عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-30-2019, 03:54 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,221
Arrow هل ثبت أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة ؟Will the believers see their Lord in Paradise? Les croyants verront-ils leur Maître au paradis ?

هل ثبت أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة ؟

Will the believers see their Lord in Paradise?

Les croyants verront-ils leur Maître au paradis ?

الحمد لله فإن نِعم اللهِ على عبادِهِ لا تُحصَى ، وقد خَصَّ سبحانه المؤمنين بمزيد من الإنعام في الدنيا بأن مَنَّ عليهم بالإسلام ، واصطفاهم بالقرآن ، وسيخصهم في الجنة بأعظم نعمة أنعم عليهم بها ؛ ألا وهي تشريفهم وإكرامهم بالنظر إلى وجهه الكريم في جنة عدن ، كما قال تعالى"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ " القيامة/22-23
أي أن وجوه المؤمنين تكون حسنة بهية مشرقة مسرورة بسب نظرها إلى وجه ربها كما قال الحسن رحمه الله " نظرت إلى ربها فنضرت بنوره ".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ" قال : من النعيم " إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ " قال تنظر إلى وجه ربِّها نظرًا . وهذا قول المفسرين من أهل السنة والحديث .
وقال جل شأنه" إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ " ق/35
فالمزيد هنا هو" النظر إلى وجه الله عز وجل . " كما فسره بذلك علي و أنس بن مالك رضي الله عنهما
وقال سبحانه "لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ"يونس/26
فالحسنى الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ، كما فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في صحيحه ( 266 ) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ "
فإذا علمت أن أهل الجنة لا يعطون شيئاً فيها أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم جل وعلا تبين لك مدى الحرمان ، وعظيم الخسران ، الذي ينتظر المجرمين الذين توعدهم الله بقوله " كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ " المطففين/15 نسأل الله السلامة والعافية .
ومن جميل ما يروى عن الشافعي ما ذكره عنه الربيع بن سليمان ـ وهو أحد تلاميذه ـ : قال : حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها : ما تقول في قول الله عز وجل " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" ؟ فقال الشافعي " لما أن حجب هؤلاء في السخط ، كان في هذا دليلٌ على أن أولياءه يرونه في الرضى "
فهذه بعض الأدلة من القرآن على ثبوت رؤية المؤمنين لربهم في الجنة .
وأما أدلة السنة فهي كثيرة جداً ، فمنها :
1- ما رواه البخاري ( 6088 ) ومسلم ( 267 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ناسا قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله : " هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ " قالوا : لا يا رسول الله . قال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ " قالوا : لا . قال : " فإنكم ترونه كذلك ...الحديث ".
وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ " لا تَضَامُّون أَوْ لا تُضَارُّونَ " عَلَى الشَّكّ وَمَعْنَاهُ : لَا يَشْتَبِه عَلَيْكُمْ وَتَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِض بَعْضكُمْ بَعْضًا فِي رُؤْيَته . ولا يلحقكم في رؤيته مشقة أو تعب . وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ مختصرا من شرح مسلم.
2- وفي الصحيحين أيضا " خ/ 6883 . م / 1002 " من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته " .
والتشبيه الذي في الأحاديث هو تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أننا كما نرى الشمس في اليوم الصحو في غاية الوضوح ، ولا يحجب أحد رؤيتها عن أحد رغم كثرة الناظرين إليها ، وكما نرى القمر مكتملا ليلة البدر وهو في غاية الوضوح ، لا يؤثر كثرة الناظرين إليه على وضوح رؤيته فكذلك يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة بهذا الوضوح والجلاء ، وليس المقصود من الأحاديث تشبيه المرئي بالمرئي ـ تعالى الله ـ فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
3- وروى البخاري : 4500 - و مسلم :6890 : عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ".
وقد روى أحاديث الرؤية نحوٌ من ثلاثين صحابيا ، ومن أحاط بها معرفة يقطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قالها . فمن زعم بعد هذا أن الله تعالى لا يُرى في الآخرة فقد كذب بالكتاب وبما أرسل الله به رسله ، وعرَّض نفسه للوعيد الشديد الوارد في قوله تعالى "كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ " المطففين/ 15 نسأل الله تعالى العفو والعافية ، ونسأله أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم .. آمين .
يراجع " شرح العقيدة الطحاوية" 1 / 209 وما بعدها - و " أعلام السنة المنشورة" للشيخ حافظ الحكمي ص 141 .

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد
رد مع اقتباس