عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 06-07-2017, 01:32 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224
افتراضي

المال والبنون زينة الحياة الدنيا
وَإِنَّمَا كَانَ الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا لِأَنَّ فِي الْمَال جَمَالًا وَنَفْعًا , وَفِي الْبَنِينَ قُوَّة وَدَفْعًا , فَصَارَا زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا , لَكِنَّ مَعَهُ قَرِينَة الصِّفَة لِلْمَالِ وَالْبَنِينَ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى : الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة هَذِهِ الْحَيَاة الْمُحْتَقَرَة فَلَا تُتْبِعُوهَا نُفُوسَكُمْ
تفسير القرطبي
المال والبنون زينة الحياة الدنيا وليس جوهرها

إن مسألة: المال والبنون زينة الحياة الدنيا، لهي مسألة مهمة ودقيقة من حيث درجات استيعاب مدلولها، والوعي به كما يجب أن يكون؛ حيث إن الله - عز وجل - أخبرنا أن المال والبنين زينة الحياة الدنيا، وليس الحياةَ الدنيا أو جوهرها المطلق، بل إن الإنسان يجب أن يوجه اهتمامه إلى ما بعد الزينة، وهو الباقيات الصالحات، التي هي خير ثوابًا وخير أملًا.

هذا المعنى الواضح والصريح على الإنسان أن يتناوله من هذه الزاوية؛ أي: زاوية المعنى والمقصد الكامل والتام، حيث إن البعض يتعامل معه كالآتي: المال والبنون زينة الحياة الدنيا؛ أي: أساسها وبهجتها، ومرادها وعمادها؛ ولذلك فهو الأصل فيها، والضروري لخوضها، والمحرك فيها؛ ولذلك وجب الحرص على هذين العنصرين؛ أي: المال والبنين، بل وأصبح يضاهي درجات التقديس والقدسية.

والحال أن هذا الأمر يتطلب منا أن نضعه في إطاره الصحيح والعقلاني والمنطقي، فالمال والبنون زينة الحياة، وليس الحياة، فزينة الشيء ليست كنه الشيء وجوهره، ولكنها جزء منه، وقد يمنح لذلك الشيء بهجة وحركة وجمالًا ومتعة وانشغالًا وزهوًا، ولكن في النهاية ليس هو كنه الشيء وجوهره.

من هذه الزاوية لا بد أن يتعامل الإنسان الواعي العاقل مع ثنائية المال والبنين، فهو زينة الحياة الدنيا، وزينة الشيء جزء منه، قد تبهت وتسطع، وقد تأفل، ولكن أصل الشيء باقٍ، فجوهر الحياة الدنيا ليس المال والبنين؛ حيث إن ذلك لا يتعدى جزء الزينة منها، أما المتبقي إذًا فهو الصالح من الأعمال التي يبتغي بها الإنسان الحق والهداية إلى الطريق الصحيح والسليم، الذي يخرج الإنسان من ظلمات الجهل والجهالة إلى النور والعلم والمعرفة؛ فتطمئن نفسه وتسلم، وتبتعد عن الظنون والهواجس والمعاناة، فذلك شغل الإنسان في حياته الدنيا، وذلك محرك عمله فيها.
تلك إذًا ضرورة ملحة، على الإنسان أن يضع كل شيء في مكانه، فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا، وليس جوهرها.

رابط الموضوع: هنا
رد مع اقتباس