#11
|
||||
|
||||
فأضمر على قتله (1) ، فاصطنع خنجرًا له رأسان ، وشحذه ، وسمَّه ، ثم أتى به الْهُرْمُزان ، فقال : كيف ترى هذا ؟ . قال : أرى أنك لا تضرب به أحدًا إلا قتلته ، قـال : فتحيَّن أبو لؤلؤة عمر ، فجاءه في صلاة الغداة (1) حتى قام وراء عمر ، وكان عمر إذا أقيمت الصلاة يتكلم يقول : أقيموا صفوفكم ، فقال كما يقول ، فلما كبَّر ، وجأه ـ أي ضربه ـ أبو لؤلؤة وجأةً في كتفه ، ووجأهُ في خاصرته ، فسقط عمر ، وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلاً منهم ، فهلك منهم سبعة ، وأفرق ـ أي : برأ ـ منهم ستة ، وحُمل " عمر " فذُهِبَ به إلى منزله ، وهاج الناس حتى كادت تطلع الشمس ، فنادى عبد الرحمن بن عوف ، فصلى بهم بأقصر سورتين في القرآن . فلما قضى صلاتَه توجهوا إلى " عمر " ، فدعا بشراب لينظر ما قدْر جُرحه ، فأتي بنبيذ فشربه ، فخرج من جرحه ، فلم يدر أنبيذ هو أو دم جرحه ، فدعا بلبن فشربه ، فخرج من جرحه ، فقالوا : لا بأس عليك يا أمير المؤمنين . فقال ـ أي عمر ـ إن يكن القتل بأسًا فقد قُتلت ، فجعلوا يثنون عليه يقولون : جزاك الله خيرًا يا أمير المؤمنين ، كنتَ وكنتَ ، ثم ينصرفون ، ويجيء قوم آخرون فيثنون عليه ، فقال عمر : أما والله على ما يقولون ، وددتُ أني خرجتُ منها كفافًا ، لا عليَّ ولا لي ، وأن صحبة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قد سلمت لي . فتكلم " عبد الله بن عباس " ، وكان عند رأسه ، وكان خليطَه كأنه من أهله ، وكان ابن عباس يقرأ القرآن ، وتكلم ابن عباس فقال : والله لا تخرج منها كفافًا ، لقد صحبت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ، فصحبته بخير ما صحبه صاحب ، كنتَ له وكنتَ له ، حتى قُبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو عنك راضٍ ، ثم صحبتَ خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكنت تنفذ أوامره ، وكنتَ له ، وكنتَ له ، ثم وليتها يا أمير المؤمنين أنت ، فوليتها بخير ما وليها والٍ ، كنت تفعل وكنت تفعل ، فكان عمر يستريح إلى حديث ابن عباس . فقال " عمر " : يا ابن عباس ، كرر عليَّ حديثك ، فكرر عليه . فقال " عمر " أما والله على ما تقولون ، لو أن لي طِلاع ـ أي : ملؤها ـ الأرض (2) ذهبًا لافتديتُ به اليوم من هول المطلع . صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ... / ص : 369 : 371 . _____________ ( 1 ) صلاة الغداة : أي صلاة الفجر . ( 2 ) طلاع الأرض : ملؤها حتى يطالع أعلاه أعلاها فيساويه |
|
|