخاري.
أي أنَّ الشَّيطانَ كان يَهرُبُ مِنَ الطَّريقِ الَّذي يسلُكُه عُمرُ بنُ الخطابِ رضِي اللهُ عنه؛ خوفًا منه، أو يكونُ المعنى: أنَّ عُمرَ رضِي اللهُ عنه فَارقَ سَبيلَ الشَّيطانِ وسَلكَ طريقَ السَّدادِ، فخالَفَ كلَّ ما يُحبُّه الشَّيطانُ.
"إنَّه قدْ كانَ فِيما مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وإنَّه إنْ كانَ في أُمَّتي هذِه منهمْ فإنَّه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ."صحيح البخاري.
الْمُحَدَّثِين، يَعني: منَ المُلهَمين الَّذين يَجري الصَّوابُ على أَلسنَتِهم أو يَخطُرُ ببالِهم الشَّيءُ فيَكونُ بفَضْلٍ منَ اللهِ تعالى وتَوفيقٍ، وقد وافَقَ عُمرُ رضِي اللهُ عنه الوَحيَ في حَوادثَ كَثيرةٍ، وفي هذا الحديثِ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ المحدِّثينَ المُلْهَمين مَوجودونَ في الأُمَمِ السَّابقةِ، ولو كان في هذه الأُمَّةِ أحدٌ منهم، فإنَّه عُمرُ بنُ الخطَّابِ.
وهؤلاءِ الْمُحَدَّثون- كما أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُكلَّمون مِن غيرِ أن يَكونوا أنبياءَ، يعني: يُلهَمون إلى الرُّشدِ والصَّوابِ من غيرِ أن يُرسِلَ اللهُ إليهم وحيًا كالأنبياءِ.الدرر.

قال البخاري :الملهمون يجري الصواب على ألسنتهم. قال الامام الآجري :وَمَعْنَاهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الْحَقَّ , وَيَنْطِقُ بِهِ لِسَانُهُ.
قال طاوس: أجدبَ الناسُ على عهدِ عمر فما أكل سمينًا حتى أكل الناس، أي: ما أكل لحمًا حتى أكل الناس، ويرى نفسه أحد الرعية يخشى أن يتقدم عليها حتى في الطعام.
كتاب فضائل الصحابة محمد حسن عبد الغفار - زهد وورع عمر بن الخطاب - المكتبة الشاملة الحديثة.
*يروي أسلم مولى عمر فيقول "أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا لِمَنْ حَوْلَهُ: تَمَنَّوْا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَمْلُوءَةٌ ذَهَبًا فَأَنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.ثُمَّ قَالَ: تَمَنَّوْا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّهَا مَمْلُوءَةٌ لَؤْلُؤًا أَوْ زَبَرْجَدًا أَوْ جَوَهِرًا، فَأَنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَتَصَدَّقُ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: تَمَنَّوْا، فَقَالُوا: مَا نَدْرِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ عُمَرُ"أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّهَا مَمْلُوءَةٌ رِجَالًا مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ".خبر حسن أخرجه البخاري :1/54. في التارخ الصغير.صحيح التوثيق /سيرة الفاروق/ص.220.
فعمر رضي الله عنه يعرف قدر الصحب الكرام،وينزل كل واحد منهم منزلته اللائقة به.وهذه من صفات القائد الراعي الناجح. تمنّى رجالا من الطراز الراقي.. ليفتح بهم البلاد، ويرفع بهم كلمة الله تعالى في الآفاق..
هكذا هي رؤية المصلحين، وهكذا هي آمال بُناة الأمم والشعوب؛ فلقد فقِه عمر الفاروق أن الحضارات لا تُبنَى فقط بالمؤسسات والشرِكات دون بناء وإعداد الرجال العظماء..
*يروي أسلم مولى عمر بن الخطاب :
خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه إلى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقالَتْ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِي وتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، واللَّهِ ما يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، ولَا لهمْ زَرْعٌ ولَا ضَرْعٌ، وخَشِيتُ أنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وأَنَا بنْتُ خُفَافِ بنِ إيْمَاءَ الغِفَارِيِّ، وقدْ شَهِدَ أبِي الحُدَيْبِيَةَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فَوَقَفَ معهَا عُمَرُ ولَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قالَ: مَرْحَبًا بنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلىبَعِيرٍ ظَهِيرٍ كانَ مَرْبُوطًا في الدَّارِ، فَحَمَلَ عليه غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُما طَعَامًا، وحَمَلَ بيْنَهُما نَفَقَةً وثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بخِطَامِهِ، ثُمَّ قالَ: اقْتَادِيهِ، فَلَنْ يَفْنَى حتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بخَيْرٍ، فَقالَ رَجُلٌ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أكْثَرْتَ لَهَا؟ قالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، واللَّهِ إنِّي لَأَرَى أبَا هذِه وأَخَاهَا، قدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُما فِيهِ.صحيح البخاري .
إكرامُ أَصحابِ الفَضلِ والجَميلِ مِن مَحاسِن الأخلاقِ، خُصوصًا لو كان فضلُ أولئك على عُمومِ المسلِمين، ويكونُ إكرامُهم بِبِرِّهم في حياتِهم وبِرِّ ذُرِّيَّتِهم وأَحِبَّائِهم بعدَ موتِهم، وهكذا فَعَل عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضِي اللهُ عنه في هذا الحديثِ؛ فإنَّه أكرَم ابنةَ خُفَافِ بنِ إِيمَاءَ الغِفَارِيِّ رضِي اللهُ عنه.
ما يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، والكُرَاعُ: مُستدقُّ السَّاقِ أو ما دُونَ الرُّكْبَةِ مِنَ السَّاقِ مِن الرِّجِل.
"
ولَا لهمْ زَرْعٌ ولَا ضَرْعٌ"وليس لهم زَرْعٌ يَأكُلون منه، أو ضَرْعٌ، تَقصِد: مَاشِيَة يَحلُبونها فيَشْرَبون مِن لَبَنِهَا، وأنَّها تخافُ عليهم أنْ تَأكُلَهم الضَّبُعُ، والضَّبعُ هنا المرادُ بها: السَّنَةُ الشَّديدةُ المُجدِبة.
غِرَارَتَيْنِ، أي: وِعَاءَيْنِ كبيرَيْن.
ثُمَّ بيَّن لِلرَّجُلِ سَببَ إكرامِه لها وإكثارِه، وهو أنَّه رَأَى أباها وأخاها قدْ حَاصَرا حِصْنًا مِن الحُصُونِ ففَتَحاه، قال عُمَرُ"ثُمَّ أصبَحْنا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُما فِيه"،أي: نطلُبُ الغَنيمةَ مِن سُهمانِهما، ونَأخُذها لأنفُسِنا ونَقْتسمُ بها. أي هما فتحاه ونحن الآن ننتفع بثمرة جهدهما.
وفيه: إغناءُ السَّائِلِ في دَفعةٍ واحدةٍ..
وشهد النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة لعمر وعثمان رضي الله عنهما وأرضاهم.
"
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا، وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعُثْمَانُ فَرَجَفَ بهِمْ، فَقَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ فإنَّما عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدَانِ."الراوي : أنس بن مالكصحيح البخاري.
*عثمان بن عفان ذو النورين :
"
وعثمانُ" وهو عُثمَانُ بْنُ عفَّانَ الأُمَوِيُّ القُرَشِيُّ ثالثُ الخلفاءِ الرَّاشدين، ومِن السَّابِقين إلى الإسلامِ، أسلم على يد أبى بكر الصديق ، يُكْنى ذا النُّورَين؛ لأنَّه تزَوَّج مِن رُقيَّةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ثمَّ بعدَ وَفاتِها تزوَّجِ مِن أمِّ كُلثومٍ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أوَّلَ مُهاجِرٍ إلى أرضِ الحبَشةِ، ثمَّ هاجَر الهِجرةَ الثَّانيةَ إلى المدينةِ.
وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَثِقُ به ويُحِبُّه ويُكْرِمُه لحيائِه وأخلاقِه وحُسْنِ عِشْرتِه وما كان يَبذُلُه مِن المالِ لِنُصرةِ المسلِمين والَّذين آمَنوا باللهِ،فقد كان ثَريا كثير النفقات فقد جهز وَحْدَهُ نصف جيش العُسرة، واشترى بئر رومة التي في المدينة بماله وجعلها لابن السبيل.

قيل لعمرَ بنِ الخطَّابِ حدِّثنا عن شأنِ العُسرةِ قال : خرجنا إلى تبوكَ في قيظٍ شديدٍ ، فنزلنا منزلًا أصابنا فيه عطشٌ حتَّى ظنَّنا أنَّ رقابَنا ستنقطعُ ، حتَّى إنَّ الرَّجلَ لينحرُ بعيرَه فيعصِرُ فَرْثَه فيشربُه ويجعلُ ما بقي على كبدِه ، فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ : يا رسولَ اللهِ ، قد عوَّدك اللهُ في الدُّعاءِ خيرًا فادْعُ. قال : أتحبُّ ذلك ؟ قال : نعم . قالفرفع يدَيْه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم فلم يُرجِعْها حتَّى أظلَّت سحابةٌ ، ثمَّ سكبت فملئوا ما معهم ، ثمَّ ذهبنا ننظرُ فلم نجِدْها جاوزت العسكرَ"الراوي : عمر بن الخطاب- المحدث : الوادعي -المصدر : صحيح دلائل النبوة -الصفحة أو الرقم- 251 خلاصة حكم المحدث : صحيح



- أنَّ عثمانَ، أشرَفَ علَيهِم حينَ حصَروهُ ، فقالَ : أنشدُ باللَّهِ رجلًا سمعَ مِن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ يومَ الجبلِ حينَ اهتزَّ فرَكَلَهُ برجلِهِ ، وقالَ : اسكُن فإنَّهُ ليسَ عليكَ إلَّا نبيٌّ أو صدِّيقٌ أو شَهيدان وأَنا معَهُ ، فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ : أنشدُ باللَّهِ رجلًا شَهِدَ رسولَ اللَّهِ يومَ بيعةِ الرِّضوانِ يقولُ: هذِهِ يدُ اللَّهِ وَهَذِهِ يدُ عثمانَ فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ: أنشُدُ باللَّهِ رجلًا سمعَ رسولَ اللَّهِ يومَ جيشِ العسرةِ، يقولُ: مَن ينفقُ نفقةً مُتقبَّلةً؟ فجَهَّزتُ نصفَ الجيشِ من مالي، فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ: أنشدُ باللَّهِ رجلًا سمعَ رسولَ اللَّهِ يقولُ: مَن يزيدُ في هذا المسجدِ ببيتٍ في الجنَّةِ؟ فاشتريتُهُ من مالي، فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ: أنشدُ باللَّهِ رجلًا شَهِدَ رومةَ تباعُ فاشتريتُها من مالي فأبحتُها لابنِ السَّبيلِ، فانتشدَ لَهُ رجالٌ"الراوي : أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 3611 -خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره.
"جاءَ عثمانُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ قالَ الحسَنُ بنُ واقعٍ : وفي موضعٍ آخرَ من كتابي ، في كمِّهِ حينَ جَهَّزَ جيشَ العُسرةِ فينثرَها في حجرِهِ . قالَ عبدُ الرَّحمنِ : فرأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقلِّبُها في حجرِهِ ويقولُ : ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ مرَّتينِ"الراوي : عبدالرحمن بن سمرة -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم- 3701 خلاصة حكم المحدث : حسن.



قال الحسَنُ بنُ واقعٍ"، وهو مِن كِبارِ الآخِذين عن أتباعِ التَّابِعين "وفي موضِعٍ آخَرَ مِن كِتابي"، أي: في رِوايةٍ أخرى للحديثِ دوَّنتُها في موضعٍ آخرَ مِن كتابي الَّذي أُدوِّنُ فيه الأحاديثَ، "في كُمِّه"، أي: جاء عثمانُ بنُ عفَّانَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بألفِ دِينارٍ قد وضَعها في كُمِّه، "حين جهَّز جيشَ العُسرةِ"، أي: حين جهَّز عثمانُ نصف جيشَ العُسرةِ، وهي غزوةُ تَبوكٍ، وسُمِّي جيشُها جَيشَ العسرةِ لتَعسُّرِ حالِ الجيشِ مادِّيًّا، فلم يَكُنْ ثَمَّةَ مالٌ لِتَجهيزِ الجيشِ.
وفي خِلافتِه جُمِع القرآنُ، وعَمِل توسِعةً للمسجِدِ الحرامِ وكذلك المسجدُ النَّبويُّ، وأنشَأ أوَّل أُسطولٍ بَحْريٍّ إسلاميٍّ لحِمايةِ الشَّواطئِ الإسلاميَّةِ.
"
كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا في بَيْتِي، كَاشِفًا عن فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فأذِنَ له، وَهو علَى تِلكَ الحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فأذِنَ له، وَهو كَذلكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ، قالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذلكَ في يَومٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقالَ:أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ."صحيح مسلم.الدرر.
".....قالَ: فَتَشَهَّدَ عُثْمانُ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحَقِّ، وأَنْزَلَ عليه الكِتابَ، وكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجابَ لِلَّهِ ورَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وآمَنْتُ بما بُعِثَ به مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهاجَرْتُ الهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، كما قُلْتَ: وصَحِبْتُ رَسولَ اللَّهِ وبايَعْتُهُ، واللَّهِ ما عَصَيْتُهُ ولا غَشَشْتُهُ حتَّى تَوَفّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ أبا بَكْرٍ، فَواللَّهِ ما عَصَيْتُهُ ولا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَواللَّهِ ما عَصَيْتُهُ ولا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ،"الحديث.صحيح البخاري .

"جاءَ عثمانُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ قالَ الحسَنُ بنُ واقعٍ: وفي موضعٍ آخرَ من كتابي ، في كمِّهِ حينَ جَهَّزَ جيشَ العُسرةِ فينثرَها في حجرِهِ . قالَ عبدُ الرَّحمنِ : فرأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقلِّبُها في حجرِهِ ويقولُ : ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ مرَّتينِ"الراوي : عبدالرحمن بن سمرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الدرر.

قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في مرضِهِ: وَدِدْتُ أنَّ عِندي بعضَ أصحابي قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ ، ألا نَدعو لَكَ أبا بَكْرٍ ؟ فسَكَتَ ، قُلنا: ألا نَدعو لَكَ عمرَ ؟ فسَكَتَ قُلنا: ألا نَدعو لَكَ عُثمانَ ؟ قالَ: نعَم ، فجاءَ ، فَخلا بِهِ ، فجَعلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يُكَلِّمُهُ ، ووجهُ عثمانَ يتغيَّرُ قالَ: قيسٌ ، فحدَّثَني أبو سَهْلةَ مولى عُثمانَ ، أنَّ عُثمانَ بنَ عفَّانَ ، قالَ يومَ الدَّارِ: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَهِدَ إليَّ عَهْدًا ، فأَنا صائرٌ إليهِ، وقالَ عليٌّ في حديثِهِ: وأَنا صابرٌ عليهِ ، قالَ قيسٌ: فَكانوا يُرَوْنَهُ ذلِكَ اليومَ "الراوي : عائشة أم المؤمنين- المحدث : الألباني -المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم: 91 خلاصة حكم المحدث : صحيح.

" ووجهُ عثمانَ يتغيَّرُ" أي: يتغيَّرُ لونُ وجْهِ عُثمانَ؛ لِسُوءِ ما سمِعَه مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّا سينالُه مِن عداوةِ المُنافقينَ له، ومُحاولَتِهم خلْعِ خِلْعَةِ الخلافةِ النَّبويَّةِ عنه

إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَهِدَ إليَّ عَهْدًا ، فأَنا صائرٌ إليهِ"أي: أوصاني وَصيَّةً،. يُقالَ: إنَّه أراد بالعهْدِ إليه أمْرَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له رضِيَ اللهُ عنه بعدمِ خلْعِ قميصِه المُكنَّى به عن الخِلافةِ،
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ ... ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ فَقَالَ لِي " افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ " فَإِذَا عُثْمَانُ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ".رواه البخاري : 3490 ، ومسلم : 2403.
حَائِطٍ : بستان فيه نخيل .
- أنَّ عثمانَ، أشرَفَ علَيهِم حينَ حصَروهُ ، فقالَ : أنشدُ باللَّهِ رجلًا سمعَ مِن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ يومَ الجبلِ حينَ اهتزَّ فرَكَلَهُ برجلِهِ ، وقالَ : اسكُن فإنَّهُ ليسَ عليكَ إلَّا نبيٌّ أو صدِّيقٌ أو شَهيدان وأَنا معَهُ ، فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ : أنشدُ باللَّهِ رجلًا شَهِدَ رسولَ اللَّهِ يومَ بيعةِ الرِّضوانِ يقولُ: هذِهِ يدُ اللَّهِ وَهَذِهِ يدُ عثمانَ فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ: أنشُدُ باللَّهِ رجلًا سمعَ رسولَ اللَّهِ يومَ جيشِ العسرةِ، يقولُ: مَن ينفقُ نفقةً مُتقبَّلةً؟ فجَهَّزتُ نصفَ الجيشِ من مالي، فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ: أنشدُ باللَّهِ رجلًا سمعَ رسولَ اللَّهِ يقولُ: مَن يزيدُ في هذا المسجدِ ببيتٍ في الجنَّةِ؟ فاشتريتُهُ من مالي، فانتشدَ لَهُ رجالٌ، ثمَّ قالَ: أنشدُ باللَّهِ رجلًا شَهِدَ رومةَ تباعُ فاشتريتُها من مالي فأبحتُها لابنِ السَّبيلِ، فانتشدَ لَهُ رجالٌ"الراوي : أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 3611 -خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره.
وخرج عليه في آخر حياته بعض أهل مصر والبصرة والكوفة والمدينة، فحاصروه، وأبى أن يقاتلهم ـ مع قدرته على ذلك ـ حقنا لدماء المسلمين، عندما حاصره الأوباش الظلمة في داره : عرض عليه الصحابة رضي الله عنهم أن يدفعوا عنه ، وأن يقاتلوا دونه : فأبى رضي الله عنه ، وأمرهم بالانصراف عنه ، طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما عهد إليه ، وحتى لا يتسبب في قتل غيره ، وهو يعلم أنه المراد لا غيره . حتى تسور عليه بعضهم البيت فقتلوه وهو يقرأ القرآن، وكان مقتله رضي الله عنه وأرضاه فاجعة عظيمة روعت المؤمنين، وفتحت عليهم أبواب الفتنة زمنا طويلًا، وكان ذلك سنة خمس وثلاثين للهجرة، وعمره آنئذ بضعا وثمانين، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. هنا-


رد مع اقتباس