#1
|
||||
|
||||
نوى أن يتوب بعد شهر ، ومات قبل أن ينتهي الشهر
شخص نوى أن يتوب بعد شهر وكان صادقًا في نيته بأن يتوب بعد شهر فمات قبل أن ينتهي الشهر ، فهل يعتبر مات على معصية أم مات على حسب نيته ؟
الحمد لله الذي ينوي التوبة بعد شهر أو أسبوع أو سنة ونحو هذا : لا يعتبر تائبًا بمجرد هذه النية ، حتى يتوب بالفعل ، وذلك للآتي : أولًا : أن الذي يَعِد بالتوبة بعد شهر ونحو هذا ، هو في حقيقة الأمر لم يباشر التوبة ، ولم ينشط لتحقيق ما يستطيعه من شروط التوبة ، ولم يهاجر إلى الله ورسوله ، ولم يهجر ما نهى الله عنه ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ " رواه البخاري :6484 ، وهو لم يفر إلى الله ، ولم يهاجر إليه ؛ فأنى له أجر التائبين ؟! راجع الفتوى رقم : 13990 عن شروط التوبة . ثانيًا : أن من نوى التوبة بعد شهر ، هو في حقيقته : مقيم على معاصيه ، مصرٌّ عليها ، ذلك الشهر ، وهذا مناقض للتوبة ، لأن التوبة تعني الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه ، وهذا لم يقلع عن ذنبه ، وهذا واضح لا خفاء به . ثالثًا : التوبة واجبة على الفور ولا يجوز تأخيرها ، فالذي ينوي التوبة بعد زمن قد جمع بين ذنبين : ذنب فعل المعاصي طول تلك المدة ، وذنب تأخير التوبة . قال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى : " والتوبة واجبة على الفور ، فمن أخرها زمانًا صار عاصيًا بتأخيرها ، وكذلك يتكرر عصيانه بتكرر الأزمنة المتسعة لها ، فيحتاج إلى توبة من تأخيرها " انتهى من " قواعد الأحكام " 1 / 221 . وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : " ونذكر نبذًا تتعلق بأحكام التوبة ، تشتد الحاجة إليها ، ولا يليق بالعبد جهلها . منها : أن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور ، ولا يجوز تأخيرها ، فمتى أخرها عصى بالتأخير ، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى ، وهي توبته من تأخير التوبة ، وقل أن تخطر هذه ببال التائب ، بل عنده أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر ، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة ، ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة ، مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم ... " انتهى من " مدارج السالكين " 1 / 717 . فالحاصل ؛ أن المسلم الذي ينوي التوبة بعد زمن ويموت قبل إدراكه قد مات قبل التوبة ، وأمره إلى الله تعالى ، فإن شاء عذبه وإن شاء غفر له . المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب* اعتبروا يا أولي الألباب . نسأل الله السلامة والعافية وحسن الخاتمة
__________________
|
|
|