العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى القرآن والتفسير > ملتقى القرآن والتفسير

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 07-19-2018, 03:31 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,266
Red face تفسير وتدبر سورة الملك

تفسير وتدبر سورة الملك

سورة المُلك مكية.
*بيان معنى مصطلح : المكي ،والمدني .
هو اصطلاح أطلقه العلماء ليميزوا بين الآيات والسور التي نزلت في المرحلة المكية للدعوة الإسلامية ، وبين ما نزل في المرحلة المدنية ، فاشتهر بين أكثر أهل العلم هذا التقسيم ، وجعلوا مناطَهُ ومدارَهُ على الزمانِ ، وليس على المكانِ :
فالمكيُّ من الآيات والسور : ما نزل قبل الهجرة النبوية ، سواء كان في مكة أو ضواحيها.
والمدني من الآيات والسور : ما نزل بعد الهجرة النبوية ، سواء كان مكان نزوله المدينة ، أو مكة بعد فتحها ، أو أي مكان في الجزيرة ذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم
. الإسلام سؤال وجواب -

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يتميز القسم المكي عن المدني من حيث الأسلوب والموضوع :
أ- أما من حيث الأسلوب فهو :
1- الغالب في المكي قوة الأسلوب ، وشدة الخطاب ؛ لأن غالب المخاطبين مُعْرِضُون مُسْتَكْبِرُون ، ولا يليق بهم إلا ذلك- الأسلوب الشديد- ، أقرأ سورتي المدثر ، والقمر .
أما المدني : فالغالب في أسلوبه اللين ، وسهولة الخطاب ؛ لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ، اقرأ سورة المائدة .

2- الغالب في المكي: قصر الآيات ، وقوة المحاجة ؛ لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون ، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ، اقرأ سورة الطور .
أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات ، وذكر الأحكام مرسلة بدون محاجة ؛ لأن حالهم تقتضي ذلك ، اقرأ آية الدَّين في سورة البقرة .

ب- وأما من حيث الموضوع فهو :
1- الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ، خصوصًا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث ؛ لأن غالب المخاطَبين ينكرون ذلك .
أما المدني :
- فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات ؛ لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة ، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات.
- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه ،والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاء الحال ، ذلك حيث شُرع الجهاد وظهر النفاق ، بخلاف القسم المكي
" انتهى.
"أصول التفسير" ص/13. الإسلام سؤال وجواب -
ومصادر أخرى
أما السور المدنية : فذكروا أن أَوَّل ما نزل بالمدينة : سورة البقرة ، ثم سورة الأَنفال ، ثم سورة آل عمران .....

قال الفيروز آبادي رحمه الله :
" فهذه جملة ما نزل بالمدينة . ولم نذكر الفاتحة لأَنَّه مختلَف فيها.

الإسلام سؤال وجواب -
*فضل التمسك وتلاوة القرآن الكريم حق التلاوة:
هو كلام الله المُنَزَّل على رسوله محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - المتعبَّدُ بتلاوته،المكتوبُ في
المصاحف، المَحفوظ في الصُّدور.

من قال به صدَق، ومَن حكَم به عدَل، ومن دَعا إليه فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم.
* - أَبشِروا أليس تشهدون أن لا إله إلا اللهُ ، و أني رسولُ اللهِ ؟ قالوا : بلى : قال : إنَّ هذا القرآنَ سببٌ طرفُه بيدِ اللهِ ، و طرفُه بأيديكم ، فتمسَّكوا به ؛ فإنكم لن تضِلُّوا ولن تهلِكوا بعده أبدًا"
الراوي: أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي-المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 38 خلاصة حكم المحدث: صحيح درر -

عن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " القرآنُ شافعٌ مشفَّع ، وماحِلٌ مصدَّق ، مَنْ جعله أمامَه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار " .
رواه ابن حبان ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ ج : 2 / ص : 164 /حديث رقم : 1423 .

الماحِلُ: المجادلُ لصاحبه لما يتبع ما فيه.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : القرآن .. يشفع لمن أحل حلاله وحرم حرامه واستقام على تعاليمه.هنا-
"اقْرَؤوا القرآنَ . فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِهِ . اقرَؤوا الزَّهرَاوَين : البقرةَ وسورةَ آلِ عمرانَ . فإنهما تأتِيان يومَ القيامةِ كأنهما غَمامتانِ . أو كأنهما غَيايتانِ . أو كأنهما فِرْقانِ من طيرٍ صوافَّ . تُحاجّان عن أصحابهما . اقرَؤوا سورةَ البقرةِ . فإنَّ أَخْذَها بركةٌ . وتركَها حسرةٌ . ولا يستطيعُها البَطَلَةُ"الراوي : أبو أمامة الباهلي - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 804 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر -

"شفيعًا لأصحابِهِ"، أي: يَشْفَعُ لِقَارِئِيهِ، الَّذين يَقرؤونه مُتَدَبِّرِينَ له، عامِلين بما فيه.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على قِراءَةِ القُرآنِ، وفَضيلةُ سُورَةِ البقَرةِ وآلِ عِمرانَ، وعظم سورة البقرة خُصوصًا.- الدرر -


"ما أصابَ عبدًا همٌّ ولا حزَنٌ ، فقالَ : اللَّهمَّ إنِّي عبدُكَ ، وابنُ عبدِكَ ، وابنُ أمتِكَ ، ناصِيتي بيدِكَ ، ماضٍ فيَّ حُكمُكَ ، عدلٌ فيَّ قضاؤُكَ ، أسألُكَ بِكُلِّ اسمٍ هوَ لَكَ ، سمَّيتَ بهِ نفسَكَ ، أو أنزلتَهُ في كتابِكَ ، أو علَّمتَهُ أحدًا مِن خلقِكَ ، أوِ استأثَرتَ بهِ في عِلمِ الغَيبِ عندَكَ ، أن تَجعلَ القرآنَ ربيعَ قَلبي ، ونورَ صَدري ، وجلاءَ حُزْني ، وذَهابَ هَمِّي ، إلَّا أذهبَ اللَّهُ همَّهُ وحزنَهُ ، وأبدلَهُ مَكانَهُ فرجًا"
الراوي : عبدالله بن مسعود- المحدث : الألباني- المصدر : الكلم الطيب-الصفحة أو الرقم- 124 خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر-
*قال تعالى "قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ ْ" وهو القرآن، يُستضاء به في ظلمات الجهالة وعماية الضلالة. " وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ْ" لكل ما يحتاج الخلق إليه من أمور دينهم ودنياهم. من العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن العلم بأحكامه الشرعية وأحكامه الجزائية. .تفسير الشيخ السعدي -

اللهم اجعل القرآنَ ربيعَ قلوبِنا، ونورَ صدورِنا، وجلاءَ أحزانِنا ، اللهم اجعله شفيعًا لنا ، وشاهدًا لنا لا شاهدًا علينا ،ونسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
فللقرآن وتلاوته فضائل لا تعدّ ولا تُحصى، فقد بيّن لنا النبي أجر قراءة حرف من القرآن فهو بعشر حسنات، كذلك ما للقرآن من آثار نفسية عميقة في قرارة نفوسِنَا فهو أفضل الحلول للتخلّص من الهمّ والغمّ، ومن فضائل القرآن أنه نور في الحياة وفي الممات ويوم القيامة، وإن كان الله جعل للقرآن تلك الخصال الفريدة فقد خصّ بعض السور بشيء من الفضل، والتي نذكر منها سورة الملك.
*سورة الملك هي سورة من سور القرآن العظيم، و هي السورة السابعة والستون في ترتيب المصحف الشريف.


فضل سورة المُلْك :

-" إنَّ سورةً منَ القرآنِ ثلاثونَ آيةً شفعَت لرجلٍ حتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهيَ سورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ"
الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2891 - خلاصة حكم المحدث : حسن- الدرر السنية

"كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لاينامُ حتَّى يقرأ بـ تَنزيل السَّجدةِ وبـ تبارَك"الراوي : جابر بن عبدالله- المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم- 3404 خلاصة حكم المحدث :صحيح- الدرر-



- "كَانَ لا يَنامُ حتى يقرأَ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ ، و تَبارَكَ الذي بيدِهِ الملكُ"الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : السلسلة الصحيحة-الصفحة أو الرقم: 585 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-

°مناسبة بداية سورة المُلك، للسورة التي قبلها وهي سورة التحريم :
قال تعالى في ختام سورة التحريم"

"ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) "سورة التحريم.
التفسير:

قال "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا " أي : في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم ، أن ذلك لا يجدي عنهم شيئًا ولا ينفعهم عند الله ، إن لم يكن الإيمان حاصلا في قلوبهم ، ثم ذكر المثل فقال " امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ" أي : نبيين رسولين عندهما في صحبتها ليلا ونهارا يؤاكلانهما ، ويضاجعانهما ، ويعاشرانهما أشد العشرة والاختلاط "فَخَانَتَاهُمَا" أي : في الإيمان ، لم يوافقاهما على الإيمان ، ولا صدقاهما في الرسالة ، فلم يجد ذلك كله شيئًا ، ولا دفع عنهما محذورًا ; ولهذا قال " فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا " أي : لكفرهما ، "وَقِيلَ" أي : للمرأتين "ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ" وليس المراد "فَخَانَتَاهُمَا" في فاحشة ، بل في الدين ، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة ; لحرمة الأنبياء ، كما قدمنا في سورة النور .
قال سفيان الثوري ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سليمان بن قتة : سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية
"فَخَانَتَاهُمَا" قال : ما زنتا ، أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون ، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه .
- وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، إنما كانت خيانتهما في الدين .تفسير ابن كثير -

"وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا .....وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ " وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة، فإن التصديق بكلمات الله، يشمل كلماته الدينية والقدرية، والتصديق بكتبه، يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل، ولهذا قال تعالى" وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " أي: المطيعين لله، المداومين على طاعته بخشية وخشوع، وهذا وصف لها بكمال العمل، فإنها رضي الله عنها صديقة، والصديقية: هي كمال العلم والعمل.تفسير الشيخ السعدي-
° فَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا- أي سورة الملك- لِمَا قَبْلَهَا :

لَمَّا كَانَ قَدْ أَوْقَعَ فِي آخِرِ سُورَةِ التَّحْرِيمِ مَا فِيهِ أَعْظَمَ عِبْرَةٍ لِمَنْ تَذَكَّرَ، وَأَعْلَى آيَةٍ لِمَنِ اسْتَبْصَرَ، مِنْ ذِكْرِ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنَ قَدْ بَعَثَهُمَا اللَّهُ - تَعَالَى رَحْمَةً لِعِبَادِهِ - وَاجْتَهَدَا فِي دُعَاءِ الْخَلْقِ، فَحَرَّمَ الِاسْتِنَارَةَ بِنُورِهِمَا وَالْعِيَاذُ بِهُدَاهُمَا مَنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ جِنْسِهِمَا أَقْرَبُ إِلَيْهِمَا مِنْهُ وَلَا أَكْثَرَ مُشَاهَدَةً لِمَا مَدَّا بِهِ مِنَ الْآيَاتِ وَعَظِيمِ الْمُعْجِزَاتِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، ثُمَّ أَعْقَبَتْ هَذِهِ الْعِظَةُ بِمَا جَعَلَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا وَنَقِيضٍ مِنْ حَالِهَا، وَهُوَ ذِكْرُ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ الَّتِي لَمْ يَغُرَّهَا مُرْتَكَبُ صَاحِبِهَا وَعَظِيمُ جُرْأَتِهِ مَعَ شِدَّةِ الْوَصْلَةِ وَاسْتِمْرَارِ الْأُلْفَةِ لِمَا سَبَقَ لَهَا فِي الْعِلْمِ الْقَدِيمِ مِنَ السَّعَادَةِ وَعَظِيمِ الرَّحْمَةِ فَقَالَتْ: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَحَصَلَ فِي هَاتَيْنِ الْقِصَّتَيْنِ تَقْدِيمُ سَبَبِ رَحْمَةٍ حَرَّمَ التَّمَسُّكَ بِهِ أَوْلَى النَّاسِ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَتَقْدِيمُ سَبَبِ امْتِحَانٍ عَصَمَ مِنْهُ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَى التَّوَرُّطِ - فِيهِ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِقِصَّةٍ عَرِيَتْ عَنْ مِثْلِ هَذَيْنِ - السَّبَبَيْنِ - وَانْفَصَلَتْ فِي مُقَدِّمَاتِهَا عَنْ تَيْنِكَ الْقِصَّتَيْنِ، وَهُوَ ذِكْرُ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ لِيَعْلَمَ الْعَاقِلُ حَيْثُ يَضَعُ الْأَسْبَابَ، وَأَنَّ الْقُلُوبَ بِيَدِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، أَعْقَبَ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ الْحَقِّ" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" وَإِذَا كَانَ الْمَلِكُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِيَدِهِ الْمُلْكُ فَهُوَ الَّذِي يُؤْتِي الْمُلْكَ وَالْفَضْلَ مَنْ يَشَاءُ وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ وَيَعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْآيَةُ الْأُخْرَى فِي آلِ عِمْرَانَ ، فَقَدِ اتَّضَحَ اتِّصَالُ سُورَةِ الْمُلْكِ بِمَا قَبْلَهَا ثُمَّ بُنِيَتْ سُورَةُ الْمُلْكِ عَلَى التَّنْبِيهِ وَالِاعْتِبَارِ بِبَسْطِ الدَّلَائِلِ وَنَصْبِ الْبَرَاهِينِ حَسْبَمَا يُبْسِطُهُ التَّفْسِيرُ - انْتَهَى.
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور-
=فوجه المناسبة - بصيغة أخرى- بين آخر سورة التحريم وأول سورة الملك ،هو أنه سبحانه لما ضرب مثلًا للكفار بتينك المرأتين- "
امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ" - المحتوم عليهما بالشقاوة ؛وإن كانتا تحت نَبِيينِ، ومثلًا للمؤمنين آسية ومريم ، وهما محتوم لهما بالجنة ؛وإن كان قومُهما كافرِينَ ،كان ذلك تصرفًا في ملكِهِ سبحانه على ما سبق قضاؤه .البحرالمحيط ،أبو حيان محمد بن يوسف- هنا=
=ووجه آخر للمناسبة:
لما خُتمت سورة التحريم بقول الله تعالى " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " جاءت بداية سورة تبارك مناسبة لها، حيث أن كلمة تبارك تعني تنزيه الله جل وجلاله عن صفات المخلوقين كالإنجاب، والولد ، ويشعرنا ذلك أن تبارك تنفي ما ادعاه النصارى بأن عيسى عليه السلام ابن الله، ببيان حقيقة مريم بنت عمران.
كما أن سورة الملك قد احتوت مشاهد من يوم القيامة ومن عذاب أهل النار، وكذلك سورة التحريم
هنا =.

"اللَّهمَّ مُصرِّفَ القلوبِ صرِّف قلوبَنا على طاعتِكَ"
الراوي : عبدالله بن عمرو- المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2654 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية-
"
يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ"
الراوي : شهر بن حوشب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3522 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية-
لمريد شرح الحديث - هنا -

"رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ"آل عمران 8.

°لاتوجد سورة بُدِأت بكلمة تبارك سوى سورة الفرقان "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا " وسورة الملك"تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ" .
هذه السورة العظيمة:
تعالج مسألة العقيدة وتوحيد الله ،ووصف معالم مُلْك الله ، وعظمة صنعه ، وسعة ملكوته ، والسورة تدور رحاها عن ملك الله من جوانبه المتعددة
ف
يها ذكر جملة من أسماء الله وصفاته،وفيها ذكر الغاية من خلق الموت والحياة، وفيها الحث على التفكر في السماء وما فيها من الآيات الباهرات، وفيها ذكر مآل شياطين الجن والإنس ، إلى غير ذلك من المعاني العظيمة التي يحيا بتذكرها القلب، فما أحوج المسلم إلى تدبر هذه السورة المباركة.
هنا- الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم .-
واشتملت على آيات تغرس في نفس المؤمن الذي يداوم على تلاوتها وتدبر معانيها الخشية بالغيب، الخشية من الله سبحانه وتعالى بالغيب. تؤسس الخشية بالغيب آية بعد آية بطريقة عملية.
ولذا جاءت هذه الخشية مبنية على أساس التعرف على الله سبحانه وتعالى وآياته، فكلما ازددتَ معرفة به سبحانه كلما ازددت تعرفًا على صفاته وأسمائه ،و ازددت استشعارًا لعظيم قدرته ورحمته سبحانه وتعالى ،وازددت خشية له، ولذا جاء في قول الله عز وجل "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ "28 فاطرالعلم والمعرفة بالله سبحانه وتعالى تزيد الخشية. لذا بدأت السورة المكية بقوله سبحانه وتعالى "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" لنتعرف على الله وصفاته فله عز وجل في علاه القدرة التامة على التصرف في ملكوته، هبة ومنعًا وعطاء وأخذًا وردًا وإزالة وإقامة مُلك كامل ،وهو قادر على تحقيق هذا الملك سبحانه وتعالى، فكل ما في هذا الملكوت: الإنسان الشجر الطير ،لا تخرج عن إرادته سبحانه وتعالى بأي حال من الأحوال، حتى القَطْرة التي نشرب، حتى الطير الذي يحلّق بجناحيه في الفضاء ؛لا يستطيع أن يُفرد جناحيه ويقبض الجناحين إلا بإرادته سبحانه، هو الذي علَّم هو الذي أعطى، هو الذي وهب، هو الذي منح، حتى أنفاس الحياة هو سبحانه من يمنحها. هذا الملك العظيم الواسع بيده سبحانه وتعالى ولا يخرج عن قدرته عز وجل.

"تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
*عناصر السورة:

سورة الملك كسائر السور المكية تُعْنَى بأصولِ العقيدةِ الأساسية، وهي إثبات وجود الله، وعظمته، وقدرته على كل شيء والاستدلال على وحدانيته، والإخبار عن البعث والحشر والنشر.
بُدِأت بالحديث عن تمجيد الله سبحانه، وإظهار عظمته، وتفرده بالملك والسلطان، وهيمنته على الأكوان، وتصرفه في الوجود بالإحياء والإماتة "الآيات: 1- 2" .
ثم أكدت الاستدلال على وجود الله عز وجل بخلقه السموات السبع، وما زيّنها به من الكواكب والنجوم المضيئة، وتسخيرها لرجم الشياطين ونحو ذلك من مظاهر قدرته وعلمه "الآيات: 3- 5" مما يدل على أن نظام العالم نظام مُحكم لا خلل فيه ولا تغاير.
ومن مظاهر قدرته تعالى: إعداد عذاب جهنم للكافرين، وتبشير المؤمنين بالمغفرة والأجر الكبير، وبذلك جمع بين الترهيب والترغيب على طريقة القرآن الكريم "الآيات: 6- 12" .
ومن مظاهر علمه وقدرته ونعمه: علمه بالسر والعلن، وخلقه الإنسان - ،
ورزقه، وتذليل الأرض للعيش الهني عليها وحفظها من الخسف، وحفظ السماء من إنزال الحجارة المحرقة المدمرة للبشر، كما دمرت الأمم السابقة المكذبة رسلها، وإمساك الطير ونحوها من السقوط، وتحدي الناس أن ينصرهم غير الله إن أراد عذابهم "الآيات: 13- 20" .
وأردفت ذلك في الخاتمة بإثبات البعث، وحصر علمُه بالله تعالى، وإنذار المكذبين بدعوة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتحذيرهم من إيقاع العذاب بهم، وإعلان وجوب التوكل على الله، والتهديد بتغوير الماء الجاري في الأنهار والينابيع دون أن يتمكن أحد بإجرائه والإتيان ببديل عنه "الآيات: 25- 30" .
والخلاصة: أن السورة إثبات لوجود الله تعالى ووحدانيته ببيان مظاهر علمه وقدرته، وإنذار بأهوال القيامة، وتذكير بنعم الله على عباده، وربط الرزق بالسعي في الأرض ثم التوكل على الله تعالى-
بيان عاقبة المكذبين الجاحدين للبعث والنشور ..التفسير المنير للزحيلي* بتصرف.


رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 08:38 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر