|
#1
|
||||
|
||||
شرح القواعد الفقهية
القواعد الفقهية أهمية القواعد الفقهية : قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في نظمه . اعلم هُديت أن أفضلَ المِننْ ***علمٌ يزيلُ الشكَّ عنكَ والدَّرَنْ ويكشفُ الحقَّ لذي القلوبِ ***ويوصِلُ العبدَ إلى المطلوبِ فاحرصْ على فهمِكَ للقواعدِ***جامعةِ المسائلِ الشواردِ فترتقي في العلمِ خيرَ مرتقى ***وتَقْتَفِي سُبْلَ الذي قَدْ وفِّقَا فقد حض الشيخ على الحرص على فهم ومعرفة القواعد الكلية للعلوم ، فمعرفة القوعد الكلية أهم من معرفة المسائل ، فعن طريق القواعد الكلية ، يمكن حل المسائل المختلفة . فالقواعد الفقهية أهم من دراسة الفقه بدايةً ، فَمَنْ أراد دراسة الفقه وفهمه على أسس صحيحة فعلية بدراسة وفهم القواعد الكلية أولاً ، حتى يستطيع فهم الفقه ومسائله المتفرقة فترتقي في العلم ، فالعلم يرفع صاحبه . قال تعالى : "يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ .".سورة المجادلة / آية : 11 . والجهل يهبط بصاحبه . فكلما ازداد الإنسان من العلم النافع ، حصل له كمال اليقين ، وكمال الإرادة ، ولا تتم سعادة العبد إلا باجتماع هذين الأمرين . وإذا كان العلم بهذه المثابة ، فينبغي للمسلم أن يحرص كل الحرص ويجتهد كل الاجتهاد في تحصيله ، وأن يديم الاستعانة بالله في تحصيله ، ويبدأ بالأهم فالمهم . ومن أهمه معرفة أصوله ، وقواعده التي ترجع مسائله إليها . ومن هذه الأصول ؛ العلم " بالقواعد الفقهية " . وهذا العلم لا يستغني عنه كل مجتهد فقيه ، وقد أشاد كثير من العلماء بشأن هذا العلم ، وبَيَّنوا حاجة الفقيه الماسة إلى الإلمام به وتعلمه .شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي . * قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ : " فهذه قواعد مهمة ، وفوائد جَمَّة ، تضبط للفقيه أصول المذهب ، وتُطْلِعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه تَغَيَّب ، وتُنَظم له منثور المسائل في مسلك واحد ، وتُقيد له الشوارد ، وتُقرِّب عليه كلمتباعد .ا . هـ وتتلخص أهمية القواعد الفقهية في : أولاً : أن القواعد الفقهية تضبط الأمور المنتشرة المتعددة ، وتنظمها في سلك واحد مما يُمكِّن من إدراك الروابط والصفات الجامعة بين الجزئيات المتفرقة . ثانيًا : أن ضبطها يُيَسِّر على الفقيه ضبط الفقه بأحكامه ، ويغنيه عن حفظ أكثر الجزئيات . لذا قال القرافي ـ رحمه الله ـ : " من ضَبَطَ الفقهَ بقواعدِهِ ، استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات ؛ لإدراجها في الكُليات " . ثالثًا : أن دراستها تُكَوِّن عند المرء مَلَكَة (1) فقهية تُنير أمامه الطريق لدراسة أبواب الفقه الواسعة والمتعددة ، واستنباط الحلول للوقائع المتجددة ، لذا أصبحت القواعد معينا للفقهاء ، ومبعث حركة دائمة ونشاط متجدد ، يبعد الفقه عن أن تتحجر مسائله ، وتتجمد قضاياه . رابعًا : أنها تُمَكِّن الفقيه من تخريج الفروع بطريقة سَوِيَّة ، وتُبعده عن التَّخبط ، والتناقض الذي قد يترتب على التخريج من المناسبات الجزئية . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 6 . ( 1 ) تربي عنده ملكة الفهم والاستنباط والنظر والاجتهاد في الفروع الفقهية بحيث لا يغدو طالبًا حافظًا فقط لكتب الفروع ، وإنما يربى على ضم المسألة إلى مثيلاتها ونظيراتها وما شابهها ، وهذا يفيد الطالب في : أ : إبعاده عن الجمود الفكري . ب : والنظر الفقهي ، فينتقل على إثر ذلك ن مرحلة التقليد لغيره إلى مرحلة أوسع ، وهي مرحلة الاستدلال والنظر . منظومة القواعد الفقهية .../ شرح : خالد الصقعبي / ص : 8 . نبذة تاريخية ومثاله " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " .سورة المائدة / آية : 2 . فهذه قاعدة ؛ فكل ما يطلق عليه بر وتقوى ، أمر الشرع بالتعاون عليه ، وكل ما كان إثم فالشرع نهى عن التعاون عليه . "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا" . سورة الشورى آية : 40 . جزاء كل سيئة سيئة مثلها . ومن المعلوم أن الله ـ عز وجل ـ امتَّنَّ علينا ببعثة نبيه محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وخصه بخصائص منها أنه أوتي جوامع الكلم ، وجوامع الكلم أن يتكلم النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بالكلام القليل ، الذي يكون له معان عديدة ، ويشمل أحكامًا متعددة . وإذا تأمل المرء سنة النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وجد فيها من ذلك الشيء الكثير . ومثال ذلك : قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا ضرر ولا ضرار " .سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 3 ) ـ كتاب : الأحكام /( 17 ) ـ باب : من بنى في حقه ما يضر جاره / حديث رقم : 2340 / ص : 400 / صحيح . القواعد الفقهية بين الأصالة ... / ص : 18 / بتصرف . فالمقصود أن المتأمل في سنة النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يجد أن هناك عددًا من الأحاديث النبوية قد اختصرت ألفاظها ، ودلت على معانٍ عديدة ، وأحكام متعددة ، فيدلنا هذا على مبدأ قواعد الفقه . ـ ثم بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وردت ألفاظ رشيقة عن الأئمة من الصحابة ، ومَنْ بَعْدَهم من التابعين فيها ؛ اختصار في الألفاظ ، وشمول في المعاني والأحكام . ومن ذلك : قول أمير المؤمنين " عمر بن الخطاب " ـ رضي الله عنه ـ " مقاطع الحقوق عند الشروط ... "، كما ذكر ذلك البخاري تعليقًا . ( 54 ) ـ كتاب : الشروط / ( 6 ) ـ باب : الشروط في المهر عند عقدة النكاح / ص : 318 ) . ورواه بإسناد جيد : عبد الرزاق وغيره . ومعناها : مقاطع جمع مقطع وهو موضع القطع في الأصل ، وأراد بمقاطع الحفوق : وجوب الحقوق عند الشروط . وقال أمير المؤمنين " عمر بن الخطاب " ـ رضي الله عنه ـ أيضًا : هذه على ما نقضي ، وتلك على ما قضينا . فهذه عبارة مختصرة أصبحت قاعدة فقهية يهتدي بها الأئمة والعلماء والفقهاء ، وهذا اللفظ رواه عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وجماعة بإسناد لا بأس به . ـ ثم بعد عصور الصحابة والتابعين ، وبعد أن جاء عصر التدوين نجد الواحد من العلماء يعلل الأحكام الفقهية التي يطلقها بعلل تجمع أحكامًا فقهية من أبواب شتى ، فأخذ من تلك التعليلات قواعد فقهية . ومن أمثلة ذلك بعد عصر التدوين أن الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه الأم ، ذكر عددًا من الأحكام وعَلَّلَهَا بعِلل جامعة تشمل مسائل عديدة ؛ من ذلك قوله ـ رحمه الله ـ " لا يُنسب إلى ساكت قول " ومنه قوله " الرُّخَص لا يتعدى بها محلها " ـ فأُخِذَت هذه الألفاظ كقواعد عامة ـ قواعد فقهية ـ ، ورُتبت عليها أحكام فقهية في أبواب عديدة . ومن ذلك : قول الإمام أبي يوسف ـ رحمه الله ـ "التعذير إلى الإمام على قدر الجناية " . ومنها قوله عن الوصي " لا يشتري كيف يبيع " يعني : لا يشتري من الميراث ، كيف يشتري وهو يبيع ؟ فأخذ من هذا قاعدة فقهية أن من يبيع لا يشتري ، فمثال ذلك : الوكيل إذا كان سيبيع بضاعة لغيره ، فإنه لا يجوز أن يشتري تلك البضاعة لنفسه . ـ ثم بعد عصور أوائل التدوين ، رَغب العلماء جمع تلك القواعد في مؤلفات خاصة ، وذلك لأن الفروع الفقهية متكاثرة ، ولا يمكن الإحاطة بها ، فعندما نضبط تلك القواعد نستطيع ضبط الفروع الفقهية . فحاول العلماء التأليف في القواعد الفقهية . ـ ومن أوائل من ألَّفَ في القواعد الفقهية : " أبو الحسن الكرخي " المتوفى سنة أربعين وثلاثمائة ( 340 ) ، في كتاب عُرف بعد ذلك باسم " أصول الكرخي " . ثم ألَّفَ بعده ( أبو زيد الدَّبُوسيّ ) المتوفى سنة ( 430 ) كتابه : " تأسيس النظر " وذكر فيه عددًا من القواعد الفقهية ، وذكر فيه عددًا من الفروع الفقهية المترتبة على تلك القواعد . ـ بعد ذلك جاء الإمام " العز بن عبد السلام " ـ رحمه الله ـ المتوفى سنة ست وستمائة ( 606 ) فألف كتابه : " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " ، وكان من أوائل الكتب المؤلَّفَة في القواعد الفقهية ، فاحتذى العلماء بعده حذوه ، فألَّفُوا مؤلَّفات عديدة في هذه القواعد . منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري/ ص : 4 / بتصرف . * " القواعد النورانية الفقهية " لشيخ الإسلام ابن تيمية . * " الأشباه والنظائر " لتاج الدين السُّبكي . ( المتوفي : 771 هـ ) . * " القواعد في الفقه الإسلامي " للحافظ ابن رجب الحنبلي ( المتوفى : 795 هـ ) . وغيرها كثير . ( 1 ) حفل اللبن في الضرع : اجتمع ... ، امتلأ به . المعجم الوجيز / ص : 161 . ـ وفي القرن التاسع الهجري ، جاء العلاَّمة ابنُ المُلَقِّنِ الشافعي فوضع كتابه : " الأشباه والنظائر " ورتبه على الأبواب الفقهية ، مبينًا ما وقع فيه الاختلاف . ـ ثم جاء القرن العاشر الهجري ، وفيه رَقِيَ التدوين بكتاب " الأشباه والنظائر " للعلامة السيوطي ـ رحمه الله ـ والذي جمع فيه القواعد المتناثرة والمبددة عند العلائِّي ، والسّبكيِّ، والزّركشيِّ ، وهو يُعد من أروع ما أُلف في هذا المجال ، وأغزرها مادة ، وأحسنها ترتيبا وتنسيقًا . ونظيره " الأشباه والنظائر " للعلامة ابن نُجيمٍ الحنفيِّ ـ رحمه الله ـ . القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين ... / ص : 188 / بتصرف . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 10 . |
#2
|
||||
|
||||
تعريف القاعدة الفقهية ـ القواعد في اللغة : جمع قاعدة ، ومعنى القاعدة : أصل الشيء ، وقواعد البيت أساسه ، ومنه قوله تعالى"وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا " . سورة البقرة / آية : 127 . وقوله تعالى " فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهم مّنَ الْقَوَاعدِ ".سورة النحل آية : 26 . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : حسين بن عبد العزيز آل الشيخ . ـ القواعد في اصطلاح الفقهاء : اختلف الفقهاء في تعريف " القاعدة الفقهية " بِناء على اختلافهم في مفهومها ، هل هي قضية كُلية أو قضية أغلبية ؟ ونختار لكل مدرسة تعريفًا من تعريفاتها : ـ فمن تعريفات المدرسة الأولى : " الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة ، تُفهم أحكامها منه " . ـ ومن تعريفات المدرسة الثانية : " حكم أكثري لا كُلِّي ، ينطبق على أكثر جزئياته ، لِتُعْرَف أحكامها منه " . والظاهر أن الباعث لمن يُعَرِّفها بأنها حكم أكثري هو : أن كثيرًا من قواعد الفقه لها صور مستثناة منها ، ولا ينطبق عليها حكمها ، ويلحظ هذا الأمر من يُطالع كتب "قواعد الفقه " . ولكن هذا الاستثناء وعدم الاطراد ، لا ينقض كُلية تلك القواعد ، ولا يقدح في عمومها ، لأن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار القطعي ، كما أن الكليات الاستقرائية صحيحة وإن تخلَّف عن مقتضاها بعض الجزيئات . القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / للسعدي / تعليق : العثيمين / ص : 4 . أقسام القواعد الفقهية * الحيثية الأولى : مصدرها واستمدادها : يمكن تقسيم القواعد الفقهية من حيث مصادرها أو استمدادها إلى قسمين : أ ـ قواعد جاء بها نص شرعي : * وقد تكون القاعدة بلفظ النص . مثل قاعدة : " لا ضرر ولا ضِرار " . حيث أن مصدرها حديث نبوي صحيح . فعن عبادة بن الصامتِ ؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قضى أن : " لا ضرر ولا ضِرار " . سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 13 ) ـ كتاب : الأحكام / ( 17 ) ـباب : من بنى في حقه مايضر بجاره / حديث رقم : 2340 / ص : 400 / صحيح . * وقد تكون القاعدة أُنشِأ لفظها من ظاهر النص دون حاجة إلى استنباط . مثل قاعدة : وليس واجبٌ بلا اقتدار ولا محرمٌ مع اضطرار وكل محظور مع الضرورة بقدر ما تحتاجه الضرورة . فهذه القاعدة مستفادة من ظاهر نص حديث صحيح دون الحاجة إلى استنباط . * فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال : " دعوني ما تركتكم ، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمرٍ فَأْتُوا منه ما استطعتم " . صحيح البخاري . متون / ( 96 ) ـ كتاب : الاعتصام / ( 2 ) ـ باب : الاقتداء بسنن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ / حديث رقم : 7288 / ص : 846 . ولقوله تعالى "لاَ يُكَلفُ اللهُ نَفسًا إِلاَّ وُسْعَهَا " سورة البقرة / آية : 286 . ولقوله تعالى "فاتَّقوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ". سورة التغابن / آية : 16 . ويُستفاد من هذه القاعدة وما يتفرع عنها أن : القدرة مناط التكليف . ب ـ قواعد خرَّجها العلماء من استقراء -أي التتبع- الأحكام الجزئية : وهي التي تتبعها العلماء في أبواب الفقه المختلفة ،وصاغوها في عبارات موجزة مسلسلة . مثل قاعدة : وكلُّ مشغولٍ فلا يُشَغلُ مثالُه المرهونُ والمُسَبَّلُ القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 6 / بتصرف .ومجموعة الفوائد البهية ... / ص : 21 / بتصرف . س : ما هو الاستقراء ؟ ـ الاستقراء لغةٌ : مصدر استقرى فلان الأثر يستقريه ، إذا تتبعه . مثل : استقريت ـ أي تتبعتُ ـ وجوه القوم لأعرف أخي ويخطئ من يقول : ( استقرأتُ ، أستقرئ ) . وهو خطأ لأن هذا من القراءة . فمعنى : استقرأت : طلبت القراءة و ( استقريت ) من ( القَرْي ) أو ( القَرْوِ ) وهو التتبع . ـ الاستقراء في اصطلاح الأصوليين : تتبع العام في جزئياته المعلومة أحكامها ، فإذا استقراها المجتهد فوجدها كلها على حكم واحد ، فيغلب على الظن أن الصورة التي لم يعلم حكمها ، موافقة في الحكم لسائر الصور . ومثاله : صلاة الوتر : اختُلِفَ في أنها واجبة أو مستحبة ، فنظرنا فوجدنا جميع الصلوات المفروضة لا تؤدَّى على الراحلة ، ووجدنا الوتر يؤدَّى على الراحلة ، فيغلب على الظن أنه نافلة وليس فريضة ، ليكون الباب كله جاريًا على وتيرة واحدة . الواضح في أصول الفقه للمبتدئين ... / ص : 164 / بتصرف . · وهذه أحكام جزئية على سبيل المثال وليس الحصر ـ على أساسها صاغ العلماء قاعدة " وكل مشغول فلا يُشغل " ـ : ـ زوجة الغير ومعتدته محرمة على جميع الرجال عدا زوجها ، لأنها مشغولة به بمقتضى عقد الزواج . فلا تُشغَّل بغيره حتى تفرغ من هذا المشغول به لقوله تعالى "وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ". سورة النساء / آية : 24 . أي حرمت عليكم المحصنات من النساء ، أي المتزوجات منهن ، إلا المسبيات ، فإن المسبية تحل لسابيها بعد الاستبراء (1) وإن كانت متزوجة . الوجيز في فقه السنة ... / ص : 295 / بتصرف . (1) الاستبراء ---> أي استبراء الرحم وخلوه من أي حَمْل . قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : " نهى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن يبيع بعضكم على بيع بعض ، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبه أو يأذن له الخاطب " . صحيح البخاري . متون / ( 67 ) ـ كتاب : النكاح / ( 45 ) ـ باب : لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكِح أو يدعَ / حديث رقم : 5142 / ص : 623 . والدار المؤجرة لا تؤجر حتى تفرغ . فكل مشغول بحق لا يُشْغَل بآخر حتى يفرغ الحق منه . رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 46 / بتصرف . إذ من القواعد ما اتفقت المذاهب الفقهية عليها ، وتسمى بالقواعد الكلية . ومنها ما حصل الاختلاف فيها ـ أعني القواعد الفقهية ـ مثال للقواعد الكلية : وترجعُ الأحكامُ لليقينِ فلا يُزيلُ الشكُّ لليقينِ . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 22 / بتصرف . ـ قال العلامة جلال الدين السيوطي ـ رحمه الله ـ في : " الأشباه والنظائر " / ص : 56 : " اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه ، والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر " . القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم (1) / إعداد عبد الرحمن ... / ص : 272 . والزرعي : نسبة إلى زُرع : قرية من حَوْران ، وهي ناحية واسعة كثيرة الخير بنواحي دمشق ، منها كانت تحصل غلاتها وقيم الجوزية ، هو والد الإمام ، إذ كان قيمًا ـ مثل كلمة ناظر ـ على المدرسة الجوزية بدمشق . من أجل ذلك قيل للإمام : ابن قيم الجوزية ، ثم أطلق القول على الإضافة فقيل : ابن القيم . القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين / ص : 36 . واختلف العلماء في عدد القواعد الكلية ، منهم من قال : 45 قاعدة ، ومنهم من قال : 66 قاعدة ، إلا أن القواعد الكلية الكبرى قصرها الأكثر على خمس قواعد ، وهي : ( الأمور بمقاصدها ) ، و ( اليقين لا يزول بالشك ) ، و ( المشقة تجلب التيسير ) ، و ( لا ضرر ولا ضِرار ) ، و ( العادة مُحَكَّمَة ) . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 22 / بتصرف . مثال للقواعد المختلَف فيها : سيأتي خلال الشرح إن شاء الله . س : هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليلاً شرعيًّا يُستنبط منه حكم شرعي ؟ ! هناك خلاف في وجهات النظر بين العلماء : ـ ورد بكتاب : منظومة القواعد الفقهية للسعدي : شرح / د . خالد إبراهيم الصقعبي : هناك أقوال لأهل العلم وهي بمجموعها تفيد أنه لا يسوغ اعتبار القواعد الفقهية أدلة شرعية لاستنباط الأحكام لسببين : الأول : أن هذه القواعد ثمرة للفروع المختلفة ، وجامع ورابط لها وليس من المعقول أن يُجعل ما هو ثمرة وجامع دليلاً لاستنباط أحكام الفروع . الثاني : أن معظم هذه القواعد لا تخلو من المستثنيات ، فقد تكون المسألة المبحوث عن حكمها من المسائل والفروع المستثناة . ولذلك لا يجوز بناء الحكم على أساس هذه القواعد ، ولكنها تعتبر شواهد مُصاحبة للأدلة يستأنس بها في تخريج الأحكام للوقائع الجديدة قياسًا على المسائل الفقهية المدونة ولكن هذا لا يؤخذ على إطلاقه ، وقد مر معنا أن من القواعد الفقهية ما كان أصله ومصدره من كتاب الله تعالى أو من سنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، أو يكون مبنيًّا على أدلة واضحة من الكتاب والسنة المطهرة أو مبنيًّا على دليل شرعي من الأدلة المعتبرة عند العلماء ، أو تكون القاعدة مبنية على الاستدلال القياسي وتعليل الأحكام فهذه أدلة شرعية وقواعد فقهية يمكن الاستناد إليها في استنباط الأحكام وإصدار الفتاوى وإلزام القضاء بها . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد إبراهيم الصقعبي / ص : 10 . والأولى الاستدلال بالدليل المستندة إليه القاعدة وليس بالقاعدة . ا . هـ . ـ وورد بكتاب : القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / تأليف الشيخ : عبد الرحمن بن ناصر السعدي . تعليق الشيخ : محمد بن صاالح العثيمين / ص : 11 : ذهب فريق من الباحثين إلى أنه لا يجوز جعل القواعد الفقهية أدلة للأحكام الفرعية . واستدلوا بنصوص قليلة عن بعض المتقدمين ، هي في الواقع ظنية لا قطعية ، فلا يكاد يصفو لهم ذلك كدليل من نصوص الأئمة إلا قليلاً من هذا القليل ! وعللوا ذلك بأسباب : 1ـ أن القواعد ثمرة للفروع وجامع لها ؛ وليس من المعقول أن يجعل ما هو ثمرة وجامع دليلاً لاستنباط أحكام الفروع . 2ـ معظم القواعد لا تخلو من المستثنيات . 3 ـ كثير من القواعد الفقهية استقرائية ، وقد يكون استقراءً ناقصًا . الرد على عللهم وأسبابهم : ـ الاعتراض الأول : فالإجابة عنه ، أن كل قواعد العلوم بُنيت على فروعها ، وأيضًا فإن الفروع التي نريد تطبيق القاعدة عليها ليست هي الفروع التي بُنيت عليها القاعدة ، فلا دَوْرَ إذن . ـ الاعتراض الثاني : فالإجابة أنه لا يستدل بها إلا العالم بها ، فقد يكون الحكم المستثنى منصوصًا على استثنائه في كتب الفروع أو في كتب الأشباه والنظائر ثم يدرجه بعضهم في القاعدة ! فإن كان الفرع جديدًا فلا بأس للماهر بالقواعد الاستدلال بها كأي استدلال بدليل ظني الثبوت أو الدلالة أو بعام ، والعام قد يكون له مُخَصِّص . ـ الاعتراض الثالث : فالإجابة أن هناك من القواعد ما ليس استقرائيًا ، بل هي نصوص شرعية كما قدمنا ، وأما القواعد الاستقرائية فالواقع يبين أنها وليدة عصور علمية متتالية ، فتمر القاعدة بمن يؤكدها ، وبمن يشرحها ، وبمن يستثني منا ، وبمن يعترض عليها ، مما يؤدي إلى إيضاح تام لمن يريد الإفتاء بها . ا . هـ . |
#3
|
||||
|
||||
◀الفرق بين " القواعد الفقهية " و " الضوابط الفقهية " فالقاعدة ـ الفقهية ـ أعمُّ مطلقًا ، والضابط ـ الفقهي ـ أخصُّ مطلقًا . وإيضاح ذلك : أن القاعدة ـ الفقهية ـ تضم تحتها مسائل فقهية من أبواب شتى ، خلافًا للضابط ـ الفقهي ـ فهو يضم مسائل فقهية من باب واحد . * فمثال القاعدة ـ الفقهية ـ : " اليقين لا يزول بالشك " أو " الشك يُدْرَأ باليقين " ، حيث تدخل هذه القاعدة في كل مسألة فقهية اجتمع فيها شك ويقين ، فتدخل في أبواب شتى ، كالطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، ... . * ومثال الضابط ـ الفقهي ـ : " كل ما يُعتبر في سجود الصلاة ؛ يعتبر في سجود التلاوة " .فهذا الضابط يضم مسائل تخص ذينك السجودَين ـ فقط ـ ، وكلاهما خاص بباب الصلاة ، لا يتعداها إلى أبواب أخرى فاعلم أن التفريق السابق بين " القاعدة " و " الضابط " ، هو المقرر عند الفقهاء ، ولكن قد يتسامحون في هذا التفريق ، فيطلقون على الضابط قاعدة والعكس . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 20 . ◀الفروق بين " القواعد الفقهية " و " القواعد الأصولية " *الفرق الأول : أن " القواعد الأصولية " : عبارة عن المسائل التي تشملها أنواع من الأدلة التفصيلية يمكن استنباط التشريع منها . كالأصل في الأمر الوجوب . أما القواعد الفقهية : فهي عبارة عن المسائل التي تندرج تحتها أحكام الفقه ، ليصل المجتهد إليها بناء على تلك القضايا الْمُبَيَّنَة في أصول الفقه ، ويلجأ الفَقيه إلى تلك القواعد الفقهية تيسيرًا له في عرض الأحكام ، فهو ـ مثلاً ـ إذا قال : " الأصل في الأشياء الطهارة " أغناه عن أن يقول في كل جزئية أنها طاهرة . *الفرق الثاني : أن القواعد الأصولية كلية تنطبق على جميع جزئياتها وموضوعاتها ـ [ ولا يخرج منها شيء إلا بدليل ] ـ ، فكل نهي مطلق ـ مثلاً ـ للتحريم ، وكل أمر مطلق للوجوب . أما القواعد الفقهية فإنها أغلبية ، يكون الحكم فيها على أغلب الجزئيات . *الفرق الثالث : أن " القواعد الأصولية " وسيلة لاستنباط الأحكام الشرعية العملية . أما " القواعد الفقهية " فهي مجموعة من الأحكام المتشابهة التي ترجع إلى عِلَّة واحدة تجمعها ، أو ضابط فقهي يحيط بها ، والغرض من ذلك هو : تسهيل المسائل الفقهية وتقريبها . *الفرق الرابع : أن " القواعد الأصولية " قد وُجِدَت قبل الفروع (1) ، حيث إنها القيود التي أخذ الفقيه نفسه بها عند الاستنباط . أما القواعد الفقهية ، فإنها قد وجدت بعد وجود الفروع . القواعد والأصول الجامعة والفروق ... / ص : 9 / بتصرف . ( 1 ) فالقاعدة الأصولية توجد أولاً ، ثم يُستخرج على أساسها الحكم الفقهي . ثم بعد ذلك تُجمع الأحكام الفقهية المتشابهة ، فيؤلَّف منها قاعدة فقهية . أن " القاعدة الأصولية " لا يمكن أن يؤخذ منها الحكم الفقهي مباشرة ، بل لابد أن يكون معها دليل تفصيلي . مثال ذلك : قاعدة " الأمر للوجوب " ـ عند الإطلاق ـ هل يؤخذ منها وجوب أي فعل من الأفعال ؟ ! لا . لا يمكن ذلك حتى يُضاف إليها دليل تفصيلي مثل قوله تعالى : " أَقِيمُواْ الصَّلاةَ " . سورة الأنعام / آية : 72 . بينما " القاعدة الفقهية " يمكن أن يؤخذ منها حكم مباشرة ـ بالضوابط السابقة ـ . مثال ذلك : قاعدة " الأمور بمقاصدها " يؤخذ منها أن النية واجبة للصلاة وللوضوء و ... ، فهذه قاعدة فقهية أُخذ منها الحكم مباشرة . وبصيغة أخرى : القواعد الفقهية تختلف عن القواعد الأصولية شيئًا ما ، فإن القواعد الأصولية باختصار تتعلق بالتأصيل لفهم الأدلة والنصوص . أما القواعد الفقهية فإنها تتعلق بالأحكام التي تستفاد من النصوص ، فإن وجد بين هذه الأحكام تعلقٌ ما ، يمكن أن يُجعل قاعدةً ، فهذه هي التي تسمى القاعدة الفقهية . فمثلاً لوحظ أن الطهارة والنجاسة حكمان ، استُفيدَ من النصوص أن هناك أعيانًا طاهرة ، وهناك أعيانًا نجسة ، فلوحظ أن الأشياء والأعيان الطاهرة هي الأكثر والأغلب وعليه استفيدت قاعدة فقهية : وهي " أن الأصل في الأشياء الطهارة " . فهذه قاعدة فقهية وليست قاعدة أصولية ، لأنها ليست على أساسها تُفهم النصوص ، وإنما هي نفسُها اُستُفِيدَت من النصوص . فإن قلنا : الأصل حمل العام على عمومه ما لم يُخَصَّص ، فهذه قاعدة أصولية ، لأنه بها يُستعان على فهم النصوص ، فلا تتعلق بنصٍ معين ، ولا تتعلق بحكمٍ معين . أما إذا قلنا : " الأصل في الأشياء الطهارة " ، فالطهارة حكم ، والحكم ما استُفِيدَ إلا من النص ، فهذه قاعدة فقهية .شرح القواعد الفقهية للسعدي. o فائدة : الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية والنحوية : يقولون القواعد النحوية مثل القواعد الأصولية ، شاملة لا يشذ عنها شيء ، فإذا جاء ـ في القواعد الأصولية ـ أمر أو نهي فإن الأمر للوجوب والنهي للتحريم ، ولا يصرف الأمر عن الوجوب والنهي عن التحريم إلا صارف صحيح من الشارع . وكذلك : القواعد النحوية شاملة . ومن أمثلة ذلك : " الفاعل " هو الاسم المرفوع الذي يأتي بعد الفعل للدِلالة على من فعل الفعل أو أقام به الفعل ، فلا يمكن لفاعل " في فن النحو أن يخرج عن هذه القاعدة أبدًا . أما القواعد الفقهية يُشذ عنها أحيانًا . القواعد الفقهية ... / عبيد الجابري / ص : 12 / بتصرف . قيل من لم يتقن الأصول حُرمَ الوصول . وقيل بعبارة أخرى " من فاته الأصول حُرِمَ الوصول " . لأن الأصول هي العلم ، والمسائل فروع ، تأصل الشجرة وأغصانها ، إذا لم تكن الأغصان على أصل جيد فإنها تذبل وتهلك . والمقصود بالأصول : القواعد والضوابط المبنية على الكتاب والسنة الصحيحة . حلية طالب العلم . شرح : الشيخ العثيمين / ص : 67 . ◀الفروق الفقهية هو الفن الذي يُذكر فيه الفرق بين النظائر المتحدة تصويرًا ومعنى ، المختلفة حكمًا وعلة . إذن هو علم يبحث في المسائل أو القواعد التي تشابهت إلى حد كبير ، حيث تظهر في بادئ النظر وكأنها من النظائر فيكون حكمها واحدًا ، ولكن عند تدقيق الفقيه في نظره للمسئل يتضح له فارق بينهما ، فيفرق بينهما في الحكم . وقد يظهر الفرق ويخفى ويتوسط فيحتاج إلى نظر بحسبه في ذلك . القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / للسعدي / تعليق العثيمين / ص : 12 / بتصرف . المسائل الفقهية إذا تشابهت أو تناظرت ، اندرجت تحت حكم واحد ، لاشتراكهما في " العِلَّة " ، أو في " وصف جامع لها " . كقياس جميع المسكرات على الخمر . لكن أحيانًا يكون بين هذه المسائل المتشابهة فروق دقيقة ، وعِلل خفية تجعل بعضها منفصلاً عن بعض ، فلا تأخذ المسألة حكم الأخرى لضعف التشابه بينهما . وعلى هذا نستطيع أن نعرِّف " الفروق الفقهية " بأنها : " المسائل الشرعية المتشابهة في صورها مع اختلاف أحكامها لعلة أوجبت ذلك " . فكل فرق بين مسألتين مؤثر ما لم يغلب على الظن أن الجامع أظهر . ولا يُكْتَفَى بالخيالات في الفروق ، بل إن كان اجتماع مسألتين أظهر في الظن من افتراقهما ، وجب القضاء باجتماعهما وإن انقدح فرق على بُعْد . والبحث عن الفروق الدقيقة والعلل الخفية فن بديع ، لا يقدر على ممارسته إلا من أوتي موهبة فذة في الفكر ، وعلمًا غزيرًا في اللغة ، وفقهًا واسعًا في الدين ، ومَلَكة خاصة في إدراك تلك الفروق على خفائها ودقتها . ووظيفة هذا الفن : إظهار المسائل بوضوح ، وكشف النقاب عن الاختلاف في الحكم والمناط ـ أي : العِلَّة ـ في المسائل المتشابهة من حيث الصورة ، أو المسائل المتقارب بعضها من بعض حيث يتضح بذلك للفقيه طرق الأحكام ، ويكون قياسه للفروع على الأصول متسق النظام . القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 17 . ـ الأوصاف تنقسم في ذواتها إلى مناسب للحكم ، وإلى طردي وهو ما ليس بمناسب للحكم . معنى وصف مناسب للحكم : أن يكون ربطُ الحكم ـ بهذا الوصف ـ ودورانه معه وجودًا وعدمًا مَظنَّةَ تحقيق الحكمة التي شُرع لأجلها الحكم وهي جلب مصلحة أو درء مفسدة . كالإسكار في الخمر ؛ إذ ربط التحريم به ـ أي بهذه الصفة وهي الإسكار ـ مظنة حفظ العقل . معنى وصف طردي : هو الوصف الذي لم تظهر فيه المناسبة ولم يُعهد من الشارع الالتفات إليه في شيء من الأحكام . ككون الخمر سائلاً أو أصفر اللون . ـ والأوصاف كذلك تنقسم في أوضاعها من صور الأحكام إلى جامع وفارق. فالصورتان مثلاً تشتركان في أوصاف تجمعها ، وتتميز بأوصاف يفارق فيها بعضها بعضًا ، فتتخرج من ذلك حالات : أ ـ قد يكون ـ الجامع والفارق ـ أحدهما مناسب للحكم والآخر طردي : ينظر في الوصف الجامع والفارق ، فَيُعْتبر المناسِبُ ويُلْغَى الطردي عن طريق تنقيح المناط . وتنقيح المناط : هو أن ينص الشارع على حكم ويضيفه إلى وصف فيقترن به أوصاف أخرى لا مدخل لها في الإضافة ولا أثر لها في الحكم ، فيقوم المجتهد بحذف ما لا يصح عِلة ليتسع الحكم . [ فمثلاً لو جاء في الحديث أن رجلاً كثير الشعر ضخم البدن مفتول العضلات جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهو يقول : يا رسول الله ، إني جامعت امرأتي في رمضان ، فماذا علَيَّ ؟ يقول عليك : كذا وكذا . فهذه الأوصاف كلها طردية لا مناسبة لها للحكم ، أي لو استفتانا رجل نحيف أصلع رَخي العضلات وجامع في نهار رمضان ، يكون حكمه كحكم الأول تمامًا مع أن الأول كان كثير الشعر ضخم البدن ... والثاني ليس فيه هذه الصفات لأن الأوصاف المذكورة طردية لا مناسبة لها للحكم (1) ] . ( 1 ) ما بين المعكوفتين [ ... ] مصدره : شرح الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 533 . فهذه الصفات الطردية لا تصح علة للحكم ، والوصف المشترك هنا والمناسب للحكم فيصح عِلة للحكم هو : الجماع في نهار رمضان . ب ـ قد يكونان ـ أي الجامع والفارق ـ مناسبين فيغَلَّب أنسبهما : فيكون التغليب إما للمعنى الفارق وإما للمعنى الجامع . مثال التغليب بالمعنى الفارق : قاتل ابنه ، وقاتل أجنبي عنه . فالجامع بين الأب القاتل لابنه ، والقاتل لأجنبي عنه ، أنهما قاتلان . فلماذا يُقتل قال الأجنبي قِصاصًا ، ولا يُقْتَل الأب قاتل ابنه ؟ . لِوصْف الأبوة وهذا هو الوصف الفارق . فوصف الأبوة أشد مناسبة لإسقاط القَوَد لإثباته من جهة أن شفقة الأب تمنع عادة من تعمد قتل الوالد لولده ، بخلاف قاتل الأجنبي عنه . فيكون الحكم هنا بتغليب المعنى الفارق ، فيختلف حكم قاتل ابنه عن حكم قاتل أجنبي عنه . مثال التغليب بالمعنى الجامع : لا فرق عند الحنابلة بين قتل الأب ولده وبين أن يضربه بسيف أو يذبحه . فإنه لا يُقتل به تغليبًا للمعنى الجامع بين القتل والذبح ، وهو الإشفاق الوازع ، وإلغاء للمعنى الفارق وهو خصوصية الذبح ؛ إذ هو بالنسبة إلى الجامع المذكور طردي . فيكون الحكم هنا بتغليب المعنى الجامع ، فيكـون حكم الأب قاتل ابنه ، وذابح ابنه هو نفس الحكم . ( نسأل الله العافية ) . ج ـ قد يتجاذبان ـ أي الجامع والفارق ـ المناسبة فيتجه الخلاف : مثاله : إيجاب الزكاة في مال الصبي : فمن قال بوجوبه ، فلأن بين الصبي والبالغ جامعًا وهو مِلك النصاب الزكوي ملكًا تامًّا ، وهو مناسب لاشتراكهما في تعلق الزكاة بمالهما أما من رأى فارقًا وهو كون البالغ مكلفًا بالعبادات ، والزكاة عبادة فلزمته ، بخلاف الصبي غير مكلف بالعبادات ، فلا تزمه زكاة حتى يبلغ . القواعد والأصول الجامعة والفروق ... / ص : 14 / بتصرف . علم " الأشباه والنظائر " وعلم " الفروق الفقهية " ، جناحان للفقيه ، يحلق بهما ي مسائل الشريعة وقواعدها ، فلا يهبط إلا وقد حدد مواطن التشابه ومواطن التفرق ، فأقط أحكامه فجاءت مصيبة مواقعها ، وإلا كان كمن طار بطائرة فلم يميز بين جند المسلمين وغيرهم فألقى بحمولته من القذائف فيكون ممن قال فيهم سبحانه : " خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سيِّئًا " . سورة التوبة / آية :102 . فبالفروق يتضح للفقيه طرق الأحكام ، ويكون قياسه للفروع على الأصول متسق النظام ، ولا يلتبس عليه طرق القياس فينبني حكمه على غير أساس . فالفقه معرفة الجمع والفرق . القواعد والأصول الجامعة والفروق ... / ص :12 . |
#4
|
||||
|
||||
◀المنظومة المختارة لما كان لهذا العلم ـ القواعد الفقهية ـ أهمية عظمى ، وفائدة جُلَّى ، أخذ العلماء في التأليف فيه والتصنيف ، فمنهم من أطنب وأسهب ، ومنهم من اختصر وهذَّب ، ومنهم من كان تأليفه نظمًا . ◀المنظومات في القواعد الفقهية : لقد نظم بعض العلماء ، جملة من القواعد الفقهية ، وصاغوها في قالبٍ شِعريٍّ ، رغبةً في تسهيل حفظِها وتيسير دراستها ، وذلك لأن الأسلوب الشعري أسرعُ عُلوقًا بالذهن ، وأطولُ بقاءً في الذاكرة ، وذلك بسبب الوزن والقافية ، والإيجاز الذي تتصف به هذه المنظومات . ومن آثار الالتزام بالوزن والقافية : أن قواعد العلوم لا تُذكر في المنظومات غالبًا بصيغها المعهودة ، والمتداولة بين أهلِ الاختصاص ، وهي صيغ دقيقة ، وعبارات مُحْكمة في الغالب . "ومن آثار هذا أيضًا عدم الالتزام أحيانًا بقواعد اللغة العربية ، وذلك لضبط الوزن ، وهذا متعارف عليه بين الناظمين ومعفو عنه ، ولكن ينبه عليه " . " تصرف " القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . وتتابعت المصنفات جيلاً بعد جيل ، ورعيلاً بعد رعيل . وكان آخر ما أُلِّف في ذلك : " منظومة القواعد الفقهية " للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ . ضمَّنها طائفة من مختاراته في القواعد والضوابط . وقد احتوت على أمهات قواعد الدين ، وهي وإن كانت قليلة الألفاظ ، فهي كثيرة المعاني لمن تأملها ، ومن ثَمَّ كانت عناية المتأخرين بهذا النظم دراسة وحفظًا وتفهُّما وضبطًا . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 9 / بتصرف . ◀التعريف بالنَّظْمِ المختار : هي منظومة موجزة تتكون من 47 بيتًا على بحر الرَّجَزِ ، ولم يقصد الناظم فيها التوسع والتفصيل ، وإنما أراد الإيجاز والتسهيل لتكون مقدمة لهذا العلم ، وسلمًا يرتقي به الطالبُ إلى ما فوقه من المتون المتوسطة والمطولة ، ومِفتاحًا يفتح به بعض خزائن هذا العلم . والمنظومة تمثلُ جملةً من اختبارات الناظم ، ومعلوماته ، التي لا ترتبط بكتات معينٍ ، فهو لم يحاول نظم متن مخصوصٍ . وقد ذكر فيها جملة من القواعد الفقهية ـ وهي غالب المنظومة ـ وبعض الضوابط الفقهية ، كقولهم " يجب الضمان مع الإتلاف " ، وبعض القواعد الأصولية مثل " الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا " ، وبعض المسائل الفقهية وهي قليلة سنشير إليها في موضعها . وقد أطال رحمه الله في المقدمة قليلاً ، فإنها مكونةٌ من عشرة أبيات في فضل العلم النافع وضابطه وأهمية القواعد وثمراتها ، وهذه العشرة تُعدُّ طويلةً إذا نظرنا إلى عدد أبيات المنظومة ، وإذا أخرجنا الخاتمة ـ وهي بيتان ـ فالباقي 35 بيتًا في القواعد . وضيق المجال في الشعر أوقعه في بعض التساهلات اللغوية . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . لما سبق سنعرض النظم المختار ، ثم التعريف بالناظم . ثم نشرع في شرح وتوضيح قواعد النظم . ◀منظومة القواعد الفقهية للشيخ عبد الرحمن بن نَاصِر السعدي 1 ـ الحمدُ للهِ العليّ الأَرفقِِ*****وجامعِ الأشياءِ والمفرِّقِِ 2 ـ ذي النِّعَمِ الواسعةِ الغزيرةْ ***** والحِكَمِ الباهرةِ الكثيرةْ 3 ـ ثم الصلاةُ مَعْ سلامٍ دائمِ ***** على الرسولِ القُرَشِيِّ الخَاتِمِ 4 ـ وآلهِ وصحبهِ الأبرارِ ***** الحَائِزِي مراتبَ الفَخارِ 5 ـ اعلَم ـ هُدِيتَ ـ أَنَّ أفضلَ المِنَنْ ****عِلمٌ يُزيلُ الشَّكَ عَنْكَ والدَّرنْ 6 ـ وَيكْشِفُ الحقَّ لذي القلوبِ ***** وَيُوصِلُ العَبْدَ إلى المَطْلوبِ 7 ـ فَاحْرِصْ عَلى فَهمكَ للقواعِدِ *****جَامِعةِ المسائلِ الشوارِدِ 8 ـ فَتَرْتَقي في العِلْمِ خَيرَ مُرْتَقَى ***** وَتَقْتَفِي سُبْلَ الذي قَدْ وُفِّقا 9 ـ هَذِهِ قَوَاعدٌ نَظَمْتُها ***** مِن كُتْبِ أهلِ العِلْمِ قدْ حصَّلتُها 10 ـ جَزاهُم المَوْلى عَظِيمَ الأَجْرِ *****والعَفوَ مَعْ غُفْرانِه والبِرِّ 11 ـ النيةُ شَرْطٌ لِسَائرِ العَمَلْ *****بِها الصَلاَحُ والفَسادُ للِعَمَلْ 12 ـ الدِّينُ مَبْنيٌّ على المَصَالحِ ***** في جَلْبِهَا والدَّرْءِ للقَبَائِحِ 13 ـ فَإِنْ تَزَاحمْ عَدَدُ المَصَالِحِ ***** يُقدَّمُ الأَعلى مِنَ المَصَالِحِ 14 ـ وَضِدُّهُ تَزَاحُمُ المَفَاسِدِ ***** يُرتَكَبُ الأَدْنَى مِنَ المَفَاسِدِ 15 ـ وَمِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ التَّيْسِيرُ *****في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ تَعْسِيرُ 16 ـ وَلَيْسَ وَاجِبٌ بِلاَ اقْتِدَارِ ***** وَلاَ مُحَرَّمٌ مَعَ اضْطِرارِ 17ـ وَكُلُّ مَحْظُورٍ مَعَ الضَّرُورَةْ *****بِقَدْرِ ما تَحْتَاجُهُ الضَّرُورَةْ 18ـ وَتَرْجِعُ الأَحْكَامُ لليَقِينِ *****فَلاَ يُزِيلُ الشَّكُّ لليَقِيِنِ 19 ـ والأَصْلُ فِي مِيَاهِنَا الطَّهَارَةُ *****والأَرْضِ والثِّيَابِ والحجارةِ 20ـ والأَصْلُ فِي الأَبْضَاعِ واللحومِ ***** والنَّفْسِ والأموالِ للمَعْصُومِ 21 ـ تَحْريمُها حَتى يَجيءَ الحِلُّ *****فَافْهَمْ هَدَاكَ اللهُ ما يُمَلُّ 22ـ والأَصْلُ في عَادَاتِنَا الإِباحَةْ *****حَتى يَجِيءَ صَارِفُ الإِباحَةْ 23ـ وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمورْ ***** غَيرُ الذي فِي شَـرْعِنَا مَذْكُورْ 24 ـ وَسَائِلُ الأُمورِ كَالمَقَاصِدِ *****وَاحْكُم بِهذا الحُكْمِ للزَّوَائِدِ 25 ـ والخَطَأ والإِكْرَاهُ والنِّسيانُ ***** أَسقَطَهُ مَعْبُودُنا الرَّحمنُ 26ـ لَكِنْ مَعَ الإِتْلاَفِ يَثْبُتُ البدَلْ *****وَيَنْتَفِي التَأثِيمُ عَنْهُ وَالزَّلَل 27 ـ وَمِنْ مَسَائِلِ الأَحْكَامِ في التَّبَعْ ***** يَثْبتُ لاَ إِذَا اسْتَقَلَّ فَوَقعْ 28 ـ والعُرْفُ مَعْمُولٌ بِهِ إِذَا وَرَدْ *****حُكْمٌ مِنَ الشَّرعِ الشَّريِِفِ لَمْ يُحَدْ 29 ـ مُعَاجِلُ الْمَحْظُورِ قُبلَ آنِهِ *****قَدْ بَاءَ بِالخُسْرَانِ مَعْ حِرْمَانِهِ 30 ـ وَإِنْ أَتى التَّحْرِيمُ فِي نَفْسِ العَمَلْ ***** أَو شرطِهِ ، فَذُو فَسَادٍ وخَلَلْ 31 ـ وَمُتْلفُ مُؤْذِيهِ لَيْسَ يَضْمَنُ ***** بَعْدَ الدِّفاعِ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ 32 ـ " وأَل " تًُفِيدُ الكُلَّ فِي العُمُومِ *****فِي الجَّمْعِ والإِفْرَادِ كَالعَلِيمِ 33 ـ والنَّكِراتُ فِي سِيَاقِ النَّفْي ***** تُعْطِي العُمُومَ أَوْ سِياقِِ النَّهْي 34 ـ كَذَاكَ " مَنْ " و " مَا " تُفِيدَانِ مَعَا *****كُلَّ العُمُومِ يَا أُخَيَّ فاسْمَعَا 35 ـ وَمِثْلُهُ المُفْرَدُ إِذْ يُضافُ *****فَافهم هُدِِيتَ الرُّشدَ مَا يُضَافُ 36 ـ ولاَ يَتِمُّ الحُكْمُ حَتَّى تَجْتَمِعْ *****كُلُّ الشُّرُوطِ والمَوَانِعْ تَرْتَفِعْ 37 ـ ومَنْ أَتى بِما عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ ***** قَدِ استَحَقَ مَالَهُ عَلى العَمَلْ 38 ـ وَكُلُّ حُكْمٍ دَائِرٌ معْ عِلَّتِهْ *****وَهِيَ التي قَدْ أَوْجَبَتْ لِشِرْعَتِهْ 39 ـ وَكُلُّ شَرْطٍ لاَزمٌ لِلعَاقِدِ *****في البَيْعِ وَالنِّكاحِ والمَقَاصِدِ 40 ـ إِلاَّ شُرُوطًا حَلَّلَت مُحرَّما *****أو عَكْسَهُ فَبَاطِلاَتٌ فَاْعلَمَا 41 ـ تُسْتَعْمَلُ القُرْعَةُ عِنْدَ المُبهَمِ ***** مِنَ الحُقُوقِ أَو لَدَى التَّزاحُمِ 42 ـ وإِنْ تَسَاوى العَمَلانِ اجْتَمَعَا *****وَفُعلَ أَحَدُهمَا فَاسْتَمِعَا 43 ـ وَكُلُّ مَشْغُولٍ فَلاَ يُشَغَّلُ *****مِثَالُهُ المَرْهُونُ والمُسَبّلُ 44 ـ وَمَنْ يُؤَدِّ عَنْ أَخِيهِ وَاجِبا ***** لَهُ الرُّجُوعُ إِنْ نَوَى يُطالِبَا 45 ـ والوَازِعُ الطَّبْعِي عَنِ العِصْيَانِ *****كَالوَازِعِ الشَّرْعِي بِلاَ نُكْرَانِ
46 ـ وَالحَمّدُ للهِ عَلَى التَّمامِ ***** فِي البِدْءِ وَالخِتامِ والدَّوامِ 47 ـ ثُمَّ الصَّلاةُ مَعْ سَلاَمٍ شَائِعِ *****عَلَى النَّبىِّ وَصَحْبِهِ وَالَّتابِعِ |
#5
|
||||
|
||||
◀التعريف بالناظم ولد في بلدة عُنَيزة في القصيم بالمملكة العربية السعودية ، في الثاني عشر من المحرم سنة سبع وثلاثمائة وألف - 1307 - من الهجرة النبوية . وقد توفيت أمه وله أربع سنوات ، وتوفي أبوه وله سبع سنين ، فعاش يتيم الأبوين ، ولكنه نشأ نشأة حسنة ، وكان قد استرعى الأنظار منذ حداثة سِنه بذكائه ورغبته الشديدة في العلوم . عني " أبوه " بتربيته تربية صالحة ، ولما عاجلته المنية في سن مبكر من حياة الابن ، كفلته " زوجة أبيه " وآثرته بالعناية والرعاية والمحبة أكثر من أبنائها . ولما شب صار في بيت أخيه الأكبر " حمد بن ناصر " الذي أوصاه أبوه به . وكان " حمد " رجلاً صالحًا ومن حملة القرآن ، فنشأ " عبد الرحمن " نشأة صالحة كريمة . وقد قرأ القرآن بعد وفاة والده ثم حفظه عن ظهر قلب ، وأتقنه وعمره أحد عشر سنة . وقد أخذ العلم عن شيوخ كثيرين من أجلاء علماء نجد ، أكثرهم من " عُنيزة " و " بُريدة " ،فاجتهد وجَدَّ حتى نال الحظ الأوفر من كل فن من فنون العلم ، ولما بلغ من العمر ثلاثا وعشرين سنة جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلِّم ، ويقضي جميع أوقاته في ذلك ، حتى أنه في عام ألف وثلاثمائة وخمسين صار التدريس ببلده راجعًا إليه ومعمول جمع الطلبة في التعليم عليه . ومن مشايخه الشيخ محمد الشنقيطي ... . وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم . كما خلف ـ رحمه الله ـ تلاميذ نجباء ، أشهرهم العلامة " محمد بن صالح العثيمين " ـ رحمه الله ـ . وفضيلة الشيخ العلامة " عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام " ـ حفظه الله ـ . * عقيدة الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ هي عقيدة السلف الصالح . * فقهه ـ رحمه الله ـ : فقد كان في بداية الطلب متمسكًا بمذهب الإمام أحمد تبعا لمشايخه ، ثم مال إلى الترجيح (1) وترك التقليد . اللآلئ والدرر السَّعديَّة / ص : 9 / بتصرف . ( 1 ) إلى الترجيح : أي إلى دراسة الأدلة والترجيح بينها . ـ وضع الشيخ السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ على نظمه شرحًا لطيفا ، فرغ منه ي الثامن عشر من ذي القَعْدة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف 1331 ، وعمره حينئذ لم يتجاوز الرابعة والعشرين . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 27 . مقدمة المرتقى الذلول إلى نفائس علم الأصول / السعدي / ص : 9 . القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 17 . قبل وفاته بخمس سنوات أصيب ـ رحمه الله ـ بضغط الدم وتصلب الشرايين ، وكان يعاوده مرة بعد أخرى وهو صابر عليه ولم يمنعه ذلك من مواصلة نشاطه في التعليم والإمامة والخطابة والتأليف ، وقد اهتم أولو الأمر بالمملكة بعلاجه ، وأذنوا بسفره إلى خارج البلاد للعلاج ، وفي آخر أيامه ـ رحمه الله ـ أصيب بنزيف في المخ فأرسَلَ الملك فيصل ـ حيث كان وليّا للعهد ـ طائرة خاصة فيها أطباء مَهَرَة ، فسبقها الأجل المحتوم حيث تلقى طاقم الطائرة نبأ وفاته وهم في الجو ، وذلك في فجر يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الآخرة عام ستة وسبعين وثلاثمائة وألف عن تسع وستين سنة . أجزل الله له المثوبة ، ورحمه الله رحمة واسعة ، وقد رثاه غير واحد من الفضلاء بقصائد مبكية . وبموته فقد العالم الإسلامي عالمًا كبيرًا ومربيًا فاضلاً . اللآلئ والدرر السَّعديَّة / ص : 9 / بتصرف . * * * * * |
#6
|
||||
|
||||
◀شرح منظومة القواعد الفقهية 1ـ الحمدُ للهِ العليّ الأَرفقِ وجامعِ الأشياءِ والمفرِّقِ الحمدُ : هو الثناء . وقد بدأ النظم بالحمدلة : اتباعًا للقرآن ، فقد بدأ الله تعالى كتابه بسورة الحمد ـ الفاتحة ـ . وعملاً بالسنة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يفتتح مواعظه وخطبه بالحمدلة كما يؤخذ من مجموع الروايات ـ ( خطبة الحاجة ) ـ . ويقوم مقام الحمدلة كل ما فيه ثناء لله تعالى ، كالبسملة ( 1 ) ونحوها . ( 1 ) بسم الله الرحمن الرحيم : " بسم الله " ؛ أي أبتدئ بكل اسم لله تعالى ، لأن لفظ " اسم " مفرد مضاف ، فيعم جميع الأسماء الحسنى . " الله " : هو المألوه المعبود ، المستحق لإفراده بالعبادة ، لما اتصف به من صفات الألوهية ، وهي صفات الكمال . " الرحمن الرحيم " : اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء ... تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / للسعدي / ص : 21 . تفسير الفاتحة . [ فقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يبدأ رسائله وكتبه بالبسملة بدون حمد ، فيقول : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى ... ؛ إلى قيصر عظيم الروم ونحوه . فإذا كان هناك مؤلف وكتاب ، فإن كثيرًا من أهل العلم رأوا أنه يبدأ به ـ أي بالكتاب ـ بالأمرين معًا : البسملة وحمد الله تعالى ، وأخذوا هذا من أنه يجمع الأمرين معًا ، كونه رسالة مكتوبة ، وكونه خطبة ، لأنه سيقرأ بعد ذلك قالوا : وفيه اقتداء بكتاب الله ـ عز وجل ـ فإنه بدأ بالبسملة ، ثم حمده سبحانه ] . القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف . ويُراد بالحمد : * وصف المحمود بالوصف الجميل مع محبته وتعظيمه . [ فهو الثناء على الله بصفات الكمال ، وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل ، فله الحمد الكامل بجميع الوجوه ] . تفسير السعدي . * وهو سبحانه يُحمد حمدًا مطلقًا ، أي حمد استحقاق ، لأنه يستحق الحمد لذاته . الأف واللام في " الحمد " : للاستغراق ، أي استغراق جميع أنواع المحامد . الله : هو المألوه ، المعبود المستحق لإفراده بالعبادة ، ِلمَا اتصف به من صفات الألوهية ، وهي صفات الكمال . ولفظ الجلالة أعرف من أن يُعرَّف ، وهو أصل لجميع الأسماء الحسنى واللام في " الله " : للجنس المفيدة للاستغراق ، فالمستحق للحمد المطق هو الله عز وجل ، والمختص به هو الله تعالى . ولهذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أصابته السراء قال" الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات " ، وإن أصابته ضراء قال " الحمد لله على كل حال " . القواعد الفقهية ... / شرح : د.خالد الصقعبي / بتصرف . * فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا رأى ما يحبُّ قال : " الحمد لله الذي بنعمته تتمُ الصالحاتُ " ، وإذا رأى ما يكره قال : " الحمد لله على كل حال " . سنن ابن ماجه / ( المجلد الواحد ) / تحقيق الشيخ الألباني / ( 33 ) ـ كتاب : الأدب / ( 55 ) ـ باب :فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حديث حسن . ـ الفرق بين الحمد والشكر : الحمد متعلق بالنعمة والمصيبة ، أما الشكر فعلى النعمة فقط لذا كان صلى الله عليه وسلم يحمد الله على كل حال . * فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا رأى ما يُحب قال : " الحمد لله الذي بنعمته تتُم الصالحات " ، وإذا رأى ما يكره قال : " الحمد لله على كل حال " . سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : الدعاء /( 55 ) ـ باب : فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حسن . ـ الفرق بين الحمد والمدح : الحمد والمدح كلاهما فيه ذِكر للمحمود في صفة الكمال ، أما الفرق فهو أن الإخبار عن محاسن الغير إما أن يكون إخبارًا مجردًا من حب وإرادة فهذا مدح ، وإن كان مقرونًا بهما فهو حمد . العليّ : الذي له العلوّ التام المطلق من جميع الوجوه ، فيشمل علوّ الذات : بمعنى أنه مستوٍ على عرشه عالٍ على خلقه ، ويشمل علوّ القهر : بمعنى أن كل شيء تحت سلطانه وقدرته ، فهو الذي قهر الأشياء بجلاله وعظمته . وقد جمع بينهما-أي بين العلو والقهر- في قوله تعالى " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ" .سورة الأنعام / آية : 18 . ويشمل : علو القدر والمكانة والشأن : قال تعالى " وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ".سورة الأنعام / آية : 91 . والعلي من أسماء الله الحسنى ، كما قال تعالى : " وَهُوَ الْعَليُّ الْعَظِيمُ " .سورة البقرة / آية : 255 . الأَرفقِ : على وزن أفعل ، وهو أفعل تفضيل ، ولكن ليس على بابه هنا ؛ لأن أفعل التفضيل دليل على أن شيئين أو أشياء اشتركت في صفة وزاد أحدهما على الآخر ، وإذا قلنا شيئين أحدهما وليس أفعل ها هنا وفي هذا الباب قاطبة ـ مثل الله الأكرم ، الله الأعلم ـ ليس مرادًا به تفاضل أحد الشريكين على الآخر في هذه الصفة ؛ لأن الله لا يشبهه شيء فضلاً على أن يزيد عليه شيء ، فهنا أرفق بمعنى الرفيق كقوله تعالى " هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ " .سورة النجم / آية : 32 . أي عليم بكم ، وكقوله "هوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ " . سورة الروم / آية : 27 . أي هَيِّن ، لأن الله ليس عنده شيء أهون من شيء ، كل الأشياء عنده واحدة سبحانه وتعالى ، فيستوي في جانب عظيم قدرته الخردلة والسماء . معنى الرفق : اللين مع حسن السياسة ، ولا نصف الله باللين والسياسة لكن هذا من الناحية اللغوية . القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف . الأَرفقِ : أي الرفيق في أفعاله ، فأفعاله كلها رفق ، على غاية المصالح والحكمة ، والرفق صفة ثابتة لله عز وجل . القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . * فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال : " يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه " . صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب / ( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /حديث رقم : 77 ـ ( 2593 ) / ص : 661 . وقد أظهر سبحانه لعباده من آثار رفقه ما يستدلون به على كماله وكمال حكمته ورفقه ، كما في خلقه السموات والأرض وما بينهما في ستة أيّامٍ ، مع أنه قادر على أن يخلقها في لحظة ، وكذلك خلقه الإنسان والحيوانات والنبات ، على اختلاف أنواعه ، يخلقها شيئًا فشيئًا ، حتى تنتهي وتكمل ، مع قدرته على تكميلها في لحظة ، ولكنه رفيق حكيم ، فمن رفقه وحكمته تطويرها في هذه الأطوار ، فلا تَنافي بين قدرته وحكمته ، كما أنه يقدرعلى هداية الضالين ، ولكن حكمته اقتضت إبقاءَهم على ضلالهم عدلاً منه تعالى ، ليس ظلمًا ، لأن إعطاء الإيمان والهدى محض فضله ، فإذا منعه أحدًا لم يُعَد ظلمًا ، لا سيّما إذا كان المحلّ غير قابلٍ للنعم ، فكل صفة من صفاته تعالى لها أثر في الخلق والأمر ، ولا ينافي بعضها بعضًا ، ومَن فَهِم هذا الأصل العظيم انحلت عنه إشكالات كثيرة في معرفة أسماءِ الله وصفاته ، ونَزَّل كل اسم من أسماءِ الله في محله اللائق به . " جامع الأشياء والمفرق " : يعني أنه سبحانه يجمع بين الأشياء في بعض المعاني والصفات ، ويفرق بينها في البعض الآخر ، فجمع الأشياء في شيء ، وفرّقها في شيء آخر ، كما جَمَعَ بين خلقه في كونه خلقهم ، وَرَزَقهم ، وفرّق بينهم في الأشكال والصور ، والطول والقِصر ، والسواد والبياض ، وغير ذلك من الصفات . والناس يشتركون في أصل الرزق ، فكل مخلوق مرزوق ، قال تعالى " وَما مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا "} . سورة هود / آية : 6 . ولكنهم يتفاوتون في مقدار الرزق ونوعه على حسب الحكمة الإلهية ، كما قال سبحانه " وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ " .سورة الشورى / آية : 27 . وكل هذا صادر عن كمال قدرته وحكمته ، ووضعه الأشياءَ مواضعها اللائقة بها . رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف . وإطلاق هذا اللفظ أعني " وجامع الأشياء والمفرق "ـ على الله تعالى من باب الإخبار ، وليس من باب التسمية ، فيصح الإخبار عن الله تعالى بكل ما صح من حيث المعنى ، ولكن لا يُسمى إلا بما سمى به نفسه . القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . o لطيفة نحوية : " وجامعِ" هكذا بالجر عطفًا على ( الأرفقِ ) 0. ويجوز الرفع ( ... وجامعُ ) على الرفع خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره هو ، ( وهو جامع الأشياء والمفرق ) . منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري . س : ما علاقة هذه المقدمة بموضوع المنظومة ؟ ج : كأنه رحمه الله يقول : إذا كان ربُّك عليًّا ورفيقًا ، فمعناه أنك لن تنال الفهم في دينه ، إلا بأن تستعين به سبحانه لأنه هو العلي ، وأن تكون رفيقًا ، كما يحبه لنفسه ، وكما يحبه لعباده . فهذا الدين متين ، ويحتاج إلى أن يوغِلَ الإنسانُ فيه برفق ، مع التنبيه علي ضعف الحديث الوارد " إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق " . فالحديث ضعيف ، ولكن المعنى صحيح (1) وموافق لقواعد الشريعة فمما صح بهذا المعنى : * عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " إن هذا الدينَ يُسرٌ ، ولن يُشاد الدينَ أحدٌ إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ، وأبشروا ويسروا ، واستعينوا بالغدوةِ والرَّوْحَةِ ؛ وشيءٍ من الدَّلْجَةِ " . سنن النسائي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 47 ) ـ كتاب : الإيمان وشرائعه / ( 28 ) ـ باب : الدين يسر / حديث رقم : 5034 / ص : 764 / صحيح . ( 1 ) ليس معنى صحة المعنى أنه يصلح للاستشهاد به ، بل لابد من توافر صحة المعنى وصحة النسبة للرسول صلى الله عليه وسلم . * عن عائشة ، زوج النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عـن النبي ـ لى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال : " إن الرفقَ لا يكونُ في شيء إلاَّ زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه " . صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب / ( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /حديث رقم : 78 ـ ( 2594 ) / ص : 661 . وتعبير الناظم بقوله : ( وجامع الأشياء والمفرق ) ، فيه براعة استهلال كما يسميه البلاغيون ، والمراد بها : دلالة مطلع الكلام على مضمونه ، فهذا التعبير يدل على أن هذا النظم في القواعد التي من شأنها الجمع لكثر من الفروع ، والتفريق بين بعضها . رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف . وشرحها للدكتور / مصطفى كرامة مخدوم . |
|
|