#1
|
||||
|
||||
الإحسان وحقيقته وفقهه
الإحسان وحقيقته وفقهه الإحسان وهو في اللغة : إجادة العمل وإتقانه وإخلاصه .وفي الشرع يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان : الحالة الأولى : أن يطلق على سبيل الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام والإيمان ، فيراد به الدين كله كما- هو- سبق في الإسلام والإيمان . الحالة الثانية : أن يقترن بهما أو أحدهما فيكون معناه : تحسين الظاهر والباطن وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرًا لا يستطيعه أحد من المخلوقين غيره صلى الله عليه وسلم لمِاَ أعطاه الله من جوامع الكلم فقال صلى الله عليه وسلم " الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وهي أعلى مراتب الدين وأعظمها خطرًا وأهلها هم السابقون بالخيرات المقربون في أعلى الدرجات . وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن مرتبة الإحسان على درجتين وأن للمحسنين في الإحسان مقامين متفاوتين : =المقام الأول وهو أعلاهما : أن تعبد الله كأنك تراه وهذا يسميه بعض العلماء - مقام المشاهدة - وهو أن يعمل العبد كأنه يشاهد الله عز وجل بقلبه فيتنور القلب بالإيمان حتى يصير الغيب كالعيان فمن عبد الله عز وجل على استحضار قربه منه وإقباله عليه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم . =المقام الثاني : مقام الإخلاص -والمراقبة - وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه، فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله ، وإرادته بالعمل . وهذا المقام إذا حققه العبد سهل عليه الوصول إلى المقام الأول . ولهذا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للأول فقال : " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وفي بعض ألفاظ الحديث : " فإنك إلا تكن تراه فإنه يراك" فإذا تحقق في عبادته بأن الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره ولا يخفى عليه شيء من أمره فحينئذ يسهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني وهو دوام استشعار قرب الله تعالى من عبده ومعيته حتى كأنه يراه . نسأل الله من فضله العظيم . يراجع معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي ( 2 / 20 – 33 ، 326 – 328 ) ( المجموع الثمين 1 / 49 ، 53 ) ( جامع العلوم والحكم 1/ 106 ). الإسلام سؤال وجواب أقسام الإحْسَان الإحْسَان ينقسم إلى قسمين: إحسان في عبادة الله. وإحْسَان إلى عباد الله، وكل قسم منهما ينقسم إلى واجب ومستحب. فأما الإحسان في عبادة الله فيتضمن الإحْسَان في الإتيان بالواجبات الظَّاهرة والباطنة، وذلك بالإتيان بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القَدْر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ، وأمَّا الإحْسَان فيها بإكمال مستحبَّاتها فليس بواجب. والإحْسَان في ترك المحرَّمات: الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى"وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ" الأنعام:120، فهذا القدر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ. وأمَّا الإحْسَان في الصَّبر على المقدورات، فأن يأتي بالصَّبر عليها على وجهه مِن غير تسخُّط ولا جزع) (1) . وأما الإحسان إلى عباد الله فالواجب منه :هو الإنصاف، والقيام بما يجب عليك للخلق بحسب ما توجَّه عليك مِن الحقوق...بأن تقوم بحقوقهم الواجبة، كالقيام ببرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، والإنصاف في جميع المعاملات، بإعطاء جميع ما عليك مِن الحقوق، كما أنَّك تأخذ مالك وافيًا. قال تعالى" وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "النِّساء: 36- فأمر بالإحْسَان إلى جميع هؤلاء) (2) . وقال ابن رجب"والإحْسَان الواجب في معاملة الخَلْق ومعاشرتهم: القيام بما أوجب الله مِن حقوق ذلك كلِّه، والإحْسَان الواجب في ولاية الخَلْق وسياستهم، القيام بواجبات الولاية كلِّها" (3) . وأما المستحب منه فهو "القَدْرُ الزَّائد على الواجب في ذلك كلِّه" (4) . ومثال ذلك :بذل نفع بدنيٍّ، أو ماليٍّ، أو علميٍّ، أو توجيه لخير دينيٍّ، أو مصلحة دنيويَّة، فكلُّ معروف صَدَقة، وكلُّ ما أدخل السُّرور على الخَلْق صَدَقة وإحسان. وكلُّ ما أزال عنهم ما يكرهون، ودفع عنهم ما لا يرتضون مِن قليل أو كثير، فهو صَدَقة وإحسان. (5) . |
|
|