#1
|
||||
|
||||
اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ
اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ "اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ"صحيح مسلم. الشرح: قِراءَةُ القُرآنِ فيها الخَيرُ والبَرَكةُ لمَنْ يَقرَأُ؛ فهو حبْلُ اللهِ المَوصولُ، وفيه النَّجاةُ يومَ القيامةِ، والحَصانةُ من كَيْدِ السَّحرةِ في الدُّنيا، وخاصَّةً سُورَةَ البقَرةِ وآلِ عِمرانَ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "اقرؤوا القرآنَ"، أي: اغتنِموا قِراءتَه، وداوموا عليها؛ "فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ"، أي: يتمثَّل يومَ القيامةِ بصورةٍ يراها النَّاسُ، كما يجعل اللهُ لأعمالِ العِبادِ صورةً ووزنًا؛ لِتُوضَعَ في المِيزَانِ، "شافعًا لأصحابِهِ"، أي: يَشْفَعُ لِقَارِئِيهِ، الَّذين يَقرؤونه مُتَدَبِّرِينَ له، عامِلين بما فيه، وكرَّرَ "اقرؤوا"؛ حثًّا على قراءةِ سُوَرٍ مُعَيَّنَةٍ، وتأكيدًا لِخُصُوصِيَّتِهَا في الشَّفاعةِ، "الزَّهْرَاوَيْنِ"، أي: المُنِيرَتَيْنِ، وسُمِّيَتَا الزَّهراوين؛ لِأنَّهما نُورَانِ، أو لِكَثْرَةِ أنوارِ أحكامِ الشَّرْعِ والأسماءِ الحُسنَى فيهما، ولا شكَّ أنَّ نُورَ كلامِ اللهِ أَشَدُّ وأكثرُ ضياءً، وكُلُّ سورةٍ مِنْ سُوَرِ القرآنِ زهراءُ؛ لِمَا فيها من أحكامٍ ومواعِظَ، ولِمَا فيها من شِفاءِ الصُّدورِ، وتنويرِ القلوبِ، وتكثيرِ الأَجْرِ لِقَارِئِهَا، "البقرةَ، وآلَ عِمرانَ"، أي: خُصوصًا البقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ "فإنَّهما تَأْتِيَانِ"، أي: تَحْضُرانِ، أو تتصوَّرانِ بثَوابِهما الَّذي اسْتَحَقَّهُ التَّالي والقارئُ العاملُ بهما، والإتيانُ هنا مَحمولٌ على الحَقيقةِ ولكن كيفَ يشاءُ اللهُ تعالى"، " كأنَّهما "غَمامتانِ"، أي: سَحابتانِ، تُظِلَّانِ صاحبَهما عن حَرِّ الموقِفِ، وإنَّما سُمِّيَ غَمامًا لأنَّه يَغُمُّ السَّماءَ، أي: يَستُرُها، "أو غَيايتان"، الغَيايةُ: كُلُّ ما أَظَلَّ الإنسانَ فَوْقَ رأسِهِ، من سحابةٍ، وغيرِها، "أو كأنَّهما فِرْقانِ"، أي: طائفتان، وجماعتان، "مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ" وهي جماعةُ الطَّيرِ الباسِطةُ أجنحَتَهَا، والمرادُ أنَّهما يَقيانِ قارِئَهما من حَرِّ الموقِفِ، وكَرْبِ يومِ القيامةِ، "تُحاجَّانِ عن أصحابِهِمَا"، أي: تُدافِعانِ الجحيمَ والزَّبانيَةَ، أو تُخاصمانِ الرَّبَّ، أو تُجادلان عنهم بالشَّفاعةِ، أو عِنْدَ السُّؤالِ، إذا لم يَنْطِقِ اللِّسانُ، وأَطْبَقَتِ الشَّفَتَانِ، وضاعتِ الحُجَجُ. وقولُهُ "اقْرَؤُوا سورةَ البقرةِ"، تخصيصٌ بَعْدَ تخصيصٍ؛ فإنَّه عمَّم أولًا بالقُرآنِ كلِّه، ثم خصَّصَ الزَّهراوين، ثم خصَّ البقرةَ؛ دَلالةً على عِظَمِ شأنِها، وكبيرِ فضلِها؛ "فإنَّ أَخْذَها"، أي: المواظَبَةَ على تِلاوتِها، والتَّدبُّرَ في معانيها، والعَمَلَ بما فيها، "بَرَكَةٌ"، أي: زِيادةٌ، ونَماءٌ، وَمَنْفَعَةٌ عظيمةٌ لِقارئِهَا، "وَتَرْكَهَا حَسْرةٌ"، أي: تلهُّفٌ وتأسُّفٌ على ما فاتَ مِنَ الثَّوابِ، "ولا يَسْتَطِيعُهَا"، أي: لا يَقْدِرُ على تَحْصِيلِهَا، وَعَدَمُ الاستِطاعةِ عِبارةٌ عَنِ الخِذْلانِ، وعدمِ التَّوفيقِ لِتِلاوتِها، "البَطَلَةُ"، أي: السَّحرةُ، والمقصودُ أنَّهم لا يستطيعون قِراءتَها؛ لِزَيْغِهم عَنِ الحقِّ، وانهماكِهم في الباطلِ، أو أنَّهم لا يستطيعون دَفْعَها، واختراقَ تَحْصِينِهَا لِمَنْ قَرَأَهَا، أو حَفِظَهَا؛ فهي حِصْنٌ لقارئها وحافِظِهَا مِنَ السِّحْرِ، وَقِيلَ: البَطَلَةُ: أصحابُ البِطالةِ والكُسَالَى؛ فإنَّهم لا يستطيعون حِفْظَهَا، ولا قراءتها؛ لِطُولِهَا، وَلِتَعَوُّدِهِمُ الْكَسَلَ. وفي الحَديثِ: الحثُّ على قِراءَةِ القُرآنِ، وفَضيلةُ سُورَةِ البقَرةِ وآلِ عِمرانَ، وعظم سورة البقرة خُصوصًا.الدرر السنية.
__________________
|
|
|