العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى القرآن والتفسير > ملتقى القرآن والتفسير

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 01-28-2021, 09:28 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,267
Post وقفات مع الجزء الأول من سورة البقرة



وقفات مع الجزء الأول من سورة البقرة


الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
"
الم" هذه الحروف المقطعة:قال الشعبي وجماعة : الم وسائر حروف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه وهي سر القرآن . تفسير البغوي. فلم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان لمعانيها وبناء على ذلك اختلفت أقوال العلماء في بيان معانيها، القول الراجح: أنه لا يمكن القطع بمعانيها لعدم ورود نص يبين معنى هذه الحروف المقطعة لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية، وإنها من قبيل المتشابه قال تعالى"هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا"آل عمران :7. فهي سر الله في القرآن وهي من المتشابه، الذي انفرد الله بعلمه ولا يجوز أن يُتَكلم فيه، ولكن نؤمن بها ونقرأها كما جاءت. ثم إن العلم بمعانيها لا يفيدنا بشيء ولا يتوقف على العلم بها إقامة العبادة لله وإنها اختبار وامتحان للخلف، فالأولى السكوت عن معانيها كما هو صنيع السلف الصالح .طريق الإسلام.

"ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ "
"ذلك الكتاب" أَي: هذا الكتاب يعنى: القرآن.
"
لَا رَيْبَ فِيهِ" والمعنى - إن هذا الكتاب لا يعتريه ريب في كونه من عند الله، ولا في هدايته وإرشاده، ولا في أسلوبه وبلاغته، فلا يستطيع أحد أن يأتي بكلام يقرب منه بلاغة وفصاحة - وإلى هذا أشار بقوله"وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ"
وارتياب كثير من الناس فيه، إنما نشأ عن جهل بحقيقته، أو عن عمى بصيرتهم، أو عن التعنت عنادا واستكبارا واتباعا للهوى أو تقليدًا لسواهم.
"هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ"وَهُوَ هُدًى وَنُورٌ يَهتَدِي بِهِ المُتَّقُونَ، الذِينَ يَجتَهِدُونَ في العَمَلِ بِطَاعَةِ اللهِ، وَيَتَّقُونَ الشِّرْكَ وَأَسْبَابَ العِقَابِ.
فالمتقى هو الذي يقي نفسه مما يضرها، وهو الذي يتقي عذاب الله بطاعته، وجماع التقوى أن يمتثل العبد الأوامر، ويجتنب النواهي.
وفى تخصيصه كتابه بالهدى للمتقين دلالةٌ على أنَّه ليس بهدىً لغيرهم وقد قال "
وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى"فصلت: 44.
"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ"هذه الأوصاف تتضمن ثلاثة أعمال، الأول: عمل قلبي وهو الإيمان- بالغيب-، والثاني: عمل بدني، وهو الصلاة والمراد بإقامتها إتقان شروطها وأركانها وخشوعها، والثالث: عمل مالي، وهو الإنفاق في سبيل الله،واجبًا أو مندوبًا.يؤتون ما ألزمهم الشرع من زكاة امتثالًا واحتسابًا ،وما ندبهم إليه من غير ذلك احتسابًا. وهذه الأعمال هي أساس التقوى التي تدور عليها.

"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ "الغيب ما غاب عن الحواس، وكل شيء مستور فهو غيب، كالجنة، والنار، والحشر والنشر

وَهؤلاءِ المُتَّقُونَ هُمُ الذينَ يُصَدِّقُونَ بِحَزمٍ وَإيمانٍ وإِذعَانٍ بما لا يَقَعُ تَحْتَ حَواسِّهِمْ "الغَيْبِ" فَيُؤْمِنُونَ بِاللهِ، وَبِمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَجَنَّتِهِ وَلِقَائِهِ، وَبِالحَيَاةِ بَعْدَ المَوْتِ.
لو أشرق نور اليقين في قلب المؤمن لرأى الآخرة أقرب من أن يرحل إليها، ولرأى بهجة الدنيا وكسوة الفناء ظاهرة عليها.
من لم يُرد الحقَّ حُرِمه، تأمَّل" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ "البقرة: 6... فبعدما كفَروه حُرموا هدايته.

"ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا."الراوي : أبو هريرة -صحيح البخاري.

كلُّ امرِئٍ في ظلِّ صَدقتِهِ، حتَّى يُفصَلَ بينَ النَّاسِ أو قالَ يُحكَمَ بينَ النَّاسِ ."الراوي : عقبة بن عامر - المحدث : الوادعي - المصدر : الصحيح المسند-الصفحة أو الرقم: 943- خلاصة حكم المحدث : صحيح .

"كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناسِ . قال يزيد . فكَانَ أبُو مرثدٍ لا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إلَّا تَصَدَّقَ فيهِ بِشيءٍ ، و لَوْ كَعْكَةً أوْ بَصَلَةً"الراوي : عقبة بن عامر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 872- خلاصة حكم المحدث : صحيح.

"إنَّ الصَّدقةَ لتُطفيءُ عَن أهلِها حرَّ القبورِ ، وإنَّما يَستَظلُّ المؤمِنُ يومَ القيامةِ في ظلِّ صدقتِهِ"الراوي : عقبة بن عامر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 873 - خلاصة حكم المحدث : حسن.
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قالَ اللَّهُ: أنْفِقْ يا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ"الراوي : أبو هريرة - المصدر : صحيح البخاري .

"مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ، ...."الراوي : أبو هريرة- صحيح مسلم.
والصدقة لا تنقص المال، بل تزيده وتبارك فيه؛ فعن أبي هريرة –صلى الله عليه وسلم- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَال"رواه مسلم.

عن أبي هُرَيْرةَ ، أنَّهُ قالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، أيُّ الصَّدَقةِ أفضلُ ؟ قالَ " جُهْدُ المقلِّ ، وابدأ بِمن تعولُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود.


"جُهْدُ المُقِلِّ"، والجُهدُ الوُسْعُ والطَّاقةُ، أو المشقَّةُ والغايةُ، والمُقِلُّ: الفقيرُ الَّذي معَه شيءٌ قليلٌ مِن المالِ، أي: إنَّ أفضَلَ الصَّدقةِ هو الَّذي يتَصدَّقُ به الفقيرُ قليلُ المالِ على قدْرِ طاقتِه ووُسْعِه مع مَشقَّةِ ذلك عليه، وإنَّما كانت صدَقةُ المقِلِّ أفضلَ مِن صدَقةِ الغنيِّ؛ لأنَّ الفقيرَ يتصدَّقُ بما هو مُحتاجٌ إليه، بخِلافِ الغنيِّ؛ فإنَّه يتَصدَّق بفُضولِ مالِه.

"وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ"


"وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ" يعني القرآن، "وَمَآ أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ" يعني به التوراة والإنجيل، وما تقدم من كتب الأنبياء، بخلاف ما فعلته اليهود والنصارى، في إيمانهم ببعضها دون جميعها.
"وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" الدار الآخرة هي دار الجزاء على الأعمال - والإيمان بها يتضمن الإيمان بكل ما ورد فيها بالنصوص المتواترة كالحساب والميزان والصراط، والجنة والنار.
واليقين: هو التصديق الجازم الذي لا شبهة فيه ولا تردد، ويعرف اليقين بالله واليوم الآخر بآثاره في الأعمال، فمن يشهد الزور أو يشرب الخمر أو يأكل حقوق الناس يكن إيمانه بهما خيالا يلوح في الذهن لا إيمانا يقوم على اليقين، إذ لم تظهر آثاره في الجوارح واللسان، وهو لا يكون إيمانا حقا إلا إذا كان مالكا لزمام النفس مصرفا لها في أعمالها.

" أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"

"وَأُولَئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" "والفلاح هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، حصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم, وما عدا تلك السبيل, فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها إلى الهلاك.

" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ "6.
بعد أن بين سبحانه حال المتقين الذين يؤمنون بالغيب، وبما أنزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وما أنزل إلى من قبله، وبيَّن ما آل إليه أمرهم من الهداية والفلاح، أعقب هذا بشرح طائفة ثانية وهم الكفرة الفجرة، وأبان أنه قد بلغ من أمرهم في الغواية والضلال ألا يجدى فيهم الإنذار والتبشير، وألا تؤثّر فيهم العِظة والتذكير، فهم عن الصراط السوي ناكبون - أي مائلون-، وعن الحق معرضون، فالإنذار وعدمه سيان، فماذا ينفع النور مهما سطع، والضوء مهما ارتفع، مع من أغمض عينيه حتى لا يراه؛ بغضًا له، وعداوة لمن دعا إليه، لأن الجهل أفسد وجدانه، فأصبح لا يميز بين نور وظلمة، ولا بين نافع وضارّ.
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"7.
هؤلاء قد تمكن الكفر منهم حتى كأن قلوبهم مختوم عليها بحجاب لا يدخلها غير ما فيها، وكأن أسماعهم مختوم عليها كذلك، فلا تسمع وعده الحق، وكأن أبصارهم قد غشيها غطاء فهى لا تدرك آيات الله الدالة على الإيمان،ومن ثم لا يرجى تغيير حالهم ولا أن يدخل الإيمان في قلوبهم. ولذلك استحقوا أن ينالهم العذاب الشديد العظيم،وهو عذاب النار، وسخط الجبار المستمر الدائم..

رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 03:55 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر