عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-19-2018, 06:27 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Arrow


البسملة:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
ومعناها الإجمالي: طلب العون والبركة من الله وأسمائه الحسنى صاحِبِ الرحمة الشاملة والخاصة قبل الشروع في القول أو الفعل.

فالباء للاستعانة والتبرُّك. والمعنى هنا: أستعين وأتبرك بجميع أسماء الله الحسنى؛ لأن المفرد المضاف يفيد العموم، كقوله تعالى" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ "النحل: 18؛ أي: جميع نعم الله؛ لأن " نِعْمَةَ " مفرد مضاف إلى اسم الجلالة.الألوكة=
ومن تفسير الشيخ السعدي للبسملة: أبتدئ بكل اسم لله تعالى، لأن لفظ "اسم" مفرد مضاف، فيعُم جميع الأسماء الحسنى . ا.هـ = هنا=

ولفظ الجلالة "الله"، هو علم على الذات. = الألوكة =
=قال ابن القيم :
الله أصله الإله ،كما هو قول سيبوبة وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم .النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى / ص: 72.
اسم الله مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى دالٌّ عليها.واسم الله دالٌّ على كونه مألوهًا معبودًا ،تألهه الخلائق محبةً وتعظيمًا وخضوعًا، وفزعًا إليه في الحوائج والنوائب، وهذا يستلزم لكمال ربوبيته ورحمته ، المتضمنين لكمال الملك والحمد، وإلهيته وربوبيته ورحمانيته وملكه مستلزم لجميع صفات كماله، إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي ، ولا سميع ، ولا بصير،ولا قادر ...ولا فعال لما يريد ، ولا حكيم في أفعاله.
وصفات الجلال والجمال: أخص باسم "الله"
.
شرح ابن القيم لأسماء الله الحسنى .ص: 28 = هنا=
*قول القائل " بسم الله " قبل الشروع في العمل معناه :
أَبتدأُ هذا الفعل مصاحبًا أو مستعينا بـ "اسم الله " ملتمسًا البركة منه.
ويوجد محذوف في عبارة باسم الله قبل البدء بالعمل ، وهذا المحذوف تقديره : أبتدئ عملي باسم الله ، مثل باسم الله أقرأ ، باسم الله أكتب ، باسم الله أركب ، ونحو ذلك . أو ابتدائي باسم الله ، ركوبي باسم الله ، قراءتي باسم الله وهكذا ، ويمكن أن يكون التقدير أيضًا : باسم الله أكتب ، باسم الله أقرأ , فيقدر الفعل مؤخرًا ، وهذا حسن ليحصل التبرك بتقديم اسم الله ، وليفيد الحصر أي أبدأ باسم الله لا باسم غيره .الشيخ محمد صالح المنجد = هنا =

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وإذا كانت البسملة مقصودة عند جمهورِهم فهي وسيلة، إذ قول القارئ بسم الله معناه: بسم الله أقرأ أو أنا قارئ.
ولهذا شُرِعَتِ التسميةُ في افتتاحِ الأعمال كلها، فيسمي الله عند الأكل والشرب ودخول المنزل والخروج منه ودخول المسجد والخروج منه.. وغير ذلك من الأفعال.. وهي عند الذبح من شعائر التوحيد.. فالصلاة والقراءة عمل من الأعمال فافتتحت بالتسمية.
انتهى= هنا =

= دعاء الله بـ " اللهم" :
معنى "اللهم" كما يقول ابن القيم:
" ياالله" لذلك لا تستعمل إلا في الطلب ،فلا يقال : اللهم غفور رحيم، بل يُقال: اغفر لي وارحمني.
ونقل ابن القيم عن سيبوبة: أن "الميم" زيدت في آخر اللهم عِوضًا عن حرف النداء "يا"
.شرح ابن القيم لأسماء الله الحسنى .ص: 34 = هنا=

"الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"
=ومن تفسير الشيخ السعدي للبسملة:
"الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسلِه. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها.تفسير السعدي
= هنا=
-فالنعم كلها, أثر من آثار رحمته = هنا =
الرحمة المطلقة أي التامة الموجبة للنجاة من النار ودخول الجنة، وهذه الرحمة قد كتبها الله تعالى لعباده المتقين، ومن عداهم من العصاة فلهم نصيب من الرحمة، فهم وإن عُذبوا ببعض ذنوبهم فإن الرحمة تدرك من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان منهم فيخرج من النار برحمة الله تعالى.=هنا=
وفي الدنيا نِعَم اللهِ كلها من آثار رحمته التي تَعُم الجميع - الهواء ،الماء،الرزق، ......

والرحمن يدل على سعة رحمة الله ، والرحيم يدل على إيصالها لخلقه ، فالرحمن : ذو الرحمة الواسعة ، والرحيم : ذو الرحمة الواصلة .
الإسلام سؤال وجواب*

قال ابن القيم رحمه الله : "الرَّحْمَنِ: دال على الصفة القائمة به سبحانه ، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم ، فكان الأول للوصف والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته ، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته ، وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله "وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا " الأحزاب 43 . وقوله " إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ "التوبة 117. ولم يجئ قط " رحمن بهم " فعلم أن رحمن هو الموصوف بالرحمة ، ورحيم هو الراحم برحمته "ا.هـ بدائع الفوائد : 1/ 24 ..شرح ابن القيم لأسماء الله الحسنى .ص: 37 = هنا=

- وبصيغة أخرى:الرَّحْمَنِ صفة للذات -ذات الله - والرَّحِيمِ صفة للفعل . فالله في ذاته بلغت رحمته الكمال ، والرَّحِيمِ دل على أنه يرحم خلقه برحمته- هنا=

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الرحمن : هو ذو الرحمة الواسعة ؛ لأن فَعْلان في اللغة العربية تدل على السعة والامتلاء ، كما يقال : رجل غضبان ، إذا امتلأ غضبًا .
الرحيم : اسم يدل على الفعل ؛ لأنه فعيل بمعنى فاعل ، فهو دال على الفعل ، فيجتمع من "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " أن رحمة الله واسعة ، وتؤخذ من " الرحمن "، وأنها واصلة إلى الخلق ، وتؤخذ من " الرحيم " .
، وهذا ما رمى إليه بعضهم بقوله : الرحمن : رحمة عامة ، و الرحيم : رحمة خاصة بالمؤمنين . ولكن ما ذكرناه أولى .

انتهى من شرح العقيدة الواسطية 1/22
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب*

"الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"وهما بدل من الله تابعان له في جره، وقيل: نعت.
أنواع الدعاء:
دعاء الطلب والثناء، ودعاء العبادة بأسمائه الحسنى.

فدعاء المسألة: أن تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسبًا مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك.
ودعاء العبادة: أن تتعبد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء، فتقوم بالتوبة إليه؛ لأنه التواب، وتذكره بلسانك لأنه السميع، وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير، وتخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير، وهكذا.
مقدمة كتاب :القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى.
دعاء العبادة بمقتضى اسمه الرحمن الرحيم:
أن تكون رحيمًا بالخلق ،الرحمة بالضعفاء والأطفال وسائر المخلوقات وتمتد هذه الرحمة لتشمل البهائم والطير= هنا = فالرحمة من الأخلاق العظيمة التي حضَّ الله سبحانه عباده على التخلُّق بها، ومدح بها أشرف رسله، فقال جلَّ وعلا"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"التوبة:128، هنا=



____________

" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"1

بدأ سبحانه بآية واحدة تعتبر تلخيصًا لكل ما يأتي ،مقدمة شاملة لما يأتي بعدها.فبدأت بإثبات المُلْك الحقيقي المطلق الذي لا يزول لله سبحانه ؛بيده لا بيد غيره، وهذا المُلْك يلازمه البركة والخيرالذي يفيض على المملوكات والخلق، لذا بدأ سبحانه بفعل "تبارك" ،وفعل تبارك يدل على المبالغة في وفرة الخير،وهو في مقام الثناء الذي يقتضي العموم ،فيعم كل صفة كمال لله تعالى، فـ تَبارَكَ:أي سبحانه تعالى تعاظم قدْرُهُ، وهي تدل على غاية الكمال ومنتهى التعظيم والإجلال، ولذا لا يجوز استعمالُها في حقِّ غير اللهِ تعالى.
فيقدس الرب تعالى نفسه ، ويعظمها ، وينزهها عن العيوب والنقائص.
عظُمَ قدرُه وعلا جاهُهُ وبعُدُ سلطانُهُ،فلا يماثلُه أحدٌ، ولم يكن له كفوًا أحد.
ومنها البِرْكَة: وهي ثبوت بعض الماء في حفرة ويتوالى الماء على الحفرة ويزداد حتى صار بِرْكَة، لذا سُمي محبس الماء بِرْكَة أي ماء كثيرًا مجتمعًا ، كذلك خير الله ثابت أبدًا لايزول ،ونِعَم اللهِ ، وفضله ثابت لايزول أبدًا مهما سرق العباد ... ، والبَرَكة: ثبوت الخير الإلهي .ومن خيره أن خلق السماوات والأرض، وخلق الخلق وخلق الطير والحشرات خلق كل شيء ، مما نرى له فائدة في حياتنا أو لانرى له فائدة ،حتى نقول بجهلنا لماذا خلق الله كذا ما فائدته ،اعْلَمْ أنَّ كلَّ ما خلقه الله تعالى أنه لحِكَم ومصلحة وإن جهلناها ؛فلم نؤتَى مِنَ العلمِ إلا قليلًا ،قال تعالى " وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" 85 الإسراء .أما الله فقد وسع علمُهُ ما في السموات وما في الأرض. قَالَ تعالى" إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا "98 طه .أَيْ:وَسِعَ عِلْمُهُ كُلَّ شَيْءٍ؛ فَهُوَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يَعْلَمُ الْوُجُودَ كُلَّهُ؛ مِنْ مُبْتَدَئِهِ إِلَى مُنْتَهَاهُ؛ وَمَآلَهُ؛ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِلْخَالِقِ الْمُدَبِّرِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في قولة تعالى" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ "البركة نوعان:
أحدهما: بركةٌ هي فعله سبحانه، والفعل فيها بارك ويتعدى بنفسه تارة وبأداة "على"، وبأداة "في" تارة، والمفعول منها مبارَك.
*فتقول :بارك عليك، وبارك فيك.
والنوع الثاني: بركة تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها: تبارك، ولهذا لا يقال لغيره ذلك، ولا يصلح إلا له -عز وجل-، فهو سبحانه المبارِك وعبده ورسوله المبارَك كما قال المسيح" وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ" سورة مريم"31 ،فمن بارك الله فيه وعليه فهو المبارَك، وأما صفته تبارك فمختصة به تعالى كما أطلق على نفسه بقوله" تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ "سورة الأعراف:54 .ومن هنا قيل معناه:تعالى وتعاظم،وقيل: تبارك تقدس، والقدس الطهارة، وقيل: تَبَارَكَ: أي: باسمه يبارك في كل شيء، وحقيقة اللفظة أن البركة كثرة الخير ودوامه ولا أحد أحق بذلك وصفًا وفعلاً منه -تبارك وتعالى-" بدائع الفوائد :2/185، بتصرف يسير.هنا=

قال الشيخ ابن باز رحمه الله وبارك في آثاره: فلان مُبارك إذا عُرف منه الخير، وأن الله يجري على يديه الخير يقال: مُبارك.=هنا=

جعلني الله وإياكم مبارَكين أينما كنا.

أنواع البركة باعتبار آخر:
-البركة المعنوية الحسية :وهي الزيادة والنماء في أي شيء روحي أو معنوي ترتاح وتفرح له النفس، وذات علاقة بالروحانيات مثل :البركة في الدين وفي العبادات وفي السلوكيات وفي العلاقات المعنوية مع الآخرين .

- البركة المادية أو العقلية الملموسة : وهي الزيادة والنماء في الأشياء المادية مثل الكثرة في الأموال والأعيان والأمتعة ونحو ذلك .

فالْبَرَكَةُ: النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ ، حِسِّيَّةً كَانَتْ أَوْ عَقْلِيَّةً، وَكَثْرَةُ الْخَيْرِ وَدَوَامُهُ، وَنِسْبَتُهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ- حِسِّيَّةً- وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِالْمَقَامِ بِاعْتِبَارِ تَعَالِيهِ جَلَّ وَعَلَا عَمَّا سِوَاهُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ.
وَصِيغَةُ التَّفَاعُلِ- أي :تبارك على وزن تفاعل- لِلْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ . وَعَلَى الثَّانِي -
عَقْلِيَّةً- بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ مَا يَفِيضُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَخْلُوقَاتِهِ مِنْ فُنُونِ الْخَيْرَاتِ، وَالصِّيغَةُ -أي صِيغَةُ التَّفَاعُلِ- أي :تبارك على وزن تفاعل- حِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِإِفَادَةِ نَمَاءِ تِلْكَ الْخَيْرَاتِ وَازْدِيَادِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَآنًا فَآنًا بِحَسَبِ حُدُوثِهَا أَوْ حُدُوثِ مُتَعَلِّقَاتِهَا. تفسير أبو السعود -هنا-

= بِيَدِهِ الْمُلْكُ:

فيه إثبات اليد لله ،إثباتًا يليق بجلاله ؛من غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ ومن غيرِ تمثيلٍ ولا تكييف .
=التحريف معناه تغيير ألفاظ الأسماء والصفات أو تغيير معانيها، كقول الجهمية في"استوى": استولى،
وكتحريف الأشاعرة والمعتزلة والجهمية لصفات الله تعالى 'مثل قولهم .:المراد باليد النعمة أو القدرة.
=تعطيلٍ:معناه نفي صفات الله تعالى ،وإنكار قيام صفات الله تعالى به أو أسمائه كلها أو بعضها ،،
فالجهمية وأشباههم قد عطلوا الله عن صفاته؛ فلذلك سموا بالمعطلة، وقولهم هذا من أبطل الباطل؛ إذ لا يعقل وجود ذات بدون صفات، والقرآن والسنة متضافران على إثبات هذه الصفات على وجه يليق بجلال الله وعظمته.
تمثيلٍ: هو اعتقاد مشابهة من كل وجه أو مماثلة أي شيء من صفات الله تعالى لصفات المخلوقات.
فالتكييف هو: جعل الشيء على حقيقة معينة من غير أن يقيدها بمماثل.
بل على المؤمن أن يلتزم قوله تعالى "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "الشورى:11.

ومعنى قول أهل السنة"من غير تكييف" أي من غير كيف يعقله البشر، وليس المراد من قولهم"من غير تكييف" أنهم ينفون الكيف مطلقًا؛ فإن كل شيء لابد أن يكون على كيفية ما، ولكن المراد أنهم ينفون علمهم بالكيف؛ إذ لا يعلم كيفية ذاته وصفاته إلا هو سبحانه.شرح العقيدة الواسطية ص: 21. هنا=
"رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " مريم:65.

أي: هل تعلم لله مساميًا ومشابهًا ومماثلًا من المخلوقين. وهذا استفهام بمعنى النفي، المعلوم بالعقل. أي: لا تعلم له مساميًا ولا مشابهًا، لأنه الرب، وغيره مربوب، الخالق، وغيره مخلوق، الغني من جميع الوجوه، وغيره فقير بالذات من كل وجه، الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وغيره ناقص ليس فيه من الكمال إلا ما أعطاه الله تعالى، فهذا برهان قاطع على أن الله هو المستحق لإفراده بالعبودية، وأن عبادته حق، وعبادة ما سواه باطل، فلهذا أمر بعبادته وحده، والاصطبار لها، وعلل ذلك بكماله وانفراده بالعظمة والأسماء الحسنى.تفسير السعدي .

وهكذا قال سفيان الثوري ، وابن عيينة والأوزاعي ، والإمام أحمد بن حنبل ، والإمام إسحاق بن راهويه ، وغيرهم من أئمة السلف، وهكذا الصحابة والتابعون على هذا الطريق، لا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يكيفونها، ولا يقولون: كيف كيف؟ بل يقولون: نثبتها لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل نقول كما قال سبحانه" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ "الشورى:11، نعم.
الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى .
*ومن أدلة إثبات اليد لله من الكتاب :
قال تعالى" مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ" ص:75.
وقال تعالى "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ".المائدة 64.
*ومن أدلة إثبات اليد لله من السنة الصحيحة:
"إن اللهَ عز وجل يبسطُ يدَه بالليلِ ، ليتوبَ مسيءُ النهارِ . ويبسطُ يدَه بالنهارِ ، ليتوبَ مسيءُ الليلِ . حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها"الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2759 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر-


شرح الحديث:
رَحمةُ اللهِ وَسِعَت كُلَّ شيءٍ ومِن رَحمتِه أنَّه فَتحَ بابَ التَّوبةِ لعِبادِه باللَّيلِ والنَّهارِ.
وهذا الحديثُ يُبيِّنُ عَظيمَ فَضلِ اللهِ تَعالى وَسَعَةِ رَحمتِه وأنَّه يَقبَلُ التَّوبةَ مِن عِبادِه وإنْ تَأخَّرت بَعدَ ارتِكابِ الذَّنبِ، فالتَّوبةُ وإنْ كانتْ مَأمورًا بِها على الفَورِ إلَّا أَنَّها إذا تَأخَّرت قَبِلَها اللهُ عزَّ وجلَّ، فإنْ أَذنَبَ العَبدُ ذَنبًا بالنَّهارِ وَتابَ باللَّيلِ قَبِلَ اللهُ تَوبَتَه، وإنْ أَذنَبَ ذَنبًا باللَّيلِ وَتابَ بالنَّهارِ قَبِلَ اللهُ تَوبَتَه، وبَسَطَ يَدَه سُبحانَه يَتَلقَّى بِهما تَوبةَ التَّائبِ فَرحًا بِها وقَبولًا لَها. ولا يَزالُ الأَمرُ كَذلكَ بالعِبادِ حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِها، فإذا طَلعَتْ مِن مَغرِبِها قَبيلَ يَومِ القِيامةِ فإنَّ بابَ التَّوبةِ يُغلَقُ، فلا تُقبَلُ بَعدَ تِلكَ العَلامةِ تَوبةُ أحدٍ.
وفي الحديثِ: مَحبَّةُ اللهِ للتَّوبةِ.
وفيه: إِثباتُ صِفةِ اليدِ للهِ عَزَّ وجلَّ، فنُؤمِن بها مِن غيرِ تَأويلٍ ولا تَمثيلٍ، ومِن غيرِ تَحريفٍ ولا تَعطيلٍ.
- الدرر-


*" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ"
له سبحانه الْمُلْكُ التام من جميع الوجوه،المُلك غير المِلك ،لكن المُلك هو التصرف في المِلك :فالمِلك امتلاك الشيء لكن قد لايستطيع التصرف في مِلْكِهِ كما هو مشاهد ،فالملوك ، والسلاطين ، ملكهم غير تام ؛ لأنه لا يعم المملوكات كلها ، ومعرض للزوال ، وملك الله هو الملك الحقيقي قال الله تعالى "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ " المؤمنون : 116. أما القدرة المطلقة التامة على التصرف فيه هو المُلْك، فهو سبحانه بيده تصريف الخلق جميعًا بإرادته ؛بأمره. فإرادة الله هي النافذه أبدًا.
يخبر تعالى أنه بيده المُلك أي هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء ،يخلق ما يشاء، ويعز من يشاء ، ويذل من يشاء ، ويغني من يشاء ، ويفقر من يشاء ، ويحيي ويميت ويعطي ويمنع بحكمته.
كما قال تعالى"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "آل عمران 26 .

وقال تعالى
"وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " المائدة 17.

وقال تعالى "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "يس 83.
=نستفيد من معرفتنا ذلك : أن نطلب العز والعافية وكل شيء ممن يملكها بحق سبحانه.


فالْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ كَامِلُ الْإِحَاطَةِ .. بِنَاءً عَلَى أَنَّ بِيَدِهِ الْمُلْكُ.
، وَلِاسْتِدْعَاءِ ذَلِكَ اسْتِغْنَاءُ الْمُتَّصِفِ بِهِ- الله- مَعَ افْتِقَارِ الْغَيْرِ إِلَيْهِ - العبد- .
فَلِذَا قِيلَ هُنَا فِي بَيَانِ مَعْنَى الْآيَةِ: تَعَالَى وَتَعَاظَمَ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ ذَاتًا وَصِفَةً وَفِعْلًا، الْكَامِلُ الْإِحَاطَةِ عَلَى كُلِّ مَوْجُودٍ .

"وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
فهو القادر على كل شيء كما قال تعالى:
"وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ" فاطر 44.
أي إذا أراد إنزال عذاب بقوم لم يعجزه ذلك . إنه كان عليمًا قديرًا .تفسير القرطبي =هنا=
*بيان أهم خصائص هذا المُلك: القدرة المطلقة للموجود و
مَا لَمْ يُوجَدْ؛ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ "قَدِيرٌ".
@"وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" تَكْمِيلٌ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ الْأُولَى تَدُلُّ عَلَى التَّصَرُّفِ التَّامِّ فِي الْمَوْجُودَاتِ عَلَى مُقْتَضَى إِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ وَمَشِيئَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا مُدَافِعٍ لَا مُتَصَرِّفَ فِيهَا غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا يُؤْذِنُ بِهِ تَقْدِيمُ الظَّرْفِ وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ الْكَامِلَةِ الشَّامِلَةِ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى لَأَوْهَمَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ تَعَالَى مَقْصُورٌ عَلَى تَغْيِيرِ أَحْوَالِ الْمِلْكِ كَمَا يُشَاهَدُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ الْمَجَازِيِّ، فَقُرِنَتْ بِالثَّانِيَةِ لِيُؤْذِنَ بِأَنَّهُ عَزَّ سُلْطَانُهُ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ وَعَلَى إِيجَادِ الْأَعْيَانِ الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا وَعَلَى إِيجَادِ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِالْوَصْفِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْعَوَارِضِ اخْتَارَ فِي الْقَرِينَةِ الْأُولَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهَا مِنَ التَّخْصِيصِ بِالْمَوْجُودِ :
فَقَالَ: أَيْ تَعَالَى وَتَعَاظَمَ عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ عَلَى كُلِّ مَوْجُودٍ لِمَا سَمِعْتَ، وَفِي الثَّانِيَةِ التَّخْصِيصُ بِالْمَعْدُومِ فَقَالَ
"وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" مَا لَمْ يُوجَدْ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ قَدِيرٌ.
وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ "وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "عَامٌّ لِمَا وُضِعَ لَهُ الشَّيْءُ فَيَكُونُ قَدْ قَصَدَ بَيَانَ الْقُدْرَةِ أَوَّلًا وَعُمُومَهَا ثَانِيًا،
مقتبس من تفسير الألوسي .
و تفسير الشيخ عبد البديع أبو هاشم رحمه الله.ومصادر أخرى.
" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
*تدل الآية على أمورٍ ثلاثة: أن الله تعالى وتعاظم عن -صفة له سبحانه - كل ما سواه من المخلوقات، وأنه المالك المتصرف في السموات والأرض في الدنيا والآخرة، وهو صاحب القدرة -العامة- التامة والسلطان المطلق على كل شيء.

*ومن مظاهر قدرته وعلمه قوله سبحانه:
" الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ "الملك 2.
@قال تعالى في سورة النجم:
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى "31 : النجم .
أي إنه تعالى مُوجِد الموت والحياة ومقدرهما من الأزل، وهو الذي جعل البشر عقلاء ليدركوا معاني التكليف ويقوموا به، وليعاملهم معاملة المختبِر لأعمالِهِم، فيجازيهم على ذلك، وليعرّفهم أيهم أطوع وأخلص لله وخير عملا، وهو القوي الغالب القاهر الذي لا يغلبه ولا يعجزه أحد، الكثير المغفرة والستر لذنوب من تاب وأناب بعد ما عصاه وخالفه، فهو سبحانه مع كونه عزيزًا منيعًا يغفر ويرحم، ويعفو ويصفح، كما في آية أخرى" نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ "الحجر 15/ 49- 50 .
والآية الثانية من سورة الملك؛ دليل على أن الموت أمر وجودي، لأنه مخلوق. والموت: انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقتها له، والحياة: تعلق الروح بالبدن واتصالها به، وإيجاد الحياة معناه: خلق الروح في الكائنات الحية، ومنها إيجاد الإنسان.
والمقصد الأصلي من الابتلاء: هو ظهور كمال إحسان المحسنين.

"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ
"
وقدم الموت على الحياة في الآية لأن
الموت أهيب في النفوس وأفزع، فيحفز على العمل وهوأقوى داعيًا إلى العمل لمن يتدبر ويعي ويعتبر .

وهذه الآية الأولى من دلائل ملك الله عز وجل وقدرته تريد أن تخرج بنا من النظرة المألوفة المعتادة التي لا توقظ الضمير، التي لا تبعث الإيمان في قلب المؤمن، التي لا تجدد الإيمان، التي تجعل حتى قضية الحياة والموت قضية مألوفة معتاد عليها. فكل الناس يرون الحياة أمام أعينهم ويرون المواليد الجدد ويرون كذلك الموت، ولكن ألِفوا هذا ،ولم يعد ذلك عبرة توقظ القلوب الغافلة ، ولكن سورة الملك تريد أن تغير هذه النظرة وتخرج بها من الإلف والاعتياد الذي لا يجدد الإيمان ،إلى إحيائها في القلب من جديد لتصبح قضية الموت وقضية الحياة قضية غير مألوفة، قضية تصل بنا إلى الإيمان بالله، قضية تقربنا من معرفة الله عز وجل، واستشعار هذه المعرفة والوصول بها إلى الخشية من الله سبحانه وتعالى. الموت والحياة ليست قضية مألوفة، كون أنها تتكرر في كل ساعة وفي كل يوم وفي كل لحظة ومع كل مخلوق هذا لا يخرج بها عن حد الإعجاز والقدرة العظيمة لله إلى حد الإلف والاعتياد حتى تصبح مسألة معتادة لا تحرك فينا ساكنًا ولا تجدد فينا إيمانًا ولا تبعث في حياتنا ولا في قلوبنا الإيمان والخشوع والخشية والخضوع لله من جديد هذا ليس بمقبول، كيف؟ فلنتأمل ختام الآية "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" إذًا الموت والحياة ليست مجرد قضية معتادة ومألوفة، الموت والحياة لهما غاية، فالمسألة مسألة اختبار. حياتنا على هذه الأرض وبقاؤنا على الأرض ليست مجرد رحلة ليست مجرد أيام وسنوات نقضيها ونقلب الأوراق في ثناياها ليست مجرد عد للأيام دون حساب ولا كتاب، أبدًا. القضية من ورائها هدف ما هو الهدف؟ ليختبركم أيكم أحسن عملاً.

وإحسان العمل يكون بإخلاصه وبموافقته للشريعة ، أي خالصًا لله ؛ وصوابًا على ما جاء بالشريعة أي الاتباع .

=قال ابن القيم رحمه الله :وَالْعَمَلُ الأَحْسَنُ هُوَ الأَخْلَصُ وَالأَصْوَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَرْضَاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ - هنا-
=قال الشيخ السعدي في تفسيرها: هو أخلَصه وأصوبه.هنا-
إذًا أحسن العمل أخلصه، وأصوبه أي :ما كان وفق ما جاء به الله سبحانه وتعالى من أوامر في القرآن وما جاء على لسان حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم في سنته
.

، ولكي أصل إلى مرحلة الإخلاص هذه المرحلة العظيمة عليّ أن أكون أكثر خشية وأكثر معرفة بالله سبحانه وهو ما تقدمه لي آيات سورة الملك.

الإحسان : أن يأتي بالعمل حسنًا متقنًا لا نقص فيه ولا وصم ، وإحسان العمل لا يمكن إلا بمراقبة خالق هذا الكون .
ولذلك فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان لما سأله جبريل ما الإحسان :بقوله:
"
أن تَعْبُدَ اللهَ كأنك تراه ، فإن لم تَكُنْ تراه فإنه يَراكَ " الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-
الصفحة أو الرقم: 50 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر-

فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مرتبة الإحْسَان على درجتين، وأنَّ المحسنين في الإحْسَان على درجتين متفاوتتين: الدَّرجة الأولى: وهي «أن تعبد الله كأنَّك تراه». الدَّرجة الثَّانية: أن تعبد الله كأنَّه يراك، والمعنى إذا لم تستطع أن تعبد الله كأنَّك تراه وتشاهده رأي العين، فانزل إلى المرتبة الثَّانية، وهي أن تعبد الله كأنَّه يراك. فالأُولى عبادة رغبة وطمع، والثَّانية عبادة خوف ورهب"
*ومن أنواع الإحسان: الإحسان إلى الخلق من الآدميين والبهائم، بإغاثة الملهوف من الخلق وإطعام الجائع والتصدق على المحتاج وإعانة العاجز، والتيسير على المعسر والإصلاح بين الناس.

فالإحسان إلى الناس : أن تعاملهم ابتغاءً لوجهِ اللهِ كما تحب أن يعاملوك به ، من حسن الخلق ، وطلاقة الوجه ، وكف الأذى ، وغير ذلك من المعروف .
قال صلى الله عليه وسلم".... فمَن أحبَّ منكم أن يُزَحْزَحَ عن النارِ ، ويُدْخَلَ الجنةَ فلتُدْرِكْه موتَتُه ، وهو مؤمنٌ باللهِ واليومِ الآخرِ ، وليَأْتِ إلى الناسِ ما يُحِبُّ أن يُؤْتَى إليه....." الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 4202 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-

الإحسان إلى البهائم بالرفق بهم حتى عند الذبح:
قال صلى الله عليه وسلم:
"إن اللهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ ، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلَةَ ، و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحةَ ، و ليُحِدَّ أحدُكم شفرتَه ، و ليُرحْ ذبيحتَه".الراوي : شداد بن أوس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 4417 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر-

في الحديثِ: الحثُّ على الإحسانِ في كُلِّ شَيءٍ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى كتَبَ ذلك، أي: شَرَعَه شَرعًا مُؤَكَّدًا.
وفيه: حُسْنُ تَعليمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضَرْبِ الأَمثالِ؛ لأنَّ الأَمْثِلةَ تُقرِّبُ المعانيَ.
- الدرر-


قال الله تعالى"وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"البقرة 195. ، وقال تعالى"وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"النساء:36، فقد أمر الله سبحانه بالإحسان إلى هذه الأصناف بإيصال الخير إليهم ودفع الشر عنهم، وقال تعالى"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"الذاريات:15-19. فبين الله سبحانه سبب حصولهم على هذه الكرامة العظيمة وأن ذلك بما أسلفوه من الإحسان في الدنيا من صلاة الليل والاستغفار بالأسحار والتصدق على المحتاجين، وقال تعالى "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ* وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ* كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ" المرسلات:41-44.الشيخ الفوزان -هنا-

والإحسان قد أمر اللهُ به في مواضعَ من كتابِهِ، منه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب، فهو في كل شيء بحسبه.
فالإحسان في معاملة الخالق بفعل الواجبات وترك المحرمات واجب، وفي فعل المستحبات وترك المكروهات متسحب، والإحسان في معاملة الخلق، منه ما هو واجب كالإحسان إلى الوالدين والأقارب بالبر والصلة، ومنه ما هو مستحب كصدقة التطوع، وإعانة المحتاج، والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب بإزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها، من غير زيادة في التعذيب، وهكذا مطلوب من المسلم أن يكون محسنًا في كل شيء مما يأتي وما يَذَر، محسن في عمله، محسن في تعامله مع الله ومع خلقه، ومحسن في نيته وقصده، قال الله تعالى"لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"التوبة:91، فهؤلاء الذين لا يستطيعون القتال لعجزهم الجسمي والمالي مع سلامة نياتهم وحسن مقاصدهم، قد عذرهم الله لأنهم محسنون في نياتِهم، لم يتركوا الجهاد لعدم رغبتهم فيه، وإنما تركوه لعجزهم عنه، ولو تمكنوا منه لفعلوه، فهم يشاركون المجاهدين في الأجر لنياتهم الصالحة وحسن قصدهم، فقد روى أبو داود، أن رسول الله قال "لقد ترَكتُم بالمدينةِ أقوامًا ما سِرتُم مسيرًا ولا أنفَقتُم من نفقةٍ ولا قطعتُم من وادٍ إلَّا وَهم معَكم فيه قالوا يا رسولَ اللَّه وَكيفَ يَكونونَ معنا وَهم بالمدينة فقال حبَسَهمُ العذرُ" الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود- الصفحة أو الرقم: 2508 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر -

الشيخ الفوزان -هنا-

الله -تبارك وتعالى- خلق الموت والحياة من أجل أن يختبر الخلق كيف يعملون، فإذا أوجدهم ونُفخت فيهم الأرواح وصاروا إلى حال من التمييز والإدراك بعد ذلك يتجرون برءوس الأموال هذه التي هي الأنفاس -الأعمار- فيبتليهم الله -عز وجل- أيهم أحسن عملا، فيتفاضلون في ذلك ويتفاوتون غاية التفاوت، سواء منهم من يعمل الطاعات بإقباله على ربه وجده في العمل الصالح، أو فيما يقابل ذلك ممن يجد ويجتهد في المنكرات، والذنوب، والمعاصي، والكفر.
ليس العبرة بكثرة الكتب، وكثرة المؤلفات، وكثرة الدروس، أو المحاضرات، أو البرامج التي يقوم عليها الإنسان، وإنما العبرة بالإتقان، وإحسان العمل، وإرادة ما عند الله -تبارك وتعالى-، وأن يأتي بذلك على الوجه الصحيح، وهكذا في عبادته، ليست العبرة بكثرة صلاته، وسجوده، ونحو ذلك، وإنما العبرة بما يكون مع ذلك من استحضار النية، والخشوع، والإتيان بالعمل على الوجه المشروع، ليست العبرة بكثرة الحج، وكثرة العمرة، ... العبرة بتوافر الإخلاص والمتابعة . الشخ خالد عثمان السبت =هنا= ومصادر أخرى .
ودعونا هنا نتوقف للحظات أليس الله سبحانه وتعالى وهو اللطيف الخبير -
كما ستأتي علينا في السورة- أليس بعالم من سيقدم من خلقه أحسن العمل
مِن أسوأ العمل؟ بكل تأكيد، ولكنه سبحانه وتعالى من تمام عدله ورحمته وكرمه مع خلقه أنه لم يُقِم الحُجة علينا بعلمه ،بل أراد أن يُقيم الحُجة علينا بأعمالنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا،وجوارحنا ستشهد علينا .
قال تعالى "
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "النجم :31.
اللهم سلم سلم
فالقرآن ليس لمجرد التلاوة أن أتلو كل ليلة سورة الملك وتنتهي المسألة، لا. القرآن يؤسس القرآن يغير القرآن يحيي القرآن يبني القرآن يبثّ الحياة ويجدد الإيمان والتوحيد في القلوب .
في سورة الملك الآيات تسير معي خطوة بخطوة للوصول إلى درجة أحسن العمل.

"وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"
ثم تُخْتَم الآية العظيمة باسمين كريمين :
في أحدهما : معنى القهر للعباد في اسمه "الْعَزِيزُ" ،فلا يشذ أحد عن قدرته ، ولا يشذ عن أخذه وبطشه ، والموت مظهرٌ هائلٌ من مظاهر عزة وجلالة جناب المَلِك عظيم الُملْك . فبالموت ينكسر مُلكُ كل مَلِك ويظهر أن المُلك الحقيقي لمالك الملك سبحانه وتعالى .
فالعزة لها ثلاثة معان، وكلها كاملة لله عز وجل:

-عزة القدر: معناه أن الله تعالى ذو قدر عزيز، يعني: لا نظير له.

- عزة الامتناع، وهي أن الله تعالى يمتنع أن يناله سوء أو نقص، هو الغني بذاته، فلا يحتاج إلى أحد ولا يبلغ العباد ضره فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه.

- عزة القهر والغلبة لكل الكائنات، فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته، فجميع نواصي الخلق بيده، لا يتحرك منها متحرك ولا يتصرف منها متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن؛ لا حول ولا قوة إلا به. فمن قوته واقتداره أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وأنه خلق الخلق ثم يميتهم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون.

ومنه قوله تعالى"فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ" ص 23 - يعني: غلبني في الخطاب.

*الآثار المترتبة على الإيمان باسم الله العزيز:
-
إن اسمه سبحانه " العزيز " يستلزم توحيده وعبادته وحده لا شريك له ، إذ الشركة تنافي كمال العزة .
-من طلب العزة فليطلبها من رب العزة، قال تعالى" مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا "فاطر: 10، أي من أحب أن يكون عزيزًا في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله، فإنه يحصل له مقصوده، لأن الله مالك الدنيا والآخرة، وله العزة جميعًا.اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك.آمين.
-

وفي اسمه الآخر " الْغَفُورُ": يظهر معنى الرحمة والعفو والمغفرة لمن تاب وأناب " الْغَفُورُ" . وأما الغفر فأصله في اللغة التغطية والستر.. والمغفرة إلباس الله تعالى العفو للمذنبين وسترهم بذنوبهم بعدم إطلاع العباد عليها.هنا
فهو الذي يغفر الذنوب وإن كانت كبارًا , ويسترها وإن كانت كثيرة , فالله عز وجل ربنا غفور يستر عباده ويتجاوز عن ذنوبهم وسيئاتهم.
هنا=
سبحانه حينما يغفر لا يكون ذلك عن عجز عن المؤاخذة لأنه العزيز ، وبهذا الجمع بين هذين الاسمين "العزيز الغفور" يحصل الكمال الثالث من مجموعهما وأنه -تبارك وتعالى- لا يقنط العبد من رحمته ولا ييأس من فضله، وإن تعاظمت ذنوبه،فهو سبحانه مع عزته، أيضًا كثير المغفرة لمن تاب وأناب.
وهذا الوصفان -العزة والمغفرة - هما ركنا المُلك ، فالمُلك يحتاج إلى عِزة جناب ، وتفرد بالأمر ، وقوة في الأخذ ، وفي ذات الوقت يحتاج إلى رحمة وعفو
.

وقفة: من عرف الله زهد فيما سواه، إذا عرفت الله لا يمكن أن ترى مع عزة الله عزيزًا، ولا ترى مع قدرة الله قديرًا، ولا ترى مع حكمة الله حكيمًا.
اللهم اغفر لنا وارحمنا واعفو عنا وعافنا إنك ولي ذلك والقادر عليه
رد مع اقتباس