#1
|
||||
|
||||
أنواع التواضع وأقسامه -Different kinds of humility
أنواع التواضع وأقسامه Different kinds of humility السؤال: أعاني من نفسي ميلًا إلى الكبر على الناس والتعالي عليهم وأحب أن أكون متواضعًا فأرجو أن تذكروا لي شيئًا من فضل التواضع وأنواعه لعل الله أن يشرح صدري له . نص الجواب: الحمد لله التواضع أعظم نعمة أنعم الله بها على العبد ، قال تعالى " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" آل عمران / 159 ، وقال تعالى "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" القلم / 4 ، وهو قيامه صلى الله عليه وسلم بعبودية الله المتنوعة ، وبالإحسان الكامل للخلق ، فكان خلُقه صلى الله عليه وسلم التواضع التام الذي روحه الإخلاص لله والحنو على عباد الله ، ضد أوصاف المتكبرين من كل وجه . " المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ السعدي " 5 / 442 ، 443 . °وللتواضع أسباب لا يكون المسلم متخلقًّا به إلا بتحصيلها ، وقد بيَّنها الإمام ابن القيم بقوله : التواضع يتولد من العلم بالله سبحانه ، ومعرفة أسمائه وصفاته ، ونعوت جلاله ، وتعظيمه ، ومحبته وإجلاله ، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها ، وعيوب عملها وآفاتها ، فيتولد من بين ذلك كله خلق هو " التواضع " ، وهو انكسار القلب لله ، وخفض جناح الذل والرحمة بعباده ، فلا يرى له على أحدٍ فضلًا ، ولا يرى له عند أحدٍ حقًّا ، بل يرى الفضل للناس عليه ، والحقوق لهم قِبَلَه ، وهذا خلُق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبُّه ، ويكرمه ، ويقربه . " الروح " ص 233 . °وقد جاء في ثواب التواضع الفضل الكبير ، ومنه : عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما نقصت صدقةٌ من مال ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا ، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله " . رواه مسلم : 2588 - وبوَّب عليه النووي بقوله " استحباب العفو والتواضع. °قال النووي : قوله صلى الله عليه وسلم " وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " فيه وجهان : أحدهما : يرفعه في الدنيا , ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة , ويرفعه الله عند الناس , ويجل مكانه . والثاني : أن المراد ثوابه في الآخرة , ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا . قال العلماء : وقد يكون المراد الوجهين معا في جميعها في الدنيا والآخرة ، والله أعلم . " شرح مسلم " 16 / 142 . °والتواضع يكون في أشياء ، منها : 1. تواضع العبد عند أمر الله امتثالًا وعند نهيه اجتنابًا . قال ابن القيم : فإن النفس لطلب الراحة تتلكأ في أمره ، فيبدو منها نوع إباء هربًا من العبودية ، وتتوقف عند نهيه طلبًا للظفر بما منع منه ، فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه : فقد تواضع للعبودية . " الروح " ص 233 . بتصرف . 2. تواضعه لعظمة الرب وجلاله وخضوعه لعزته وكبريائه. °قال ابن القيم : فكلما شمخت نفسُه : ذَكَر عظمة الرب تعالى ، وتفرده بذلك ، وغضبه الشديد على من نازعه ذلك ، فتواضعت إليه نفسه ، وانكسر لعظمة الله قلبه ، واطمأن لهيبته ، وأخْبت لسلطانه ، فهذا غاية التواضع ، وهو يستلزم الأول من غير عكس . أي يستلزم التواضع لأمر الله ونهيه ، وقد يتواضع لأمر الله ونهيه من لم يتواضع لعظمته . والمتواضع حقيقة : من رزق الأمرين ، والله المستعان . " الروح " ص 233 . 3. التواضع في اللباس والمشية . عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجل يجرُّ إزاره من الخيلاء خُسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة " . رواه البخاري : 3297 . ورواه البخاري : 5452 - ومسلم : 2088 . من حديث أبي هريرة ، ولفظ البخاري " بينما رجل يمشي في حلُّة تعجبه نفسه مرجِّل جمَُّته إذ خَسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة " . يتجلجل : ينزل في الأرض مضطربًا متدافعًا . مرجل جمته : الترجيل هو تسريح الشعر ودهنه . والجمة : هي الشعر المتدلي من الرأس إلى المنكبين . 4. التواضع مع المفضول فيعمل معه ويعينه . عن البراء بن عازب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل معنا التراب يوم الأحزاب ولقد رأيته وارى التراب بياض بطنه يقول : لولا أنت ما اهتدينا نحن ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا إن الألى وربما قال الملا قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا أبينا يرفع بها صوته . رواه البخاري : 6809 - ومسلم: 1803 . 5. التواضع في التعامل مع الزوجة وإعانتها . عن الأسود قال : سألتُ عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله - تعني : خدمة أهله - ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة .رواه البخاري : 644 . قال الحافظ ابن حجر : وفيه : الترغيب في التواضع وترك التكبر ، وخدمة الرجل أهله ." فتح الباري " 2 / 163 . 6. التواضع مع الصغار وممازحتهم عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس خلُقاً ، وكان لي أخ يقال له " أبو عمير " - قال : أحسبه فطيمًا - وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير . رواه البخاري : 5850 - ومسلم : 2150 . قال النووي : " النُّغيْر " وهو طائر صغير . و" الفطيم " بمعنى المفطوم . وفي هذا الحديث فوائد كثيرة جدًّا منها : ... ملاطفة الصبيان وتأنيسهم , وبيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من حسن الخلُق وكرم الشمائل والتواضع . " شرح مسلم " 14 / 129 . 7. التواضع مع الخدم والعبيد . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتى أحدَكم خادمُه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه وليَ حرَّه وعلاجَه . رواه البخاري : 2418 - و 5144 - ومسلم : 1663 . ومعنى " ولي حرَّه وعلاجه " أي عانى مشقة صُنع الطعام والقيام على تقديمه ، وفي رواية مسلم " وليَ حرَّه ودخانه " . نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتواضعين لعظمته . والله أعلم . المصدر: الإسلام سؤال وجواب* |
|
|