#1
|
||||
|
||||
18-التحفة السنية باب العطف
بابُ العطفِ قال" باب العطف "، وحروفُ العطفِ عشرةٌ، وهي: الواو، والفاء، وثمَّ، وأو، وأم، وإمَّا، وبل، ولا، ولكن، وحتى في بعض المواضع.وأقول: للعطفِ معنيانِ: أحدُهما لغويٌّ والآخرُ اصطلاحيٌّ. أما معناه لغةً فهو: الميلُ، تقول: عطفَ فلانٌ على فلانٍ يعطفُ عطفًا، تريدُ أنه مالَ إليه وأشفقَ عليه. وأما العطفُ في الاصطلاحِ فهو قسمانِ: الأول: عطفُ البيانِ، والثاني: عطفُ النَّسَقِ. فأما عطفُ البيانِ فهوَ " التابعُ الجامدُ الموضَّحُ لمتبوعهِ في المعارفِ؛ المخَصِّصُ له في النَّكِراتِ ". فمثال عطفِ البيانِ في المعارفِ .. " جاءني محمدٌ أبوك " فأبوك: عطفُ بيانٍ على محمدٍ، وكلاهما معرفة، والثاني في المثال موضِّح للأول. ومثاله في النكراتِ قوله تعالى: " مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ " ابراهيم:16. فصديدُ عطفُ بيانٍ على الماءِ، وكلاهما نكرة، والثاني في المثالِ مخصِّصٌ للأولِ. وأما عطفُ النَّسَقِ فهو " التابعُ الذي يُتَوَسطُ بينه وبين متبوعهِ أحدُ الحروفِ العشرةِ " .. وهذه الحروف هي: 1 ـ الواو، وهي لمطلق الجمع؛ فيُعطف بها المتقارنان، نحو:« جاء محمدٌ وعليٌ » إذا كان مجيؤهما معًا، ويُعطَفُ بها المتأخرُ على السابقِ، نحو: « جاء عليٌ ومحمود » إذا كان مجيءُ محمودٍ سابقًا على مجيءِ عليٍّ، ويُعطف بها المتأخرُ على السابقِ، نحو" جاء عليٌ ومحمد " إذا كان مجيءُ محمد متأخرًا عن مجيءِ عليِّ. 2 ـ الفاءُ، وهي للترتيب والتعقيب، ومعنى الترتيب: أن الثاني بعد الأول، ومعنى التعقيب: أنه عقيبُهُ بلا مُهلة، نحو: « قدِمَ الفرسانُ فالمشاةُ » إذا كان مجيء الفرسان ولم يكن بين قدوم الفريقين مهلة. 3 ـ ثمَّ، وهي للترتيب مع التراخي، ومعنى الترتيب قد سبق، ومعنى التراخي: أن بين الأول والثاني مُهلة، نحو: « أرسل الله موسى ثمَّ عيسى ثمَّ محمدًا عليهم الصلاة والسلام ». 4 ـ أوْ، وهو للتخييرِ أو الإباحةِ، والفرق بينهما أن التخييرَ لا يجوزُ معه الجمعُ. والإباحةُ يجوز معها الجمعُ؛ فمثالُ التخييرِ « تزوَّجْ هندًا أو أختَها »، ومثالُ الإباحةِ « ادرسْ الفقهَ أوِ النحوَ » فإن لديك من الشرع دليلاً على أنه لا يجوز الجمع بين هند وأختها بالزواج، ولا تشكُّ في أنه يجوز الجمع بين الفقه والنحو بالدراسة. 5 ـ أمْ، وهي لطلبِ التعيينِ بعد همزةِ الاستفهام نحوُ « أدرستَ الفقهَ أمِ النحوَ؟ ». 6 ـ إمَّا، بشرطِ أن تسبقَ بمثلها، وهيْ مثل « أو » في المعنيين، نحو قوله تعالى" فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً "محمد:4، ونحو:« تزوج إمَّا هندًا وإمَّا أُختها ». 7 ـ بل، وهي للإضراب، ومعناهُ جعلُ ما قبلَها في حكم المسكوتِ عنه، نحوُ « ما جاء محمدٌ بل بَكرٌ » ويشترط للعطف بها شرطان؛ الأول: أن يكون المعطوف بها مفردًا لا جملةً، والثاني: ألا يسبِقَها استفهامٌ. 8 ـ لا، وهي تنفي عما بعدَها نفسَ الحكمِ الذي ثبت لما قبلَها نحوُ « جاء بكرٌ لا خالدٌ ». 9 ـ لكنْ، وهي تدلُ على تقرير حكم ما قبلها وإثبات ضدَّهُ لما بعدَها، نحو « لا أحبُّ الكَسالى لكنِ المجتهدينَ » ويُشترط أن يسبقَها نفيٌ أو نهيٌ، وأن يكونَ المعطوفُ بها مفردًا، وألا تسبقَها الواوُ. 10 ـ حتَّى، وهي للتدريج والغاية، والتدريجُ: هو الدّلالةُ على انقضاءِ الحكمِ شيئًا فشيئًا، نحو " يَموتُ الناسُ حتَّى الأنبياءُ ". وتأتي " حتَّى " ابتدائيةٌ غيرُ عاطفةٍ، إذا كان ما بعدها جملةً، نحوُ " جاء أصحابُنا حتى خالدٌ حاضرٌ" وتأتي جارة نحو قوله تعالى:" حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " ولهذا قال المؤلف:" وحتَّى في بعض المواضع". |
|
|