العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى عام > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-26-2020, 04:45 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,266
root غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ

غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ
الحمد لله
أولًا:
قد صحّ الأمر بتغطية الآنية في الليل، حماية لها من وباء قد يحل بها.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ"غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ " رواه مسلم :2014 .

قال أبو العباس القرطبي ، رحمه الله ، في :المفهم شرح صحيح مسلم :
" قوله" غطُّوا الإناء ، وأوكُوا السقاء " ؛ جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية ، كقوله تعالى "
وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ" . وليس الأمر الذي قُصِد به الإيجاب ، وغايته أن يكون من باب الندب ، بل قد جعله كثير من الأصوليين قسمًا منفردًا بنفسه عن الوجوب والندب ." انتهى.
وقال النووي رحمه الله :
" وذكر العلماءُ للأمرِ بالتَّغطيةِ فوائد، منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث، وهما: صيانته مِن الشَّيطان؛ فإن الشَّيطان لا يكشف غطاءً، ولا يحلُّ سقاء، وصيانتُه من الوباء الذي ينزل في ليلةٍ من السَّنة. والفائدة الثالثة: صيانته من النجاسة والمقذرات.
والرابعة: صيانته من الحشرات والهوام، فربما وقع شيءٌ منها فيه، فشربَه وهو غافل، أو في الليل؛ فيتضرر به. والله أعلم." انتهى، من "شرح مسلم" 13/265 .
ثانيًا:
إذا نسي المسلم الإناء بدون غطاء، فإنه يستعمل ما فيه من طعام أو شراب ولا يرميه، وهذا ما يشير إليه حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ" كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟
فَقَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَسْعَى، فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُودًا! قَالَ: فَشَرِبَ " رواه مسلم :2011.
وقال أبو العبّاس القرطبي رحمه الله تعالى:
" وشربه صلى الله عليه وسلم من الإناء الذي لم يُخَمَّر دليل على أن ما بات غير مخمَّر، ولا مُغطَّى أنه لا يحرم شربه، ولا يكره " انتهى، من "المفهم" 5 / 284.
ولأن السنة لم تأمر إلا بتغطية الأواني.
قال أبو داود رحمه الله تعالى :
" قلت لأحمد: الماء المكشوف يتوضأ منه؟
قال: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطى -يعني: الإناء- لم يقل: لا يتوضأ به " انتهى، من " مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" ص 9.
فالذي ينبغي للمسلم أن يتوكل على الله تعالى ، ويتناول ما في الإناء، ولا يرميه لأجل الشك . وينبغي أيضا أن يواظب على أدعية الصباح والمساء فهي حصن له من كل ما يضر في الدين والدنيا؛ ومن ذلك:
عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ " رواه الترمذي :3388- وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ"، ورواه أبو داود :5088.
ثالثًا:
الأمر " غَطُّوا الْإِنَاءَ ، الإناء هنا قد جاء مفسرا في روايات أخرى بأن المقصود منه ما فيه من الطعام والشراب.
عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ" أَطْفِئُوا المَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ"رواه البخاري :5624.
لكن ورد في لفظ لمسلم" لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ" ؛ وهذا قد يشمل – بظاهره - : الإناء الفارغ ، أيضا .
قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:
" يظهر أن المرادَ من تخمير الإناء : أن فيه شيئًا .
ويشهد له : روايةُ همَّام وعطاء، عن جابر في حديث ذكره: " خمِّروا الطعامَ والشرابَ " قال همَّام: وأحسَبُه" ولو بعود " أخرجه البخاري.
ويليق بالظاهرية أن لا يخصوه بذلك، إذ ليس في لفظ هذا الحديث تخصيصٌ بإناءٍ فيه شيء. وليس هذا، ولا بدَّ، من مُشَنَّعات الظاهرية، فإنه سيأتي التعليلُ بنزول وَباءٍ في ليلة في السنة، وأنه لا يمر بإناءٍ ليس عليه غطاءٌ، أو سقاءٍ ليس عليه وكاءٌ، إلا نزل فيه من ذلك الوَباء .
فإذا كان هذا هو العلة فلا يختص ذلك بإناء فيه شيء، فقد يكون نزولُ الوباء في الإناء الفارغ مُضِرًّا عند استعمال شيء يكون بعد ذلك فيه ..." انتهى، من "شرح الإلمام" 2 / 581.
وقد رود حديث جابر عند مسلم أيضًا :2012: بلفظ: جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنَّهُ، قَالَ: وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ، أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ .
قال الباجي رحمه الله " وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ: مَعْنَاهُ اقْلِبُوهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ :يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنْ الرَّاوِي .
وَالْأَظْهَرُ : أَنَّهُ لَفْظُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَكْفِئُوهُ إنْ كَانَ فَارِغًا، أَوْ خَمِّرُوهُ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الشَّيْطَانَ أَنْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِمَّا فِي الْمَمْلُوءِ أَوْ يَتْبَعَ شَيْئًا مِمَّا فِي الْفَارِغِ مِنْ بَقِيَّةٍ، أَوْ رَائِحَةٍ." انتهى، من "المنتقى شرح الموطأ" 7/241 .

وعلى كل حال : فالأحوط في الإناء الفارغ أن يغطى ، ولا مشقة في ذلك .
ولو ترك مكشوفا ، من غير غطاء ، فغسله أحسن ، إن أمكن .
وإذا لم يفعل شيئًا من ذلك ، فقد سبق أنه لا يحرم الانتفاع بما يوضع فيه بعد ذلك من طعام أو شراب ، بل ولا يكره أيضًا .
رابعًا:
كون إناء الطعام والشراب في بيت مغلق؛ فإن ذلك لا يكفي كما أشارت إلى ذلك السنة، فإن من شأن الآنية ، وما فيها من الطعام والشراب : أن يكون في بيت له سقف وباب ، ولا يكون في الشارع ، أو المكان العراء .
وقد جاء الأمر بتغطية الآنية مع غلق الباب في نص واحد ، مما يدل على أن غلق الباب وحده لا يكفي.
عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ" غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ " رواه مسلم :2012.
وأما حفظ الطعام والشراب في الدواليب المخصصة لهما أو في الثلاجات، فهذا في عرف الناس يحفظ الطعام من أن يلحقه أذى، ونرجو أن يكون ذلك كافيًا في إصابة الأدب النبوي في ذلك .
ولو احتاط المرء ، فوضع على الإناء غطاءه الخاص ، ولو كان في الثلاجة أو الدولاب ، فهو أحسن وأسلم ، على كل حال .
خامسًا:
لا تخمّر الآنية أثناء الأكل والشرب؛ لأن ذلك غير ممكن عادة ، ولم تأت به السنة أصلا ، ولا يعمل الناس بمثل ذلك ؛ فهو إلى التنطع والتكلف أقرب منه إلى إصابة السنة .
قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:
" كل واحد من الاحترازين؛ أعني: الديني والدنيوي : المحمودُ منه : مقدار معلوم، متى جاوزه الإنسانُ : خرج في حيّز الذم .
فالاحتراز في الطهارات : يُحْمد منه الورع .
والإفراط في ذلك يخرج إلى حد الوسوسة والغلوّ في الدين .
وكذلك الاحتراز عن المؤذيات الدنيوية : يُخرِج إفراطُه إلى ضعف التّوكّل ، وشدة الإغراق في التعلُّق بالأسباب، وهو مذموم، و" قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ".
والفرق بين الموضعين دقيق عسِرُ العلم، وله طريق ونظر طويل يتعلق بباب التوكل " انتهى، من "شرح الإلمام" 2 / 585 - 586.
والله أعلم.
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-26-2020, 04:52 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,266
Arrow


وقفة:
تأمل -أخي المبارك-: كيف أنَّ الشيطان حريص على ملازمة العبد، وإفساد أمور دينه، ودنياه، فهو كما تقدَّم:
يأكل ويشرب، ويبيت، ويبول، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، في الرجل الذي نام ليلةً حتى أصبح، قال: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشيطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، أَوْ قَالَ: فِي أُذُنِهِ»[5].

ويضحك: وذلك إذا تثاءب الإنسان ولم يكظم، أو يغطِّ فاه -كما سيأتي-.

ويبكي: وذلك إذا سجد العبد في سورة فيها سجدة اعتزل الشيطان يبكي، يقول: «أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ؛ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ؛ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ»[6].

ويهرب وله ضراط: عند الأذان، كما في الصحيحين، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشيطَانُ، وَلَهُ ضراطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضى النِّدَاءَ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ؛ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قَضى التَّثْوِيبَ؛ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى»[7].

ويجلس بين الظل والشمس: ولذا نُهي عن ذلك كما في مسند الإمام أحمد، وسنن أبي داود، وصححه الألباني.

ويمشي بنعل واحدة؛ كما عند الطَّحاوي، وصححه الألباني؛ ولذا جاء في الصحيحين النَّهي عن المشي بنعل واحدة.

وأحب العمل إليه: الإفساد، والتفريق بين الزوجين، كما جاء عند مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سرايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شيئاً، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ»[8].

ومفتاح عمله (لو): كما في صحيح مسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنْ أَصَابَكَ شيءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كان كذا وكذا، وَلكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللّهِ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ (لَوْ) تَفْتَحُ عَمَلَ الشيطَانِ»[9].

وهو حريص على إفساد صلاة العبد -كما تقدَّم-: وكما في حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عند مسلم أنه أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنَّ الشيطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي، وَبَيْنَ صَلاَتِي وَقِرَاءَتِي، يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَاكَ شيطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللّهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثاً»، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللّهُ عَنِّي[10].

ومن خلال ما سبق فهو يحضـر العبد في طعامه، وشـرابه، ومبيته، وفراشه، وتثاؤبه، وفي صلاته، وهو يبول، ويضحك، ويفرِّق بين الزوجين، ويفسد على العبد عبادته، وعقيدته أيضاً، ففي الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَأْتِي الشـيطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ»[11].

وجماع ذلك وأكثر أنه يحضـر في كل شـيء من شؤون العبد -كما تقدَّم-؛ لقول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشـيطَانَ يَحْضـر أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شـيءٍ مِنْ شَأْنِهِ»[12]، ولذا على العبد أن يكون حذراً من وسوسته، وإفساده؛ لئلا يفقد كثيراً من أمور الخير، ولئلا تُنزع البركة من كثير من شؤونه، ومن ذلك عند جماعه لأهله، فقد جاء في الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، قَالَ: بِاسْمِ اللّهِ، اللّهُمَّ جَنِّبْنَا الشـيطَانَ، وَجَنِّبِ الشـيطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُم وَلَدٌ فِي ذَلِك، لَمْ يَضـرهُ شـيطَانٌ أَبَداً»[13]، وكذا في قراءته لآية الكرسـي عند نومه إبعاد للشـيطان حتى يصبح، كما ثبت عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه [14]، والله أعلم.

ومما نُهي عنه في هذا الباب: باب الطعام، والشـراب:
الأكل والشـرب في آنية الذهب والفضة، وأكل كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير، والشـرب قائماً لغير حاجة، والتنفس في الإناء، والأكل متكئاً، والأكل بالشمال، والقِران بين التمرتين (وذلك إذا كان الإناء مشتركاً بين جماعة، فإنه يُنهى عن أخذ اثنتين، حتى يستأذن مَن معه، ويُقاس على التمر: بقية الأصناف التي على شاكلته)، وعيب الطعام، والشـرب من فم السِّقاء، أو القربة لغير حاجة (وذلك إذا كان مشتركاً، وأمَّا إن كان خاصاً به، فلا بأس إن عُلمت نظافتها)، والإكثار من الطعام، والصَّلاة بحضـرة الطعام إذا كان يشتهيه.

مستلة من كتاب: المنح العلية في بيان السنن اليومية


- الألوكة -
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:00 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر