العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى عام > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-01-2018, 03:27 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
Arrow الإحسان فضله وحقيقته

الإحسان فضله وحقيقته

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله سبحانه أمر بالإحسان وأخبر أنه يحب المحسنين وأنه مع المحسنين قال تعالى"وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" وقال تعالى" إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ" قال تعالى"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ" والإحسان معناه في اللغة إتقان الشيء وإتمامه وأما الإحسان في الشرع فهو في مقابل الإساءة قال تعالى" وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" والإحسان يكون فيما العبد وبين ربه بعبادته وحده لا شريك له مخلصًا له الدين وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى"وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ" وقال سبحانه" بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ" والإحسان في عبادة الله يكون بإخلاصها لله عز وجل فلا يدخلها شرك ولا ريا ولا سمعة ويكون أيضًا بإتقانها على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكون فيها بدعة ولا إحداث يبين هذا قوله صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك أي أن تعبد الله سبحانه على وجه اليقين والإيمان الصادق حتى كأنك ترى الله سبحانه وتعالى فتحسن العبادة بين يديه وتتقيه وتستحي منه وتذل بين يديه سبحانه وتعالى أن تعبد الله كأنك تراه لأن الله سبحانه وتعالى لا يرى في هذه الدنيا بالأبصار لا يرى في الأبصار في هذه الدنيا وإنما يرى في القلوب يرى سبحانه وتعالى في القلوب وذلك بقوة الإيمان واليقين واستحضار عظمة الله سبحانه وتعالى أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك أي إذا لم تبلغ هذه المنزلة الرفيعة فعبد الله اعلم انه يراك سبحانه وتعالى ويرى تصرفاتك ويعلم ما في قلبك وما في نيتك فأحسن العمل لله سبحانه وتعالى، أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه يعني إذا لم تبلغ هذه المنزلة فاعلم أنه يراك سبحانه وتعالى وهو مطلع عليك فإذا علمت ذلك أحسنت العمل له وأتقنته وخف منه سبحانه وتعالى هذا هو الإحسان فيما بين العبد وبين ربه، والإحسان أيضاً إلى المخلوقين الإحسان بعد الإحسان فيما بين العبد وبين ربه يأتي الإحسان بين العبد وبين المخلوقين وأول ذلك: الوالدان والأقارب واليتامى والمساكين قال سبحانه وتعالى" وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا" وهذه الآية تسمى آية الحقوق العشرة لأن الله سبحانه وتعالى ذكر فيها عشرة حقوق بدأ بحقه سبحانه وتعالى ثم بحق الوالدين ثم بحق الأقارب إلى بقية الحقوق المذكورة فيها وهذا من الإحسان بين العبد وبين المخلوقين، كذلك يكون الإحسان إلى الناس حتى فيمن يستحق العقوبة فتطبق عليه العقوبة بإحسان من غير إسرافٍ ومن غير تساهل، وكذلك حتى في ذبح البهائم التي تذبح للأكل قال صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ، فإذ كان أحد يستحق القتل إما بقصاص وإما بحد من حدود الله فإنه يقتل على الصفة المريحة التي ليس فيها تعذيب وليس فيها تمثيل وإنما يقتل بآلة حادة ويسرع في إزهاق روحه ولا يعذب ولا يحبس ولا يصبر عند القتل وإنما يبادر بقتله ويراح ولا يصبر بمعنى أنه يوضع للقتل ثم يتأخر في قتله ولا تستعمل الآلة الكالة التي تعذبه هذا فيمن يستحق العقوبة، وكذلك البهائم يا عباد الله، فإنها تحس وتتألم فعليكم بالإحسان إليها عند ذبحها قال صلى الله عليه وسلم: وليحد أحدكم شفرته أي السكين وليرح ذبيحته فلا يذبحها بآلة كالة تعذبها ولا يسي في قطع حلقومها ومريئها وإنما يجهز عليها بسرعة، وكذلك لا يذبحها بحضرة أختها بحضرة بهيمة أخرى بل يذبحها في مكان منعزل ولا ترى البهائم بعضها بعضا وهي تذبح لأن هذا من التعذيب وهي تحس وتتألم.
عباد الله، والناس مع البهائم يسيئون إليها خصوصاً في نقل البهائم في المركبات البحرية والمركبات البرية يسيئون إليها ويحشرونها في مركبة وصناديق ضيقة تتألم من الضيق ولا تعلف ولا تسقى مدة أيام تتعذب وتتألم وهي لا تتكلم وإنما الله جل وعلا يعلم صنيع بني آدم فيها، فعليكم أن تحسنوا إليها غاية الإحسان لأنها مثلكم تتألم وتتحسر فعليكم بالإحسان إليها، قد غفر الله جل وعلا لبغي من بني إسرائيل وهي الزانية نزلت تشرب من البئر فلما صعدت من البئر رأت كلبا على شفير البئر يلهث من العطش فنزلت إلى البئر وأخذت له الماء وسقته فشكر الله لها ذلك وغفر لها.
فتقوا الله، عباد الله، " وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" وكذلك من الإحسان، الإحسان في الصنعة بأن يتقن الإنسان ما يصنعه يتقن ما يصنعه ولا يغشه ولا يقصر في إتقانه فإن في الحديث: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يحسن عمله أو أن يتقن صنعته ، فالإحسان مطلوب في كل شيء.
فتقوا الله، عباد الله، " وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرا، أما بعد:
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الإحسان ليس مقصوراً على من أحسن إليك فمن احسن إليك فأحسن إليه هذا مطلوب قال الله سبحانه وتعالى"هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ" وقال سبحانه وتعالى" لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" فالإحسان إلى من أحسن إليك هذا أمر واجب عليك وقال تعالى في قصة قارون" وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ" وقال عليه الصلاة والسلام: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجد ما تكافئونه فدعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه ولكن كذلك الإحسان إلى من أساء إليك تقابل السيئة بالحسنة قال تعالى" وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ".
ثم اعلموا عباد الله، أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة،
وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار"إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمَّد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم أصلح ولاة أمورنا وجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مظلين اللهم أصلح بطانتهم وأبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين، اللهم وولي علينا خيارنا، وكفينا شر شرارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا ما لا يخافك ولا يرحمنا، اللهم اجعل وليتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم أنصرهم على عدوك وعدوهم وهدهم سبل السلام وأخرجهم من الظلمات إلى النور"رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".
عبادَ الله، "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، "وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ الفوزان - هنا-
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-17-2018, 06:30 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
Red face


الإحسان شرعًا ينقسم إلى أقسام:
أولاً: إحسان بين العبد وبين ربه، وذلك بإتقان العبد للعمل الذي كلَّفه الله به، بأن يأتي به صحيحًا خالصًا لوجه الله عز وجل، متابعًا فيه لسنة رسول صلى الله عليه وسلم.
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين؛ واحدة أعلى من الأخرى:
المرتبة الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه، بأن يبلغ بك اليقين والإيمان بالله كأنك تشاهد الله عيانًا، ليس عندك تردد أو أي شك، بل كأن الله أمامك سبحانه وتعالى تراه بعينك، والله جل وعلا لا يُرَى في الدنيا، وإنما يُرى في الآخرة، ولكن تراه بقلبك حتى كأنك تراه بعينيك، ولذلك يجازى أهل الإحسان بالآخرة بأن يروا ربهم سبحانه وتعالى بأبصارهم؛ لمّا عبدوه وكأنهم يرونه.

المرتبة الثانية: إذا لم يبلغ العبد هذه المرتبة العظيمة، فإنه يعبد ربه على طريقة المراقبة، بأن يعلم أن الله يراه، ويعلم أحواله، ويعلم ما في نفسه، فلا يليق به أن يعصيه، وأن يخالف أمره، وهو يراه ويطلع عليه، وهذه حالة جيدة.

ثانيًا: إحسان بين العبد وبين الناس في سائر المعاملات، ومن ذلك إحسان الصنعة وإتقانها، فإذا صنع الإنسان شيئًا أو عمل عملاً، فإنه يجب عليه أن يتقنه ويتمه. ومن ذلك ما جاء عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" أخرجه البيهقي في شعب الإيمان :4/334 ، رقم 5312 . وأبو يَعْلَى :7/349 ، رقم 4386- وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
قال المناوي: «وقوله :إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" أي يُحكِمه، كما جاء مصرحًا به في رواية؛ وذلك لأنّ الإمداد الإلهي ينزل على العامل بحسب عمله؛ فكل من كان عمله أتقن وأكمل، فالحسنات تُضاعف أكثر، وإذا أكثر العبد أحبه الله تعالى». التيسير بشرح الجامع الصغير 1/524.

قصور مفهوم الإحسان وضعفه:
مع هذا المنزلة العالية والمكانة الرفيعة للإحسان إلا أن كثيرًا من المسلمين قصر الإحسان على معناه الديني في العبادات فقط، فظن الإحسان قاصرًا على الصلاة والصيام والحج، واتباع السنة، وغاب عنه أن المفاهيم الشرعية عامة ما لم تخصص أو تقيد بالوحي المنزل.

وإذا وسعنا مفهوم الإحسان إلى معنى الإتقان الشامل في كل مناحي الحياة، سعدت بنا شعوبنا، وتقدمت دولنا، وفاض الخير وعم في أرجاء المعمورة، فالله لا يصلح عمل المفسدين، ويحب المحسنين، الذين يتقنون أعمالهم -دينًا ودنيا، عبادات ومعاملات-، فيقومون بها على أكمل درجة، وبأفضل طريقة ممكنة، ولذلك فالمسلم عندما يصفّ سيارته يصفّها بأحسن طريقة ممكنة.. وعندما يتوضأ يحرص أن يترك المكان نظيفًا للذي بعده، ولا يسرف في الماء، وعندما يقود سيارته في الشوارع يقودها بأحسن طريقة ولا يؤذي غيره، وعندما يذهب إلى عمله يذهب في الموعد. وهكذا يكون الإحسان خلقًا للمسلم في كل مجالات الحياة.
لا ينبغي أن يغيب عنا أن الإحسان درجات، وأن المحسنين درجات، أفضلهم الأنبياء، ثم أتباع الأنبياء، من العلماء الصادقين معلمي الناس الخير، العاملين بعلمهم، الداعين إلى الله، ومنهم الأغنياء المنفقون في وجوه الخيرات، فيراعون الفقير والمسكين، واليتيم، والمحتاج. وكل من أحسن إلى غيره فهو محسن، سواء أحسن إلى الآخرين بماله، أو بجاهه، أو بمكانته، ووظيفته، أو بحرفته تعليمًا لغيره أو نفعًا للناس.
وقد غفر الله تعالى لبغي من بني إسرائيل أحسنت إلى كلب فسقته عطشانًا [كما في الحديث المتفق عليه]، وعذَّب امرأة أسأت إلى هرة حسبتها فلم تطعمها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض .متفق عليه.

وإن من صور الإحسان
التبسم في وجوه الناس، وحسن السلام عليهم، والفرح لفرحهم، وجبر مصابهم، والتألم لألمهم، وإدخال السرور عليهم، وبالجملة فوجوه الإحسان غير محصورة، ولا مقيدة ولا معدودة؛ لأن المسلم أينما وجَّه وجهه وجد بابًا يحسن فيه إلى الخلق، بل والحيوان، والطير، وكل المخلوقات.


ومن درر الكلام النبوي
ما قاله صلى الله عليه وسلم وهو يبرز وجوه الإحسان المتعددة، عندما سأله رجل عن أحب الناس إلى الله وأحب الأعمال، فأشار إلى الإحسان إلى الخلق في صور رائعة كثيرة، كلها تدل على الرأفة والرحمة بالخلق، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله يا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً, أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا, أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا, وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا, وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ, وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير :3 / 209 /2، وحسنه الألباني.


هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
إن الله تبارك وتعالى هو المحسن إلى عباده بصنوف النعم، وهو الذي خلق كل شيء، وكل ما خلقه الله يتجلى فيه الإحسان والإتقان؛ فلا تجاوز ولا قصور.. ولا زيادة عن حد الإحسان ولا نقص.. ولا إفراط ولا تفريط.. في حجم أو شكل أو وظيفة، فكل شيء مقدَّر بحكمة، كل شيء من الذرة الصغيرة إلى أكبر الأجرام، كلها يتجلى فيها الإحسان والإتقان.

وكذلك الأعمال والأعمار، والأطوار والحركات كلها من خلق الله، مقدرة تقديرًا دقيقًا في موعدها، وفي عملها، وفي مآلها. وكل مخلوق أوجده الله ليؤدي دوره المقدر له في هذا الوجود، قد أعده الله لهذا الدور، وزوّده بما يؤهّله لأداء هذا الدور.
وإذا كان الله تعالى قد أحسن إلى خلقه، فأحسن صورهم، ورزقهم رزقًا حسنًا، فقد طلب منهم أن يحسنوا أعمالهم، ووعدهم خير الجزاء؛ إن هم فعلوا ذلك، فعلى المسلم أن يُحسن بسمعه وبصره وجوارحه، وعليه أن يتذكر نعم الله عليه وإحسانه به، فيُحسن لله كما أحسن الله إليه؛ لأن جزاء الإحسانِ الإحسانُ.
وإن العبد الموفَّق إذا صدق مع نفسه، ووقف معها وقفة صادقة، وتفكّر في عظيم فضل الله عليه، وجميل مِنّته عليه، لوجد أن لله تبارك وتعالى أيادي عليه سابغة، ونِعَمًا عليه عظيمة، ومِنَنًا عليه غير محصورة ولا معدودة، فكم من خير أعطانا! وكم من رزق رزقنا! وكم من ستر أسبغه علينا! وكم أعطانا من واسع خيره ومنحنا! وكم من شر صرفه عنا، وصدق الله"وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ"إبراهيم: 34.
ونبّهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عظيم جود الله وكرمه وإحسانه إلى عباده، فقال: «يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ! فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ» البخاري 7411.
وحثنّا صلى الله عليه وسلم على الإقرار بإحسان الله إلينا، وبدأ بنفسه صلى الله عليه وسلم فقال مناجيًا لربه، ومقرًّا بفضله، «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ.البخاري 6306.
قال ابن القيم -رحمه الله- موضحًا عظيم إحسان الله إلى عباده في كل مراحل حياتهم: «الرزق والأجل قرينان مضمونان. فما دام الأجل باقيًا، كان الرزق آتيا، وإذا سد عليك بحكمته طريقًا من طرقه، فتح لك برحمته طريقًا أنفع لك منه. فتأمّل حال الجنين يأتيه غذاؤه، وهو الدم، من طريق واحدة وهو السرّة (الحبل السرّي)، فلما خرج من بطن الأم، وانقطعت تلك الطريق، فتح له طريقين اثنين، وأجرى له فيهما رزقًا أطيب وألذ من الأول، لبنًا خالصًا سائغًا. فإذا تمت مدة الرضاع، وانقطعت الطريقان بالفطام، فتح طرقًا أربع أكمل منها: طعامان وشرابان، فالطعامان من الحيوان والنبات، والشرابان من المياه والألبان، وما يُضاف إليهما من المنافع والملاذ. فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة. لكنه سبحانه فتح له -إن كان سعيدًا- طرقًا ثمانية، وهي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها يشاء». الفوائد ص55.
وقال أيضًا رحمه الله: «لا أحد أعظم إحسانًا من الله سبحانه، فإن إحسانه على عبده في كل نَفَس ولحظة، وهو يتقلب في إحسانه في جميع أحواله، ولا سبيل له إلى ضبط أجناس هذا الإحسان، فضلاً عن أنواعه أو عن أفراده، ويكفي أن من بعض أنواعه نعمة النَّفَس التي لا تكاد تخطر ببال العبد، وله عليه في كل يوم وليلة فيه أربعة وعشرون ألف نعمة، فإنه يتنفس في اليوم والليلة أربعة وعشرون ألف نفس، وكل نفس نعمة منه سبحانه، فإذا كان أدنى نعمة عليه في كل يوم أربعة وعشرين ألف نعمة، فما الظن بما فوق ذلك وأعظم منه"وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا"النحل: 18، هذا إلى ما يصرف عنه من المضرات وأنواع الأذى التي تقصده، ولعلها توازن النعم في الكثرة، والعبد لا شعور به بأكثرها أصلاً، والله سبحانه يكلؤه منها بالليل والنهار كما قال تعالى"قُلْ مَن يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ"الأنبياء:42..» طريق الهجرتين ص 258.
ووجّه النبي صلى الله عليه وسلم كل إنسان إلى أن يعترف بعجزه وفقره وعظيم حاجته إلى إحسان ربه وخالقه ومولاه، وأنه لا يستغني عن ربه طرفة عين في هدايته وتوفيقه، وإطعامه وشرابه، وكسوته، وغير ذلك...، فعَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنيّ عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ"يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي"مسلم 2577 .
وأحسن كما أحسن الله إليك:
كثيرة هي صور الإحسان، والمسلم الموفق لا يكل ولا يمل في طلب رضا الله في عمله وسعيه، وقوله وفعله، وإن من صور الإحسان مع الله تبارك وتعالى:

- وإن أعلى الإحسان مع الله يتمثل في توحيده تبارك وتعالى، وإخلاص العبادة له، واجتناب الشرك، كما يتمثل في قضاء الإنسان حياته العملية كلها ممتثلاً أوامره ومجتنبًا نواهيه.
- وأن يشكر الله على نعمه بلسانه، وذلك بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، وبجوارحه بتسخيرها في طاعته عز وجل، وكذلك ينظر إلى علم الله تعالى واطلاعه على السرائر والخفايا، وليمتلئ قلبه مهابةً وتوقيرًا وتعظيمًا وتبجيلاً لربه جل جلاله، وليخجل من معصيته، وليستحي من مخالفته، وليخش عقابه وبطشه، وكذلك فلينظر العبد إلى ألطاف الله ونعمه عليه.
- ومن صور الإحسان مع الرسول صلى الله عليه وسلم الإيمان به وطاعته، ومحبته واتباعه، ونشر سنته، والدفاع عنها، ومحبة أهلها، وموالاة أصحابها؛ محبة فيه صلى الله عليه وسلم، وكثرة الصلاة والسلام عليه، وعدم الغلو أو الإطراء في جانبه، وتعلّم وتعليم سيرته وسنته، والترضي عن صحابته الكرام وتوليهم والدفاع عنهم؛ إذ هم حَمَلة شريعته وحُفّاظ سُنّته، والمبلّغون عنه شريعته، ومصابيح الدجى ونجوم الأمة في لياليها المظلمة.
- والإحسان إلى الخلق بأنواع الإحسان والنفع لهم يعود على فاعله بالخير العميم، فالكريم المحسن أشرح الناس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا.
- ومن أنواع الإحسانِ إلى الخلقِ: إعانتهم بالمالِ والعلمِ والجاهِ والبدنِ، والنُّصحِ لعباد الله، فكلُّ هذه الأعمال تقرّب إلى الله، ولا يزال العبدُ يتقرّب بها إلى الله حتَّى يحبّه الله، فإذا أحبَّه الله كان سمعه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها، وَيَسْتَجِيْبُ اللهُ له الدعاء.
- وإن من أجلّ صور الإحسان إلى الخلق أن تكفّ عنهم أذاك من كل وجه، وتعفو عن مساوئهم وأذيتهم لك، ثم تعاملهم بالإحسان القولي، والإحسان الفعلي.
- وإن من صور الإحسان إلى الخلق: مقابلة إساءة الخلق بالإحسان؛ لاستلال مشاعر العداوة، وتقليم أظافر الحقد، وإحلال المحبة والمودة بدلاً عنها.
- كما أن في الإحسان إلى الخلق تكفيرًا للسيئات وتفريجًا للكربات، وتيسيرًا على المعسرين، قال الله تعالى"إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ"هود: 114.
- وإن من أجلّ الإحسان وأعظمه: الإحسان إلى النفس، وذلك بتزكيتها والحرص على نجاتها في الآخرة، مع سلامة في الدين، وصحة في البدن، وحسن الخُلق، وبهذا يصل العبد لأفضل منازل الدين، وهي أن يعبد الله كأنه يراه، فهذه مرتبة الإحسان نسأل الله أن يجعلنا من أهلها ولا يحرمنا أجرها.
- وإن من أعظم الإحسان إلى الخلق: تعليمهم ما ينفعهم في دينهم، وما يكون سببًا لنجاتهم في الدنيا والآخرة، من العلم بالله وأسمائه وصفاته، ودينه وشرعه، وتحذيرهم مسالك الشر والهلكات، وهذه هي وظيفة الأنبياء والرسل وأتباع الرسل، وبهذا كانوا أعظم الناس إحسانًا إلى الخلق؛ لما يحملونه من الخير للبشرية، ولهم عليهم من المنّة والفضل ما لا يؤدي شكره أحد، كما قال سبحانه"لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"آل عمران: 164.
ومتع عينك وقلبك بهذا الحديث الرائع وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم"إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"أخرجه مسلم 1955، ومن هذه الدرر النبوية يتبين لنا أن الله جل وعلا كتب على كل عمل يقوم به الإنسان أن يقوم به على أحسن وجه، وانظر إلى صيغة العموم في الحديث الشريف "كتب الإحسان على كل شيء" فكل عمل مهما ظهر بسيطًا أو لا قيمة له، حتى عند ذبح الحيوان، فعليك أن تقوم بذلك على أحسن وجه؛ فتحد الشفرة، ولا تقوم بذلك أمام الحيوان حتى لا يتأذى:
مرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ على رجُلٍ واضِعٍ رِجْلَه على صَفحةِ شاةٍ وهوَ يُحدُّ شفرتَه وهيَ تلحَظُ إليه ببصَرِها قال . «أفلا قبل هذا ؟!أو تريدُ أن تُمِيتَها مَوتاتٍ» أخرجه الطبراني في الكبير :11/332، رقم 11916- وصححه الألباني =الدرر=

أفلا قبل هذا ؟! أي: كان الأَولى بك أنْ تُحِدَّ سِكِّينَك وأداةَ الذَّبحِ قبْلَ أنْ تأتِيَ بها للذَّبْحِ؛ حتَّى لا تراكَ،=الدرر=

إن خُلق الإحسان عندما يستحكم في النفس تعتاد الإحسان والإتقان في كل الأمور، في العبادات والمعاملات، في صغائر الأمور وعظائمها، فيحسن المرء في عبادة ربه، ومعاملة خلق الله، فيحسن إلى الوالدين، والزوجة والبنات، والإخوة والأخوات، والجيران والأصدقاء، بل قد يصل به الإحسان إلى من يبغضه، فيقابل إساءته بالإحسان، ويمتد الإحسان ليشمل الحيوان والنبات فـ"في كل ذي كبد رطبة أجر"متفق عليه، وهذه مرتبة عظيمة في دين الله. نسأل الله أن يرزقنا الإحسان في أعمالنا وأخلاقنا، والإخلاصَ في الأقوال والأعمال، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين.



= هنا =
وأحسن كما أحسن الله إليك .عبد العزيز مصطفى الشامي
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:46 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر