#1
|
||||
|
||||
بر الوالدين فريضةٌ
بر الوالدين فريضةٌ وفضيلة لا عُذْرَ لأحدٍ في التَّساهُل بِها والتَّهاون بشأنِها. برُّ الوالدين دأب الأنبِياء والمرسلين، ونَهج عبادِه الصَّالحين؛ قال الله عن عيسى - عليْه السَّلام " وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا "مريم: 32، وقال عن يَحيى - عليْه السَّلام " وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا "مريم: 14. بر الوالدين سببٌ لدخول الجنَّة؛ عن أبي هُريرة - رضِي الله عنْه - مرفوعًا"رَغِمَ أنْفُه ثُم ،رَغِمَ أنْفُه ، ثُم رغِمَ أنْفُه. قِيلَ : مَنْ ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال : من أدركَ والديه عند الكبرِ ، أحدَهما أو كليهما ، ثم لم يدخلِ الجنةَ"؛ مسلم= برُّ الوالدين زيادةٌ في الرزق، وبركة في العُمر؛ عن أنس مرفوعًا"مَن سرَّه أن يُبْسَط عليْه رزقُه ويُنسأ في أثرِه، فلْيَصل رحِمه"؛ البخاري ومسلم = الدرر = =بر الوالدين من أسباب الرزق ؛ لأن من أسباب بسط الرزق وسعته : صلة الرحم ،وبر الوالدين أعلاها . قال بدر الدين العيني رحمه الله " بر الْوَالِدين من أعظم صلَة الرَّحِم " انتهى من " عمدة القاري " 22/92 . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " من أسباب الرزق : صلة الرحم ؛ من بر الوالدين ، وصلة القَرَابات ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" متفق عليه " انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " 2/97 - وبِرُّ الوالدينِ أعْظم صورِ صِلةِ الرَّحمِ-. والدعاء للوالدين هو من برهما ، وحسن صحبتهما ، وخاصة بعد وفاتهما . فيرجى أن يكون دعاء المرء لوالديه من أسباب زيادة الرزق ، والبركة فيه ، بهذا الاعتبار ، لا ؛ لأنه قد ورد فيه دليل بخصوصه .الإسلام سؤال وجواب = إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ : أنَّى هذا ؟ فيقالُ : باستغفارِ ولدِك لكَ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم: 3/214 - خلاصة حكم المحدث : حسن= الدرر= " فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ "الإسراء: 23، قال بعض السلف "لو كان هناك أقلَّ من الْأُفِّ، لنهَى اللهُ عنه". ولا ترفَع الصوتَ عليهما؛ " وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا "، تواضَع لهما ولا تتكبَّر عليْهِما؛ " وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلّ مِنَ الرَّحْمَةِ "الإسراء: 24. أيُّها المسلم: إنَّ من الصَّدقة الجاريَة للعبد ولدًا صالحًا يدْعو له بعد موتِه؛ ولهذا في الحديث"إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ : إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له"صحيح مسلم= وقيَّدَ الولدَ بِالصَّالحِ؛ لأنَّ الأجرَ لا يَحصُلُ مِن غيرِه، وإنَّما ذَكرَ دعاءَه تَحريضًا لِلولدِ على الدُّعاءِ لِأبيه؛ فإنَّه قيل: لِلوالدِ ثوابٌ مِن عَمَلِ الولدِ الصَّالحِ، سواءٌ دعا لِأبيه أم لا، كما أنَّ مَن غَرَسَ شَجَرةً جُعِلَ له ثَوابٌ بِأْكِل ثَمرتِها، سواءٌ دعا له الآكِلُ أم لا. في الحديثِ: الحثُّ على الإحسانِ إلى الوالدَيْنِ بعْدَ مَوتِهما. شرح صحيح مسلم= والبرّ بالأبوين يكون في حياتِهما وبعدَ موتِهما؛ ومن برِّهما بعد موتهما: الاستغفار لهما كما سبق، وبِرِّ صديقِهما؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم "إنَّ من أبرّ البرِّ إكرامَ الرَّجلِ أهلَ وُدِّ أبيهِ، بعد أن يُولِّيَ"؛ مسلم. يعني: أهل المودة لأبيه. "أنه كان - أي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِي اللهُ عنهما-إذا خرج إلى مكةَ كان له حمارٌ يتروَّحُ عليه ، إذا ملَّ ركوبَ الراحلةِ . وعمامةً يشدُّ بها رأسَه . فبينا هو يومًا على ذلك الحمارِ . إذ مرَّ به أعرابيٌّ . فقال : ألستَ ابنَ فلانِ بنِ فلانٍ ؟ قال : بلى . فأعطاه الحمارَ وقال : اركب هذا . والعمامةَ ، قال : اشدُدْ بها رأسَك . فقال له بعضُ أصحابِه : غفر اللهُ لك ! أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كنت تروحُ عليه ، وعمامة ًكنت تشدُّ بها رأسَك ! فقال : إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول " إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ وُدِّ أبيه ، بعد أن يُولِّيَ " وإنَّ أباه كان صديقًا لعمرَ .الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 2552 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر = هذا الولد الآن لم يكن وُدًّا لعمر بن الخطاب، أبوه كان وُدًّا لعمر بن الخطاب، عمر لربما ما رأى هذا الولد ولا عرفه، فهذا من عظيم بر عبد الله بن عمر بأبيه، بعمر ، وذلك أنه لم يكتفِ ببر صاحبه، بل برَّ ابنه هذا البر العظيم، فأعطاه دابته وعمامته، فكيف لو لقي الأب؟!، وهذا يدل على أن الإنسان إذا أراد أن يبر الوالدين يبر أصدقاء الوالدين ويبر أيضًا من يمت لهؤلاء الأصدقاء بصلة، كل ذلك من أجل أبيه، يعني يبر أولاد هؤلاء ويكرمهم إذا رآهم، هؤلاء والدهم صديق لوالدي. الشيخ خالد عثمان السبت = هنا = =كانَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِي اللهُ عنهما إذا خرَجَ إلى مكَّةَ كان له حمارٌ "يَتَروَّحُ عَلَيْه"، أي: يَستريحُ عَلَيْه إذا "مَلَّ"، أي: إذا ضَجِرَ ركوبَ الرَّاحلةِ، أي: الْمرْكَب مِنَ الإبلِ ذكرًا كان أو أُنثى، وكان له عِمامةٌ يَشدُّ بها رأسَه فبينما هو يومًا على ذلك الحِمارِ إذ مَرَّ به أعرابيٌّ، فقالَ ابنُ عُمَرَ: ألسْتَ فلانَ بنَ فلانٍ؟ فَقالَ الأعرابيُّ: بَلى، فَأعطاهُ ابنُ عُمرَ الحِمارَ، فَقالَ: اركبْ هذا، وَأعطاه العمامةَ فَقال: اشْدُدْ بها رأسَكَ، فقال له بعضُ أصحابِهِ: غَفَرَ اللهُ لكَ! أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كُنتَ تَروَّحُ، أي: تَتَروَّحُ عليه، وعمامةً كنتَ تَشدُّ بها رأسَكَ؟! فقالَ ابنُ عُمَرَ: إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: إنَّ مِن أبرِّ البرِّ صلَةَ الرَّجلِ أهلَ وُدِّ أبيهِ بعدَ أنْ "يُولِّي"، أي: يموتَ، وإنَّ أَباه، أي: أبا الرَّجُلِ كان صَديقًا لِعمرَ رضِي اللهُ عنه، أي: فَلِذا وَصَلْتُه. في الحديثِ: أنَّ مِن حُسنِ برِّ الوالدَيْنِ صِلةَ وُدِّهِما بعد مماتِهما. وفيه: دليلٌ على امتثالِ الصِّحابةِ، ورغْبتِهم في الخيرِ وَمسارعتِهم إليه. وفيه: سَعةُ رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، حيثُ إنَّ البِرَّ بابُه واسعٌ لا يختصُّ بِالوالدَيْنِ فقط؛ بل حتَّى أصدقائِهما إذا أحسنْتَ إليهم؛ فَإنَّما بَرِرْتَ وَالدَيْكَ فَتثابُ ثوابَ البارِّ بِوالدَيْهِ. وفيه: الحثُّ على إكرامِ أصدقاءِ الْوَالدَيْنِ.= الدرر = أيها المسلمون: كثير من النَّاس تراه مع الناس ودودٌ رحيم، ومع والديه عبوس غليظ، يرفع صوته ويسبُّ أباه وأمَّه. بل وصل الأمر أنَّ بعض النَّاس رفع دعاوى في المحاكم على والديْه، كلّ ذلك من أجل حفنة من المال أو شبر من الأرض. ومن النَّاس مَن رمى أبويْه في دور العجَزة والمسنين، أين الرَّحمة والإنسانيَّة؟! ومن النَّاس من إذا تزوَّج نسِي أبويه منشغِلاً بِما لديْه، وربَّما بعضهم تطاول على والديْه أمام زوجته. وعلى الآباء أن يحرصوا على إعانة أولادِهم على برِّهم ولا يشقُّوا عليهم، ولا يتدخَّلوا في حياتهم الخاصَّة، لاسيَّما بعد الزَّواج. بر الوالدين من أعظم القربات وأجلّ الطَّاعات، ولما علِم سلَفُنا الصَّالح بعظم حقِّ الوالدين، قاموا به حقَّ قيام، وسطروا لنا صفحاتٍ مُشْرِقة من البر. عقوق الأبويْن من كبائِر الذنوب، قرينُ الشِّرْك بالله، "جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : يا رسولَ اللهِ، ما الكبائرُ ؟ قال " الإشراكُ باللهِ " . قال : ثم ماذا ؟ قال " ثم عقوقُ الوالدَينِ" .صحيح البخاري= ، أي: عُقوقُ الوالِدينِ ثاني أكبرِ ذَنبٍ بَعدَ الإشراكِ بِاللهِ عزَّ وجلَّ. العاق لوالديه معرِّض نفسَه لسوء الخاتِمةِ، والعياذ بالله. فاتَّقوا الله - أيها الأبناء - وعليْكم بالبرِّ والطَّاعة مهما كانت حال الأبويْن.الألوكة =
__________________
|
|
|