العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الحديث وعلومه > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-04-2023, 02:06 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
Post فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ

تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وما في بَيْتي مِن شيءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ في رَفٍّ لِي، فأكَلْتُ منه حتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين
المحدث :البخاري
المصدر :صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3097
خلاصة حكم المحدث : صحيح.

الشرح: كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدعو رَبَّه أنْ يَجعَلَ رِزقَه ورِزقَ أهْلِه كَفافًا، وهو ما يَكْفي الإنسانَ ويُغنِيه عنِ سُؤالِ النَّاسِ، وكانت زَوجاتُه وأهلُ بَيتِه مُحتَسِباتٍ ضِيقَ العَيشِ، يَرجُونَ نَعيمًا لا يَنقَطِعُ في دارِ الخُلدِ والجَزاءِ.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أُمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ ماتَ لم يَكُنْ عِندَها طَعامٌ يَأكُلُه ذو كَبِدٍ، أي: كائِنٌ حَيٌّ، إلَّا بَعضَ الشَّعيرِ، وكانت تَضَعُه في رَفٍّ في حُجرَتِها، فكانت تَأكُلُ منه حتَّى طالَتْ مُدَّةُ أكْلِها منه وهو لا يَفنَى، فكالَتْه، أي: وَزَنَتْه وعَرَفتْ مِقدارَه، فعِندَها فَنيَ وانتَهى، فكانَتِ البَرَكةُ فيه مِن أجْلِ جَهْلِها بكَيْلِه، وكانت تَظُنُّ في كُلِّ يَومٍ أنَّه سيَفْنى؛ لِقِلَّةٍ كانت تَتوَهَّمُها فيه؛ فلِذلك طالَ عليها، فلَمَّا كالَتْه عَلِمتْ مُدَّةَ بَقائِه، ففَنيَ عِندَ تَمامِ ذلك الأمَدِ، وقدْ يَكونُ الأمْرُ مُرتَبِطًا ببَرَكةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما كان عِندَها، فلَمَّا كالَتْه رُفِعتْ تلك البَرَكةُ، وفي الصَّحيحَينِ عن أسماءَ بِنتِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لها"لا تُوعِي فيُوعِي اللهُ عليكِ"، ومعناهُ: لا تُقدِّري الأشياءَ؛ فإنَّ اللهَ يُوعِي عليكِ، أي: أنَّه يُعامِلُك بحسَبِ ما تُقدِّرين، وعليه: فإذا جَعَلَ الإنسانُ الشَّيءَ مَوكولًا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وأكَلَ منه حتَّى يَفْنى، يكونُ هذا أبْرَكَ له.
وفي الحَديثِ: تَغليبُ التَّوَكُّلِ على اللهِ في جَميعِ الأُمورِ.
وفيه: دَليلٌ على أنَّ الإنسانَ إذا كال الشَّيءَ، وصار يُلاحِظُ هلْ نَقَصَ؟ هلْ زاد؟ فإنَّ بَرَكَتَه تُنزَعُ. الدرر السنية.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-04-2023, 03:49 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
Post

هل يعد حساب المصروفات الشهرية بدقة سببا في نقصان البركة ؟

السؤال

كثير من الناس يقوم بعمل حسابات دقيقة لمصروفاته الشهرية - عن طريق برنامج الإكسل مثلا أو على الورق - ، ويريدون بذلك التقليل من المصاريف ، فهل مثل هذا العمل فيه شيء خاطئ كترتب نقصان البركة ؟ ؛ لأني سمعت قصة عن السيدة عائشة أنها كان لديها قدر غير معلوم من الدقيق - أو طعام آخر - تأخذ منه باستمرار ، ولا ينفد، فلما وزنته نفد ، فهل هذا مثل هذا؟
الجواب
الحمد لله.

لا حرج فيما يفعله المرء من مراعاة دخله ، وما يحتاجه من نفقات ، وتقسيم ذلك بحسب حاله ، فتدبير المعيشة أمر مهم ، حتى لا يتورط المرء فيما لا قبل له به ، ولا يقع في طرفي الإفراط بإنفاق الزائد ، أو التفريط بترك الواجب عليه من نفقة أهله وعياله ، وقد كان يمكنه ألا يقصر في ذلك بشيء من التدبير والتنظيم ؛ وقد قيل : " الْكَمَالُ فِي ثَلَاثَةٍ: الْعِفَّةُ فِي الدِّينِ، وَالصَّبْرُ عَلَى النَّوَائِبِ، وَحُسْنُ التَّدْبِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ. وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: فُلَانٌ غَنِيٌّ. فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ مَا لَمْ أَعْرِفْ تَدْبِيرَهُ فِي مَالِهِ " انتهى من "أدب الدنيا والدين" للماوردي(329) .
وقيل أيضا " وحسن التدبير مع الكفاف خير من الكثير مع الاسراف والاقتصاد يثمر القليل والإسراف يبير[ أي:يهلك ] الكثير " انتهى من "البيان والتبيين" للجاحظ (2/76).

وأما ما أشار إليه السائل من خبر عائشة رضي الله عنها فهو ما رواه البخاري (3097) ومسلم (2973) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ " .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
" كالت عائشة الطعام ناظرة إلى مقتضى العادة ، غير متلمحة في تلك الحالة منحة البركة ، فردت إلى مقتضى العادة ، كما ردت زمزم إلى عادة البئار حين جمعت هاجر ماءها " انتهى من "كشف المشكل" (ص 1210) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" حَدِيث عَائِشَة مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَالَتْهُ لِلِاخْتِبَارِ فَلِذَلِكَ دَخَلَهُ النَّقْص , وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ أَبِي رَافِع لَمَّا قَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّالِثَة " نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ , قَالَ وَهَلْ لِلشَّاةِ إِلَّا ذِرَاعَانِ ؟ فَقَالَ : لَوْ لَمْ تَقُلْ هَذَا لَنَاوَلْتنِي مَا دُمْت أَطْلُبُ مِنْك " فَخَرَجَ مِنْ شُؤْمِ الْمُعَارَضَةِ اِنْتِزَاعُ الْبَرَكَةِ , وَيَشْهَدُ لِمَا قُلْته حَدِيث " لَا تُحْصِي فَيُحْصِي اللَّه عَلَيْك " انتهى .
ويشبهه ما رواه مسلم (2281) عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ " .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ " سَبَب رَفْع النَّمَاء مِنْ ذَلِكَ عِنْد الْعَصْر وَالْكَيْل - وَاَللَّه أَعْلَم - الِالْتِفَات بِعَيْنِ الْحِرْص ، مَعَ مُعَايَنَة إِدْرَار نِعَم اللَّه وَمَوَاهِب كَرَامَاته وَكَثْرَة بَرَكَاته , وَالْغَفْلَة عَنْ الشُّكْر عَلَيْهَا وَالثِّقَة بِاَلَّذِي وَهَبَهَا وَالْمَيْل إِلَى الْأَسْبَاب الْمُعْتَادَة عِنْد مُشَاهَدَة خَرْق الْعَادَة . وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ مَنْ رُزِقَ شَيْئًا أَوْ أُكْرِم بِكَرَامَةٍ أَوْ لُطِفَ بِهِ فِي أَمْر مَا فَالْمُتَعَيِّن عَلَيْهِ مُوَالَاة الشُّكْر وَرُؤْيَة الْمِنَّة لِلَّهِ تَعَالَى , وَلَا يُحْدِث فِي تِلْكَ الْحَالَة تَغْيِيرًا وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى من "فتح الباري" (11/281) .
والحاصل :
أن حديث عائشة هو من باب الكرامة ، بإنزال بركة زائدة عما اعتاده الناس في مثل هذا الطعام ، فلما حصل الكيل ، أو النظر إلى ما يعتاده الناس ، جرى الأمر على تلك العادة ، بسبب التفات القلب عن مقتضى البركة ، ومقام الكرامة .
وهذا أمر ينبغي أن يلاحظ فيما ذكرناه أولا من التدبير المشروع ، أن يكون التدبير والاقتصاد ، نوعا من الأخذ بأسباب المعيشة اللائقة بها ، من غير زيادة تنطع في ذلك الباب ، أو تعلق زائد للقلب بالأسباب ، بل يجعل مدار الأمر على فضل الله وبركته التي قد تخالف حسابه ، وتعلق قلبه إنما هو بربه وتدبيره لعبده ، وأن تكون ثقته بما عند الله ، فوق ثقته بما في يده ، مع ملاحظة ما قررناه أولا من مشروعية الأخذ بالأسباب ، على ما أمر به الشرع ، ومن جملتها التدبير والاقتصاد في المعيشة ، كل بحسبه .

وينظر جواب السؤال : (151362) .

والله تعالى أعلم .

المصدر: الإسلام سؤال وجواب
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:49 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر