|
#1
|
||||
|
||||
حكم إلقاء السلام على الحضور في مجلس العلم ومقاطعة المتحدث
حكم إلقاء السلام على الحضور في مجلس العلم ومقاطعة المتحدث
السؤال: أذكر قديمًا عندما كنت طالبا في الثانوية أن طالبًا دخل على معلم اللغة العربية وكان الطالب متأخرًا عن الحصة ودخل بعد بدء المعلم بشرح الدرس ، فدخل الطالب وألقى السلام بصوت عالٍ عند دخوله ، فغضب المعلم وقال بأن هذا التصرف -وهو إلقاء السلام حين الشروع في الشرح- ليس من آداب طلب العلم وإذا دخلت مرة أخرى والمعلم يشرح اجلس مكانك ولا تقاطعنا بإلقاء السلام .. فما حكم هذا القول وهل يصح ؟ الجواب : الحمد لله شرع الله تعالى لعباده المسلمين السلام تحية بينهم ، وهو تحية أهل الجنة ، بثا للمودة والمحبة في قلوبهم ، وروى مسلم (54) في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ" . قال النووي رحمه الله : " فِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ; مَنْ عَرَفْت , وَمَنْ لَمْ تَعْرِف , كَمَا فِي الْحَدِيث الْآخَر . وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف , وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة . وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ , وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل , مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس , وَلُزُوم التَّوَاضُع , وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ " انتهى . ولمزيد الفائدة عن فضل السلام وإفشائه ، راجع إجابة السؤال رقم : (4596) . والأمر بإفشاء السلام يقتضي بعمومه : استحبابه في كل موطن ، إلا ما دل الدليل على خلافه. وقد اختلف العلماء في استحباب إلقاء السلام لمن دخل إلى مجلس علم ، فذكر ابن جماعة في كتابه "تذكرة السامع" (ص 146) عن بعض العلماء أن مجالس العلم من المواضع التي لا يُسلم فيها ، ولكن اختار ابن جماعة أنه يسلم فيها ، وأن هذا جرى عليه العرف والعمل . وقال الخطيب البغدادي رحمه الله : " إذا دخل الطالب على الراوي فوجد عنده جماعة فيجب أن يعمهم بالسلام " انتهى . "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/171) . وروى الخطيب عن الحسن رحمه الله قال : " تجب للعالم ثلاث خصال : تخصه بالتحية ، وتعمه بالسلام مع الجماعة ، ولا تقل يا فلان ، تقول يا أبو فلان ، وإذا قرأ فملّ لا تضجره ". "الجامع" (2 / 72) . وذهب جماعة من أهل العلم إلى كراهة إلقاء السلام على مجالس العلم والتحديث ؛ لما قد يحصل بسبب ذلك من تشويش ، وخاصة للمستملي والكاتب ، فقد يحصل بسبب التشويش تصحيف أو غلط في الكتابة أو السماع ونحو ذلك . قال العلامة السفاريني رحمه الله : " يُكْرَهُ السَّلامُ عَلَى جَمَاعَةٍ , مِنْهُمْ : ... وَعَلَى تَالٍ , وَذَاكِرٍ , وَمُلَبٍّ , وَمُحَدِّثٍ , وَخَطِيبٍ , وَوَاعِظٍ , وَعَلَى مُسْتَمِعٍ لَهُمْ ، وَمُكَرِّرِ فِقْهٍ , وَمُدَرِّسٍ , وَبَاحِثٍ فِي عِلْمٍ , وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ , وَمَنْ عَلَى حَاجَتِهِ , وَمُتَمَتِّعٍ بِأَهْلِهِ , أَوْ مُشْتَغِلٍ بِالْقَضَاءِ , وَنَحْوِهِمْ" انتهى . "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (1 / 217) وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا دخل إنسان مجلس علم أو عطس في مجلس العلم نفسه هل يلقي السلام بصوت مرتفع أو يحمد الله بصوت مرتفع أم بصوت منخفض ؟ فأجاب : " إذا كان يشوش على الحاضرين فلا يرفع صوته ، يجلس وإذا انتهى المجلس يسلم ، وإن كان لا يشوش بمعنى : أن الناس اعتادوا هذا ، وأنه إذا سلم رد عليه أحدهم فلا بأس . وكذلك العطاس لا أرى أن يحرج القوم فيحمد الله برفع صوته ؛ لأنه سيحرجهم ، إن قلنا : بأن تشميت العاطس فرض عين معناه : كل الناس ـ ألف نفر مثلاً يستمعون ـ كلهم يقولون: - إذا قلنا إنه فرض عين - يرحمك الله ، ألف صوت ، وهذا محرج ومسبب لتشويش المجلس، يحمد الله خفية ، ويثيبه الله عز وجل على حمده " انتهى . والخلاصة : لا بأس بإلقاء السلام على أهل مجالس العلم عند القدوم عليهم ، إذا لم يؤد ذلك إلى التشويش عليهم ؛ فإن دخول أكثر من شخص ، ورفع صوتهم بالسلام مما قد يشغل المدرس والطالب ، وخاصة أن الطلبة يتوافدون إلى مجالس العلم تباعًا . وإذا كان المدرس أو الشيخ يرى عدم مشروعية إلقاء السلام في مجلسه لهذه العلة ونحوها فينبغي للطالب ألا يخالف أستاذه في هذا ، ؛ لأن المجلس مجلسه ، وهو أعلم بحال نفسه وحال طلبته وتلاميذه ، فقد يشغله كثرة السلام عليه وعلى الحضور ، فيقل تركيزه ، ويعرضه للخطأ، وخاصةً : أن له في ذلك سلفًا من العلماء المتقدمين القائلين بالمنع من إلقاء السلام في هذه الحالة . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب*
|
#2
|
||||
|
||||
إلقاء السلام سنة عند جمهور العلماء، وهو سنة عين على المنفرد، وسنة كفاية على الجماعة، والأفضل السلام من جميعهم لتحصيل الأجر، وأما رد السلام ففرض بالإجماع.
قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما جواب السلام فهو فرض بالإجماع، فإن كان السلام على واحد، فالجواب: فرض عين في حقه، وإن كان على جميع فهو فرض كفاية، فإذا أجاب واحد منهم أجزأ عنهم، وسقط الحرج عن جميعهم، وإن أجابوا كلهم كانوا كلهم مؤدين للفرض، سواء ردوا معاً أو متعاقبين، فلو لم يجبه أحد منهم أثموا كلهم، ولو رد غير الذين سلم عليهم لم يسقط الفرض والحرج عن الباقين. وقال أيضًا: قال أصحابنا: يشترط في ابتداء السلام وجوابه رفع الصوت بحيث يحصل الاستماع، وينبغي أن يرفع صوته رفعًا يسمعه المسلَّم عليهم، والمردود عليهم سماعا محققًا، ولا يزيد في رفعه على ذلك، فإن شك في سماعهم زاد واستظهر. انتهى وقد دل على استحباب إلقاء السلام قوله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم. ودل على وجود الرد قوله تعالى"وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا "النساء:86. فأمر بالرد بمثلها أو بأحسن منها، والأصل في الأمر أن يكون للوجوب ما لم يوجد صارف إلى الندب ولا صارف هنا. ولا شك أن ابتداء السلام مأمور به كذلك، لكن حمل الجمهور الأمر فيه للندب، وأخذ الحنفية بظاهره فأوجبوا إلقاء السلام، وهو قول للمالكية والمشهور عنهم موافقتهم للجمهور. وهذا الذي ذكرناه هنا هو في السلام الواقع بين الرجال، وأما سلام الرجل على المرأة أو العكس فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 6158. والله أعلم.هنا-
__________________
|
|
|